الوليد بن طلال: المنطقةغير قادرة على امتصاص عواقب حرب جديدة

أجرى مراسل “الفيغارو”، جورج مالبرونو، المقابلة التالية مع الأمير الوليد بن طلال. ويورد “الشفّاف” المقابلة كاملة أدناه، ولكن مع ملاحظتين. أولاً، أن موقف الوليد بن طلال من “حزب الله”، ومفاده أنه لا يجوز السماح لميليشيا بأن تتحول إلى دولة ضمن الدولة، هو كلام معقول جداً ولكنه يتعارض مع خطب شهيرة ألقاها الأمير السعودي، في بيروت ودمشق، في السنوات الثلاث الماضية واتّسمت بتأييد حماسي أثار الإستهجان لصديقيه (وصديقي “حزب الله”)، الرئيسين إميل لحّود وبشّار الأسد!

والملاحظة الثانية هي أن الأمير السعودي قام بـ”تصريف” المشكلة “الجهادية” في السعودية بطريقة قد تقنع القارئ الغربي ولكنها تبدو “متسرّعة” للقارئ (والمواطن) السعودي أو العربي. فهل صحيح أن نظم التعليم السعودية تخرّج عدداً قليلاً من الجهاديين؟ وهل صحيح أنه “لم يبقَ سوى عدد صغير من المشايخ الذين يمارسون التكفير”؟ وهل تولية الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع (وهو من كبار التكفيريين “الرسميين”) رئاسة “الهيئة الشرعية لقناة الرسالة” (التي يملكها الوليد) دليل غلبة خط الإعتدال في المملكة؟ وكيف يفسّر “الوليد بن طلال” أن المعارضين “الليبراليين” و”الإسلاميين المعتدلين” في المملكة (آخرهم عبدالله الحامد الذي صدر حكم بسجنه قبل أيام، والوليد يعرفه حتماً) ما زالوا (ومنذ سنوات) محرومين من حق امتلاك جوازات سفر، ومن حقّ الخروج من البلاد مثل أي “بني آدم” طبيعي، في حين يتجوّل الدعاة التكفيريون في أنحاء المعمورة بتمويل ودعم، وتغطية إعلامية، من جميع الفضائيات السعودية الرسمية وغير الرسمية؟ اعتراضنا لا ينفي أنه حدث تقدّم محدود جدّاً في هذا الميدان، ولكن السعودية (وقد يكون هذا الأهم) ما تزال “تصدّر” الفكر التكفيري والعنيف..

“الشفّاف”

**

سؤال: هي يمكن تجنّب الحرب بين واشنطن وطهران؟

الوليد بن طلال: نشعر بقلق كبير. فنحن نعيش آثار الفوضى في العراق، والأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية، والمأزق اللبناني. إن الشرق الأوسط غير قادر على امتصاص عواقب حرب جديدة. ولكن إيران لا تعمل لصالح الإستقرار في المنطقة. نشعر بخيبة أمل من لعبة إيران سواء في العراق أو في الأزمة النووية. وفي لبنان، يلعب الإيراني الورقة الشيعية بدون هوادة. ينبغي وضع حدّ لنفوذهم. لا يجوز القبول بأن تتحوّل ميليشيا إلى دولة داخل الدولة. هل ستقبل فرنسا إذا قرّر الباسك أو الكورسيكيين أن يتولّوا مسؤولية أمنها؟ لقد طلبت منهم السعودية ألا يتدخّلوا في الشؤون العربية. ونحن نأمل في أن تنتهي إيران إلى لعب دور يخدم السلام. وفي حالة هجوم أميركي على إيران، فليس من شكّ في أن سعر البرميل سيرتفع كثيراً. كما في حالة كوريا الشمالية، على الغرب أن يتفاوض مع طهران. ولكن، إذا أردنا أن نقنع إيران بالتفاوض، فينبغي عدم إتخاذ مواقف تهديدية أو عدوانية. لقد شاهدنا العواقب بعد الغزو الأميركي للعراق.

سؤال: لم يتوجّه الملك عبدالله إلى واشنطن بعد. هل تدهورت علاقات المملكة مع واشنطن منذ 11 سبتمبر 2001؟

الوليد بن طلال: العلاقات حسنة على مستوى القمة. وتبادل المعلومات الإستخبارية متواصل. ولكن ينبغي القيام بحهود أكير على المستوى الشعبي. لقد قامت المؤسسة التي أملكها بإقامة مركز إسلامي في جامعة “هارفارد” لتعزيز الحوار بين الأوساط العلمية. وأنا أكبر مستثمر عربي في نيويورك. ونحن نقوم معاً بإعادة بناء الفهم المتبادل. لكن حرب العراق لم تكن في صالح التقارب. مع ذلك كله، فعملية 11 سبتمبر كانت صدمة كبيرة إلى حدّ أنه لا يسعنا أن نلوم الولايات المتحدة إذا ما نظرت بعين الشكّ إلى العالم الإسلامي. ومن جهتنا، فعلينا أن نغيّر نظام تعليم الشبان السعوديين وطريقة تناول الأجانب في الخطب الدينية التي يلقيها علماء الدين السعوديون. في الماضي، كان بوسع أي شيخ أن يدعو إلى قتل اليهود والمسيحيين من منابر المساجد السعودية.وقد تمّ إبعاد هؤلاء، ووُضِعَ بعضهم في السجون. ولم يبقَ سوى عددٍ صغير ممن يمارس التكفير. ولا يتخرّج من جامعاتنا سوى عدد صغير من الجهاديين.

سؤال: هل أنت راضٍ عن وتيرة الإصلاحات في السعودية:

الوليد بن طلال: لا رجوع عن هذه الإصلاحات. أنا أيضاً أشعر بنفاد الصبر. ويؤسفني أن التغيير لا يتم بسرعة أكبر. مثلاً، ينبغي إعطاء النساء حق قيادة السيارة. لا شيء في الإٍسلام يحول دون ذلك. وشعوري أنه سيتم إعطائهن هذا الحق في القريب العاجل. من جهة أخرى، فمجلس الشورى يمارس دور رقابة متزايداً تجاه مجلس الوزراء. إن مجتمعنا محافظ جداً، وهو يتطوّر ببطء. والملك منفتح على التغيير، ولكن عليه أن يتقدمّ بوتيرة ترضي جميع قطاعات المجتمع السعودي.

ترجمة: بيار عقل