عاد البطريرك الراعي، اليوم، إلى “سيرة” الربيع العربي فألقى خطاباً يبدو أنه لم يأخذ الوقت لمراجعته لأنه يتضمّن أخطاء تحريرية غير مألوفة من بطاركة الموارنة. وحيث أن “غبطته” يتّهم الصحافة بأنها “تقتطف” أجزاء من أقواله بصورة بعيدة عن الدقّة، فسـ”نقتطف” بدورنا الجملة التالية التي وردت في خطاب البطريرك اليوم: ” أن تكون الإنتفاضة أو الثورة ذات طبيعة سلميّة، بحيث لا يضطرّ النظام الحاكم الى استخدام الوسائل القمعيّة أو السلاح لإفشال الثورات والمطالب”!
هل يفهم أي “قارئ خبيث” من كلام “سيّدنا” (الذي يمكن قراءته كاملاً على الرابط التالي) أن “المسكين بشار الأسد” وجد نفسه “مضطراً” لقتل ما لا يقل عن 10 آلاف سوري؟
وسبقت كلام “الراعي” سلسلة مقالات “موصى عليها” في الصحف والمواقع التابعة لـ8 آذار، مثل “مواقف البطريرك الراعي والبابا بنديكتوس من سوريا متطابقة” في جريدة “”السفير” التي يبدو أنها نسيت أنها هي من ابتكر تعبير “المارونية السياسية”! أو “«الفاتيكان لا يُخالفه الرأي لأنه يستشعر الخطر على المسيحيّين» في “الديار” و”النشرة” و”التيار”، أو “جعجع وحيداً… ليس للبطريرك من يقاطعه في “النشرة”!
لكن معلومات “الشفاف” ليست “متطابقة” مع معلومات “الحملة المنسّقة” لصالح بطريرك الموارنة الجديد.
“الراعي” يمعن في مواقفه رغم تنبيهات الفاتيكان!
تشير معلومات من الفاتيكان الى تزايد الاستياء الرسمي الفاتكياني من إمعان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في إعلان تأييده للنظام السوري، فضلا عن تخليه عن أبسط واجباته كراع لعموم ابناء الطائفة المارونية في لبنان، وإصراره على التعاطي “اليومي”بالسياسة وهذا ما لم يدأب عليه البطاركة من قبل الراعي.
قادمون من الفاتيكان أشاروا الى ان ملف الراعي فتح على مصراعيه، لجهة مواقفه السياسية من جهة والشخصية من جهة ثانية، فضلا عن تراجعه عن تعهداته لوزير خارجية الفاتيكان (أكّد وزير خارجية الفاتيكان لشخصيتين لبنانيتين، إحداهما كنسية والأخرى مدنية أنه قام بـ”تنبيه” الراعي إلى خطورة مواقفه!) بالتخفيف من التصريحات اليومية وبالنأي بنفسه عن الصراعات وبعدم إتخاذ مواقف سياسية تتناقض مع توجهات الفاتيكان من جهة وثوابت الكنيسة المارونية من جهة ثانية.
ويضيف هؤلاء أن دوائر الفاتيكان تعمل ببطء شديد نتيجة لحساسية الموقف الذي يتصل بشخصيات الكنيسة حول العالم، وتاليا لا يتوقع أحد ان يكون الموقف الفاتيكاني ملتبسا او مسيسا، متى صدر، إلا أن هذا الموقف سيأخذ وقته في الدرس والاستقصاء والتحقق من المعلومات، خصوصا إذا كان طابع بعض منها يتناول جوانب سلوكية شخصية في الشخص الذي يخضع ملفه للتحقق، فكيف إذا كان برتبة بطريرك!
ويضيف القادمون من الفاتيكان ان الداعم الرئيسي للبطريرك الراعي، وهو الكاردينال ساندري، يدأ يعد العدة لخلافة قداسة البابا الحالي! وهذا ما يضع البطريرك الراعي في موقف حرج جدا. فالكاردينال ساندري بحاجة الى أصوات الكرادلة متى حان الوقت لخلافة البابا الحالي، ومن بين هؤلاء الكاردينال مار نصرالله صفير، خصوصا ان الراعي قد لا ينصب كاردينالا قبل 3 سنوات.
والى صوت الكاردينال صفير فإنه سيكون على الكاردينال ساندري الطامح لخلافة قداسة البابا الحالي العمل على كسب المزيد من اصوات الكرادلة، ما سيضعه امام مساومات قد لا تأتي لمصلحة البطريرك الراعي، الامر الذي يضع البطريرك الماروني في دائرة الحذر الشديد مما ستكون عليه الامور في حال لم يصل ساندري الى مرتبة البابوية، ما سيفقده سندا وحليفا في موقع القرار الكاثوليكي الاول في العالم.
لمحة
الكاردينال ليوناردو ساندي عميد مجمع الكنائس الشرقية كان قد حضر الى لبنان للإشراف على إنتخابات بطريرك الموارنة التي كانت نتيجتها إنتخاب البطريرك الراعي. وعلاقته بوزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال “مومبرتي”، “فاترة” في أحسن الأحوال!
وحسب مصادر، فالكاردينال ساندي أحد دعاة مبدأ “تحالف الاقليات”، وهو الامر الذي يبدو أن البطريرك الراعي ليس بعيدا عنه. وانطلاقا من هنا، فإن خوف الكاردينال ساندري من سقوط طاغية دمشق لاقى الصدى المطلوب لدى الراعي، فأعلن مواقفه المثيرة للجدل من ربيع العرب.
“أبونا عبّاس”!
ويضيف مراقبون أن الكاردينال ساندي يحتفظ بعلاقات صداقة مع نظام دمشق من من خلال مطارنة الاقليات في سوريا، وعبر “حزب الله” من خلال النائب عباس هاشم الذي اطلق عليه تسمية “أبونا عباس” امام جموع الاعلاميين الذين رافقوا الراعي الى روما، ومع “التيار العوني” من خلال النائب سيمون ابي رميا.
وهذا، علاوة على العلاقات غير المألوفة التي تجمع الكاردينال ساندري برجال أعمال لبنانيين أقل ما يقال فيهم أنهم “لا تفوح منهم رائحة القداسة”!
“مخرج مناسب” للبطريرك الراعي؟
وفي سياق متصل اعتبرت دوائر وزارة الخارجية الفاتيكانية أن وجود الراعي على رأس الكنيسة المارونية بات يشكل خطرا على المسيحيين، وان العمل جار على إيجاد المخرج الملائم للحد من الخسائر التي تسبب وسيتسبب بها استمراره في منصبه.
وتشير المعلومات الى ان دوائر الفاتيكان تعمل على الاسراع في ملء الشواغر في مجلس المطارنة وصولا الى تحميل المجلس مجتمعا مسؤولية الكنيسة المارونية من جهة وان يكون المجلس جاهزا في حال تم إيجاد المخرج المناسب لإزاحة الراعي من منصبه.
وتختم المعلومات ان من بين المخارج التي يتم العمل عليها، ترقية الراعي الى رتبة الكاردينال وتكليفه بمهام شرفية رفيعة، مقابل إزاحته عن الكرسي الانطاكي للموارنة في لبنان وسائر المشرق.