النكبة ومفاعيلها
لحظة يكون الصمت أبلغ من كل الكلمات.. ولحظة تصبح الصورة أبلغ من الصمت والكلمات معا.. وحين يشرع الجحيم ابوابه على غزة، عندها تصبح اللغة عاهرة، وحمالة لكل أشكال العهر السياسي والثقافي! فهذا الزمن الذي يجدر به أن يتحول القلم الى بندقية!!
غزة تحترق. غزة تواجه النار بلحمها العاري، لتدفع ثمن فكرها المقاوم وغير المساوم على مفاعيل نكبة عام 1948… ونحن الذين نرى ونسمع، نقف شهود زور، نغسل أيدينا ونعلن براءتنا من دماء غزة.
هل كان على غزة أن تتعمّد بدماء أبنائها، حتى نعلن حبنا لها، ونعلن بعالي الصوت” قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم”، لأن سيوفا أشد فتكا مسلطة فوق رؤوسنا، وأن زلازل تهدد عروشنا؟
في غزة اليوم، محاولة استكمال الحلقة الأخيرة، من مسلسل تصفية التجذر الفلسطيني واصراره على حقه في أرضه… ذلك المسلسل الذي بدأ ذات يوم من العام 1948، يوم حاول القاتل، أن يجعل من خرافته الدينية واقعا يمشي على قدمين، وحتى تسير الخرافة على قدميها، كان عليه أن يبدأ جولات القتل، ليضرب في زيتون فلسطين التجذر والتطلع نحو الشمس.
اقتلع القاتل الفلسطيني من أرضه، وخال أنه وضع حدا لحالة التجذر، نهاية يصنعها ضغط القاتل ومجازره، وتكتمل فصولها الختامية تحت وطأة البؤس والقمع في مخيمات اللجوء…
غزة.. أو دير ياسين مرة اخرى.. دير ياسين المذبحة التي قادها مناحيم بيغن والذي أعلن لاحقا مقولته الشهيرة” لولا مذبحة دير ياسين لما قامت دولة اسرائيل”. وفي غزة اليوم يحلم السفاحون الجدد بالمقولة ذاتها مع تعديل بسيط” لولا محرقة غزة لما سكت آخر صوت يقول فلسطين لنا”.
لكن سوء طالع الكيان العبري، أن الفلسطينيين ليسوا هنود حمر المرحلة، وأن سوء طالعهم قد دفعهم الى ” أرض تأكل ساكنيها”، كما جاء في كتابهم المقدس.
الشاب القطريّ الرائع الذي استوعب الدرس، لخص الوضع العربي بايجاز بليغ وعفوي نابع من القلب والضمير، قال بما معناه” في نكبة 1948 قال لنا أجدادنا بأن الخبر لم يصلهم، فماذا نقول نحن بحق أبنائنا؟ لم يصلنا الخبر! لا والله وصلنا الخبر”.
اليوم يسهل علينا تصور ما حصل في ذلك العام واسباب نكبتنا، والموقف العربي الرسمي، ودوره المهم في النكبة، واصبحنا اليوم أكثر استيعابا لما سمعناه من آبائنا. التاريخ يعيد نفسه اليوم. قالوا لنا أن سبعة جيوش عربية دخلت فلسطين لنجدة أهلها! ولا ندري ماذا كان دور تلك الجيوش آنذاك! اليوم وقد سقطت أوراق التوت عن العورات العربية، فلا داعي لمسرحية تحضير الجيوش العربية بعدتها وعديدها. والحديث طبعا موجه للنظام الرسمي وليس للشعوب أو الجيوش التي تلقت الأسلحة الفاسدة وآلأوامر التي بقي أكثرها طي الملفات السرية التي لن يطلق سراحها ولو بعد ألف عام!!!
قبل شهور من انفجار بركان الحقد والاجرام، أغلقت كافة المعابر، وتحولت غزة الى سجن كبير، سوف تصبح فيها سجون غوانتنامو وأبو غريب مجرد نزهة أو مزحة! المعبر العربي الوحيد، كان يفتح لعبور التموين بالقطارة، بما يسمح فقط بابقاء رمق الحياة… وكنا نحن ننظر وننتظر! جميعنا يعرف السيناريو المعدّ لجنازة غزة! فالقاتل أعلن صراحة ما يريد وما سيقوم به! ولكن نحن كيف تحضرنا لذلك الجلل العظيم؟ انهمكنا يا غزتنا الحبيبة في اعداد المراثي وملابس الحداد، وقادتنا انهمكوا في تحضير الفنادق الفخمة، ولوائح الطعام اللائق، والملابس الجديدة استعدادا للعروض التلفزيونية الجديدة.
