في أواخر عهد إميل لحّود الذي عيّنه حافظ الأسد رئيساً للبنان، نجح السيد ميشال المر، بضربة سحرية وبدون مقدمات.. في إثارة موضوع “حقوق المسيحيين”! فانتقل النقاش من ضرورة “محاسبة رجال النظام السوري في لبنان” واستعادة الإستقلال “اللبناني” إلى “التمثيل المسيحي”!
عشية سقوط نظام الطاغية بشّار الأسد، نجح السيد إيلي الفرزلي، وهو نجم نيابي “تألّق” في عهدي غازي كنعان ورستم غزاله ومجموعة من رجال الدين الأرثوذكس المرتبطين بنظام بشار الأسد، وحفنة من “الطامحين” الأرثوذكس، في اختراع “المشروع الأرثوذكسي” الذي لا نعرف تفاصيله ولو أن عنوانه يكفينا، وهو أن “كل طائفة تنتخب ممثليها لمجلس النوّاب”! وجاء “اللقاء الماروني” في بكركي، قبل يومين، ليعلن تبنّيه لـ”المشروع الأرثوذكسي”.
مرة أخرى، ينتقل النقاش من مطلب إنتزاع الإستقلال اللبناني من براثن النظام السوري الهالك وحليفه الإيراني، وسحب السلاح الميليشيوي الموالي لإيران، أي من الصراع بين “الإستقلاليين” (من كل الطوائف) و”جماعة الخارج” (من كل الطوائف)، الذي يرمز إليه تعبيرا “١٤ آذار” و”٨ آذار”، إلى.. “التمثيل المسيحي” وإلى “حق المسيحيين في انتخاب نوابهم” بمعزل عن الطوائف الأخرى!
وتأتي نتائج هذا “اللقاء الماروني” من “خارج السياق”!
فقد سبقها
خطاب لزعيم “القوات اللبنانية، الدكتور سمير جعجع، طالب فيه المسيحيين بأن يكونوا في طليعة الثورات العربية. وسبقتها، أيضاً، زيارة النائب نديم الجميل (إبن الرئيس بشير الجميل) إلى منطقة “وادي خالد” في شمال لبنان للتضامن مع السوريين الهاربين من بطش النظام النازي الحاكم في دمشق، وبكل ما تحمله هذه الزيارة من رمزية لا تخفى على أحد…
وقبل ذلك، لقاء ووثيقة سيدة الجبل بعنوان “دور المسيحيين في الربيع العربي” التي طمحت إلى “استعادة دور المسيحيين التاريخي في الشرق والمساهمة في اطلاق نهضة عربية ثانية تؤسس لثقافة جديدة، “ثقافة العيش معاً”
والتي يفترض أن يليها قريباً “لقاء عرمون” الذي ستصدر عنه وثيقة سياسية تلاقي تلك التي صدرت عن لقاء “سيدة الجبل”، في مضمونها وإن من زاوية إسلامية، بحيث تتكامل الوثيقتان لتشكلان في مضمونهما وثيقة سياسية لبنانية تحدد دور لبنان الريادي في الربيع العربي.
فجأة تبخّرت هذه المواقف وأصبحنا، نحن وميشال عون والبطريرك الراعي ودعاة الكونفدرالية في قاربٍ واحد، وصار مطلوباً من “الماروني” أن “يهتم بشؤونه” وأن لا يتعاطى بـ”شؤون” رفاقه في “عرسال” أو رفاقه في “عكار” لأنهم.. “سنّة”! وما علاقتنا نحن بـ”السنّة”؟
وما علاقتنا أيضاً بـ”الشيعة”؟ وما علاقتنا بـ”الدروز”؟ وهذا بالمناسبة يذكرنا بـ”عتب” ميشال عون الدائم على وليد جنبلاط: “أنا أعترف بك زعيماً للدروز، فلماذا لا تعترف بي زعيماً للموارنة؟”
نفهم أن يرحّب “الخوري” الماروني “أبو كسم”، والبطريرك الراعي، و”دولة الرئيس” (الأسدي) إيلي الفرزلي، ودعاة الكونفيدرالية، والمذعورون من “الربيع العربي” بمشاريع تحويل “المجلس النيابي” إلى “مجلس ملّي”! ونفهم أن يرحّب حزب الله بهذا المشروع المستوحى من فكر “ولاية الفقيه”. ولكننا لا نفهم أن يشارك به ويروّج له بعض أركان “١٤ آذار”!
