أخيرا وقع اختيار العاهل السعودي الملك عبد الله على الأمير “مقرن بن عبد العزيز” كنائب لولي العهد السعودي. وعلى الأرجح فإن هذا الرجل تحديدا سيكون الحاكم الشرعي المقبل للبلاد. ذلك أن ولي العهد الحالي في العقد الثامن من عمره، وهناك أقاويل تتردد بقوة، تفيد بأنه لن يستطيع أن يكون الحاكم التالي للبلاد لأسباب صحية. أما الأمير مقرن بن عبد العزيز فهو ضابط سابق برتبة عقيد في جهاز الاستخبارات، ومحسوب على الجناح المحافظ المتشدد في العائلة السعودية، وهذا الأمر يثير مخاوف كثيرة لدى المراقبين، لانه قد يقرر أن يوقف مسيرة الإصلاح التي بدأتها الحكومة الحالية.
لقد انتهت فترة الغموض التي استمرت 4 أشهر، ورسا اختيار الملك عبد الله، الذي يبلغ من العمر 89 عاما، على الشخص المناسب لشغل منصب نائب ولي العهد. وبحسب العرف المعمول به في البلاد، فإن الشخص الذي يشغل هذا المنصب، هو في الواقع بديل ولي العهد، في حال عجز الأخير عن أداء مهام هذا المنصب السامي. علما بأن هذا الأمر محتمل جدا. ذلك أن وسائل إعلام غربية نشرت أنباء تفيد بأن صحة ولي العهد الأمير سلمان، البالغ من العمر 77 عاما، متردية، وأنه مصاب بخرف الشيخوخة. وعلى الرغم من نفي السلطات السعودية لهذه الانباء، إلا أن الدخان لا ينبعث إلا من النار. ولعل ما يؤكد هذه الإشاعات هو أن العاهل السعودي باشر بالبحث عن نائب لولي العهد قبل 4 أشهر.
إن عملية البحث عن نائب لولي العهد في المملكة العربية السعودية ليست بالأمر السهل. لأن متوسط أعمار أمراء الأسرة الحاكمة اكبر من 70 عاما، ولهذا يبدو الأمير مقرن بن عبد العزيز يافعاً، لأنه يبلغ من العمر فقط 67 عاما. لهذا كان تعيينه في هذا المنصب مفاجئا للكثيرين. ففي يوليو/تموز الماضي أُعفي الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصب رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، بعد ترؤسه لذلك الجهاز طيلة 7 سنوات. ومن اللافت أنه ظل لفترة طويلة خلال الخدمة في رتبة متواضعة نسبيا “عقيد”، ثم عُيّن في منصب وزاري كمستشار للملك. لقد اعتبر الكثيرون آنذاك أن ذلك التعيين مثّل تخفيضا في المرتبة. أما الآن فتبينت حقيقة ما جرى في ذلك الحين.
يعرف الأمير مقرن أنه من المحافظين، وقد تعامل بشكل حازم مع الأقلية الشيعية، التي تتركز في المنطقة الشرقية من المملكة، الغنية جدا بالنفط. ومن غير المستغرب أن تعيينه كوريث مرتقب لولي العهد يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل الاصلاحات المنتظرة في المملكة. لقد كان الساسة الغربيون يأملون أن يناط المنصب الثالث من حيث الأهمية في المملكة، بشخص يستطيع أن يدخل إصلاحات سلسة على نظام الحكم الوراثي المطلق. وإذا كان من غير المنطقي التعويل على تحويل السعودية إلى ملكية دستورية ديموقراطية، فعلى الأقل ـ المضي قدما في توسيع هامش التمثيل الشعبي في أجهزة السلطة. علما بأن الملك عبد الله قام ببعض الخطوات في هذا الاتجاه. حيث أسس هيئات استشارية منتخبة، ومنح المرأة السعودية بعض الحقوق، حيث سمح للنساء بقيادة السيارات، وهو أمر أثار امتعاضا لدى المحافظين المتزمتين، وسمح للنساء بالعمل وفق شروط وظروف معينة.
وينصح حلفاء المملكة الغربيون، خلال مباحثاتهم مع العاهل السعودي، ينصحون بإجراء المزيد من الإصلاحات، التي يمكن أن تزيد من مناعة المملكة في مواجهة عدوى “الربيع العربي”. ذلك أن زعزعة الاستقرار في بلد يشغل المرتبة الأولى، في العالم، في مجال إنتاج النفط يشكل كارثة كبيرة للاقتصاديين حول العالم.
الكاتب: سيرغي ليفانوف