حينها كانت غزة تنتظر لقمة طعام لا تصل، أو تصل متأخرة.. تماما بعد الموت… تنتظر حبة دواء تصل في لحظة الغيبوبة الأخيرة، أو تماما بعد الموت!! الآن معبر رفح سالك وآمن لعبور الموتى أو المغادرين الى الموت!!
بعض رائقي المزاج من “المتنورين” يتهكمون، ماذا يتوقع الفلسطينيون؟ حشد الجيوش العربية لدخول حرب عبثية؟ وكيف يمكن لأهل غزة أن يحلموا بهكذا حلم غبي؟ فهو يعرف تماما أن الجيوش العربية انما تستأسد على ابناء جلدتها! ألم ترسل جيوش أكبر دولتين لتدمير العراق رغم اسحابه من الكويت الشقيق؟ هل يعلم بعضنا ان جنودا عربا ممن هاجموا العراق بكوا لأمهاتهم وطلبوا منهم ارسال أغطية “بطانيات” تقيهم برد ليالي العراق؟
albakir8@hotmail.com
*كاتبة فلسطينية من لبنان- اوسلو
النكبة ومفاعيلها
المقال رائع يعبّر عن مشاعر كُل فلسطيني حُر عانى ولا يزال من خيبة الامل من حكامنا العرب.
قلوبنا ومشاعرنا مع غزة التي تحتاج اتحاد كل الفلسطينين والعرب لمحاربة ومحاسبة العدو الصهيوني على جرائمه البربرية ضد شعبنا.
كُلنا غزة
تحياتي حنان اشكرك..
النكبة ومفاعيلها
مقالة لا أستغرب نبرتها العاطفية من مواطنة فلسطينية، وضمن سياق من سبقوني في التعليق، أتساءل: لماذا قتل الفلسطيني على يد الفلسطيني أو قتل العربي على يد العربي لا يستثير هذا البكاء واللطم، بينما قتل الفلسطيني على يد جيش الاحتلال، يستفز كل هذه البلاغة؟. هذا لا يعني أبدا أنني أبرر جرائم الاحتلال الوحشية التي يستحق مرتكبوها من قادة الاحتلال التقديم لمحاكم دولية..ولكن كيف يتوقع الفلسطيني أن يكون كل العرب معه عندما يريد؟ حتى في أثناء العدوان الإسرائيلي الهمجي اصطف الفلسطينيون ضمن المحاور العربية والدولية، فجماعة حماس في دمشق يأتمرون بأمر دمشق وطهران، واسماعيل هنية في غزة مع التهدئة…حيرتونا ماذا تريدون؟
النكبة ومفاعيلهاابكوا كما تشاءون..والطموا كما تريدون..جرائم الفلسطينيين بحق بعض أكبر من جرائم الاحتلال الإسرائيلي..تذكروا ألالاف الذين سقطوا في حرب المخيمات في لبنان عامي 1985 و 1987 …تذكروا الذين سقطوا في حرب فتح وحماس قبل الاجتياح الإسرائيلي الذي ما زال مستمرا…لذلك توقفوا كفلسطينييين عن لوم العرب، وأنتم من أسباب الفرقة والتشتت العربي..مرة تؤيدون صدام في احتلال الكويت..ومرة تسترجلون في اقتحام معبر رفح نحو مصر…لماذا لا تسترجلون في اقتحام المعابر باتجاه اسرائيل التي تحتل وطنكم…هذا لا يعني أن كافة الأقطار العربية وطنية وشريفة..ولكن أعطوا العرب سلطة واحدة كي يدعموها..هل ندعم حماس غزة أم عباس رام الله…كل هذا لا يبرر الاجتياح الإسرائيلي المجرم… قراءة المزيد ..
النكبة ومفاعيلهامقالك هذا ليس هجوم على اسرائيل بل على العرب. هل عدوكم هو اسرائيل ام العرب؟ وما هو رباط الفلسطيني بالعربي؟ ولم تريدون ان يتورط العرب في حرب ضد اسرائيل للدفاع عنكم وانتم تحاربون بعضكم وتقتلون بعضكم؟ لم تريدون من العرب ان يقفوا مع حماس؟ انهم يقفون مع السلطة الفلسطينية وهي الممثل الشرعي للسشعب الفلسطيني. ورجال السلطة وزّعوا الحلوى في غزة عشية قصفها من قبل أسرائيل.. يا فلسطينيين كفاكم التمتع بلعب دور الضحية..لا تطلبوا منا ما لا تطلبوه من افسكم. العرب منقسمون ولا يريدون الورطة مع اسرائيل. وانتم منقسمون ومنكم من يؤمن بما يؤمن به الحكام العرب… مد يد الأنقاذ… قراءة المزيد ..