ما زالت ردود الفعل تتوالى والنقاش يدور حول مضمون التقرير الذي نشره موقع “الشفاف” بتاريخ 13 ديسمبر 2025 تحت عنوان: من أسقط حق “صيدا” بالمعالجة المجانية لنفاياتها؟
السؤال في مكانه. فالعقد الموقع بين بلدية صيدا وشركة IBC واضح وصريح، وينص احد بنوده ان المعمل يستقبل ويعالج 200 طن من النفايات المنزلية الصلبة يومياً بشكل مجاني شرط ان تكون النفايات متولدة من مدينة صيدا وبلدات اتحادها. لكن ادارة المعمل، وبعد أعوام على إنشائه، رفضت تشغيله مشترطةً تنازل البلدية عن هذا الحق. وفي المراسلات التي حصلنا عليها كانت تشير الى رفض البلدية التنازل، وهذا كان ظاهراً في المراسلات حتى تاريخ 25 يناير 2012.
لكن ادارة المعمل ارسلت كتاباً الى بلدية صيدا بتاريخ 30 مارس 2012 تضمََّن جملةً واضحة تشير الى تنازل البلدية عن حقها بمعالجة 200 طن من النفايات يوميا وبشكل مجاني.
بين التاريخين تسعة أسابيع، ماذا حصل فيها؟ وهل تمت مراسلات حول الموضوع؟ وهل توصَّلَ المجلس البلدي آنذاك الى قرار بهذا الخصوص؟
اذ لم يستطع احد من افراد المجلس البلدي الحالي اعطاء اجوبة واقعية وصريحة، وكان الصمت ابرز الأجوبة.
آراء من المجلس الحالي
قال احد اعضاء المجلس البلدي الحالي:” لقد طلبت الاطلاع على مراسلات اخرى اذا كانت موجودة وما زلت بالانتظار”.
بانتظار ماذا؟ تستطيع التحقق من محاضر الجلسات التي عقدت خلال فترة تسعة أسابيع المشار اليها.
اضاف عضو اخر: “أخبروني ان مجلس الوزراء اتخذ قراراً بذلك وانا لا أعلم ماذا حصل؟”.
وهو لا يعرف مضمون قرار مجلس الوزراء.
وحاول عضو آخر توضيح الصورة بالقول: “بعد تشغيل المعمل، تبيّنَ انه لا يستطيع تحمل كلفة التشغيل، فجرى التنازل عن المعالجة المجانية”.
لقد غاب عن ذهنه، ان قرار التنازل، وكما نص كتاب الشركة في 30 مارس 2012، قد حصل قبل ثمانية أشهر من بدء تشغيل المعمل.
اما رئيس المجلس البلدي فقد أشار الى أن “قرار مجلس الوزراء هو أعلى من قرارات المجالس البلدية، لذلك تم الغاء مجانية المعالجة”.
فكان الجواب بان قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 يونيو 2012 اي بعد كتاب الشركة بأربعة أشهر لم يتضمن اي إشارة الى التنازل المذكور واكتفى برفع بدل معالجة النفايات الذي أشار اليه العقد الموقع في بند مستقل عن بند المعالجة المجانية.
آراء من المجتمع المحلي
وعلّق المهندس إبراهيم حجازي من تجمع مهندسي صيدا والجوار بالآتي: “يجب فتح تحقيق صريح وواضح مع المجلس البلدي الأسبق المسؤول في تلك الفترة كي تتوضح المخالفة والمسؤولية، وإن تجاهل المجلس البلدي الحالي للموضوع يضعه في شبهة الاستمرار في المخالفة، ونحن نريد أن يكون كل شيء قانونيا وواضحا”.
وقال امين سر “منبر صيدا البلدي”، حسان قطب: “لا أعتقد أنه يجب تجاهل ما ذكره التقرير الصحفي حول تنازل بلدية صيدا عن حقها، بل ارى من الضروري الإعلان عن جميع القرارات والمراسلات المتعلقة بالموضوع. فإنه من واجب اعضاء المجلس البلدي الحاليين والسابقين مراجعة أرشيف ومحاضر الجلسات التي تم خلالها الموافقة على التخلي عن إعفاء بلدية صيدا واتحاد البلديات من دفع كلفة معالجة 200 طن يومياً، لأن هذا التنازل ألحَقَ خسارة ملايين الدولارات خلال سنوات لأهالي المنطقة.
واعتقد ان على المجتمع المدني والمحلي متابعة هذا الملف حتى الوصول الى كشف كل الحقائق ووضعها امام الرأي العام”.
اما رئيس جمعية “علِّ صوتك” المهندس محمد المجذوب قال: “ما نطلبه بخصوص هذا الموضوع هو التزام بلدية صيدا بالقانون وخصوصا القانون 28/2017 المتعلق بحق المواطن بالحصول على المعلومات، أما الحديث “الفولكلوري” عن الشفافية في الخطابات واللقاءات فيستدعي ممارستها فعلياً لتكون باباً للمساءلة والمحاسبة، وأن الدفاع عن حقوق اهالي المنطقة هو واجب وطني، كما ان هدفنا المحافظة على البلدية كمؤسسة وسلطة محلية وهذا يستدعي منا الضغط لتصحيح مسار المعالجة ليس في هذا الموضوع وحسب بل في جميع المواضيع.
