فيم نأتلف.. وفيم نختلف؟
جمال البنا
بالنسبة لي فإن العلمانية هي «لا كنيسة، ولا سلطة في الدين» وأقبلها بهذا التعريف لأنه لا يتعارض مع الإسلام، بل إن هذا هو ما يدعو إليه الإسلام.
ولكن فلاسفة العلمانية الذين يتعمقون في تعريف العلمانية، وعلى رأسهم الدكتور مراد وهبة يدخلون العلمانية من مدخل آخر، وهو ــ أي الدكتور مراد وهبة- يقول: «العلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق» بمعنى أن مسألة العلمانية في نهاية المطاف هي مسألة خاصة بالعقل، وكيف يفكر وهو يتعامل مع هذا العالم، إنه يفكر بأسلوب نسبي، وبالتالي ليس من حقه أن يفكر على خلاف ذلك في الأمور التي تخص حياته على هذا الكوكب. وهذا لا يعني فصل العقل عن السياسة في ممارسته النظرية والعملية، فالعقل أساس السياسة، بشرط أن يكون العقل محكومًا في رؤيته السياسية بالمعرفة النسبية وليس بالحقيقة المطلقة، ومعنى ذلك أيضًا أن الرؤية السياسية هي بدورها ممتنعة الارتقاء إلى أن تكون رؤية مطلقة، أما إذا ارتقت إلى المطلق فإنها تشكل نتوءًا في مسار الحضارة الإنسانية، ولا أدل على سلامة هذه النتيجة مما حدث في كل العالم العربي والعالم الإسلامي من اضطهاد الرؤى العلمانية.
ويرى د. وهبة أن تأسيس الديمقراطية ليس ممكناً من غير تأسيس العلمانية، لأن الديمقراطية في معناها الأصلي هي «حكم الشعب بالشعب، والحكم بالشعب هو حكم متطور، لأن الشعب في حالة تطور، والتطور لا يستقيم إلا مع المعرفة النسبية، وبالتالي فإنه لا يستقيم إلا مع العلمانية».
هنا، يسير الدكتور مراد خطوة أبعد من «السلطة» لتصل إلى «الدنيا»، وقضاياها ذات الطبيعة النسبية التي لا يجوز التعامل معها على أساس المطلق، بل لابد أن نلف وندور معها ونتكيف مع مختلف العوامل التي تظهر على الساحة بحيث يمكن أن نحل حلاً محل حل آخر، أو نبعد وضعًا لأنه أصبح متخلفاً…إلخ.
ولا أرى في هذا كله تعارضًا مع الإسلام، بل على العكس أرى أنه عندما أقام العلمانية على أساس «النسبية» فإنه اعترف ضمناً بوجود المطلق الذي منه تكتسب النسبية صفتها، والمطلق في أعلى مستوي هو «الله»، وهذا في حد ذاته كسب كبير، وفي الحقيقة فإن كل حديث عن نسبية لابد أن ينتهي إلى وجود المطلق.
ولكن عندما ننتقل من التجريد الفكري إلى التطبيق العملي، فإن الطبيعة البشرية تفرض نفسها وتتحكم في فهم العلمانيين والمتدينين على سواء، بحيث يعزف العلمانيون عن الاعتراف «بالمطلق» أو يعمدون إلى تجاهله، أو يرون أن أثره إنما يكون شأناً خاصًا بكل واحد على حدة دون أي أثر على المجتمع، كما جعلت المتدينين يقحمون الله بصورة مباشرة في كل أوضاع المجتمع، مع أن هذا أمر بعيد عما يريده الله، فقد جعل الله تعالي للإنسان كوكبًا هو الأرض ليكون خليفة له عليه، وعلمه الأسماء كلها (مفاتيح المعرفة)، وزوده بالعقل والضمير والإرادة، وأنزل لمعونته كتبه ورسله، وتركه حرًا حرية تامة في الاختيار، وتقبل موقف الذين «إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً» (الفرقان: ٧٣).
وبذلك جمع الإسلام ما بين المطلق، وهو الله تعالي، والنسبي، وهو الإنسان، وفي الدين نفسه وضع العقيدة التي تمثل المطلق وما ينبغي له من ثبات وحفاظ، ووضع الشريعة وهي الأحكام الخاصة بالأوضاع الدنيوية التي تتطلب المرونة والحركة والتطور، وفي عهد عمر بن الخطاب حدث ما يمكن أن يُعد تعارضًا ما بين النص المقدس ومتطلبات تطور جعل النص لا يحقق ما أنزل من أجله ــ وهو العدل والمصلحة ــ رغم أن العهد كان قريبًا.
