إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
أوهام سيطرت على العقل الجمعي العربي ضخّمتها وكرّستها “السوشال ميديا” حتى جعلتها من المسّلمات وأصبحت نمطا فكريا يوميًا.. منها:
١- وَهْم “العودة الكبرى”!
أحد أهم المشاكل التي تسببت بفشل جميع مفاوضات السلام العربية مع إسرائيل ما بعد اتفاق أوسلو 1993، كإتفاقية “واي ريفر” وقمة “صانعي السلام” في عام 1996 و”كامب ديفيد2″ عام 2000، هي أنها اصطدمت بحجر “حق العودة”، لعدم وجود حلول عقلانية ورؤية واقعية لملف العودة!
عن أي حق للعودة يتحدثون؟ وهل يوافق العرب المهاجرون إلى أوروبا وأمريكا وأستراليا على العودة الى الشرق الأوسط؟ هل المصريون والسوريون واللبنانيون والمغاربة في المهجر، الذين ينادون بحق العودة، مستعدون للعودة إلى أوطانهم مثلما يُطالبون اليهود بالعودة إلى الدول التي أتوا منها؟ هل يوجد شخص عربي واحد في أمريكا أو فرنسا أو إنجلترا يستطيع أن يضحي مثل هذه التضحية ويعود إلى وطنه في الشرق الأوسط؟ أم أن شعار “حق العودة” هو نوع من الابتزاز العاطفي؟! حتى الفلسطينيين الذين استقّروا وحققوا الكثير من المكاسب في الغرب، يدركون تماما استحالة فكرة العودة، بل هم لا يريدون الإفراط بهذه الإنجازات ولا التخلي عن هذه المكاسب والعودة للعيش تحت حكم حماس! هل يوجد فلسطيني أمريكي أو بريطاني مستعد للعودة والعيش في “رفح” أو “جنين” أو “الشجاعية”ّ أو في غزة؟ فالغالبية العظمى من هؤلاء تجاوزوا كل أنواع الصعوبات حتى يستقرّوا في الدول الغربية ويرسخوا أقدامهم فيها، فازدهرت حياتهم ونمت، وتكاثروا بعيدا عن فلسطين التاريخية.
من يدّعي وهو في المهجر بأنه يمتلك مفتاح بيت جده في أرض فلسطين، يهدف من وراء ذلك إلى ممارسة الإبتزاز العاطفي والاسترزاق، والذي وللأسف الشديد كثير من العرب البسطاء وقعوا ضحاياه، في حين صاحب هذا الإدّعاء يعيش في أفضل بيئة حياتية، مثل فرنسا.. وبالمثل، الفلسطينيون المستقرون في دول الخليج الثرية لا يفكرون إطلاقًا، لا هم ولا أبناؤهم، في العودة الى رام الله أو إلى غزة!
٢- وَهْم “سوف نُزيل إسرائيل”!
السؤال الذي يطرح نفسه وفق هذا الوهم: ماذا يمكن أن يفعل العالم في 7 مليون يهودي أتوا من أوروبا والمغرب واليمن والعراق ومصر وليبيا، و2 مليون عربي داخل إسرائيل؟
هذا الوهم غير عقلاني وغير منطقي، وهدفه تأجيج هذا الصراع وديمومته والإستفادة منه! فالخطاب السياسي العربي تجاه فلسطين يُناقض نفسه بشكل واضح وصريح ولا يُفكر بالتحوّلات والتطوّرات التي تحدث عبر الزمن. على سبيل المثال، لا يفهم العربي أن دولة إسرائيل لم تعُد دولة ناشئة، وأن هناك على أقل تقدير أربعة إلى خمسة أجيال نشأت في هذه الدولة لا تربطهم أي علاقة بالدول التي قدِموا منها وأصبحت جذورهم راسخة في هذه الأرض، وأن الاسرائيليين على مدى 80 عاماً استطاعوا أن يثبّتوا أقدامهم في هذه البقعة الجغرافية ويبنوا مؤسساتها الكبيرة التي كوّنت الدولة المدنية الحديثة في هذه الارض. كيف يمكن تغيير هذا الواقع؟ لا بد من أخذ كل معطيات الواقع الحالي على محمل الجد. 30٪ من سكان إسرائيل هم أبناء الشرق الأوسط، ماذا يمكن أن نفعل معهم؟
٣- وَهْم “القدس لنا”!
