الشفاف – بيروت
لبنان كان على موعد اليوم مع الذكرى الخامسة لاغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق الشهيد رفيق الحريري علم 2005 .
وعلى جري العادة تقاطر اللينانيون من جمهور ثورة الارز الى ساحة الحرية ساحة الشهداء وسط العاصمة اللبنانية لاحياء الذكرى وتأكيد استمرار ثورة الارز حتى تحقيق كامل مطالبها في العلاقات اللبنانية السورية والسيادة الكاملة والاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله وبت مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا انطلاقا من شعارات المرحلة الحالية لقوى الرابع عشر من آذار نحو تأكيد الاستمرارية ولبنان اولا وخلاصة العبور الى الدولة.
احتفال اليوم شارك فيه للمرة الاولى رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط على طريقته فرافق الرئيس الحريري الى اضرحة الشهداء فوضع اكاليل من الزهر وتلا الفاتحة الى جانب الحريري وغادر المكان مع وزرائه غازي العريضي ووائل بو فاعور واكرم شهيب ونجله تيمور.
اللافت ايضا هذا العام ان الحشود كانت هي هي كما الاعوام السابقة فساحة الحرية ضاقت بهم ولم تتسع للوفود القادمة الشمال والجنوب والبقاع، فإعادة تموضع جنبلاط لم تنعكس سلبا على المشاركة.
اول المتكلمين كان رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” أمين الجميل الذي حيا ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، معتبراً أن “روحه حاضرة وإن غاب في الجسد”.
وقال الجميل : “له ولكل شهداء لبنان الوفاء والإصرار على المضي في مسيرة النضال التي ساروا عليها واستشهدوا من أجلها”، مضيفاً في كلمته خلال إحياء ذكر 14 شباط في ساحة الشهداء: “لقد أحبّ رفيق الحريري كل لبنان، وأحب شباب لبنان، وكم منكم الآن هنا استفاد من خير رفيق الحريري في التربية والتحصيل العلمي والمنح الدراسية، كما أحبّ عاصمة لبنان، وها هي بيروت شاهدة، إذ جعل منها لؤلؤةً، بل وأجمل مدن البحر الأبيض المتوسط، وقد أحب كل مدن لبنان ورفع رايته عاليًا في كل أقطار العالم ودافع عن قضيته في المحافل الدولية، فكانت النتيجة تضامن العالم معنا في محنتنا ودعمه في مسيرة استقلالنا وإقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري وكل شهداء ثورة الأرز”.
الجميل قال إن “الكتائب تعرف تماماً معنى الشهادة والاستشهاد، وأن اغتيال الرئيس الحريري لم يكن يستهدف شخصه، بل كان القصد منه ضرب وحدة لبنان”، مضيفاً: “لنتذكر اللقاء الذي جمعنا في “البريستول” قبل أشهر من استشهاده لنعلن معاً تمسكنا بلبنان الواحد الموحّد الحر والسيد والمستقل، فاعتُبر هذا اللقاء النداء السيادي الجامع الأول من أجل الحرية والكرامة وكان تحديًا كبيرًا، ثم جاء اغتيال الحريري الزلزال الجواب الأول على هذا النداء”. واضاف: “ظنّوا أن اغتياله سيمرّ كاغتيال من سبقه على مذبح الشهادة، ولم يحسبوا حسابًا للمشاعر، حيث أطلقتم الانتفاضة التي أطلقتموها أنتم، ووصلت أصداؤها إلى أقصى العالم، إنتفاضتكم هذه أجّجت شعلة النضال وأظهرت أن إرادة الشعب كبيرة من أجل السيادة والكرامة، فتحوّل الاجتماع في 14 آذار 2005 إلى بحرٍ بشري ثائر يصرخ ويقول نعم للبنان وللحرية، ولا حياة لنا إلا بالعزة والكرامة والعنفوان، فتحية لنضالكم وسنكمل المسيرة وننتصر معاً”.
