العرب وإيران: البحرين مقابل الاهواز؟

مثني عصام الدين – “الشفاف” خاص

ما حثني على کتابة هذه السطور هو إثارة قضية الأهواز من قبل الفضائيتين العربيتين “الجزيرة” و”العربية” وذلك بشکل مباشر وفي خلال فترة زمنية قياسية، إثر تصريحات مثيرة للجدل لرئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإسلامية، على أكبر ناطق نوري، قبل أيام(10\2\2009) بمناسبة عيد الثورة في مدينة مشهد الإيرانية، والتي “ادعى فيها بتبعية البحرين لإيران واصفا إياها بأنها كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الـ14، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني وانفصلت هذه المحافظة بسبب عدم کفاءة المسؤولين في زمن الشاه”.

هذه التصريحات ليست الاولى من نوعها وکما اعتقد لن تکون الاخيرة. کذلك البحرين ليست الارض الوحيدة التي تطالب ايران بها، انما هناك قائمة طويلة تبدأ من البحرين وتشمل كل من شمال العراق وجمهورية آذربايجان وبلوشستان ـ القسم الباکستاني ـ وافغانستان وتنتهي باي بقعة يمكن ان تثبت الوثائق التاريخية، کانت في زمن الامبراطورية الساسانية تحت السيطرة الايرانية المزعومة! والمطالبة باي واحدة من هذه البلاد تكون حسب الحاجة السياسية! فالانظمة التي تولت الحكم في ايران ـ الى الآن ـ على رغم إختلاف ايدلوجياتها، تمتلك مشاريع توسعية وهذا الامر بسبب العقلية العنصرية لبعض النخب الفکرية والسياسية الايرانية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما السبب الذي يقف وراء هذه التصريحات في هذا الزمن وفي هذه الظروف الدولية بالغة الحساسية والتي تعتبر مخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية وعلاقات حسن الجوار؟

ان ادعاءات النظام الايراني المباشرة وغير مباشر بامتلاك ارض عربية ـ البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة ذات الأغلبية السكانية السشعية، بينما تحكمها أسرة مالكة سنية ـ ترجع الى ان:

اولا، ايران تنتهز ضعف وخنوع العرب الحالي والمتواصل وتطالب بالبحرين.

ثانيا، ان ايران تعتبر نفسها المدافعة الاولى عن الشيعة في العالم، وتريد من خلال اثارة هذه المواقف العدائية, ان ثبت للعالم الشيعي هذا الامر.

ثالثاً، يمكن القول ان هذه التصريحات تدخل في اطار الدعاية المضادة ضد الانظمة العربية السنية المعتدلة التي وجهت نقدا لاذعا لتدخلات ايران غير المسؤولة والمخربة في قضايا عربية في الآونة الاخيرة.

رابعا, اخفقت ايران في ان تثبت نفسها بانها مدافعة عن كل المسلمين خصوصا بعد ما فشلت بتقديم دعم حقيقي للفلسطينيين في حربهم الاخيرة وسكوتها على جرائم الروس في الشيشان ووصف المقاتلين الشيشانيين بانهم مثيرين للشغب.

اما العرب يحاولون الآن مواجهة ايران بنفس السلاح! فايران تريد ان تدخل مع العرب في حرب لا تستخدم فيها القنابل والمتفجرات (ولو ايران حاليا تستخدمها في العراق ضد العرب فعلا) وانما بـ “أوراق الضغط” التي تملكها!

وهذا ما حدا بالعرب بان يتخذوا نفس الاسلوب. وفي هذا السباق المحموم اعظم ورقة عند العرب هي «الأهواز» التي لطالما استعملها العراق بقيادة صدام حسين وکذلك لطالما ضحى بها کقربان متي ما شاء! هکذا يتوقع العرب اليوم ويظنون ان الاهوازيين قابلون لأن يلدغوا من الجحر نفسه بتغيير مدخله لان الغريق (الاهوازيين) يتشبث بکل حشيش!

عندما دققت في تأريخ المقال الذي نشر علي موقع العربية اخيرا وکان موضوعه حول الأهواز وجدت أن تأريخ نشره بعد تصريحات ناطق نوري أي في يوم 13/2/2009, کما يعلو المقال إسمين, الأول مصري ويکتب بشکل شبه دائم للعربية نت والثاني من ظاهر الإسم يبدو أنه أهوازي وممکن أن يکون ساکن في إحدي دول الخليج العربي واظن أن الإسم مستعار لأني اعرف اسلوب کتابة الاهوازيين, رغم ذلك لم أشأ أن أربط بين الحدثين، يعني تصريحات ناطق نوري وهذا المقال المنشور على موقع العربية ولکن برنامج الإتجاه المعاکس يوم الثلاثاء المصادف17/2/2009 التي کان موضوعها حول إيران (مرور ثلاثين سنة علي الثورة) وفي هذه الحلقة تم استضافة احد الاهوازيين لاول مرة (فجأة) کما يعتبر الضيف الثاني زيدان خوليف (جزائري) من احد أشد المبهورين بإيران واضف الي ذلك التقرير الذي بثته قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية، جعلني افکر بوجود ربط ما بين هذه الأحداث ومن خلال تحليلي لهذه المعطيات توصلت الى ان تكون هذه الحملة الاعلامية العربية منسقة.

