هل أضاف المرسوم 35 لعام 2012 القاضي بتشكيل المحكمة الدستورية العليا جديدا إلى “” مسيرة الإصلاح “” أو أحدث فرقا ما في الواقع القانوني السياسي الذي يمنح السلطة التنفيذية ورئس الجمهورية حصرا صلاحيات كاملة للسيطرة والهيمنة الذي كرّسه الدستور “” المحدّث”” الصادر 2011 .
لقد أكدّ المرسوم الجديد هذه السيطرة. فما زال أعضاء المحكمة الدستورية العليا يعينون من قبل رئيس الجمهورية ولمدة أربع سنوات ضمن ولاية الرئيس المحددة بسبع سنوات. ويحلفون اليمين أمامه، وهو من يقيلهم إذا فقد أحد منهم الأهلية أو “” السيرة الحسنة””، وما أدراك ما السيرة الحسنة. كما أنهم يقدمون استقالتهم للرئيس كذلك (المواد 2 – 6 – 10 – 11 – 12) مع أنهم هم المخولون قانونيا بمحاكمة الرئيس بجرم الخيانة العظمى، طبعا بعد موافقة ثلثي مجلس الشعب على اتهامه!!! (المادة 22)
ومع أن الجلسات لا تكتمل إلا بحضور ستة أعضاء من أصل العدد الكامل وهو سبعة أعضاء، إلا أن المشرع أجاز الاستعانة بعضوين من “” خارج الملاك””! هما نائب رئيس محمة النقض أو نائب رئيس المحمة الإدارية ( المادة 15).
وحدد القانون ( المادة 17) مرجعية تنازع الاختصاص! مع القضاء العادي بهيئة محددة مع أنه لا مجال بأي حالة لتنازع الاختصاص مما يجعل المحكمة الدستورية مساوية من حيث الحقيقة لأي محكمة أخرى.
ما زال كذلك حق الطعن بدستورية أي قانون من حق رئيس الجمهورية وخمس أعضاء مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إصداره أو عرضه على مجلس الشعب.
( المادة 18) كما ترك للمحاكم اختياريا “وليس إجباريا” إحالة أي طعن بدستورية قانون (وأثناء النظر بدعوى تتعلق بتطبيقه فقط) إلى المحكمة الدستورية العليا للبت فيه، مما يحرم بشكل مطلق المواطن والأحزاب وهيئات المجتمع المدني حق الطعن بدستورية القوانين بشكل مستقل. كما يحرم مجالس الشعب اللاحقة الطعن بدستورية قوانين صدرت سابقا.
إن ما جري ويجري حسب ما هو واضح ما هو إلا محاولة لتلميع صورة الهيمنة والاستئثار ومجرد تغيير لتعابير ومفردات السيطرة دون وجود أي إشارة لمجرد نوايا بإجراء تغيير يخفف من هذه السيطرة ويوسع إطار المشاركة أو حتى الاستقلالية.
المحامي أنور البني
رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية