“في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، خاطب مايكل نايتس وديفيد بولوك منتدى سياسي في معهد واشنطن لمناقشة رحلاتهما الأخيرة إلى «إقليم كردستان العراق» وكركوك وأذربيجان. ونايتس هو زميل ليفر في المعهد وعمل على نطاق واسع في العراق كمستشار للحكومات المحلية وقوات الأمن والمستثمرين الأجانب. وبولوك هو زميل كوفمان في المعهد حيث يركز على الديناميات السياسية لبلدان الشرق الأوسط. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهما.”
مايكل نايتس
حققت “حكومة إقليم كردستان” العراق قدراً جيداً من الاستقرار والأمن على المستوى الأساسي. ورغم أنه لا تزال هناك توترات كبيرة بين الفصيلين السياسيين في “حكومة الإقليم”، إلا أن هذه الحكومة ماهرة في منع تصاعد هذه التوترات. لقد قامت “حكومة إقليم كردستان” بمدّ نطاق عملية انتقال القيادة باستخدام صيغة “الديمقراطية المُدارة”. والأمر المهم الآن هو كيف تستغل “حكومة الإقليم” المساحة السياسية التي خلقتها من خلال إرجاء الانتخابات الرئاسية وانتخابات المحافظات: هل ستنتهز الفرصة لكي تتقاسم السلطة بين الرئاسة التنفيذية والبرلمان، أم هل ستنقل الصلاحيات إلى الحكومات المحلية على مستوى المحافظات؟
ومن حيث تطبيق حدودها الداخلية، تجاهلت “حكومة إقليم كردستان” التهديدات العسكرية من جانب الحكومة الفدرالية العراقية بشأن المناطق المتنازع عليها في عام 2012. ويمكن تسمية هذا العام بـ”عام عمليات الانتشار” حيث تفوقت “حكومة إقليم كردستان” بشكل متسق على الحكومة الفدرالية العراقية في المواجهات العسكرية على طول الحدود المتنازع عليها. وعلى النقيض من ذلك، كان عام 2013 “عام الوئام”. وحيث ترى الحكومة العراقية أن الانتخابات العامة لعام 2014 تلوح في الأفق، بدأت في اتباع نهج تصالحي تجاه “حكومة إقليم كردستان”. ويسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فعلياً إلى إبرام اتفاق عدم اعتداء مع الأكراد. وقد أدى الإدراك المشترك للتهديد المتنامي لـتنظيم «القاعدة» إلى تعزيز الوئام بين الحكومة المركزية و”حكومة إقليم كردستان”. ومع اقتراب عام 2013 من نهايته، لا تستطيع الحكومة الفدرالية والأكراد إهدار وقتهم في مشاجرات سياسية عقيمة، في ضوء الأعمال الأكثر أهمية التي عليهم إنجازها.
ستتمثل المرحلة القادمة بالنسبة لـ”حكومة إقليم كردستان” بإظهار القوة الاقتصادية لمنطقتها الحبيسة. وخلال العام القادم، يرجح أن تُصدّر “حكومة الإقليم” المزيد من النفط والغاز بشكل مستقل عن سيطرة بغداد، ويرجح أن يتم ذلك عبر استخدام خط أنابيب مباشر إلى تركيا إلى جانب كميات صغيرة من الصادرات عبر الشاحنات. لقد توقفت الحكومة الفدرالية العراقية عن إصدار تهديدات قوية بشأن هذه المسألة، كما أن التزام أنقرة بصادرات النفط والغاز المستقلة لـ”حكومة إقليم كردستان” آخذ في الترسخ. لقد نصحت واشنطن أربيل وأنقرة بعدم الانفصال علانية عن بغداد بشأن مسألة الصادرات، لكن الحكومة الأمريكية سوف تتقبل الصادرات المباشرة لـ”حكومة الإقليم” إذا رضخت بغداد لذلك.
وعلى المدى الطويل، يلزم أن تكون الصادرات المستقلة لـ”حكومة إقليم كردستان” مضمونة بموجب ترتيب نهائي حول مشاركة الإيرادات بين بغداد و”حكومة الإقليم”. ويجب أن ينظم مثل هذا الترتيب بموجب القانون، لكن مناقشة قانون النفط والغاز استمر لسنوات ولن يتم حسم الموضوع قبل عام 2015 على أقل تقدير. وفي ظل غياب ذلك القانون، يمكن أن تسلك “حكومة إقليم كردستان” أحد مسارين. مسار الاستقلال الكامل وهو الاحتفاظ بـ 100 في المائة من الإيرادات الناتجة عن صادراتها، واستخدامها لتغطية نفقات مقاولي النفط التابعين لها مع الاحتفاظ بالباقي ضمن إيرادات “حكومة الإقليم”. والمسار الثاني هو أن تُعظِّم “حكومة إقليم كردستان” من مواردها المالية مع التخلي عن بعض الاستقلال السياسي؛ وسيحتم ذلك تسليم إيرادات الصادرات إلى بغداد مقابل الحصول على 17 في المائة من إيرادات النفط الفدرالية الإجمالية (أي من صادرات النفط من الجنوب وكذلك من “حكومة إقليم كردستان”). والمسار الأخير غير ممكن إلا إذا غطت بغداد مجمل تكاليف المقاولين في “حكومة الإقليم”؛ وحتى الآن لم تكن لدى بغداد الرغبة سوى في تغطية جزء صغير من هذه التكاليف. ويرجح أن يظهر حل وسط بين هذين المسارين جراء مناقشة قانون النفط والغاز.
ديفيد بولوك
هناك أهمية كبيرة لعلاقات كردستان مع حكومة العراق الفدرالية. لكن الأمر الأكثر أهمية من الناحية التاريخية هو التقارب والتراض، رغم هشاشتهما، بين أنقرة وأكراد العراق – ومع الأكراد داخل تركيا، وداخل سوريا أيضاً إلى حد ما. ويمكن القول إن العلاقات بين “حكومة إقليم كردستان” وتركيا آخذة في التنامي. فالأتراك أصبحوا يتقبلون بشكل متزايد فكرة وجود منطقة مستقلة للأكراد في العراق.
وفيما يتعلق بإيران والأهداف التي تسعى لتحقيقها في “حكومة الإقليم”، فيمكن تلخيصها على النحو التالي:
1. مراقبة الإيرانيين والأكراد في [المنطقة الخاضعة لسيطرة] “حكومة إقليم كردستان”، لا سيما المنشقين والمغتربين الإيرانيين.
2. ضمان اتباع “حكومة إقليم كردستان” لسياسات تدعم المصالح الإيرانية في العراق والمنطقة بشكل عام، لا سيما سوريا.
3. ضمان عدم تشكيل القادة في منطقة كردستان العراق لتحالفات مع مجموعات أخرى، مثل الشيعة المنشقين.
ومن ثم يمكن القول إن أكراد العراق ليس أمامهم خيار سوى الرضوخ للنفوذ الإيراني لدرجة ما.
وفيما يتعلق بالأكراد خارج العراق، فإن المشهد السياسي ملتبس تماماً. ففي تركيا، إن العلاقة بين أنقرة و”حزب العمال الكردستاني”، الذي خاضت ضده الحكومة التركية حرباً استمرت عقوداً، هي في وئام غير مؤكد.
وفي سوريا، فإن “حزب الاتحاد الديمقراطي” هو فصيل منظم يسيطر على “أكراد سوريا”، المعروفين كذلك باسم روجافا، وهذه المجموعة تمارس السلطة النهائية على المناطق الواقعة في شمال سوريا. إن “حزب الاتحاد الديمقراطي” غير مرتبط عن كثب بـ”حزب العمال الكردستاني” كما ذكر البعض، فضلاً عن أن لديه علاقات محدودة مع “حكومة إقليم كردستان”؛ والواقع أن “حكومة الإقليم” قررت الابتعاد عن الصراع في سوريا. وفي غضون ذلك فإن أنقرة غاضبة جراء النجاح العسكري لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي” في سوريا، حيث تخشى من يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الحدود بين سوريا وتركيا. وبعد بيان ما سبق، يبدو أن الأتراك سوف يقبلون في النهاية بفكرة وجود منطقة كردية مستقلة على طول هذه الحدود. بيد أن تركيا و”حكومة إقليم كردستان” يتشككون للغاية من طموح “حزب الاتحاد الديمقراطي”، الذي قد يمتد إلى ما وراء سوريا.
وفي إيران، لن يكون الأكراد قادرون على تحقيق التقدم الذي حققه نظراؤهم السوريون والأتراك، ناهيك عن الاستقلال الذي حققه الأكراد العراقيون، رغم أنه لا تزال تراودهم آمال التغيير داخل المؤسسة الإيرانية.
وهناك مسألة هامة بالنسبة للسياسة الأمريكية تجاه الأكراد تتعلق بمشاكل إصدار التأشيرات للأشخاص القادمين من “حكومة إقليم كردستان”. فحتى كبار المسؤولين في “حكومة الإقليم” واجهوا مشاكل كبيرة في استصدار تأشيرات أمريكية بسبب أنشطتهم السابقة في الصراع المسلح ضد صدام حسين. على الحكومة الأمريكية أن تجد طريقة لإزالة هذا العائق من أجل تحسين العلاقات مع “حكومة إقليم كردستان” واثنين من أحزابها السياسية الكبرى – “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” – وهما صديقان للولايات المتحدة.
أعدت هذا الملخص المقررة نعوم ريدان.
الهلال الكردي : اتجاهات جديدة في سوريا وتركيا والعراق وإيران
عنوان المقال (الهلال) يوحي بأن الأتجاهات الجديدة هي توسعات وخطط للأكراد .. لكن المقال لا يتحدث على غير الحقوق المسلوبة للأكراد في مناطقهم وطموحهم بالأستقرار والتعايش في المنطقة بين اعداء تقليديين للطموحات القومية الكردية..