يعاني العالم العربي من الإنقراض اللغوي البطيء لأنه لم يستطع أن يحافظ على لغته الأم، وهو على المدى البعيد في تدهور مستمر. ولغتنا العربية رمز لهويتنا وحافظة لوجودنا.. وقد اسأنا فهم معنى الحفاظ على اللغة لأننا منذ ايام مدرسة البصرة والكوفة سيّجناها بجدار برلين ولم نحطمه حتى الآن، وصرنا نحافظ عليها من التغيير كأننا نحمي ضريحا أو نخشى عليها من أن تنكسر كأنها قوارير من البورسلين. أمّا اللغويين الذين اشتغلوا على اللغة وكتبوا المعاجم فقد كانوا أغلبهم سدنة في معابد، يقدسون فيها الخليل بن احمد والكسائي والفية ابن مالك. كأنّ وظيفة اللغة هي تلاوة طقوس العبادة وتقديس الأموات. بينما أن اللغة كائن حيّ والحفاظ عليها يتم بتطويرها وجعلها مرنة كي تتفاعل مع الظروف والمستجدات.
فاللغة التي لا تتطور، ولا تزدادُ غنى، ولا تجدد نفسها، ستصبح يابسة كالحجر، نضعها في المتاحف للزينة والتاريخ. بينما اللغات الحية تتجدد، كما في أوروبا، كالأشجار التي ترمي الأوراق اليابسة الصفراء كلّ خريف، وتستبدلها كل ربيعٍ بأوراقٍ خضراء يانعة، وهي لا تعيش وتنمو أذا لم يسقها صاحبها بالماء ويغذيها بالسماد كي تستمر في إعطاء الثمر.
والعربية تواجه الآن تحدياً كبيراً، لكنها لا تعي حجم المسؤولية والمستقبل. العربية ستصبح بحلول عام 2050 اللغة الثالثة في العالم، حسب بحوث في الولايات المتّحدة. وستكون بذلك أحدى اللغات العالمية الكبرى، ليس لانها لغة القرآن ولغة الرسول ولغة أهل الجنة في الجنة، بل لأن عدد المتحدثين بها سيزداد عددهم. ولذلك يجب على العربية ان تمرّن نفسها لتأخذ دورها آنئذِ كلغة حية.. يجب أن نعيد خلق لغتنا كي تكون آهلة لتكون لغة عالمية ثالثة بعد اربعين سنة.
***
أنا لست متخصصاً في علوم اللغة، كما أنّ سيبويه لم يكن متخصصاَ ولم يدرس في جامعة أكاديميّة. كما أنّ حقل أهتمامي ليس اللغة العربية. لكني لست متطفّلا، لأنّ كل من ينطق هذه اللغة ويرتبط بترائها وتاريخها، ويدخل دائرة ثقافتها، ويمارس هذه اللغة، فإنّهُ له الحق في أن يعرض تجربته لحماية لغته وهويته. لأني أشعر بصعوبة وإشكالات اللغة، بينما اللغويين لا يشعرون. فهم يكرّسون سنوات عمرهم وجهدهم فقط للغة، بينما لا يتسنى ذلك التكريس الّا للمتخصصين، واللغة لغة الجميع، وليس لغة اللغويين فقط، وهم قلّة قليلة.
وأنا أشعر أنني خلال ربع القرن التي قضيتها في النرويج، وقفت على مشكلات عديدة في لغتنا العربية،
أولا: من خلال ترجمتى لكتب الأدب النرويجي. فقد ترجمت 9 كتب الى العربية، حتى أنها صارت أساساً في قرار جامعة محمد الخامس في الرباط تدريس الأدب النرويجي. ثانيا: تعليمي للّغة العربية لأبناء المهاجرين العرب. ثالثا: تعليم اللغة العربية للنرويجيين. ورابعا : إستخدامي للغة النرويجية من خلال عملي في الصحافة النرويجية في الكتابة كمؤلف، فجعلني ذلك أكتشف طريقة تعامل النرويجي مع لغته.
كل ذلك جعلني اشعر بأن لغتنا العربية قاصرة وتحتاج إصلاحاً.
