مصدر ليبي مطلع في بنغازي، طلب عدم كشف إسمه، تحدّث إلى “الشفاف” مساء الإثنين حول ما أسماه بداية “ثورة تصحيحية” انطلقت من “بنغازي” اليوم، ويتوقّع أن تعمّ ليبيا في الأيام المقبلة. وكانت “بنغازي” شهدت اليوم مظاهرات ضمت 20 إلى 30 ألف شخص وطالبت باستقالة المجلس الوطني وتخللها إحراق لصور رئيس المجلس، السيد مصطفى عبد الجليل.
بالفيديو: مظاهرات “بنغازي اليوم:
http://www.youtube.com/user/ImazighenLibyaTV
“الشفاف”: ماذا حدث في بنغازي اليوم، وماذا يحدث في ليبيا؟
• اليوم، في بنغازي، اشتعلت الثورة التصحيحية وستتبعها بقية المدن والقرى الليبية في ذلك. وهي تطالب بحلّ المجلس الوطني الإنتقالي وتطالب بإقالة رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل، وقد أحرقت صوره في تظاهرة حاشدة في مدينة بنغازي، وذلك لأن الجماهير أحسّت بأن الثورة في طريقها إلى أن تُسرَق من أولئك الذين ضحّوا من أجلها.
بعد سقوط طرابلس، ومقتل القذافي، وتشتيت أركان النظام، لم يفعل المجلس الوطني الإنتقالي أي إجراء أو تشريع أو موقف لمواصلة الثورة وتحقيق أهدافها. فلا زال السلاح في كل يد، ولا زال الرعب يسيطر على المدن، ولا زالت العملية السياسية لم تبدأ. كل ما فعله المجلس الوطني الإنتقالي هو تكليف السيد الدكتور عبد الرحيم الكيب بتشكيل مجلس الوزراء. وهذا لا يعني شيئاً على المسار السياسي او على مسار رجوع الحياة إلى طبيعتها والناس إلى أعمالها. لأنها حكومة ليست لها مخالب ولا أنياب. لأنها حكومة ليست لها أي قوة تستطيع بها أن تحقق أي هدف ولا أن تلزم بأي قرار!
هذا من ناحية.
ومن الناحية الثانية، السيد مصطفى عبد الجليل لا زال يعتقد بأن معجزة سوف تحصل في زمن لا معجزات تأتي من السماء. فهو لم يحرّك ساكناً، ولم يتخذ أي قرار، لرفع المعاناة عن الشعب الليبي، ولم يضع أي خريطة طريق يستطيع من خلالها أن يحدد الأهداف، والوسائل لتحقيق هذه الأهداف.
فمنذ شهور وهو يتكلم بكلام عام وعائم، وهي مجرد أماني يطرحها على الصحافة، بأنه يريد أن يؤسّس للجيش الوطني والأمن الوطني، وأن ينزع السلاح، وأن يحتوي الثوار بمؤسسات إقتصادية. وكل همّه أنه ينتقل من عاصمة إلى أخرى، ويستقبل الوفود ولكن بدون أن يخطو خطوة واحدة في الطريق الصحيح وذلك في ما يتعلق بهموم ومشاكل المواطن.
لذلك، يبدو أن الشعب الليبي رأى في هذا المجلس الوطني الإنتقالي ضعفاً وأنه ليس له من حول ولا قوة ورأي فيه اعوجاجاً لا يمكن تقويمه، ورأى أن كارثة كبرى ستحلّ به إن لم يقم بثورة تصحيحية يستطيع من خلالها حلّ هذا المجلس وتشكيل مجلس أكثر شرعية يستطيع أن يتخذ القرارات الصعبة في هذا الزمن الصعب.
“الشفاف”: الحالة سيئة إلى هذه الدرجة؟
• ليبيا الآن مفتوحة على كل الإتجاهات، وكل الإحتمالات، من الفوضى العارمة إلى الحرب الأهلية. إلى دخول جماعات متطرفة تجد ملاذا لها في هذا الوطن. إلى إمكانية قيام دول أجنبية بالهيمنة على قراراته، أو حتى باحتلاله، إذا ما استمر هذا المجلس الوطني الذي كل ما فعله أنه لم يفعل شيئاً.
