يضيف “الشفاف” إلى رسالة “أمير مير” من “لاهور”، أن مصادر باكستانية رفيعة المستوى لا تستبعد إمكانية مشاركة “نمور التاميل” في العملية الإرهابية لأن “التاميل” يشعرون بالإستياء إزاء موقف باكستان منهم.
من جهة أخرى، لا مفرّ من ملاحظة أن هذا الهجوم الجديد وقع “مرة أخرى” في يوم “ثلاثاء”. ونقول “مرة أخرى” لأن كل هجمات “القاعدة” المثيرة، على مدى سنوات، وقعت في يوم “ثلاثاء”.
“الشفّاف”
*
لاهور- في حين بدأ العديد من “الصقور” في باكستان بتوجيه الإتهام للهند بأنها تقف وراء هجوم يوم 3/3 في لاهور، فإن الشكوك تراود قسماً من المؤسسة الأمنية بأن عناصر جهادية من “البنجاب” قد تكون متورّطة في الهجوم الدموي الذي يحمل بوضوح بصمات هجمات مومباي التي وقعت في 26 نوفمبر 2008.
إن الهجوم الذي وقع اليوم الثلاثاء يُعتبر واحداً من أسوأ الهجمات على تعرّض لها عالم الرياضة بعد الهجوم الذي تعرّض له الرياضيون الإسرائيليون في ميونيخ أثناء الألعاب الأولمبية للعام 1972. ومع أنه لم يصدر بيان رسمي من “إسلام آباد” بإلقاء التبعة على الهند، فإن مستشار رئيس الحكومة لشؤون وزارة الداخلية، “رحمن مالك”، قال للصحفيين في “إسلام آباد” أنه لا يستطيع أن يستبعد وجود “يد خارجية” خلف المجزرة. ومن جهته، امتنع الناطق بلسان وزارة خارجية باكستان عن إلقاء اللوم على الهند مباشرةً، وقال أن الهجوم ربما كان من صنع أعداء الصداقة الباكستانية-السريلانكية. بالمقابل، سارع عدد من “الصقور” الباكستانيون، وبينهم المدير الأسبق لجهاز الإستخبارات المشترك، حميد غول، إلى اتهام “جناح الأبحاث والتحليل” (التسمية الرسمية لجهاز الإستخبارات الخارجية القوي جداً في الهند Indian Research and Analysis Wing (RAW) ) بأنه هو الذي خطط للهجوم ردّاً على هجمات مومباي، مضيفاً أن الهند تهدف إلى إعلان باكستان “دولة إرهابية”.
لكن بعض المصادر في المؤسسة الأمنية الباكستانية تصف الهجوم بأنه خطّة تم الإعداد لها بدقّة وتولى تنفيذها جهاديون بنجابيون ردّاً على الخطوات التي اتخذتها حكومة باكستان في أعقاب هجمات 26/11 في مومباي، وخصوصاً بعد اعتقال عدد من قادة الجهاديين وإحالتهم إلى المحاكمة. وتضيف مصادرنا في المؤسسة الأمنية أن هذه العناصر الجهادية البنجابية ربما اعتقدت أن هجمات اليوم قد تصيب الهند بالإرتباك على غرار الإرتباك الذي أصاب باكستان بعد هجمات مومباي وما قيل عن تورّط باكستان بها.
ولفتت المصادر إلى أن هجوم “لاهور”، الذي نفّذته مجموعة ضمّت 12 مسلّحاً يحملون حقائب على ظهورهم، ومعظمهم من الملتحين، يشبه كثيراً هجوم الجهاديين العشرة الذين كانوا يحملون عتاداً على ظهورهم ضد أهداف في مومباي. ففي أول هجوم من نوعه في العالم ضد فريق “كريكت” زائر، قام ما لا يقلّ عن 12 مسلّحاً مقنّعاً، موزّعين على 3 مجموعات، باستهداف الباص الذي كان ينقل فريق “الكريكت” السريلانكي بواسطة قاذف صواريخ (لم يعمل بسبب عطلٍ ما)، ثم رموا قنابل يدوية (لم تصب الحافلة) قبل أن يفتحوا النار بصورة عشوائية، مما أدّى إلى مقتل 7 أشخاص بينهم 5 من رجال الشرطة، وإلى إصابة 6 من لاعبي الكريكت السريلانكيين بجراح. وقد أعلن حاكم البنجاب، “سلمان تاسير” أن ما حدث “كان هجوما إرهابياً مخطّطاً وأن القائمين به استخدموا نفس الأساليب التي استخدمت في مومباي وأنهم من نفس طينة إرهابيي مومباي”.
من جهة أخرى، أعلن “نبيل غابول، وهو من كبار مسؤولي “حزب الشعب الباكستاني”، وعضو في البرلمان، أن الهند هي المسؤولة عن مهاجمة فريق “الكريكت” السريلانكي. وقال من تلفزيون “جيو” أن “حادثة لاهور هي تكرار لهجمات 26/11 يُرجَّح أن يكون عملاء مخابرات هنود هم الذين نفّذوها. وأنا أوجّه هذا الإتهام لأن المحققين في هذا الحادث البشع قد عثروا على أسلحة وأطعمة مصنوعة في الهند في مسرح الجريمة”. وفي تطوّر ذي صلة، تفيد تقارير أن المفتش العام السابق لشرطة البنجاب، “شوكت جواد”، كان قد حذّر سلطات البنجاب في بيان رسمي مؤرخ في 22 يناير 2009 من أن عملاء جهاز المخابرات الخارجية الهندي يمكن أن يقوموا بعمل ما ضد فريق “الكريكت” السريلانكي أثناء جولته في باكستان.
لكن، يبقى أنه لم يسبق لجهاز الإستخبارات الهندي أن نجح في اختراق مدينة كبرى في باكستان وفي تنفيذ مثل هذا الهجوم المنظّم تنظيماً جيداً، والذي تطلّب مجموعة كبيرة من المسلّحين. وتشير مصادر باكستانية إلى أن الهجمات الإرهابية التي وقعت سابقاً في باكستان وكان جهاز الإستخبارات الهندي يقف وراءها لم تتجاوز تفجيرات قنابل صغيرة وموقوتة نفّذها أفراد مثل “سارابيت سينغ” الذي يقبع الآن في سجن “لاهور” بعد إدانته بقتل أكثر من 10 مواطنين باكستانيين في سلسلة هجمات بالقنابل جرت في أنحاء مختلفة من “البنجاب” في العام 1990.
وفي النهاية، فإن طبيعة هجوم “لاهور” الإرهابي، وهو عبارة عن هجوم منسّق تنسيقاً جيداً جداً قام به مسلّحون مدرّبون تدريباً عالياً واستخدموا فيه متفجّرات متطورة جداً، يذكّر بهجمات “مومباي” التي أثارت مخاوف جديدة من أن باكستان، التي زعزع أركانها تحالف “الطالبان” و”القاعدة”، ربما كانت تسير نحو الإنفجار من الداخل. وقد جاء هذا الهجوم الدموي ليمثّل نكسة خطيرة لحكومة “إسلام آباد” إذ أنه سيعزّز مخاوف المجتمع الدولي بأن باكستان بين أكثر البلدان خطراً في عالم اليوم
amir.mir1969@gmail.com