الجميل اضاف: “ندرك حجم التساؤلات في بال اللبنانيين وفي بالكم، ووجودنا هنا هو لنؤكد على ثباتنا وعلى أن أي تغييرات داخلية أو خارجية لا تغيّر في عزيمتنا للمضي في تعزيز الاستقلال وبناء الدولة وإنجاز السيادة، ولا بدّ من خلق ديناميكية جديدة تعيد الإيمان إلى النفوس القلقة، فلا تخافوا لأن إرادة الشعب هي دائمًا الأقوى، هكذا علّمنا تاريخ لبنان بالذات”، مضيفاً: “بالأمس انتصرت إرادتكم على الظلم والاستبداد، فكان الثمن غاليًا، ولكن لا حرية من دون ثمن، وسنظل نعمل من أجل السيادة التي ندرك معناها ونقدّر مستلزماتها، والسيادة هي أن يكون لبنان بأسره في عهدة السلطة الشرعية المنتخبة ديمقراطياً، وألا يكون على أرض لبنان سلاح غير السلاح الشرعي، والسيادة تعني أيضاً احتكار الدولة للقرارات الشرعية وأولها قرار الحرب والسلم، ومن هنا كان اعتراضنا على بند البيان الوزاري المتعلق بالسلاح وسيستمر هذا الاعتراض”.
كما اكد الجميل أن “الكتائب هي مع قيام أفضل العلاقات بين لبنان وسوريا، وواظبت على هذا النهج منذ سنوات”، مشدداً على “دعم الرئيس سعد الحريري في كل الخطوات لتحسين هذه العلاقات”. وقال: “لنا ملء الثقة بأنّ الرئيس الحريري لن يُقدِم إلا على ما فيه مصلحة لبنان، وفي المقابل نريد خطوات سوريّة محددة في الزمن لمعالجة الملفات العالقة، ولنا في التجارب السابقة مع سوريا خير دليل على أحقيّة مخاوفنا، فنحن نريد أفضل العلاقات وفي الوقت نفسه نريد من سوريا أن تقتنع بأن لبنان ذات سيادة وأنه دولة حرية سيدة مستقلة، وأن تتعاطى معنا على هذا الأساس، ونريد منها أداءً ينطلق من المفهوم الدولي للعلاقات الندية بين دولتين جارتين مستقلتين”. وتابع: “نحن متمسكون بمصالحنا الوطنية وبحتمية مد الجسور، لأننا على قناعة بأن استقرار سوريا وأمنها من استقرار لبنان وأمنه، ونقدّر للرئيس سعد الحريري جرأته وتعاليه على جرحه الشخصي لمصلحة لبنان، ونطلب من سوريا خطوات ملموسة على حجم هذه التضحيات”.
وأضاف الجميل: “لقد أثبتّم في الانتخابات الأخيرة أنكم ثابتون في عزيمتكم لتحقيق أهداف ثورة الأرز، لتحقيق الدولة السيدة والعادلة، ولا شك أنكم انتظرتم حكومةً تكون نتيجة عن الانتخابات، ولكن الظروف حتّمت أن تكون الحكومة حكومة شراكة، إلا أن الواقع أظهر تعثّرًا في إنجاز الملفات العالقة، ما أوقع البلاد في مراوحة تتطلب معالجة”، مقترحاً أن “يكون المؤتمر الوطني للحوار مناسبةً ليس لبتّ استراتيجية الدفاع فقط، بل لإجراء مصالحة فعلية تطرح عمق مشكلة لبنان، لأن التسويات الظرفية والتأجيل لن يؤديّا إلا إلى الشلل على مستوى الدولة، فالمطلوب مصارحة بالعمق وطرح كل المخاوف لبلورة الأسس التي تشكّل المعبر الحقيقي لبناء الدولة وحلّ كل مشاكلنا”.
الجميل اعرب عن امله في أن “تضم مناسبة اللقاء في السنة المقبلة كلّ اللبنانيين وكل الطوائف بعد المصارحة التي تقوم على أسس ثابتة وواضحة”، مشيراً إلى أن “يوم 14 شباط كان محطة مفصلية على طريق النضال الوطني، ولكنه بالتأكيد محطة فاصلة على طريق تحقيق أماني الشعب اللبناني في الحرية والكرامة، فقبل 74 سنة وفي هذه الساحة بالذات، روى بيار الجميل مؤسس حزب “الكتائب” الوطن بدمائه دفاعًا عن حريته وسيادته”. وتوجّه إلى روح الشهيد بيار الجميل “التي تُردد هذه الساحة صوته المدوّي” بالقول: “لم تغب يومًا يا بيار عن بالي وعن بال جماهيرك ومحبّيك وإنْ خَطَفَكَ الغدر، وروحك باقية حية فينا، ولنا في شهادتك وشهادة رفيقنا أنطوان غانم شهداء “الكتائب” ولبنان حافزًا على النضال، فنحن شعب الحياة والكرامة، هكذا خُلقنا وهكذا سنبقى ليحيا لبنان”.
