في يوم الأربعاء السابع عشر من الشهر الحالي أعلن آمر قوة الرد السريع في واسط بان قواته تمكنت من القبض على المدعو علي حسين الذي قتل 20 شخصا بين مدني وعسكري بالكوت وهو قائد لـ”مجموعة خاصة” تتلقي الدعم والتدريب من إيران للقيام بهجمات ضد القوات العراقية. اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة “لاريبوبليكا” الايطالية نشرت في نفس ذلك اليوم٬ في أول اعتراف من نوعه إن النفوذ الإيراني في العراق ليس سلبيا قائلا: “فيما يتعلق بالدور الإيراني في العراق يجب ألا ينظر إليه بطريقة سلبية، إذا ما استند إلى الاحترام المتبادل٬ وفرّق بين النفوذ والتدخل”. وبعد عدة أيام، أعلن وزير الداخلية العراقي عن طرد 62 ألف عنصر من قوات الشرطة العراقية. والسبب قيامها بتنظيم فرق الموت وأعمال إرهابية وأنها كانت مدسوسة من قبل مليشيات ومنظمات وأحزاب طائفية مدعومة وممولة من قبل النظام في طهران.
ان اعتراف الرئيس السوري جاء رغم كل الأعمال الإرهابية والقهر الطائفي التي ارتكبتها المليشيات التابعة لإيران وعناصرها التي إما تدربت أو مولت أو أرسلت من قبل “قوات القدس” لقتل العراقيين ومنهم ذلك العدد الكبير من عناصر الشرطة العراقية التي انضمّت بعد سقوط النظام الصدامي. ويظهر من تصريح الرئيس السوري في الدفاع عن حليفه نظام ملالي طهران بأن قتل العراقيين عمل يصب في مصلحة الأمة العربية التي يتربع على رفع شعاراتها. وهذا ليس غريبا عن نظامه الذي كان ولا زال مظلة للجماعات الإرهابية التي تدخل إلى العراق. لقد سقط صرعى جراء الإعمال الإرهابية الموجه من دمشق آلاف من العراقيين. كما أظهرت المعلومات المنشورة الارتباط العضوي والتمويلي وكذلك اللوجستي مع المجموعات الإرهابية التي توجه لقتل العراقيين من قبل النظام الإيراني.
فان كان ذلك التأثير الإيراني، ومثله السوري، في الشأن العراقي بكل ما جلبه من آثام بحق العراق وأمنه ليس سلبيا فكيف يكون التأثير السلبي إذاَ؟
إن تصريح الرئيس السوري يعد دليلا إضافيا على مدى عمق الروابط التي تربط بين طهران ودمشق والتي لا تصب في مصلحة العراق ولا الأمة العربية التي يتشدق النظام السوري بالدفاع عنها. لقد أساء الرئيس السوري للعراقيين والعراق في تصريحه ذاك الذي يدعي بأنه جزء من العالم العربي، ليسلم بالتمدد الإيراني فيه٬ في الوقت الذي لم يزل موضوع عائدية البحرين لإيران، التي يدعيها قادة نظام ملالي طهران ٬لم تنتهِ مضاعفاته بعد.
النظام السوري يتهم كل من يتعامل مع إسرائيل بالعمالة للغرب٬ في الوقت الذي أكد فيه استعداده لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل متأبطا حزب الله اللبناني وحركة حماس، ذراعي النظام الإيراني كما جاء في مقابلة لبشار الأسد مع صحيفة “اساهي شيمبون” اليابانية: “أن دمشق يمكن أن تجري مفاوضات مباشرة للسلام مع إسرائيل إذا كانت الولايات المتحدة وسيطاً فيها، وأنه سيعمل لإشراك “حزب الله” وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في هذه المفاوضات” .
ولازال النظام السوري يقف بقوة خلف طموح طهران في برنامجها النووي الذي ليس للإغراض السلمية قطعا، والذي يعتبر خطراً ليس فقط على امن المنطقة وإنما على امن منطقة الخليج العربي بالذات. وقد أبدى الأسد استعداده للتوسط بين طهران والغرب حول برنامج الأخيرة النووي ناسيا بان نظام طهران ينظر إلى مصالحه القومية دون سواها لان مهمة النظام السوري لدي ملالي طهران هي تسهيل السيطرة على لبنان واللعب بالقضية الفلسطينية عن طريق غزة وشق وحدة الموقف بين الدول العربية.
إن محاولة النظام السوري تزويق دور إيران في العراق وخارجها او التوسط لها لا يغير من عقلية ملالي طهران ولا ينفعه.
فردّا على إعلان الرئيس الأمريكي عن رغبته فتح حوار مباشر مع طهران، متمنيا بأن تأخذ جمهورية إيران الإسلامية مكانها الصحيح بين الدول الأمر الذي يتطلب مسؤوليات حقيقية ولا يمكن شغلها بالإرهاب ولا بالأسلحة، بل بالتحركات السلمية، وليس بالقدرة على التدمير، بل بالقدرة على البناء والإبداع، وعلى ما قاله سولانا للصحفيين قبل أن يتوجه إلى قمة للاتحاد الأوروبي الأخيرة عما قاله الرئيس أوباما:”آمل أن يفتح ذلك فصلا جديدا في العلاقات مع إيران”، فقد رد مرشد الثورة في خطابه الذي ألقاه في مدينة مشهد: “إن فتح صفحة جديدة ما هو إلا شعارات “. وأضاف:” إن إيران أظهرت للقوى العالمية أنها لا يمكنها وقف تقدم إيران النووي. وأضاف: “لتدركوا أن شعبنا قد تعزز جانبه وأصبح أقوى خلال السنوات الـ30 الماضية وإنه سيواصل المقاومة”.
إن كلا النظامين السوري والإيراني لم يقدرا ولا يريدان أن يستوعبا التغيرات التي حصلت في الولايات المتحدة ولا في العالم. وسوف يبقى النظام السوري مطية لنظام طهران على حساب امن المنطقة وتطلع الشعوب العربية إلى التضامن من اجل بناء سلام وامن لأبنائها.
ralamir@hotmail.com
* كاتب عراقي