أيتام بن لادن في شمال إفريقيا، وبالأحرى أصحاب “ماركة القاعدة” في مالي وجوارها لن يقنعوا كثيراً من الماليين (المسلمين) بأن النزاع المالي يمثل “عدوان فرنسا الصليبية على مالي المسلمة”. فباستثناء عدد محدود، ومعروف، من البلدات الصغيرة ذات الإنتماء السلفي، فإن أغلبية الماليين رحّبت، وهلّلت، للتدخّل الفرنسي الذي انقذها من “الإحتلال الأصولي” الذي سعى لقمع عادات الماليين وتقاليدهم ونمط حياتهم!
وأبرز ما في بيان فرع “القاعدة” في “المغرب الإسلامي” هو لهجة “الإعتدال” غير المألوفة في بيانات هذا النوع من الجماعات الإرهابية. فالبيان يؤكّد، أولاً، أن الحكومة الفرنسية هي التي قطعت المفاوضات مع الخاطفين من أجل تحرير الرهائن! ويؤكّد ثانياً، أن فرع “القاعدة” المحلي يفضّل “الحل العادل” لقضية الرهائن. ما هو الحل العادل؟ أن تدفع فرنسا “فدية” للمخطوفين تستكمل بها “القاعدة” مواردها الأخرى الناتجة عن حماية “طرق تهريب المخدّرات والسجائر” في المنطقة! وهو نوع “مافيوي” من العدالة!
“القاعدة في المغرب الإسلامي” في حالة ضعف شديد بعد مقتل حوالي نصف عناصرها (٦٠٠ قتيل في صفوفها) وفرار الكثير من الشبّان الصغار الذين جنّدتهم بأموال تهريب المخدرات وفديات الرهائن. وهي تلوّح بورقة الرهائن لرفع الضغط العسكري الفرنسي، والتشادي، والمالي، عنها. وكانت، حتى التدخّل الفرنسي، قد وصل بها غرورها إلى حد الشروع بغزو مالي كلها، جنوبها وشمالها!
ونقطة أخرى: الرهينة المقتول، الذي يسمّيه البيان “الجاسوس فيليب فاردون” كان “جاسوساً” مثلما كان كل خصوم صدام حسين “جواسيس”! صدام كان يستخدم إيديولوجية البعث كغطاء لإجرامه، “القاعدة” تستخدم الإسلام، والحال واحد.
الشفاف
*
بيان “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” كما وردنا صباح اليوم:
بيان (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) إلى الشعب الفرنسي وعائلات الرهائن
سلام على من اتبع الهدى…
لا يزال العالم أجمع يتابع عدوان فرنسا الصليبية على مالي المسلمة، يدفعها حقدها التاريخي الدفين وجشعها الاستعماري لنهب ثروات المسلمين، رغم تحذيرات المجاهدين بإعدام الرهائن الفرنسيين، كقصاص عادل على عدوان فرنسا السافر على بلادنا، وقتلها لأبنائنا الآمنين في بيوتهم.
لقد عبر المجاهدون في العديد من المناسبات عن نيتهم في إيجاد حل عادل لملف الرهائن، ولكن الحكومة الفرنسية ظلت تماطل وتتهرب من مسؤولياتها تجاه رعاياها، وراحت تدفع المجاهدين لإعدامهم بمحاولاتها لتخليصهم عسكريا، وهي المحاولات التي فشلت في العديد من المرات من الصحراء الكبرى إلى الصومال.
إن رغبة الساسة الفرنسيين من اليسار إلى اليمين، في التخلص من ملف رهائنهم لدى التنظيم، مازالت تحركهم نحو الحل الأسوأ، ألا وهو إعدام الرهائن بقصفهم العشوائي أو أيدي المجاهدين، وهو ما حدث بالفعل يوم 10 مارس2013 ميلادي، حين اضطر المجاهدون إلى تنفيذ تهديدهم بتصفية الجاسوس فيليب فاردون، المحتجز لدى التنظيم منذ أزيد من عامين، كرد فعل على احتلال مالي المسلمة واستهداف قواعد المجاهدين.
إن إصرار الحكومة الفرنسية على احتلال مالي وتخليص الرهائن بالقوة، لا يصب في مصلحة الشعب الفرنسي ولا مصلحة الرهائن، لأن شباب الإسلام سيحولون إفريقيا كلها إلى مستنقع يغرق فيه الجيش الفرنسي، وجحيم يستحيل فيه بقاء الشركات الفرنسية، وعلى عقلاء فرنسا أن يتداركوا أخطاء ساستهم المغرورين ويأخذوا على أيديهم قبل فوات الأوان، لأن زمن الاحتلال المباشر وغير المباشر قد ولّى إلى غير رجعة بإذن الله.
لقد تابعنا باهتمام بالغ مظاهرات عائلات الرهائن في كبرى المدن الفرنسية، وأحببنا أن ننبههم إلى ما يلي:
1 ـ أن أبناءكم الرهائن لدى التنظيم ما زالوا إلى غاية كتابة هذا البيان سالمين، ما عدا الجاسوس فيليب فاردون الذي أعلن التنظيم عن قتله انتقاما لأطفالنا ونسائنا في شمال مالي، ولكننا لا نستطيع ضمان سلامتهم إلى ما لا نهاية بفعل عدوان حكومتكم وهجمات جيشكم على مواقع المجاهدين.
2 ـ رغم عدوان فرنسا السافر على أرضنا، ما زال المجاهدون يسعون لحل عادل لملف بقية الرهائن بعيدا عن سياسة القوة التي فشلت في المرات السالفة، وذهب ضحيتها رهائن فرنسيون في مالي والصومال واليوم الجاسوس فيليب فاردون.
3 ـ لقد ظلت حكومتكم تكذب عليكم، وتتهم المجاهدين بقطع التواصل عبر الوسطاء المعروفين، وهي من قطعت الاتصال وغامرت بحياة أبنائكم بفعل سياستها الرعناء، ومحاولتها اليائسة لتحريرهم بأسلوب أثبت فشله.
4 ـ نحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية كاملة عن حياة أبنائكم الرهائن لدى التنظيم.
5 ـ يحتفظ التنظيم بحق القصاص العادل من كل الفرنسيين، لما أصاب ويصيب المسلمين في مالي من ظلم وعدوان الحكومة الفرنسية الظالمة وجيشها المعتدي، لأنكم انتخبتم حكومتكم بكل حرية.
6 ـ نحذر الشعب الفرنسي من مغبة استمرار حكومته الظالمة في احتلال مالي، ونهب ثروات المسلمين في إفريقيا المسلمة برمتها.
7 ـ ننصح عائلات الرهائن والشعب الفرنسي بالضغط على الرئيس هولاند وحكومته، بسحب جيشه من مالي، وترك المسلمين وشأنهم، يختارون بكل حرية منهج حياتهم كما اختاروا هم منهج حياتهم.
8 ـ إن الأمن اليوم في العالم مسألة كلية لا تقبل التجزئة، فإما تتركونا آمنين في ديارنا، وإما نهدر أمنكم كما تهدرون أمننا، فالخير بالخير والبادئ أكرم.. والشر بالشر والبادئ أظلم.
قال تعالى ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (الشورى:41 ـ 42)
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تَنْظِيمُ القَاعِدَةِ بِبِلاَدِ المَغْرِبِ الإِسْلاَمِيِّ