لذلك، أحس الشباب الذين أشعلوا الثورة الأولى بأن ثمة إنحراف في مسار ثورتهم، فقرّروا أن يخرجوا إلى الشارع ليصحّحوا مسار الثورة حتى تحقق أهدافها.
“الشفاف”: هل للمظاهرات علاقة بكلام السيد عبد الجليل عن “العفو” عن بقايا نظام القذافي؟
– العفو شيء جميل، ولكن العفو لا يأتي إلا بعد إقامة العدالة. عندما تقول العدالة كلمتها يحصل العفو، وليس قبله! أما المصالحة الوطنية بالمعنى الواسع للكلمة فيجب فعلاً ان تبدأ الآن، كالمصالحة بين القبائل أو بين المدن المتجاورة، فهذا يجب أن يتم الآن. أما عندما يتكلم عن العفو الشخصي ضد افراد قاموا بجرائم ضد الشعب الليبي، فهذا لا يمكن أن يحدث الا بعد أن تقول العدالة كلمتها.
أما خروج المظاهرات فليس له علاقة بهذا الموضوع.
“الشفاف”: ماذا عن تصريحات السيد مصطفى عبد الجليل عن “بنغازي عاصمة اقتصادية” و”مصراته عاصمة رجال الأعمال”..؟
• تصريحات السيد عبد الجليل حول المدن جاءت بعد المظاهرات، فحاول أن يرشي بنغازي بهذا الكلام المعسول. ولكن الشيء الذي لا يعرفه السيد عبد الجليل أن بنغازي، شرارة الثورة، وعاصمة الثقافة في ليبيا، لا يمكن أن تقبل الرشى.
الأن ليس على السيد مصطفى عبد الجليل إلا أن يستقيل، أو يخرج بخطاب علني ويقول “من أنتم” للشعب، كما فعل القذافي قبله.
وأنا اعتبر ان السيد مصطفى عبد الجليل رجل دخل التاريخ لأنه استلم هذه المهمة الصعبة في زمن صعب، وحقق هو وزملاءه، الأهداف الأولى للثورة، وهي اسقاط النظام وتحرير البلاد. فإن كنت ناصحاً له، فلا بد أن أسرّ إليه بأنه يجب أن يبقى في هذه الصورة الجميلة لدى الشعب الليبي. أما عن المرحلة القادمة، فمن الأفضل أن يترك المجال لآخرين يختارهم الشعب، حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات الخطيرة والصعبة.
“الشفاف”: كيف؟
• اولا، عندما تشكل هذا المجلس الوطني، فقد تشكل في ظروف صعبة وكانت اغلب مناطق ليبيا غير محررة. فاختير لها بعض الأشخاص الذين ينتمون لها وكانوا في مأمن من بطش النظام. أما الآن، وقد تحررت ليبيا، فالأجدى أن تدفع كل مدينة وكل قرية وكل ريف بمن تثق بهم حتى يشكلوا مجلساً جديداً يكون أكثر اتصالاً بالناس، وأكثر تمثيلاً لهم.
“الشفاف”: لا توجد آليات..؟ اليس هنالك خوف من سيطرة الميليشيات؟
• أصلا المجلس ليس لديه قوة ولا يتحكم بالميليشيات الآن. ولذلك حتى لو بقي محلولاً لمدة شهر، فهذا لا يغيّر شيئاً. الفوضى موجودة الآن، والمجلس ليست له بندقية واحدة. الحكومة ليست لها أي قوة.
“الشفاف”: وحكومة الكيب؟
– أنا لا اتكلم عن اشخاص، الحكومة هي من يحتكر القوة، من لا يمتلك القوة لا يمتلك الشرعية.
“الشفاف”: وبعد.
• أعتقد أن المظاهرات ستعم ليبيا.
بالفيديو: مظاهرات “بنغازي اليوم: