التقى الشيخ عبدالمجيد الزنداني مؤخرا في جامعة الإيمان، بصحفية أميركية من أصل آسيوي، سألته عن وجه نظره في أولئك الذين يقومون باسم الإسلام بأعمال عنف ضد أهداف غربية في اليمن، وأماكن أخرى، فرد عليها متسائلا: “ألا يحتاج كل بلد إلى جيش وأمن؟ وأجاب على التساؤل: قائلا: “بالطبع، نعم.. . نحن نحارب دفاعا عن أنفسنا، كحماة للقرآن. ونحارب أولئك الذين يحاربوننا هنا” وتابع قائلا: “نحن نحارب في سبيل الضعفاء، وفي سبيل أولئك الذين لا يستطيعون أن يحصلوا على حقوقهم”.
وعقب اللقاء عرضت الصحفية، واسمها “بي فانج”، ما قاله الشيخ الزنداني على بعض الصحفيين والمحللين اليمنيين، فأعربوا عن دهشتهم معتبرين أن كلامه المنقول يتضمن نغمة جديدة كان الشيخ يحرص على تفاديها في السابق. وتقول الصحفية المقيمة في واشنطن وتعمل مع ” نيو ريبوبوليك جورنال”، إن جمال عامر رئيس تحرير الوسط كان من بين من عرضت عليهم تصريح الزنداني فسألها باندهاش: ” هل استخدم فعلا كلمة جيش؟” !!!!!!!!!!!
وبالتأكيد، فإن كلام الشيخ الزنداني ليس قرآنا كي تنقله الصحفية حرفيا، ولكننا لا نلوم الزميل جمال عامر على دهشته. فأنا أتفق معه أن الزنداني قال كلاما جديدا بالفعل إذا كان منقولا بشكل دقيق. فالشيخ بهذا الكلام بدأ ضمنيا يعتبر منفذي العمليات الإرهابية أو من يسموا أنفسهم بالمجاهدين، بأنهم جيش وأمن بديلين للجيش الحالي الذي تحتمي به قوى الفساد. وسيناط بالجيش والأمن الجديدين وفقا لما فهمناه من التصريح، حماية الضعفاء والدفاع عن القرآن (ربما بحرق منازل الفاسدين)، فيا للهول فيما نحن مقبلون عليه!!!!!!. ولا ندري عما إذا كان أولئك الذين أحرقوا أحد المنازل في الحصبة هم نواة ذلك الجيش؟! لكن الشئ الذي نعرفه هو أن السلطة الحاكمة تريد أن تلعب بورقة السلفيين لإيصال رسالة تخيّرنا فيها بين الفساد والإرهاب، وبالتالي فإن من صالحنا أن نختار الإرهاب، لأن الإرهاب يقتلنا بسرعة في حين أن الفساد يقتلنا ببطء ويعذبنا عذابا شديدا، ولهذا لا يجب أن تنطلي علينا هذه الحيلة.
مقال الصحفية الأميركية من المقرر أن ينشر في عدد الرابع من مايو المقبل، ولكنه لا يتضمن تصريح الشيخ الزنداني فقط بل يتضمن أيضا أراء ونقاطا أخرى تحاول من خلالها الكاتبة الإجابة على سؤال مثير للجدل هو: “هل ستصبح اليمن افغانستان القادمة؟!”
وكانت الصحفية “بي فانج” قد توجهت إلى اليمن في فبراير المنصرم وعادت مؤخرا إلى واشنطن، بانطباعات تحمل في طياتها تحذيرا من مستقبل مخيف للبلاد. ولم تعتمد في استنتاجاتها، على مجرد زيارة لـ”جامعة الإيمان” ولقاء بالشيخ الزنداني، بل التقت بعدد كبير من اليمنيين في السلطة، والمعارضة، ولمست مؤشرات كثيرة على مخاوف الجميع من مستقبل مظلم تمضي إليه البلاد، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. ومن بين من التقتهم الصحفية فانغ خلال وجودها في صنعاء، الدكتور عبد الكريم الإرياني، رئيس الوزراء الأسبق، ومستشار الرئيس حاليا، وكعادته أراد الدكتور الإرياني تخويفنا من أن عدم الاستقرار في اليمن سيؤدي إلى عواقب وخيمة ما لم تساعد الدول الأجنبية بضخ المزيد من الأموال (إلى جيوب الفاسدين طبعا).
ويكمل الإرياني ما بدأه الزنداني، مهددا إيانا بالإرهاب قائلا إنه سيمتد في خط متصل من كينيا إلى اليمن مرورا بالصومال، إذا لم تفِ الدول المانحة بالتزاماتها نحو اليمن. كما يشكو الدكتور الإرياني من أن الدول المانحة قدمت مبالغ قليلة مما التزمت به في مؤتمر لندن. ولكنه تناسى أن الحكومة اليمنية لم تتمكن من استيعاب تلك الأموال لأن الدول المانحة مدركة لحجم الفساد وأرادت صرفها في مشاريع محددة، لم تفِ بها الحكومة اليمنية. ويبدو أن قراصنة الاستثمار لا يهمهم أن يستفيد الشعب من تلك المشاريع إذا لم يكن هناك مجال لاستفادتهم الشخصية منها، ولهذا فإن على مستشار الرئيس أن يلوم حكومته بدلا من الاستمرار في تسول المساعدات من الدول المانحة. وبعد إيراد شكوى الدكتور الإرياني من قلة المساعدات الخارجية لليمن تطرقت الصحفية بذكاء إلى “مسجد الرئيس الصالح” الذي قالت إن النوافير ترطب الأجواء من حوله رغم شح المياه على منازل السكان في صنعاء، وأشارت إلى أن الدبلوماسيين الغربيين يقدرون تكلفته ما بين 60 و 200 مليون دولار، وكأنها تتساءل ضمنيا: “هل يستحق هؤلاء الفقراء المسرفون مساعدات خارجية، من الغرب أو من الجيران؟! وهم قادرون على البذخ بهذه الصورة؟!”
وما لم يستطع أن يقوله الدكتور الإرياني لزميلتنا في المهنة، أوصله إليها على لسان ابن أخيه الأكثر شجاعة، عبد الغني الإرياني، حيث نقلت عنه قوله إن هناك فوائد سياسية من التخويف من حالة عدم الاستقرار في اليمن، ومن تزايد خطر المتطرفين، وذلك من أجل جذب ا لمساعدات الخارجية للحكومة الحالية. ولهذا فإن الدولة لا ترغب في القضاء بشكل كامل على الإرهابيين لأنها تستفيد منهم حسب رأي الإرياني. ويقول عبد الغني الإرياني إن اليمن بدون وجود “القاعدة” على أراضيها ستكون لا وزن لها في نظر الغرب، ولهذا فإن صناع القرار اليمني حريصون على وجود الإرهاب في اليمن. ولهذا السبب فإن المحامي “خالد الآنسي”، المدير التنفيذي لمنظمة “هود”، وفقا لما نقلته عنه الصحفية الأميركية، يرى أن المخاوف من عودة 100 معتقل يمني من جوانتانامو لها ما يبررها، في مجتمع إذا ما تعرض فيه شخص لحادث وتم نقله إلى المستشفى، سرعان ما يحضر معه من عشرين إلى مئة شخص آخر من اسرته للتضامن معه.
وحتى الزميل “فارس السنباني”، السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية، بدأ يخشى الإرهاب رغم أنه، كما قالت “بي فانغ”، كان في الماضي يقلل من شأن خطورة الحوادث الإرهابية في اليمن. ولكن بعد العملية الإرهابية الأخيرة ضد السياح الكوريين أعرب عن خوفه، قائلا إنه يشعر وكأن قلبه يتقطع بسبب ما حصل. فهذه هي المرة الأولى حسب رأيه، التي يختار فيها الإرهابيون هدفا سهلا لمهاجمته. وقال إنه لم يشعر بالخوف عقب الهجوم على السفارة الأميركية مثلما شعر به بعد الهجوم على السياح الكوريين. ولكن الشيء الذي لم تتنبه له زميلتنا في المهنة، وهي تنقل كلاما خطيرا عن سكرتير الرئيس، هو أن الإرهابيين سبق أن هاجموا أهدافا سهلة، وقتلوا سياحا أجانب في اليمن، فما هو الجديد في الهجوم على الكوريين الذي يجعل السنباني يشعر بالخطر؟. هل كان سكرتير الرئيس مطمئنا إلى أن مهاجمي السفارة الأميركية ومهاجمي السياح الأسبان والبلجيك وغيرهم كانوا تحت السيطرة، في حين أن مهاجمي الكوريين خرجوا عن نطاق السيطرة؟ هذا سؤال يحتاج إلى إجابة، لأن الإرهاب لم يبدل أسلوبه، كي يبدل القصر مشاعره.
ومما لاحظته الصحفية الأميركية النبيهة، أن سكرتير الرئيس مرتبط بشلة ممن درسوا في الغرب يحاولون انتشال اليمن من محنته، عن طريق تسهيل الاستثمارات الداخلة للبلاد، وأشارت بذكاء إلى أن سكرتير الرئيس، يتجول في أزقة صنعاء الضيقة بسيارة “بورش”. وأعتقد أنها بمجرد إيرادها لنوع السيارة باهظة الثمن، وهي صحفية تركب الميترو في واشنطن عاصمة أغنى دولة في العالم على الإطلاق، أوصلت رسالتها للغرب بكل وضوح، الأمر الذي قد يعود سلبا على ملايين الفقراء اليمنيين، لأنهم سيحرمون من مساعدات هم في أمس الحاجة إليها، لسبب تافه وهو أن أنزه مسؤول في حكومتهم يركب سيارة “بورش”.