تصريح ناطق نوري جاء في10/2/2009 ورأت دول الخليج ان تهاجم إيران من خلال تصريحات بعض المسؤولين والاعلاميين مثل ما فعلت ايران, لکن ما هي القضية التي يجب أن تثار من خلال الإعلام والتصريحات حتى تکون خطا أحمرا لإيران؟ فاستقلال البحرين وأي دولة عربية اخري خط أحمر بالنسبة لباقي الدول العربية.

فمن هنا تظهر اهمية إلقضية الأهوازية عند العرب! فالاهواز للايرانيين مثل البحرين للعرب. فبعد هذا قامت العربية بکتابة مقال علي موقعها الرسمي وتکلمت بشکل رسمي عن الأهواز وقالت أنّ الأهوازالعربية هي غزة ثانية وکما هو معروف عن العربية، تنتهج نهجاً ليبرالياً ومناهضاً للعنف فمن هنا يفهم لماذا نقلت تصريحاً من المهندس کريم بني سعيد وهو عضو قيادي بارز في حزب التضامن الديمقراطي المناهض للعنف ولا يطرح شعار الإنفصال من إيران ويؤکد علي حل القضية الاهوازية عبر الفدرالية.

وأما في يوم 17/2/2009 فجأة قامت قناة الجزيرة بإستضافة شخص اهوازي بصفته محلل سياسي لکي يشارك بنقاش حول إيران لکن کما رأينا تم التطرق للقضية الأهوازية بشکل غير مباشر يعني في إطار الکلام حول إيران والثورة, فجاءت قضية الأهواز أو الأحواز وإحتلال ايران لها وکذلك للجزر الثلاث حتي أن فيصل القاسم تساءل حول هذا الموضوع ما يعطي للموضوع صيغة إعلامية لا سياسية کما أنه أکد على إسم الأحواز دون الأهواز فمن المعروف عن الجزيرة تنهج نهجها قومياً فمن هنا يمکن فهم إستضافتها شخصية اهوازية، أولا تتبني تسمية الاحواز کما يتبنها معظم القوميين وثانيا يطالب بتحرير الأحواز بشتي السبل (حتي الکفاح المسلح) و إن کان يرفع شعار حق تقرير المصير. كما راينا الضيف الثاني يعني المدعو زيدان خوليف الذي هو غير معروف للمشاهد العربي والايراني وعلي الظاهر غير مرتزق بل مبهور لأن أي مرتزق يحاول أن يخفي علاقته المشبوهة تحت عباءة الإتزان والهدوء والحکمة ولکن کما رأينا هذا شخص يتکلم بحماس وإنبهار مما يعني أن الدکتور زيدان يعرف ايران من خلال الصور والإعلام والمقالات التي تنشر بجهد الدبلوماسيين والإعلاميين المرتزقة في الخارج.

واما الجزيرة انترناشنال (باللغة الانجليزية) بثت تقريرا صوتيا يستند علي احدث تقرير سنوي لمنظمة حقوق الانسان الذي نشر في فبراير 2009 مما يوضح لنا مدي تتبع قناة الجزيرة للقضية الاهوازية.

ان اي متتبع لاخبار الجزيرة يري ان هذه القناة تعامل ايران بکثير من اللطف وهي تبث عن ايران تقارير تزين صورتها امام المشاهد العربي وهذا من اجل ان تحفظ مکتبها في طهران. فقناة الجزيرة في احد تقاريرها الاعلامية عندما کانت تعلن اسماء البلدان والمناطق التي اغلقت مکاتبها لم تتطرق الى ايران کاحدي هذه الدول!! فقامت قناة الجزيرة وارضاءا للايرانيين بتغيير کادر المکتب رغم ان الکادر السابق بقيادة الصحفي غسان بن جدو يتمتع بعلاقات واسعة في ايران الامر الذي لا يمتلكه المدعو حسن البحراني العراقي المعاود مما يشير الامر هذا الي ان الجزيرة في اثارة قضية الاهواز هذه المرة تبعت اجندة دول الخليج طبعا من خلال حکومة دولة قطر.

کل هذه الأمور تعطينا صورة توحي بأن الأهواز اصبح مقابل البحرين في حسابات الخليج الجديدة وکما أن هذه لم تکن الأولي وسوف لن تکون الأخيرة وأعتقد أن حکام العرب بعد أن خسروا النظام العراقي السابق الذي کان يمتلك اوراق الضغط علي إيران سوف يتم توزيع هذه الاوراق حتي تکون حربا موسعة لا يذهب ضحيتها حاکم عربي ثاني کما حدث في العراق.

في حين ان ابناء الشعب العربي الاهوازي ياملون من الاخوة العرب ان تكون قضيتهم، قضية ايمان و ليس ورقة ضغط!

الأهواز- شباط 2009