السنيورة
ثم تحدث رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة فامتزجت الفصحى في كلمته بالعامة.
رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة خاطب أبناء لبنان وشبابه بالقول: “في كل سنة نلتقي مع ذكرى شهيدنا الكبير رفيق الحريري في هذه الساحة، وننزل لنقول إننا الأحرار في هذه الساحة، ساحتكم، ساحة كل اللبنانيين، ساحة الشهادة والشهداء، ساحة الاستقلال، أنتم المخلصون والملتزمون بالعهد وبالوفاء لاستقلال لبنان، وبالوفاء لـ”أبو بهاء” وكرمى لدمائه ودماء كل رفاقه الشهداء، وأنتم وكثرٌ غيركم أهل الوفاء لرفيق الحريري وباسل فليحان ولجبران تويني وبيار الجميل ولوليد عيدو وانطوان غانم ولوسام عيد وفرنسوا الحاج ولقوافل الشهداء الذين سبقوهم واستشهدوا بعدهم”، مرحّباً بجميع المشاركين في هذه الذكرى من جميع المناطق اللبنانية، “وبكل من يحضر معنا اليوم، وبمن لم يحضر لكنه موجود معنا بالفكر والقلب والدعم، فنحن على ثقة أننا نمثّل كل لبنان ونحن هنا لنقول إننا سنبقى مع بعضنا العبض مسلمين ومسيحيين”.
وأضاف السنيورة: “ظنّوا أنهم يستطيعون باغتيال رفيق الحريري قتل لبنان، لكن أنتم قلتم لا للقتلة ونعم للوحدة، وأنتم صنعتم استقلال لبنان، وبإذن الله أنتم ستحققون سيادته والعبور إلى الدولة، ونحن مستمرون على هذه الدرب، وأنتم قلتم لا للعودة إلى الوراء، قلتموها في التظاهرات وفي صناديق الاقتراع، وصرختم: يا سامعين الصوت، إسمعوا لبنان حرّ عربي ديمقراطي راغبٌ في الحوار والتنوع والتسامح والاعتدال وقبول الآخر ومقاومٌ للاحتلال”. وتابع: “نحن اليوم لنحدّد مرتكزاتنا المتمسكين بها، فأساس بلدنا العيش المشترك المسيحي الإسلامي، ولقد اتفقنا في الطائف على المناصفة، أي أننا أوقفنا العدّ، وهذه ركيزة لا تفريط فيها، ولقد اخترنا مع صيغة العيش المشترك أن نحتكم للنظام الديمقراطي وللدولة المدنية ولتداول السلطة والإصلاح والتطوير بأساليب ديمقراطية، ولا نقبل أن يفرض أحد علينا رأيه بالقوة أو عن طريق السلاح، ولا يمكن أن نقبل أن نفرض رأينا بالقوة، ونحن نريد التغيير والإصلاح بالأساليب الديمقراطية”.
السنيورة اكد أن “جمهور رفيق الحريري لن يتخلّى عن مبادئ الاعتدال والتسامح المنصوص عليها في الدستور، وهي التي أسهم الرئيس رفيق الحريري في تكريسها، ولن يتخلّى أو يساوم على سيادة البلاد أو أمنها العام والداخلي، ولن يتوقف عن العمل لبناء دولة القانون”، مشيراً إلى أن “المطلوب ألا يتم التعطيل في ظل الإصرار على التوافق، فالتوافق هو حالة اقتضتها ظروف معينة، فلبنان بلد عربي لكنه بلد عربي مستقل ذات سيادة ويتمسك بسيادته واستقلاله وقراره الحر”. وقال: “انطلاقاً من عروبتنا التي اخترناها بقناعتنا وإرادتنا، نعرف أن عدونا هو إسرائيل الذي اغتصب فلسطين وشرّد الفلسطينيين ويرفض الاعتراف بالحقوق، ونحن نتمسّك بالمبادرة العربية ونرفض التوطين”، مضيفاً: “أيدينا ممدودة وأطلقنا وشاركنا في مقاومة إسرائيل، وسنقوم وبقلب رجل واحد بالتصدي إذا اعتدى علينا الإسرائيلي، لكن لا يجب إعطاء الذريعة لإسرائيل بالاعتداء علينا”. وشدد على “ألا حل إلا بحكم القانون وبسط سيادة وسلطة الدولة على كامل الأراضي، ورفض حكم الميليشيات لافتا إلى أن “جريمة اغتيال رفيق الحريري هي جريمة العصر وأصابت كل اللبنانيين”، قال السنيورة: “نحن لا ننشد الانتقام، بل نسعى إلى الحقيقة لمعرفة من هو المجرم والعدالة لنضع حدًّا للاغتيال السياسي”، مضيفاً: “ما نريده من الأخوة العرب هو احترام سيادتنا واستقلالنا، ونحن نبادلهم الحب والاحترام والتقدير، ولا نريد التدخل في شؤونهم أو أن نكون مصدر إزعاج لهم، ولكن نريد منهم احترام خصوصياتنا”. وأشار إلى أنه “يربطنا مع سوريا التاريخ والجغرافيا والحاضر والمستقبل ونريد منها أن تحترم هذا النموذج اللبناني”، متمنياً أن “نكون قد دخلنا مرحلة جديدة من الاعتراف المبتادل بالسيادة والاستقلال، لأن لبنان السيد المستقل هو قوة للعرب ولسوريا”. وختم: “هذا ما أردتُ أن أقوله لكم ولأخي ولصديقي رفيق الحريري الذي كان يؤمن بقيمة ودور لبنان وقدرته على العطاء والتقدم واستيعاب الظروف والمتغيرات، لأن رفيق الحريري كان يؤمن بلبنان واللبنانيين، وهو الذي دفع دمه من أجل لبنان، وعهدٌ علينا أن نأخذ لبنان إلى آفاق المستقبل، وسيبقى لبنان، سيبقى لبنان، سيبقى لبنان”.
كلمة جعجع
رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع على جري عادته وباسلوبه حدد معالم المرحلة المقبلة مؤكدا ثقته بالرئيس سعد الحريري .
جعجع استهل كلمته بتحية ابو بهاء وقال له : إطمئن أننا قوم لا يُقتل لهم شهيد مرتين، مرة بالاغتيال ومرة بالنكران”، مضيفاً: “نم قرير العين يا أبا بهاء، فإذا رأيتَ الأرز يمدّ يده، فلا تظنن أن الأرز يساوم”.
واضاف :” يا شعب 14 آذار، قالوا رحلتم إلى غير رجعة، فها أنتم تعودون، بأغصان الزيتون تعودون، ولكن بأكاليل الغار أيضاً تعودون، في ذكرى أبو بهاء، وبيار وجبران وجورج وسمير وباسل ووليد وأنطوان تعودون، وبكل إيمان وصلابة وجرأة تعودون لتقولوا لهم: نحن هنا، وثورة الأرز مستمرة، على الرغم من كل شيء مستمرة، من أجل أولادكم وأولادنا مستمرة، من أجل لبنان قوي ساطع نهائي مستمرة”.
“أرادوا إسقاط ثورة الأرز، ولكن الأرز لا يسقط، والحرية لا تهوي، ولبنان إلى أبد الأبدين أمين”
وأضاف: “يا جماهير 14 آذار، مسلمين ومسيحيين قولوا لهم: ها هي هنا الهيئة الوطنية العليا الحقيقية للشراكة، والوحدة الوطنية الفعلية في لبنان، قولوا لهم: ها هي ساحة الحرية الفعلية، التي تتغنون بها كل يوم، وقولوا لهم: ها هي هنا المقاومة اللبنانية الوطنية الفعلية التي تتكلمون عنها كل ساعة، المقاومة اللبنانية لأن شعارها لبنان أولاً، وثانياً وثالثاً ورابعاً وأخيراً، المقاومة الوطنية لأنها تنطلق من مصالح اللبنانيين أولاً، وهي المقاومة الفعلية لأنها وحدها بالفعل قادرة على حماية لبنان وليس سواها، فمنطق الدولة وحده هو المقاومة الفعلية، وحكومة لبنان وحدها هي التي تحمي لبنان وشعبه”.
ولفت جعجع إلى أنَّ “مسؤولية حماية لبنان تفترض أن يكون المسؤولون عنها، مسؤولين أمام الشعب والوطن، فلا يتصرفون بغير ما تمليه عليهم المصلحة الوطنية العليا، ولا يجرّون اللبنانيين إلى أتون من الحديد والنار دفاعاً عن ملف إقليمي من هنا أو نووي من هناك”، مؤكداً أن “الواجب الوطني يحتّم علينا مصارحة اللبنانيين بالقول إن بقاء أي سلاح خارج مؤسسات الدولة اللبنانية بات يشكل عبئاً لا قدرة للبنان واللبنانيين على تحمله، وهو ما قد يستجلب اعتداءات خارجية واستدراجاً للبنان”، داعياً قادة الفريق الآخر إلى “اتخاذ قرار وطني شجاع يقضي بالموافقة على وضع إمكاناتهم العسكرية بتصرف الدولة اللبنانية، وقرار السلم والحرب في مجلس الوزراء من دون سواه”. وأضاف: “هذا هو السبيل الوحيد للنأي بلبنان عن تجاذبات المنطقة وتداعيات هزّاتها المحتملة، وأيضاً لتجنيب شعبنا المزيد من الدماء والدموع والمآسي”، مشيراً إلى أنَّ “لا خلاص للبنان إلا بالتفاف شعبه كله حول دولته من دون سواها، وبالالتصاق أكثر فأكثر بالمجموعة العربية الكبرى، وبالتمسك الثابت بالقرارات الدولية، من الـ425 و1559 إلى 1680 و1701”.
وقال جعجع: “اضطُهدنا وقُتلنا مراراً على مدى العصور من يوحنا مارون إلى فخر الدين، وكمال جنبلاط وبشير الجميل وسواهم ليس لسبب، إلا لأننا طلاب حرية واستقلال، فقد خُيّل للبعض أننا أرض سائبة وشعب صغير خائف، لكن ما أن ضرب الإجرام من جديد وأصاب كبيراً من كبارنا، حتى هبّينا ثورة حق وحرية، ثورة أرز هزّت العالم بأسره ودفعته للمرة الأولى في تاريخه، إلى تشكيل محكمة دولية خاصة بلبنان لمحاسبة المجرمين مرة لكل مرة، وعن كل مرة في التاريخ بأكمله”، مشدداًً في هذا المجال على أنَّ “لا مساومة على المحكمة، ولن نقبل تشويشاً على عملها، كما لن نسكت على أي محاولة لقتلها واغتيالها، فالمحكمة وُجدت لتحكم وستحكم، وسنقبل أحكامها مهما كانت”. وأضاف: “لقد ناضلتم من أجل المحكمة وحصلتم عليها، وتناضلون الآن من أجل الحقيقة والعدالة وستحصلون عليهما، فما مات حق وراءه مطالب، فكيف إذا كانت حقوقاً ووراءها مطالبون، مناضلون شجعان أوفياء مؤمنون صابرون حتى قيام القيامة، قيامة الحق والحقيقة، قيامة لبنان”.
وعن حكومة الوفاق الوطني، ال رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية “أردناها حكومة وفاق وطني للعبور إلى الوحدة والدولة، وللنهوض بالبلاد والعباد، والاهتمام بالاقتصاد ولقمة العيش ولحماية لبنان واللبنانيين”، وقال: “راهنّا عليها ولم نزل، لكننا لن نقبل بأن يحاول البعض إفشال هذا الرهان”، متوجهاً إلى رئيسَي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري بالقول: “كلنا وراءكم لعدم ترك لبنان ينزلق إلى الشلل والموت البطيء، لقد كانت حكومة الوفاق الوطني تحدياً كبيراً منذ اليوم الأول ولم تزل، وأنتم ونحن مستمرون في قبوله، لكن لا تدعوا البعض يحول هذه الحكومة من حكومة وفاق وطني إلى حكومة شلل وطني، نحن لا نبرح موقعاً، ولا نقايض قناعة، وصحيح أن حساباتنا صعبة اليوم، لكنها رابحة غداً، فالسعد سعدنا والأمانة في أعناق من يؤتمنون، ومسيرتنا لم تنتهِ بعد، وعهدنا مستمر بالوصول إلى الحقيقة في كشف مصير معتقلينا، وفي ترسيم حدودنا، وتحقيق سيادتنا على جميع أراضينا، وقيام دولة واحدة وسلاح واحد وقرار واحد”، مضيفاً: “خمس سنوات من التضحيات وموعدنا مع الحرية لم يتغير ولن يتغير ولو اقتضى العمر كله، لأن “جنة في الذل لا نرضى بها، وجهنم في العز أفخر موطن”.
وختم جعجع بالقول : “اليوم نجدد العهد أمام الله وأمامكم أننا أحرار أحرار أحرار، لن نقبل أي خيار سوى لبنان والحرية و14 آذار، ولن نكون يوماً سلعة للتجار، فقد كنا وما زلنا وسنبقى 14 آذار”، متوجّهاً إلى “الرئيس الشهيد والشهداء الأبرار” بالقول: “ناموا قريري العين، فثورة الأرز بألف خير، عاشت ثورة الأرز، عاشت 14 آذار، عشتم وعاش لبنان”.
وعند الساعة الثانية عشرة وخمسة وخمسين دقيقة في التوقيت الذي اغتيل فيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري توقف الاحتفال على وقع قرع أجراس الكنائس وتكبير المساجد ليلقي بعد ذلك رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري كلمته .
الحريري توجه إلى المحتشدين بالقول: “خمس سنوات، ونحن نلتقي هنا، خمس سنوات وأنا أقف هنا في حضرة لبنان وشعبه، في حضرة شهيد لبنان والعروبة والإعتدال والديمقراطية والاستقلال و الحرية، في ساحة الحرية الرئيس الشهيد رفيق الحريري. خمس سنوات وأخاطبكم وأنا واحد منكم مؤتمن معكم، ومثلكم على متابعة المسيرة وعلى الدفاع عن لبنان وعن العروبة وعن الديمقراطية وعن الحرية والسيادة والإستقلال وعن كل ما استشهد من أجله والدي حبيبي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه الشهداء باسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار أمين الجميّل ووليد عيدو وأنطوان غانم ووسام عيد، وفرنسوا الحاج والعشرات العشرات من رفاقهم الأبرار. خمس سنوات ونحن نجتمع هنا نطالب بالحقيقة كي لا ينتصر الظلام نطالب بالعدالة كي لا يسود الإنتقام ونطالب بالمحكمة الدولية لكي ينتهي الإجرام”.
الحريري اضاف أنَّ “اللبنانيين واللبنانيات نزلوا قبل خمس سنوات إلى ساحة الشهداء “ليقولوا أن المارد الذي ظنّ القاتل أنه تخلّص منه قد أخرج المارد الذي هو شعب لبنان من القمقم، وهو لن يرضى بعد اليوم أن يعود إليه”، مؤكداً أنَّ “شعب لبنان المارد الذي نزل في 14 آذار في العام 2005 إلى هذه الساحة، ليقول إن وطننا لن يعود ساحةً وإن ديمقراطيتنا لن تبقى مباحة وإن مستقبلنا نصنعه نحن، بأيدينا وقرارنا، بحريتنا وعقولنا ليبقى لبنان رسالة الشرق إلى العالم، وليقول إنَّ العبور إلى الدولة في لبنان هو عهد قطعناه على أنفسنا وشهدائنا وجميع اللبنانيين”، وأضاف: ” نعم، أنتم صنعتم 14 آذار، كلّ واحدة وواحد منكم هو 14 آذار، وأنتم القيادة الحقيقية والفعلية لهذه الحركة، وها أنتم هنا اليوم كما في كل سنة لتقولوا للعالم أجمع، ها هي 14 آذار، مشهد اللبنانيين واللبنانيات مسيحيين ومسلمين من كل لبنان من الشمال والجنوب، من البقاع والجبل من بيروت، مجتمعين موحدين دفاعاً عن كل لبنان”.