وتشير الصحفية الأميركية إلى أن مجموعة شبابية صغيرة مكونة من 12 شابا يرأسهم نجل الرئيس يشرفون على الاستثمارات الداخلة إلى البلاد، وقد اصطحبها بعضهم في نزهة إلى أحد المرتفعات المحيطة بالعاصمة صنعاء، إلى نفس المكان الذي جرى فيه اختطاف مواطنين ألمان. ولا أدري لماذا ربطت الصحفية بين المكان وبين الاختطاف ولجنة الاستثمار، فهل هي تعتقد أن الاختطافات أيضا وسيلة من وسائل الاستثمار يقوم بها رجالات الدولة بالتعاون مع رجال القبائل؟!. هذا ما لا نعلمه. ولكن، في كل الأحوال، هي لم تصرح بأي شئ من هذا وإنما قالت إن بعض هؤلاء الشباب الدارسين في الغرب أبلغوها أن أي مشروع في السابق كان يحتاج إلى شهرين على الأقل لترجمة استمارة الطلب فقط، في حين أن اللجنة الجديدة اختصرت الطريق إلى يومين أو أقل قبل أن يقال للمستثمر يالله ابدأ. ولكن الكاتبة يبدو أنها لم تتابع فضيحة “لاتين نود”، ولم تعرف أننا لم نعد نثق في نجل الرئيس ولا في شلته من الجشعين الجدد، إلى أن تثبت براءته أو يدان أحد أتباعه. ونحن في غنى عن خدمات هذه اللجنة غير الدستورية، وعلى أعضائها، أن يكفوا أيديهم عنا، ويهتمون بوحداتهم العسكرية، وتنظيف سياراتهم الفارهة ومشاريعهم الشخصية، أما الجمع بين السياسة والتجارة فهو كفر في كل الدساتير والقوانين.
وفي الختام ورغم أن الصحفية الأميركية ابدعت في تحليلها للوضع القائم في اليمن، إلا أن الشئ الذي لم تدركه على ما يبدو هو أن الزنداني والإرياني حليفان مخلصان للرئيس، وما يقوله الزنداني يكمله الإرياني، حيث أن أفعال وأقوال كل منهما تصب في خدمة الآخر ، وفي خدمة التحالف القائم بين الفساد والإرهاب، وهذا التحالف أنتج نظاما يعيش أيامه الأخيرة.
almaweri@hotmail.com
• كاتب يمني- واشنطن
جيش الزنداني وتهديدات الإريانيالارياني جاء بفتنة عضيمة وانتم ستذكرون هذا الكلام جاء منتقماً بعد عزلة بسبب الفساد والعمالة لامريكا. فهو : من ادخل البنك الدولي الى اليمن. اول من اخترع الجرعات المميتة في اليمن. اول من يزرع المناطقية والمذهبية وهو من يشير الى الرئيس بذلك. اول من اوجد الخلاف مع الاشقاء في الخليج. الارياني ماء من تحت تبن سياسي من الطراز الاول (كذاب درجة ممتازة) حيث بدأت العلاقات مع دول الخليج بالتحسن وخصوصاً مع السعودية وذلك بعد عزل عبد الكريم الارياني الذي كان السبب الرئيسي في الخلاف مع دول الخليج بسبب مشوراتة الغير صائبة والتي كان يطرحها للرئيس و اسلوبة… قراءة المزيد ..
جيش الزنداني وتهديدات الإريانيبعبع بنعلين وثثلاثة رؤس . الفرق بين الانظمة الديمقراطية والدكتاتورية هو ان مركز اهتمام الراي العام المحلي والعالمي علني ونقدي في الاولى دائما وابدا , لانها تخضع لمراقبة الشعب , وتعم فية الفوضى لدى الاخيرةبسبب دور الشعب ملغي فيه نهائيا كما راينا في العراق ايام صدام , نرى هدة التناقض الشديد وبضوح متى ما تلعب الصحافة الحرة دورها مع الصحفيين, من هم وعيهم وشرف المهنة عندهم فوق كل شيء , ودلك من خلال كشف المناطق المظلمة في السلطة , فادا في الانظمة الديمقراطية تجري عملية محاسبة ادارية او نقد ذاتي شفاف يمكن من خلالة تصحيح مسار و… قراءة المزيد ..