نفهم أن يروّج البطريرك الراعي لفكرة أن الموارنة “يختزلهم” “إبن فرنجية” و”إبن الجميّل” وميشال عون وسمير جعجع وبطرس حرب و.. آلان عون…! ولا نفهم أن تسلّم القوات اللبنانية بهذا المنطق الإقطاعي الذي تعتبره الطائفة التي حملت تراث “الحداثة” في الشرق العربي “إهانةً” لكل تاريخها الحديث. (ونسأل البطريرك الراعي: ما المطلوب لكي “تملي عينه” بعض قيادات ١٤ آذار، سمير فرنجية وفارس سعيد مثلاً؟ أم أن السيد ألان عون أكثر تمثيلاً لـ”الموارنة” منهما؟)
(على الهامش: يقال أن الدكتور سمير جعجع يريد أن “يساير” السيد سعد الحريري، الذي لا يقبل فكرة الإنتخاب على أساس “النسبية” لأنه، بدوره، يريد أن “يساير” السيد وليد جنبلاط الذي أعلن رفض لـ”النسبية”! إذا صح هذا “العذر”، فهو من نوع “عذر أقبح من ذنب”! هل يفرض التحالف مع الحريري غض النظر عن “ذنوب” ميشال عون؟ وهل يفرض إهدار ما أحرزته “القوات” وزعيمها خلال السنوات الست الماضية من مصداقية لبنانية، وحتى عربية؟)
أيها السادة، نحن نفهم مخاوف الأقليات المسيحية، وغير المسيحية، في الشرق. ولم ننسَ ما حلّ بمسيحيي العراق من قتل وتهجير وتشريد شارك فيه أصوليون سنّة، وأصوليون شيعة، ونظام بشّار الأسد، وبعض جماعات الأكراد.
ونحن نراقب، بقلق، محاولات اضطهاد أقباط مصر، المستمرة.. منذ عهد السادات.
وقد عبّرنا عن اشمئزازنا من خطاب السيد مصطفى عبد الجليل الذي كان محور كلامه في خطاب “إعلان تحرير ليبيا” (الذي لعب فيه الدعم الغربي دوراً حاسماً) أنه.. يريد تطبيق “الشريعة” وخصوصاً الحق في “اقتناء” أربع زوجات.
ولا تُخفى علينا مخاطر “غزوة” حزب “النهضة” لانتخابات تونس بفضل الدعم المالي القطري. أو مخاطر قفز الإخوان المسلمين و”السلفيين” على الثورة المصرية التي انطلقت من شعار “الشعب (وليس “الله) يريد إسقاط النظام”.
(وإذا اقتصرنا على الشؤون الداخلية، فنحن ندين ونرفض دور “التكليف الشرعي” الإيراني في تزوير إرادة الناخبين، الموارنة والشيعة، في دوائر مثل “جبيل” وغيرها! هذا، أيضاً، يندرج في معركة إستعادة الإستقلال اللبناني وسحب السلاح الإيراني من لبنان. علماً أن “التكليف الشرعي” استُخدِم لاستبعاد السيد حسين الحسيني من مجلس النوّاب!)
هذا كله نعرفه، ولكننا ما نزال نراهن على “الربيع العربي” الذي سيتخمّض في نهاية المطاف عن نظم مدنية ديمقراطية وحديثة يلعب فيها المسيحيون، مثل غيرهم، دورهم “كمواطنين” كاملي المواطنة.
مقابل “اللقاء الأرثوذكسي” المزعوم، نوجّه التحية لأرثوذكسية البروفسور أنطوان قربان والوزير طارق متري المتنورة والحداثية! ومقابل “لقاء بكركي” الذي انعقد قبل يومين، نؤيد وثيقة “سيدة الجبل”.
ومقابل “المجلس الملّي” الذي يقترحه السيد إيلي الفرزلي، فما زلنا نطمح لـ”مجلس نوّاب” ديمقراطي يتمثّل فيه “جيل الإنترنيت” اللبناني وليس “الأكثر طائفية” بين مرشحي الطوائف.
في عصر إنتفاضات “الشباب العربي”، سيكون محزناً إذا لم يجد موارنة لبنان مشروعاً للمستقبل، وللشباب اللبناني، سوى مشروع “مجلس عجائز ملّي”.