“سوف نصلي في القدس”! وهذه العبارة تُعتبر من أكبر الأوهام التي تسيطر على الذهنية العربية. فالعربي يُريد أن يُصلي في القدس، ولكنه يتمنى أن يقوم شخص آخر بمهمة “التحرير” ولا يريد هو أن يتحمل تبعات هذا التحرير، يريد أن يصلي في بقعة يعتبرها إسلامية أو “وقف إسلامي” كما يقول ميثاق حماس، وهي مُلك لهم فقط لأنهم مسلمون. هذا الوهم يمكن أن يتعايش معه العربي والمسلم لأنه وهمٌ سهل وغير مكلف، فيما لا يستطيع العربي والمسلم في الشرق الأوسط تحمّل الحرب والقصف والدمار والقتل والتشرد والفقر والأمراض في سبيل عودة فلسطين! وفي لحظة الحقيقة، سوف يولّى الأدبار. ولكن يبقى هذا حلماً وهاجسً. فعقلية التمني تقول له إن هناك شخصا ما، أو جماعة ما، سوف تتولى مهام تحرير القدس، ونحن من بعيد نصفّق له ونؤازره معنويا وإعلاميا فيما تُغني فيروز “البيت لنا.. والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس”!
في الحقيقة القدس مكان مقدس لليهود والمسيحيين حيث يحجون إليها. أما المسلمون فلديهم مكة والمدينة المنورة.. والله سفّهَ في القرآن من يتخذ القدس قبلةً له (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ)
٤- وَهْم “أرض فلسطين من النهر إلى البحر”
هذا المصطلح يفتقر إلى العقلانية ولا علاقة له بالحقيقة. والواقع، وإن كان يُستخدم في جامعات غربية وعالمية كـ”هارفارد” و”بنسلفانيا”،أو في المواقع الأكاديمية في أوروبا، فهذا الشعار بكل بساطة ترفضه “منظمة التحرير الفلسطينية”، أي يرفضه الفلسطينيون الذين وقّعوا على إتفاقية أوسلو عام 1993 وبموجبها لا وجود لأرض إسمها فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، بينما توجد الضفة الغربية وقطاع غزة فقط.
ختاما، ما هو لُبّ المشكلة الفلسطينية؟ ولماذا بدأ هذا الصراع بعد “ثورة القسّام” عام 1935 أي قبل نحو 88 عاماً؟
الحقيقة أن العرب لا يسمحون لأقلية تعيش بجانبهم أن تنفرد وتستقل وتحكم نفسها.. هنا يكمن أصل المعضلة!! تماما كرفض انفصال الأقباط في مصر أو الأكراد في شمال العراق..وهذا حال كل أقلية كانت تعيش بين المسلمين منذ 1400 عاما. فمن غير المسموح أن تحكم هذه الأقلية نفسها، بل يجب أن تخضع لأسيادها العرب المسلمين لأنها لا تنسجم مع فكرة الخلافة الإسلامية.
فالدولة الوطنية مُنتَج غربي غريب. والعرب لديهم عقلية دولة الخلافة وهم يطمحون لإقامتها.. ولاية الفقيه في ايران تسعى للخلافة بشكلها الشيعي.. وحزب الله يسعى للخلافة أيضًا بشكلها الشيعي.. وحركة “الإخوان المسلمين” تسعى للخلافة بشقها السني.. وهناك حماس وجبهة النصرة والجهاد الإسلامي وداعش، وجميعها تسعى الى الخلافة أيضا بشقها السني.. ولا اعتراف بالدولة الوطنية القائمة حسب المفهوم الغربي على فكرة اساسية هي أن “الدولة لكل مواطنيها” دون تمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو المذهب.
كلام في الصميم!
القومية العربية هي امتداد للرؤية الذمية، التي تنظر إلى اليهودي بفوقية.
نُسب إلى وزير الدفاع الإسرائيلي “موشى ديّان” أنه قال “إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون” كم أصاب حقا،
مقال يجب ان يُدَرّس