فقد كان هناك نص في القرآن يعطي «الْمُؤَلَّفَة قُلُوبُهُمْ» حظاً من الزكاة، وطبق الرسول وأبوبكر ذلك، ولكن عمر بن الخطاب وجد أن النص على هذا المصرف إنما كان لاستئلاف بعض شيوخ القبائل، لأن الإسلام كان ضعيفاً وفي حاجة لتأييدهم، ولكن الإسلام أصبح ــ في عهد عمر بن الخطاب ــ قويًا، فانتفت العــلة التي من أجلها نزل النص، ولذلك لم يصرف لهم شيئاً، كما أنه لم يطبق حد السرقة في عام المجاعة…إلخ،
وبهذا حطم فكرة أن المطلق الذي يمثله النص القرآني لا يمكن أن يتطور وأن من الممكن أن يعدل لكي يحقق الهدف الذي أُنزل فيه، لأن هذا النص وإن كان في القرآن فإنه كان بصدد شيء من الشريعة التي جعلها قابلة للتعديل إذا تطلب التطور ذلك لكي يقوم بما أنزل من أجله، وهذا الاعتراف بالتطور هو النسبية بعينها، أما الأمر الذي يمثل المطلق الذي لا يتغير فهو ذات الله تعالي، والإيمان به يمثل تماسك المجتمع وحفاظه، والحيلولة دون أن تسيطر عليه الانشقاقات أو المغامرات أو غير ذلك مما يبدو لبعض الحكام أو المفكرين أو غيرهم.
ووجد من كبار الفقهاء الحنابلة في القرن الثامن الهجري من يقول إنه إذا تعارض نص مع المصلحة أخذنا بالمصلحة وأولنا النص، وهو حكم لا يقتصر على حاله ولكنه يضع مبدأ عامًا.
على أن المطلق نفسه (الله تعالي) أوضح أنه رغم قدرته التي لا حد لها، وأنه «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» (غافر : ١٩)، وأنه أقرب إلي الناس من حبل الوريد…إلخ، فإنه لا يحكم عبثاً، ولكنه وضع «أسسًا وسنناً» لإدارة الكون ولإدارة المجتمع البشري، وكتب على نفسه ــ فضلاً وكرمًا ــ الالتزام بها، فقال : «كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» (الأنعام : ١٢)، وقال : «لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» (الرعد : ١١)، وقال : «وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا» (المنافقون : ١١).
إن الله تعالي ترك للإنسان إدارة مجتمعه، وهو لا يتدخل في هذا، ولكن يحاسبه عليها في اليوم الآخر.
من هنا فإن كل تصورات العلمانيين عن زحف المطلق على النسبي لا مكان لها في الإسلام، لأن العلاقة ما بين النسبي (الإنسان) والمطلق (الله) إنما تتم طبقاً لنواميس وأسس تتمشى كلها مع أفضل ما تنتهي إليه العقلانية.
وقد دلل الدكتور مراد وهبة علي كلامه في الفقرة التي استشهدنا بها بما قوبل به أصحاب الرؤى النسبية، أي أصحاب الرؤي العلمانية، من اضطهاد في العالمين العربي والإسلامي، ولكنه هنا يخلط ما بين «المسلمين» و «الإسلام»، ولا يحكم على الإسلام بسيرة المسلمين الذين يمكن أن يضلوا بعشرات الأسباب ولكن يحكم على الشعوب بالإسلام، وحل هذا اللغز أن المسلمين لأسباب عديدة شغلوا عن القرآن الكريم وعن الرسول العظيم، وأخذوا بأقوال المفسرين والفقهاء والمحدثين، ومن الطبيعي أن يكون تقليديًا خاصة بعد إغلاق باب الاجتهاد من ألف عام.
من ناحية أخري، فإن اعتبار أن العلمانية هي تطبيق النسبي، يتضمن بالفعل وجود المطلق الذي منه كسبت العلمانية نسبيتها، فإغفاله تمامًا كأنه غير موجود هو إخلال بطرف المعادلة والطرف الأهم فيها، وهذا أمر لا يستقيم، وهو السبب قي قيام ما ينغص صفاء الحضارة الأوروبية، بل ما يتهددها بما نسميه الانتحار النووي، ومن الخير لها أن يلحظ المطلق.
******
العلمانية ودوران الأرض
د.مراد وهبة
قرأت مقالاً في جريدة “المصري اليوم” بتاريخ ١٠/١٢/٢٠٠٨ تحت عنوان “فيم نأتلف وفيم تختلف” للأستاذ جمال البنا يتناول فيه تعريفي للعلمانية وما يترتب عليه من نتائج، فيقبل التعريف ويتحفظ علي النتائج. والسوال إذن:
ما تعريفي الذي يقبله وما النتائج التي يتحفظ عليها؟
تعريفي للعلمانية أنها هي «التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق». ويقول الأستاذ جمال البنا عن هذا التعريف إنه تعريف مجرد إلا أنه في رأيي، ليس كذلك، إذ هو منبثق من تاريخ الفكر الفلسفي وتاريخ الفكر الأصولي وتاريخ الفكر العلمي.
