نادراً ما التقى “الباباوان”. فآخر زيارة للفاتيكان قام بها بطريرك الأقباط المصريين د جرت في العام ١٩٧٣، حينما التقى “شنودة الثالث” بالبابا “بولس السادس”. وقد توفّي “شنودة الثالث” في مارس ٢٠١٢، عن عمر ناهز ٨٨ عاماً، قضى خلالها ٤٠ سنة كرئيس للكنيسة القبطية. وحلّ محله “تواضروس الثاني” (٦٠ عاماً) الذي تم انتخابه وسط أعاصير الإنتقال السياسي في مصر.
ويوم الجمعة الماضي، في ١٠ أيار/مايو، استقبل “فرنسوا”، بابا الكاثوليك المُنتَخَب حديثاً، البابا القبطي “تواضروس” (أو “تيودور”، باللغة القبطية). وكان ذلك اللقاء الحدث الرئيسي في جولة البابا الأرثوذكسي على عدد من البلدان. وبدون التطرّق مباشرةً إلى أعمال العنف الطائفية التي تجتاح مصر والشرق الأوسط، فقد شارك الباباوان في صلاة “من أجل جميع البلدان وكل الجماعات التي تتعرض لنزاعات وأعمال عنف”، ومن أجل “السلام والوئام بعيداً عن التمييز والإجحاف”. وتحدث البابا الكاثوليكي عن “الوحدة الكونية للمعاناة” بين المسيحيين.
ويضيف مراسل جريدة “لوموند” ، كريستوف أياد، أن الكنيسة القبطية كانت، تاريخياً، تنظر بارتياب، وحتى بعداء، إلى ما تعتبره طموحات الهيمنة للكنيسة الكاثوليكية، وإلى الأعمال التبشيرية التي قام بها المبشّرون الكاثوليك إبان الحقبة الإستعمارية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وتعتبر الكنيسة القبطية نفسها بمثابة الأخت الكبرى لأنها تأسست قبل زمن طويل من تأسيس الكنيسة الكاثوليكية. ولكن الحيوية الديمغرافية للكاثوليكية، وبُعدِها العالمي، حوّل الكنيسة القبطية إلى كنيسة قومية مصرية. وفي الماضي، وصلت التوترات بين الكنيستين إلى درجة أن بعض القُسس الأقباط كانوا يطالبون الكاثوليك الراغبين بالزواج من قبطية أرثوذكسية أن يخضعوا لطقوس “العمادة” مجدداً.
لكن ذلك النفور التاريخي لم يعد قائماً اليوم. فخليفة “القديس مرقص” مهموم بمشاكل أكثر خطورةً وإلحاحاً. ومنذ عزل الرئيس حسني مبارك، في يناير ٢٠١١، تكاثرت أعمال العنف ضد الأقباط في مصر. من إحراق الكنائس، إلى محاولات التخويف، وإلى أعمال الخطف بغرض الحصول على فدية، وإلى أعمال الشَغَب والتعديات. إن الحركة “السَلَفية” تمرّ في طور توسّع في مصر التي بات يحكمها رئيس ينتمي إلى “الإخوان المسلمين”.
وتسبّب هذا المناخ بهجرة قبطية يصعب التحقّق من أرقامها بسبب عدم وجود إحصاءات دقيقة (يمثل الأقباط ٥ إلى ١٠ بالمئة من سكان مصر). وذلك ما دفع “تواضروس الثاني”، الذي اعتُبِرَ “رجل حوار” لدى انتخابه، لتوجيه انتقادات حادة للسلطة الجديدة التي اتّهمها بـ”الإهمال” بعد المواجهات التي وقعت أمام الكاتدرائية المرقصية في القاهرة، في ٧ و٨ أبريل، لمناسبة تشييع أربعة أقباط قتلوا في فتنة طائفية.
وبمواجهة هذه التهديدات فإن البابا القبطي يشعر بالحاجة إلى دعم زميله الكاثوليكي، حتى لو أدى ذلك إلى إهمال الخلافات العقائدية بين الكنيستين.
أما من زاية البابا الكاثوليكي “فرنسوا”، فالمعضلة مختلفة: هل ينبغي له أن يعطي الأولوية للحوار مع السلطات الإسلامية التي تصل إلى السلطة لتوّها في العالم الإسلامي، أم للدفاع عن الجماعات المسيحية الشرقية المهددة بالإندثار؟
لقد قام البابا “فرنسوا” يوم أمس الأحد بإعلان قداسة الإيطالي “أنطونيو بريمالدو” الذي فضّل، في العام ١٤٨٠ في “أوترانت” بجنوب إيطاليا، أن يُقتَل بسيوف الأتراك العثمانيين، مع ٨٠٠ إيطالي آخر، على التخلي عن المسيحية واعتناق الإسلام.
*
هجرة الأقباط لجورجيا: شاعة تقف وراءها شركة سياحية!
تحت هذا العنوان يقول الكاتب في “اليوم السابع” المصرية، يوسف أيوب:
“تكشفت حقيقة الشائعات التى بدأ البعض فى ترويجها حول وجود هجرة مسيحية مصرية نحو جورجيا وأن هناك حوالى 170 ألف مسيحى هاجروا إلى هناك، فالأمر لم يخرج عن كونه شائعة تقف وراءها إحدى شركات السياحة التى بدأت تروج لهذا الأمر حتى تحقق مكاسب، لذلك لم يكن مستغرباً أن تعلن وزارة الخارجية المصرية أعداد المصريين الذين زاروا جورجيا ما بعد ثورة 25 يناير وحتى اليوم، فالأرقام لا تتجاوز 6000 مصرى دخلوا جورجيا خلال الثلاثين شهراً الماضية، وذلك لأغراض السياحة والعمل والدراسة والاستثمار، وغادر منهم جورجيا بالفعل حوالى خمسة آلاف مواطن، ولم يحصل على تصريح إقامة دائمة سوى 4 مواطنين مصريين فقط، بينما حصل 600 مواطن على تصاريح إقامة مؤقتة.”