ربما لم يكن مفاجئا ذاك الانفجار الذي وقع في بئر العبد أمس. ثمة تحذيرات امنية جرى تداولها بين المسؤولين وفي الاعلام من حوادث امنية وتفجيرات متنقلة بين المناطق اللبنانية ومنها الضاحية الجنوبية لبيروت. ومنذ برز موقف حزب الله المؤيد للنظام السوري، بدأ الحديث عن احتمال استهداف مناطق نفوذ حزب الله من قبل جهات في معسكر الثورة السورية. فهل هذا الانفجار هو رسالة ردّ في هذا السياق؟
حزب الله هو الاقدر على فهم هذه الرسالة الموجهة اليه، في منطقة طالما كانت في في قلب دائرته الامنية الأهمّ. وقبل انهاء تحقيقاته في طبيعة الانفجار وتقنياته ونوعية ما استخدم في اعداده، ستكون قيادة حزب الله قد توصلت الى مضمون الرسالة ومبتغاها وتعرفت إلى المرسل.
ليس في التفجير بصمات انتحاريين. لم تكن غايته قتل اكبر عدد من المواطنين، إذ صمّم في مرآب للسيارات. هدفه الترويع واحداث خسائر مادية: 53 أصيبوا بجروح طفيفة، بسبب تناثر الزجاج من الابنية المحيطة في معظم الحالات. الانفجار احدث حالة رعب وخوف، واذا كان المقصود احداث هذا الخوف فقد نجح مرسلوها. ففي منطقة جغرافية محدودة المساحة، فيها مئات الآلاف من السكان، شعر امس معظمهم أن خطرا استثنائيا بات يلامسهم ويكمن لاطفالهم وابنائهم. وما حالة الانفعال والغضب، التي عبر عنها بعض المتضررين المباشرين وبعض مراهقي الشوارع امام عدسات الكاميرات والصحافيين، إلا نتيجة قلق من انتقال مسلسل التفجيرات الذي خبره اللبنانيون وذاقوا مآسيه في زمن الحرب الاهلية.
الرسالة لم يكن يقصد منها القتل هذه المرة. بل في السياسة هي موجهة الى حزب الله، لانها منطقة نفوذه، وصاحب السلطة فيها والآمر الناهي في مصيرها واهلها. ربما هو انذار اولي، فيه الكثير من الذكاء والاحتراف. ربما هي عملية استباقية، والارجح انها ترتبط بالتطورات السورية العسكرية. تنظيم “القاعدة” ليس بالطبع وراء هذا الاسلوب من العمليات. فالقاعدة وجبهة النصرة غالبا ما تعتمدان نموذج العمليات الانتحارية، التي اما تستهدف قيادات معينة، واما توجه رسائل دموية صادمة ومباغتة.
تورط حزب الله كثيرا في سورية، وهو يتوقع ان تتحول الضاحية، كما الاراضي السورية، في مرحة لاحقة، الى مساحة قتال واحدة. وكما ان سورية هي ارض جهاد لحزب الله، فمن الطبيعي ان تصير مناطق نفوذ حزب الله اهدافا لخصومه السوريين.
وكلما قاتل حزب الله على الاراضي السورية دعما للنظام، فهو سيتوقع ردود فعل قد يكون هذا التفجير احد اشكالها. لن يتبنّى احد المسؤولية عن تفجير بئر العبد. لكن حزب الله، الذي يعرف ما يقوم به في سورية من دعم وادارة قتال، فهم أنّ معركة حمص التي يستعد النظام السوري بدعم من حزب الله لحسمها عسكريا، لن تكون الضاحية بمنأى عنها. وتحديدا لأن صرخة المعارضين السوريين تعلو في حمص من ضيق الحصار العسكري الذي ينفذه النظام، فيما المجموعات القتالية ووحدات الاقتحام هي من اختصاص حزب الله. تماما كما جرى في مدينة القصير: جيش النظام تقوم وظيفته على التدمير بالطائرات والمدفعية، فيما مقاتلو حزب الله يشكلون القوة الضاربة في الأمام.
تفجير بئر العبد رسالة تقول إنّ الضاحية جزء من معركة حمص: الضاحية مقابل حمص. وربما قد ترتفع النبرة أكثر: الضاحية مقابل سورية.
alyalamine@gmail.com
البلد
تفجير بئر العبد: الضاحية مقابل حمص؟
طهران والضاحية الجنوبية يجب أن يصبحا مثل حمص
تفجير بئر العبد: الضاحية مقابل حمص؟
حاول إقناعنا أنه ذاهب إلى هناك حيث الوغى المستعر لمقارعته ودحره وذلك على سبيل الفطنة الزائدة باستباق الحدث، من أجل قطع دابر ذاك الوغى في عقر داره حتى لا يأتي إلينا في القادم من الأيام، فإذا بصاحبنا وبدل منع الإرهاب من الوصول قد عجل في قدومه الميمون، وهكذا خطط عقيمة تحفل بأمثالها كتب التراث الشعبي عن سِيَر الحمقى والمغفلين على مر الآماد والدهور!