دونت الأول في كتابي المعنون «قصة الفلسفة» (١٩٦٨) وسجلت الثاني في كتابي المعنون «الأصولية والعلمانية» (١٩٩٥) وحررت الثالث في كتابي المعنون «ملاك الحقيقة المطلقة» (١٩٩٩).
قلت في مقدمة كتابي «قصة الفلسفة» إنها قصة العلاقة بين المطلق والنسبي، وأن هذين المصطلحين متضايقان، بمعني أننا لا نفهم أحدهما دون الآخر، ومع ذلك فالتوتر قائم بينهما لأنه في اللحظة التي يحاول فيها أصحاب مطلق معين تجسيده في النسبي يحدث تغير في المطلق بحكم تماسه مع هذا النسبي وبالتالي يفقد المطلق مطلقيته. كما أنه في اللحظة التي يحاول فيها النسبي الارتقاء إلي المطلق فإن النسبي ينطلق ومن ثم يفقد قدرته علي التطور، فيتجمد الوضع القائم.
وبعد ذلك تناولت عملية المطلقة في الكتابين الآخرين «الأصولية والعلمانية» و«ملاك الحقيقة المطلقة» وانتهيت فيها إلي أن العقل الإنساني مهموم باقتناص المطلق إلا أنه ليس بمقدوره تحقيق هذا القنص، أما إذا توهم العقل أنه قادر علي ذلك فإنه يقع في وهم امتلاك الحقيقة المطلقة،
وبالتالي ينكر ما عداها من حقائق مطلقة إلي الحد الذي فيه يشعل نار الحرب من أجل القضاء علي أصحاب هذه الحقائق المغايرة لحقيقته المطلقة لأن المطلق بحكم طبيعته واحد ومن ثم فإنه لا يقبل التعددية. ووصفت هؤلاء المطلقيين بأنهم «أصوليون» وعرفت الأصولي بأنه الذي يرفض إعمال العقل في النص الديني وبالتالي ينبذ تأويله علي غير معناه الظاهري، أي ينبذ البحث عن معناه الباطني، وهذا المعني الباطن متعدد بحكم تعدد التأويلات. ولا يقف الأصولي عند هذا الحد: بل إنه يندفع نحو فرض هذا المعني الحرفي علي الواقع النسبي، إلا أن الواقع النسبي متطور بحكم نسبيته، ومن ثم فإنه يحدث تغييراً في المطلق. ويتفق معي الأستاذ جمال البنا في هذه المسألة، إذ يقول «إن عمر بن الخطاب لم يطبق حد السرقة في عام المجاعة»، وبذلك «حطم فكرة أن المطلق الذي يمثله النص القرآني لا يمكن أن يتطور، وأن من الممكن أن يعدل لكي يحقق الهدف الذي أنزل فيه، لأن هذا النص وإن كان في القرآن فإنه كان بصدد شيء من الشريعة التي جعلها قابلة للتعديل إذا تطلب التطور ذلك». ثم يستطرد قائلاً: «إن الله تعالي ترك للإنسان إدارة مجتمعه وهو لا يتدخل في هذا، ولكن يحاسبه عليه في اليوم الآخر».
وأظن أن هذه العبارات للأستاذ جمال البنا تنطوي علي تناقضين في حاجة إلي رفعهما: التناقض الأول أن المطلق، عنده يتطور بحكم تضمنه للشريعة التي هي قابلة للتعديل إذا تطلب التطور ذلك وفي الوقت نفسه فإن الأستاذ جمال البنا يبعد الله عن إدارة المجتمع، وبالتالي يبعد الشريعة عن إدارة المجتمع. الله إذن عند الأستاذ جمال البنا يتدخل ولا يتدخل وهذا تناقض فهل يمكن رفعه؟
أظن أن الرفع هنا يمكن أن يتم استناداً إلي تعريفي للعلمانية الذي يحصر النسبي في مجاله وهو النسبي إلا أن هذا الحصر ليس من باب «إغفال المطلق» علي حد تعبير الأستاذ جمال البنا وإنما من باب عدم دفع المطلق إلي تطوير ذاته فيفقد مطلقيته.