الحريري شدد على انَّه لا يقف أمامم الحشود في ساحة الشهداء كرئيس لمجلس الوزراء، وقال: ” أقف معكم وبينكم واحداً منكم، معترفاً لكم بفضلكم وجميلكم”، مضيفاً: “أنا لم أَختر رفيق الحريري والداً لي، فأنا سعد رفيق الحريري لقد منّ الله عليّ بهذا الشرف، أما أنتم فقد اخترتم بملء إرادتكم رفيق الحريري ومسيرته، كما اخترتم الدفاع عن شهادة رفيق الحريري وكلِ شهداءْ ثورة الأرز من بعده”، لافتاً إلى أنَّ “القتلة المجرمين ظنوا أن هذا الضريح بجوارنا سيكون ضريحاً لأحلامنا وطموحاتنا ومستقبلنا، لكنكم، بإرادتكم وتصميمكم، بعودتكم إلى هذه الساحة، في كل 14 شباط من كل سنة، جعلتم الضريح يتفجر حرية وسيادة واستقلالاً، وحقيقةً وعدالةً آتيتين بإذن الله” مؤكدا أنَّ هذه المكتسبات “ليست لـ 14 آذار، بل هي لكل لبنان وكل اللبنانيين واللبنانيات، الذين ينعمون جميعاً اليوم مهما كانت آراؤهم وإنتماءاتهم بالحرية والسيادة والإستقلال، والذينَ تحميهم الحقيقة والعدالة اليوم وغداً وكلّ يوم من تطاول المجرمين عليهم”، مشدداً في هذا المجال على أنَّه “تماماً كما أن مكتسباتنا اليوم هي مكتسباتٌ لكل اللبنانيين، فإن واجب كل واحدٍ وواحدةٍ منا هنا هو الدفاع عن هذه المكتسبات، والدفاع عن كل لبناني ولبنانية والدفاع عن كل لبنان، عن عروبته وديمقراطيته”، وتابع: “نحن، كما كان سبيلنا الوحيد للدفاع عن لبنان في 14 آذار من العام 2005 هو وحدتنا الوطنية، فلا سبيل لنا اليوم وغداً ودائماً للدفاع عن لبنان واللبنانيين جميعاً إلا الوحدة الوطنية، فبهذه الروح نواجه المرحلة الجديدة ونمد الأيدي للتعاون في سبيل جعل الاستقرار الوطني، حاجةً لبنانيةً عامة، لبسط سلطة الدولة والقانون وحماية النظام العام، وبهذه الروح، وضعنا لبنان على خارطة المصالحات العربية”، معلناً أنَّه “ليس سراً على أحد أنني شخصياً شريك في رسم وإعداد هذه الخارطة، وأن زيارتي إلى دمشق كانت جزءاً من نافذةٍ كبرى، فتحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأعطت نتائجها في أكثر من ساحة عربية، وإنني بكل صراحة وصدق ومسؤولية أمينٌ على إبقاء هذه النافذة مفتوحة، والشروع في بناء مرحلة جديدة من العلاقات بين لبنان وسوريا، من دولةٍ سيدةٍ حرةٍ مستقلة إلى دولةٍ سيدةٍ حرةٍ مستقلة”.
كما جدد الحريري التأكيد انَّ “مصلحة لبنان في الاستقرار هي مصلحة مؤكدة، ومصلحة لبنان في التضامن العربي هي مصلحة استراتيجية”، معتبراً أنَّ “لبنان أكبر متضرر من الإنخراط في لعبة المحاور”، ولافتاً إلى أنَّ “المصالحة العربية فرصة للبنان لا يجوز أن تضيع، ولا يصح أن نغيب عنها، مهما كانت الأسباب والإعتبارات”، وقال: “أصارحكم القول في هذا اليوم، لأن أيّ شكل من أشكال التكاذب أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو جريمة جديدة بحقِّ الشهيد وكل الشهداء، ولقد خطونا خطوة تاريخية، رأى البعض أن خسائرها الشخصية علينا كانت كبيرة، لكن المهم أن نسأل عن فوائد هذه الخطوة على الإستقرار في لبنان، وعلى مصير العلاقات العربية”.
وختم الحريري بالقول : “قبل عامين رفعت الصوت أمامكم هنا: لبنان أولاً، لبنان أولاً، واليوم أرفع الصوت مجدّدا للبنان أولاً”، ورأى أنَّ “الإستقرار والمصالحة العربية والتضامن في مواجهة التهديدات الإسرائيلية وتعطيل أسباب الفتنة الداخلية في مصلحة لبنان اولاً”، مشدداً على أنَّه “لن تكون هناك أيّ فرصة للبيع والشراء على حساب الكرامة الوطنية، أونظامنا الديمقراطي أوالمحكمة الدولية، أو الطائف أو المناصفة التامة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، وسيبقى لبنان أولاً، شعارنا لكلِ المراحل، وعنواناً للقرار الوطني الحر المستقل”.