سليمان فرنجية كان أول الرافضين وأعلن أنه لن يصوّت لسمير جعجع في جميع الأحوال
ليس واضحاً كيف قرّر البطريرك الراعي أن يخترع صيغة « الأربعة الأٌقوياء » بين زعماء الموارنة! أي، بكلام آخر، كيف قرّر أن هنالك « موارنة بشريطة » و »موارنة بلا شريطة » لا « تَلبَق لهم » رئاسة الجمهورية! ومن خوّله، أصلاً، وهو رئيس كنيسة لا تتعاطى بالسياسة مباشرةً، أن « يفرز » قادة المسيحيين ونُخَبَبهُم؟
الكنيسة، من حيث المبدأ، لا تتعاطى بالشؤون السياسية ولكنها يمكن أن « تُبدي رأياً » في ما يسمّى “الشأن المسيحي” أو في ما يسمّى “الشأن الوطني”. ومواقف البطريرك صفير « مدرسة » في هذا المجال، وأغلبها كان يتعلق بـ “الشأن الوطني “.
هل صحيح أن « المؤهلين للرئاسة » هم، وحدهم، « الأربعة » الذي انتقاهم البطريرك الراعي؟ وماذا عن الشخصيات المارونية الأخرى؟ كلهم لا يُصلحون؟
كلّهم “بلا شريطة”؟
بيار عقل
*
كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن ما يسمى “القادة الموارنة الاربعة الاقوياء”، او “النادي الحصري” للمرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية، والذين “عمّدهم” البطريرك الراعي في اجتماعات عقدوها برعايته في الصرح البطريركي في بكركي، وهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس التيار العوني الجنرال ميشال عون، رئيس حزب الكتائب اللبنانية امين الجميل، ورئيس تيار المرده سليمان فرنجيه.
معلومات أشارت الى ان فكرة جمع القادة الموارنة خرجت من الصرح البطريركي في اعقاب الفراغ الرئاسي، في مسعى بطريركي لايجاد حل لمسألة الشغور الرئاسي بالتشاور بين القيادات المارونية. وتضيف ان الدعوة وجهت اصلا الى كل من الدكتور جعجع والعماد عون والرئيس امين الجميل، دون النائب فرنجيه، إلا أن المطران سمير مظلوم أقنع البطريرك الراعي بضم فرنجيه الى النادي لتحقيق توازن بين القادة، باعتبار ان الدكتور جعجع والرئيس الجميل منتميان الى قوى 14 آذار في مقابل الجنرال عون من قوى 8 آذار، وبضم فرنجيه الى النادي يتحقق التوازن بين 8 و 14 آذار المارونيين.
ويبدو ان الراعي اقتنع على الفور بوجهة نظر صديق الوزير فرنجيه المطران سمير مظلوم، ودعاه الى الاجتماع، الامر الذي أثار حفيظة الجنرال عون اولا، فكاد يرفض فكرة الاجتماع من الاصل، لولا الحاح البطريرك الراعي، عليه وعلى الآخرين للمشاركة في الاجتماع لايجاد حل، تحت وطأة شغور رئاسي تخشاه بكركي.
اجتماعات القادة كانت اقرب الى الفولكلور منه الى البحث الجدي في ايجاد مخارج للازمة الرئاسية، في ظل انكشاف المواقف المعلنة والمضمرة منها. فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كان اعلن ترشحه وفق برنامج انتخابي واضح وزعه على الكتل النيابية، في حين ان الجنرال عون اعلن عن احقيته في تولي مقام الرئاسة الاولى، والرئيس الجميل لم يُخفِ امتعاضه من الدكتور جعجع والجنرال عون، فأخذ جانب “التقية”، وسرّب انه مرشح حزب الكتائب اولا، وقوى 14 آذار ثانيا في حال تعذر وصول الدكتور جعجع الى الراسة الاولى. وحدُهُ الوزير فرنجيه، كان واضحا، فقال في غير مناسبة إعلامية، إنه يؤيد ما يسمّيه “الخط” الممانع والمناصر لسوريا الاسد، وإذا إنتصر “الخط” فهو مرشح جدي لرئاسة الجمهورية، وفي حال خسر “الخط” المعركة في سوريا فلا امل له وهو تالياً غير مرشح.
اما حكاية اتفاق الاربعة على تأييد اي مرشح من بينهم يتوفر له النصاب القانوني واصوات النواب، فهي بدعة لم يعترف بها اي منهم. وقالت مصادر قريبة من الصرح البطريركي إن محاضر الاجتماعات لا تتضمن اي بند صريح وواضح في هذا الصدد، بل مجرد إشاعات وشائعات، وان هذا البند طُرِح على سبيل النقاش فكان رد الوزير فرنجيه انه لن يقترع للدكتور جعجع ايا تكن الظروف، فنُسِف البند من الاصل!
فكيف يعقل لأحد الاربعة ان لا يصوت لمرشح معين، في حين يجب على الثلاثة الباقين التصويت له اليوم؟
وتضيف المصادر ان الاجتماع الذي بُحث فيه هذا البند غاب عنه الدكتور جعجع لاسباب امنية، وناب عنه النائب انطوان زهرا، وابلغ جعجع الحضور موافقته على ما يتفقون عليه باجماعهم، ولم يكن بند التصويت لمرشح من بينهم موضع إجماع.
وفي سياق متصل تشير مصادر نيابية في قوى 14 آذار ان الدكتور جعجع اكد الغاء هذا البند غير الموجود اصلا، حين اعلن عن استعداده لسحب ترشيحه لصالح مرشح توافقي، مما يعني انه خارج إطار القادة الاربعة، الذين هم وحسب تصنيف بكركي على ضفتي النزاع السياسي في البلاد.
وتضيف إن مقولة القادة الاربعة الاقوياء تصح على القوات والتيار العوني بدرجة اولى ثم على الكتائب اللبنانية بدرجة ثانية، ولا ينطبق اي من معاييرها على النائب فرنجيه الذي استم ويستمد معظم قوته المزعومة من علاقة وجودية برئيس النظام السوري، وحضوره الشعبي في الوسط المسيحي محصور في دائرته الانتخابية، مهما حاول المطران مظلوم إفتعال مصادر قوة إضافية له.