هذا عن التناقض الأول، أما التناقض الثاني فيكمن في احتمال تعدد المطلقات في المجتمع، وبالتالي تعدد الشرائع، ومن ثم احتمال دخول المطلقات والشرائع في صراع، الأمر الذي اعتدنا علي تسميته «الفتنة الطائفية» وهي تسمية خالية من النكهة العلمية، وإنما الصحيح تسميتها «صراع المطلقات» وصراع المطلقات ليس ممكناً إلا مع غياب العلمانية علي نحو تعريفي لها، وهو تعريف منبثق من نظرية دوران الأرض حول الشمس التي دعا إليها العالم الفكلي البولندي كوبرنيكس في كتابه المعنون «عن دوران الأفلاك» (١٥٤٣) والتي حاربتها السلطة الدينية في أوروبا.
والسؤال إذن: لماذا هذه الحرب؟
جوابي أن نظرية كوبرنيكس تعني أن كوكب الأرض لم يعد مركزاً للكون، وبالتالي لم يعد الإنسان، الذي يحيا علي هذا الكوكب، مركزاً للكون، ومن ثم لم يعد من حقه توهم امتلاك الحقيقة المطلقة وتأسيساً علي ذلك يمكن القول بأن من يقف ضد العلمانية إنما يقف ضد نظرية دوران الأرض حول الشمس.
****
جمال البنا يعقب على رد مراد وهبة
أشار الأستاذ الدكتور مراد وهبة إلى مقالي «فيم نتفق وفيم نختلف»، ويبدو أن المجال لم يتسع لشرح فكرتي عن النسبي والمطلق التي أسلم بها تمامًا، بل أرى فيها إثباتاً للمطلق الذي لا تكون هناك نسبية إلا بوجوده، وقلت إن هذا المطلق هو الله.
لو اتسع المجال لقلت إن الله تعالي في إدارته للكون وضع «سنناً»، ومبادئ لها أصالة ما يمكن أن يأتي من الله، وجعل اتباع هذه السنن يؤدي إلى الفلاح ومخالفتها يؤدي إلى الضلال وأعطى الإنسان حرية الاختيار، ولم يتدخل في الحياة الدنيا التي أوكل أمورها إلى السنن، ولكن احتفظ بحق الثواب والعقاب في الآخرة، وليس هناك ما هو أصرح من قوله «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» وأصرح منها «وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا»، وليس في هذا الالتزام الإلهي ما يغض من قدرته، لأنه هو الذي وضعها وهو الذي «كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ».
النقطة التي حدث فيها لبس هي الشريعة، إذ اعتبرها الدكتور مراد من المطلق لوجودها في القرآن، وأنا لا أعتبرها من المطلق لأنها تتعلق بالدنيويات فاختلفت في طبيعتها عن المطلق، وعندما قام عمر بن الخطاب باجتهاداته لم يستشعر أي حساسية، ولا خالف الله، لأنه إنما طبق ما أراده الله من الالتزام بالسنن، التي تجعل العدالة هي روح الشريعة، إن المطلق هو وحده ذات الله تعالى التي لا يدركها العقل، وسلم الفيلسوف «كانت» بذلك، واعترف معظم الفلاسفة بوجود الله وقدموا تعريفات عامة تقارب ما جاء به القرآن، ولكنها لا تصل إلى ذات الله.
وأنا لا أختلف مع الدكتور مراد في أن هناك نسبيًا ومطلقا، وأن أمور الدنيا كلها تتبع النسبي، ولكن هذا لا يتناقض مع وجود الله وقدرته على كل شيء، لأن الله تعالى هو الذي أراد هذا، عندما وضع السنن التي تصلح عليها الأشياء، وعندما حرص على الحرية الفردية، عندما أرجأ الحساب والعقاب إليه وحده في الآخرة.
أما ما ذكره عن «احتمال تعدد المطلقات»، فهذا مستبعد تمامًا، لأننا قلنا إن المطلق الوحيد هو الله، ومن البلاهة أن يظن أن هناك إلهًا للمسلمين، وإلهًا آخر للمسيحيين، وثالثاً للبوذيين أو اليهود.. إلخ، إن الله واحد وهو خالق الكون كله وإله الكون كله، أما ما تعرضه المؤسسات الدينية والكنائس، فهذا فهمها الدنيوي، الذي تطرحه على المطلق، وهي المسؤولة عنه، ولا هو يخل بالبناء النظري الذي قدمناه عن العلاقة ما بين النسبي والمطلق، كما أن ما تذهب إليه لم يعد الصوت الوحيد فقد نادينا بأن الأديان لا ينسخ بعضها بعضًا ولكن يكمل بعضها بعضًا، وأن من يغير دينه من مسيحية إلى إسلام، أو من إسلام إلى مسيحية لم يهرب من الله إلا إلى الله، وأن هذه الحواجز بين الأديان هي من صنع المؤسسات الدينية المنتفعة أدبيًا وماديًا منها.
(نقلاً عن “المصري اليوم”)