ان تجاهل معالجة ومتابعة هذا الموضوع من قبل المجلس الحالي يضعه في موقع، لا نريد له ان يكون فيه، ويُحمِّلَه مسؤولية أخطاء غيره. وفي حال الاستمرار في هذا السلوك، فإنه يدفع بنفسه نحو مسؤولية التنازل عن حقوق المدينة. لذلك نطلب الوضوح والصراحة وتصحيح اي خطأ قد حصل، وخصوصا ان الحكم هو استمرارية ولا يحق لاحد ان يقول: انا غير مسؤول، انها مسؤولية من سبقني، ثم يستمر بالخطأ”.
واوضح الشيخ نزيه الكبي رأيه حول تنازل بلدية صيدا عن حقها لمعالجة 200 طن من النفايات يوميا بشكل مجاني، بالقول:” المشكلة ان احداً في البلدية، وكما هو ظاهر، ينفي معرفته بالموضو ، والجميع يشير الى عدم وجود قرار بالمجلس البلدي حول ذلك، لذلك من حقنا كمواطنين ان نسأل: من اخذ قرار التنازل عن حق المدينة، وضرورة كشف كل المستندات المتعلقة بالموضوع، وما نطلبه هو حق قانوني نطلب من المجلس الحالي الاعلان عنه بصراحة. بالاضافة الى ذلك، اذا كانت الشركة المشغِّلة تقبض اموالاً طائلة بدل معالجة نفايات المدينة، وتستخدم ارض المعمل وهي أرض رُخِّصَ للبلدية باستثمارها. لذلك، على المجلس البلدي مطالبة شركة IBC بدفع بدل استخدام الارض بما يساوي بدل معالجة نفايات المدينة واتحاد بلديات صيدا الزهراني”.
من جهة أخرى رأى عضو المجلس البلدي المهندس محمد دندشلي: أن “الصمت لم يعد مقبولًا… وحقوق صيدا ليست وجهة نظر.
ان ما كشفه التقرير الصحفي حول التنازل عن حق بلدية صيدا بمعالجة 200 طن يوميًا من النفايات مجانًا، كشف عن حقًّ منصوص .عليه صراحة في العقد الموقع مع IBC. لذلك اجد من واجبي كعضو في المجلس البلدي الحالي أن أقول بوضوح أن ما يحصل خطير
والصمت عنه أخطر…
نحن لا نتحدث عن التباس إداري أو اختلاف في التفسير، بل عن شبهة قانونية جدية تتعلق بحق مالي عام كلّف المدينة وأهلها ملايين الدولارات على مدى سنوات. إضافة إلى الضرر البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
الأخطر من التنازل بحد ذاته، هو أن لا أحد يقدّم قرارًا بلديًا واضحًا يبرّره!
ولا أحد يعلن للرأي العام ما حصل بين تاريخي 25 كانون الثاني و30 آذار 2012 ( فجوة زمنية) مقلقة …
فيما يُطلب من الناس القبول بالأمر الواقع وكأنه قدر لا يُناقش.
ماذا يحصل؟
إن الادعاء بعدم المعرفة، أو الإحالة العامة إلى “قرارات مجلس الوزراء” من دون إبراز مستندات واضحة، لا يبرّر الاستمرار بالمخالفة، ولا يعفي المجلس البلدي الحالي من مسؤوليته.
وأقولها بوضوح:
اين اللجان القانونية في المجالس المتعاقبة؟
اين محامو الدفاع عن حقوق البلدية؟
لا شك ان السلطة البلدية سلطة مستمرة، ولا يحق لأي مجلس أن يرث الخطأ ويواصل تطبيقه ثم يتنصّل من تبعاته.
من هنا، أرى أن المطلوب فورًا:
١-فتح أرشيف البلدية كاملًا أمام الرأي العام
٢-نشر جميع المراسلات ومحاضر الجلسات المتعلقة بهذا الملف
٣- تحديد ما إذا كان هناك قرار مجلس بالتنازل، ومن اتخذه، وعلى أي أساس
٤-في حال ثبوت عدم وجود قرار، العمل على استعادة الحق أو التعويض عنه
إن احترام القانون، وحق المواطنين بالمعرفة، وحماية المال العام، ليست شعارات تُرفع في المناسبات ، بل ممارسات تُقاس بالأفعال.
وأشير هنا بصراحة: ان استمرار تجاهل هذا الملف يضع المجلس البلدي الحالي في موقع لا يليق به، ويحمّله مسؤولية أخطاء لم يرتكبها .
وحقوق المدن لا تُدفن بالملفات، ولا تسقط بالتقادم، ولا تُلغى بالصمت”لقد ُفتح الباب امام مساءلة جدية دفاعاً عن حقوق صيدا، هل تتحرك كتل اجتماعية دفاعاً عن هذه الحقوق ام ان الباب مفتوح امام الانتخابات النيابية القادمة فحسب؟
