يعتزم رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد أحمدي نجاد زيارة لبنان خلال الايام القليلة المقبلة. وكان اللبنانيون سيرحبون بهذه الزيارة لو أن توجهاته لم تعمِّق وتزيد خطورة سياسات النظام الايراني في لبنان وحوله. ذلك أنه الرئيس الأكثر تطرفاً بعامة، ومع لبنان بخاصة، في جمهورية استهدفت منذ إنشائها وبالتحالف الوثيق مع النظام السوري ومع حزب الله الذي رعت ولادته وتنمية قوته باكراً، تحويل وطننا الى رأس جسر للتمدد السياسي والايديولوجي والعسكري والامني في مشروع لهيمنة اقليمية شاملة. هيمنة تنطلق من منظومة تخلط بين اعادة تأسيس متمذهبة لمركزية اسلاموية استعادية انصرم زمنها، وبين شوفينية قومية متعالية. وهكذا وجدنا طهران بعد، ومع، دمشق ودولة اسرائيل العدوانية وقوى اقليمية ودولية أخرى تتقاطع وتتناوب على استخدام لبنان كساحة، متوسلة محاولة استتباع جماعاته الاهلية وإذكاء العصبيات. ساحة لصراعات دفع اللبنانيون ويدفعون ثمنها دماً واقتصاداً ومجتمعاً، بين قوى قد تنتهي بالتوافق على حسابهم. كما كان اللبنانيون سيرحبون بالرئيس الايراني اجمل ترحيب، لو أنه ونظام الجمهورية الاسلامية كانا يحترمان الحدود الوطنية المكرسَّة للدول العربية وسيادتها، وكانا يساعدانها على بناء اجماعات وطنية تؤمن استقرار وتطور مجتمعاتها وأسباب حل مشاكلها بصورة سلمية، وليس العكس. كما كانوا سيستقبلونه كرئيس لدولة صديقة لو أن قيادتها الحالية كانت تسير على دروب الديموقراطية والحرية والتنوير واستلهام المساهمات الكبيرة لشعب ايران في التاريخ الثقافي والحضاري للمنطقة والعالم، لصياغة عالم اكثر عدلاً واستقراراً وتعددية، ولإيجاد تسوية سياسية لقضايا المنطقة وبالدرجة الاولى منها القضية الفلسطينية على قاعدة بناء دولة فلسطينية سيدة ومستقلة تعذر حتى الآن انجازها بسبب العدوانية الاسرائيلية والتحالف الايراني-السوري الذي شق وحدة الفلسطينيين ويسعى الى الإجهاز على قيادتهم التاريخية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية.
مشكلة هذه الزيارة أن منظميها لم يقصدوا منها، زيارة صداقة للدولة اللبنانية. بل هي زيارة تستكمل منطق زج لبنان نهائياً في “جبهة المقاومة والممانعة” التي ترعاها طهران،وتستهدف عزله عن العالم وتعطيل القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 1701، والاسهام في الحملة على المحكمة الدولية التي تعتبرها طهران اسرائيلية-امريكية. وهي الى ذلك وببرنامجها”الشعبي” زيارة تعميق للتوتر الداخلي بما تمثله من تدخل لتغليب قوة ومنطق طرف اهلي دون غيره، ولتهميش الدولة وآخر هيئاتها ومؤسساتها وقواها العسكرية والامنية واخضاعها.
النداء اللبناني – باريس