اللقاء الماروني في بكركي: مجلس نوّاب أم “مجلس ملّي”؟
أعتقد أن كل هذه الضوضاء الطائفية وهذه الغوغاء … أشبه بما يطلق عليه “صحوة الموت”.
لا أحد ولا شيء يمكنه إرجاع عجلة الزمن إلى الوراء…
اللقاء الماروني في بكركي: مجلس نوّاب أم “مجلس ملّي”؟أتفق تمامًا مع الاستاذ بيار في ما قاله ، و أعتقد، و هذا رأيي الخاص، أن موقف الدكتور جعجع في اجتماع بكركي الاخير، و من يفهم عقلية جعجع يعرف تمامًا ما أعني، كان موقفه إنطلاقاً من مبدأ أن هذا المشروع ساقط لا محالة، فدعهم يفرحون قليلاً و ما تطلع بسواد الوج طالما أن هذا المشروع و أشباهه لا يملك أصلاً مقومات الحياة، فلماذا البلبشة و الشربكة؟ (أتذكّر هنا كلامًا قاله الدكتور جعجع سنة 1988 نقلاً عن الكبير الراحل كميل شمعون قال: سألت فخامة الرئيس شمعون رأيه في الإتفاق الثلاثي الذي أراده النظام… قراءة المزيد ..
اللقاء الماروني في بكركي: مجلس نوّاب أم “مجلس ملّي”؟أفضلُ قانونٍ للانتخاب هو النظامُ الأكثريُّ القائم على الدائرة الفردية الذي اقترحته الكتلةُ الوطنية ينقسم فيه لبنان إلى 128 دائرةً فردية يُراعى فيها التوزيعُ الطائفي والجغرافي الحالي، وتُقسم الأقضيةُ إلى عدد من الدوائر الفردية بحسب المقاعد النيابية المخصصة لكل قضاء – في مرحلة لاحقة، يمكن إبقاءُ تقسيم الدوائر على حالها وإلغاءُ التوزيع الطائفي يجري الانتخاب بحسب النظام الأكثري في دوائرَ فرديةٍ بدورةٍ واحدة وفي يوم واحد يجري الترشيحُ بحسب التوزيع الطائفي للمقاعد في الدوائر يُصوّت الناخبون على اختلاف طوائفهم في الدائرة لمرشَّح واحد مهما كانت طائفة المقعد في النتائج، يُعتبر فائزًا المرشحُ… قراءة المزيد ..
النظام الطائفي اللبناني نظام تمييز عنصري النظام الطائفي اللبناني نظام تمييز عنصري بكل معنى الكلمة. يبدأ هذا التمييز بالمفاضلة بين الأفراد والجماعات في داخل كلّ طائفة وصولاً إلى المفاضلة فيما بين الطوائف المختلفة، وذلك على أساس ما يسمّى أحياناً بـ”الكوتا”، فمثلاً وبغضّ النظر عن الكفاءة، يمكن لـ”سنّي” عكار ان يصبح جنديّاً، ولكن من الصعب عليه أن يصبح ضابطاً لأن حصّة السنّة من هذه الرتب الوظيفيّة شبه محتكرة من سنّة أهالي مناطق أخرى.. ولكنّ الضابط السنّي لا يمكنه أن يتولّى قيادة الجيش لأنّها حكر على طائفة أخرى، وتندرج هذه الصيغة الكاريكاتوريّة على كافة مناصب الدولة وطوائفها، وحتّى على منح رخصٍ رسميّة… قراءة المزيد ..
اللقاء الماروني في بكركي: مجلس نوّاب أم “مجلس ملّي”؟أتفهم موقف الاستاذ و الصديق بيار علق و أرى في إجتماع الموارنة محاولة قديمة للهروب الى الامام . وأرى طريقة الرد عليها بما يلي ؛وذلك من وجهة نظر تنظر الى كل لبنان: حسنا فعل الموارنة بالإجتماع فيما بينهم لدرس القانون الإنتخابي المزمع العمل به للدورة القادمة.أستدل من هذا ان الشأن الإنتخابي اللبناني شأن طائفي – مذهبي، وهنا لا أكتشفُ البارود، بل أرى من الضرورة التأسيس عليه للوصول الى ماهو أبعد من ذا؛( لبنان وطن لمواطنين) مما يعطي لبنان فرصة للبقاء في المستقبل المنظورخصوصا أن ّالتمدد السوري على لبنان قد ازف إنتهائه. إن… قراءة المزيد ..