***
اللغة أقنوم في بنية:
الإصلاح بوجهة نظري معرقل بسبب إشكالية أرتباط اللغة مع بنية الثقافة العربية السائدة والمهيمنة. لأن ثقافتنا العربية تقف على أساس من ثلاثة أعمدة. إذا زال احد هذه الاعمدة الثلاثة تهاوت الثقافة العربية السائدة. وأستعير تعبيراً لاهوتياً مسيحياً هو الأقانيم الثلاثة لوصف هذه الأعمدة. الأقانيم الثلاثة ليست ثلاثة أجزاء كما يتصور الكثير من المسلمين. بل هي وحدة واحدة تتجلى بأشكال ثلاثة. وأقانيم الثقافة العربية هي 1) الجنس العربي أو العروبة ، و2) الأسلام، و3) اللغة العربية. المساس بواحدة من هذه الأقانيم هو مساس بالثلاثة ومساس بالوجود العربي.
لذلك فأي ناقد تنويري يريد تجديد الثقافة وزخّها بحياة عصرية جديدة ويمس واحدة من هذه الأقانيم، سيتّهم بأنه يريد تهديم الدين أو تفريق العرب.
لذلك فإشكالية الإصلاح اللغوي، هي جزء من بنية الثقافة العربية السائدة أي أنها مرتبطة بعقد زواج كاثوليكي مع الأقانيم الثقافية الثلاثة للوجود العربي. لانّ الفكر الذي يعرقل تجديد التراث وتحديث الإسلام هو نفس الموقف الذي يعرقل إصلاح اللغة العربية.
فاللغة، الأقنوم الثالث، ربطناها بالمقدّس، بالإسلام، وبذلك اصبح المساس بها من ضمن المساس بالكمال والمقدسات والتجديف..
هذه البنية التي جمعتنا يوما في تاريخنا القديم، ستكون سبب تفريقنا في هذا العصر: لأن استقرار الثقافة على الجنس العربي أضاع منا الأقليات غير العربية. الأكراد الأن ومنذ التسعينات لا يتعلمون العربية في مدارسهم. ومن حقهم ذلك لأنهم إثنيا ليسوا عربا، ويرون في العربية هيمنة العنصر العربي عليهم، وهو العنصر الذي لم يكن عادلا نحوهم.
وربط اللغة بالدين جعل المسيحيين يفقدون حماسهم للغة..
المسيحيون في عالمنا العربي هم الذين علمونا العروبة وهم اخترعوا القومية العربية في آخر مرحل الدولة العثمانية قبل أن تتحول القومية الى ايديولوجية استوردناها من أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى. والمسيحيون كانوا طلائع في مجال الحفاظ على اللغة العربية، وقاموس “المنجد” رفيق كلّ طالب وتلميذ، نتاج كاثوليكي يصدر باستمرار حتى الآن، ومعجم المصطلحات الطبية ليوسف حتّي لا يوجد ما ينافسه. وكان خليل مطران شاعر القطرين يحفظ القرآن. ومن الرعيل الأول لنهضة العربية مارون عبّود. أما الآن وبسبب ربط العربية بالدين والاسلام، صار القبطي في مصر يستخدم العامية المصرية في منتديات الإنترنت لأن الفصحى لغة الهيمنة الإسلامية كما يراها. أما في السودان فقد أدّى ربط اللغة بالمقدس والدين الاسلامي الى كارثة: فعندما صدر قرار من رئاسة الجمهورية السودانية عام 1990 بتعريب المناهج في الجامعات والمعاهد السودانية باعتباره واجبا دينيا، اعتبر سكان جنوب السودان استعمال اللغة العربية وسيلة لهيمنة الدين الاسلامي، ولهذا فرضت اتفاقية السلام مع سكان الجنوب السوداني عام 2005 استعمال الانكليزية في التعليم في الجنوب. ولو كنت مسيحيا سودانيا لرفضت ان اتعلم العربية لأنه واجب ديني للمسلمين، لكنه ليس واجباً دينيا للمسيحي.
انا على قناعة: لو ان اللغة النرويجية أو باقي اللغات الأوروبية ترتبط بالدين المسيحي ويرتبط تعلّمها بواجب ديني مسيحي لرفض أن يتعلمها أبناء الأقليات المسلمة في أوروبا.
ولذلك فحلّ مشكلة اللغة مرتبط بتفكيك هذه البنية. إذا لم نقوم بفك هذا الرباط غير المقدس بين اللغة والدين، فإن العربية ستبقى مصدرا للفرقة وتبعد الأقليات غير المسلمة عنا، بل وتبعد الأجيال الجديدة عن تراثها وهويتها وعن بعضها البعض.
إذن رباط اللغة مع الدين يعرقل الإصلاح اللغوي ويفرّق الأمة، وهذا الرأي يعاكس موقف المتصلّبين في الحفاظ على الأقانيم الثقافية العربية الذين يدّعون أن تغيير العربية وإصلاحها وتطويرها يعني إبعادنا وفصم عرى الترابط مع القرآن والدين. وهؤلاء محصورون في قمقم سليمان وأفقهم لا يخرج عن العالم العربي: لانّ ثلثي المسلمين مش عرب، ولا يتحدثون العربية، ولكنهم لم يتخلّوا عن دينهم ولا عن قرآنهم. ولديهم نفس الحركات الأسلامية ونفس الأفكار بما يتعلق بالدين. فتركيا وايران وأذربيجان والمسلمون في الصين واندونيسيا لا يعرفون العربية، مع أنهم لم يتخلوا عن رباط الدين. ففكرة ان تغيير اللغة العربية يسيء لعلاقتنا بالدين وبالتراث هي فكرة غير منسجمة مع الواقع ومحض وهم.
حتى الذين يقولون أنّ اللغة العربية تربطنا بجذورنا.. هذه خدعة، لأن الأنسان لا يرتبط بجذوره. لا جذور للأنسان. الأشجار لها جذور. الإنسان لا جذور له. ثمّ أن الجذور يجب أن لا تقدّس على حساب الحاضر. أنا مرتبط بفيروز وجورج جرداق أكثر من ارتباطي بجذوري وبالجاحظ والكسائي وابو الأسود الدوْلي. الرسول تحدث العربية التي يفهمها ويستخدمها العرب ولم يقل لهم تعالوا نحيي لغة حمير ولغة اليمن القديمة لأنّ جذورنا من هناك واللغة القديمة ستوحدنا.
***
النحو والإعراب:
أعود الى موضوع تجربتي مع اللغة: المشكلة الأولى التي أودّ أن أمرّ عليها هي سجن القواعد والإعراب: لأننا كبلنا لغتنا بإسار من حديد هي القواعد والأعراب. ومن يتعلم العربية لا يتقن القراءة والإلقاء والتلاوة. فالإعراب يحتاج الى علم بالنحو. والنحو العربي كارثة صعبة . ونحن في عصر حضارة وعلم، ولا بد من إيجاد حلّ لهذه المعضلة التي لا ضرورة لها.
كيف اكتشفتها؟
بدأت أتعلم اللغة النرويجية بعد عام من وصولي الى النرويج. كان ذلك قبل ربع قرن. في ذلك الوقت كان المعلم النرويجي يتعرف علينا وعلى امكانياتنا وثقافاتنا. وحين عرف أنني عملت صحفيا وأقرأ القرآن باستمرار كلّ صباح، وأهتم بأمور التراث العربي، طلب مني أن اتحدث معه بشأن أصدقاء ومعارف يريدون أن يتقنوا اللغة العربية لأنهم درسوها في الجامعة في أوسلو، لكنهم يريدون المزيد.
التقيت بهم . كانوا اربعة طلاب: لارش وتارية وبيون وسفين. طلبوا منى ان أعطيهم محاضرات لإتقان اللغة العربية. أحدهم قدّم على الأمم المتحدة ويريد أن يخدم في لبنان، والآخر يريد أن يكمل دراسته العربية في القاهرة…
بدأت معهم حين بدأت انا بتعلم اللغة النرويجية.
بعد عامين من الدراسة بدأت انا بالكتابة في الصحف النرويجية وحصلت على عمود اسبوعي في احد الصحف وصرت اتكلم النرويجية. بينما كان لارش و تاريه وبيون وسفين يجهدون انفسهم في تعلم القراءة، اي التلاوة، والنحو، أي قواعد اللغة.
واذكر أن لارش قال لي آنئذٍ: انت يا وليد علمناك لغتنا خلال سنتين وبدأت تكتب بها وتتحدث، بينما نحن لم نتعلم العربية حتى الآن.
أقلقني الموضوع. فأنا أستخدم نفس المنهج المعمول به في الجامعة، وطلابي ليسوا تلاميذ صغارا. فتحدثت مع أستاذة تعلّم اللغة العربية في جامعة أوسلو. وطرحت عليها المشكلة: “أنا أصرف جهدا كبيرا من غير أن استطيع جعل الشباب النرويجيين الأربعة يتكلمون اللغة العربية. هل هناك خلل في طريقة تعليمي لهم لانهم نرويجيين وليس عربا؟”
فأجابتني الأستاذة النرويجية من خبرتها أنّ اللغة العربية صعبة. فاللغة العربية هي أوّلاَ لغة كتابة وليست لغة كلام. وثانيا أنّ دليل صعوبتها هو أنّ الغالبية من أدباء العرب لا يبرزون ككتاب الّا بعد الأربعين، وسبب ذلك هو أنّ اللغة العربية صعبة وتحتاج وقتاً أطول من باقي اللغات الأوروبية لإتقانها. “كل ما يقوم به المؤلف العربي هو تجارب وممارسات في الكتابة حتى أن يبلغ الأربعين. الى حدِّ ما هذا الكلام صحيح.
رجعت الى تجربتي فوجدت اننا نخسر الوقت في تعلم شيء آخر على هامش القراءة والكتابة، وهو علم النحو الذي يتعذر ضبطه لغير القلة من المتخصصين. خسارة وقت وجهد في صعوبة اتقان التلاوة اي الالقاء. فالإعراب هو المشكلة الأساسية في لغتنا الحديثة. فهو يضيف عبئاَ زائدا على تعليم اللغة يثقل كاهل المتعلمين.. ويضيع عليهم في نفس الوقت امكانات الإتقان للغة القراءة والكتابة..
وهذا دليل على صعوبة العربية، وهذه حقيقة. لأني حين رجعت الى كتب الأقدمين وبحوث المصلحين، اكتشفت أنّ ما عانيته انا مع طلابي وما يعانيه الطلاب في المدارس من صعوبة العربية وإتقان الأعراب هو مشكلة عاني منها آباؤنا وأجدادنا أيضا. لأنّه حتى في العصور الأولى كان العرب يخطئون في الكلام والالقاء حينما لم تكن هناك فجوة بين المنطوق والمكتوب. أي لم تكن هناك هوّة بين اللغة التي يكتبونها واللغة التي يتحدثون بها. وهذه الصعوبة ليس وليدة عصرنا، فقد كان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يقول “شيّبني خوف اللحن وصعود المنابر” وهو دليل على أزمة الإعراب.
ولكن كيف أستطاع العرب حلّ أشكالية الإعراب وتعقيد اللغة؟
بالتأكيد كانت الأجواء أكثر أنفتاحا. فإصلاح العربية لم يكن ليتّهم صاحبها بالعمالة للصهيونية والإستشراق وأمريكا، ولم تكن هناك أفكار هدّامة يتهم بها المرء كالليبراليين الجدد، او الملحدين.
والواقع، جاء الحلّ من أكبر سلطة في زمانها، وهو الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان، وهو إبن الخليفة عبد الملك الذي شيّبَهُ الخوف من اللحن وصعود المنابر. فقد عُرِفَ الوليد بكثرة اللحن. ويبدو أنّ اللغة وإتقانها كانت الشغل الشاغل للبيت الأموي الذي نشأ فيه الوليد. فقد أصدر الوليد بن عبد الملك هذا، أمراً ملكيّا بالنهي عن التكلم بالإعراب (حسب ابو حيان التوحيدي في “البصائر والذخائر”)، وقد حدث ذلك متزامنا في الفترة التي عرّب فيها هذا الخليفة الأموي الدواوين، اي عرّب لغة إدارة الدولة في الشام والعراق، من اللاتينية والفارسية الى العربية. والوليد بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي السادس، بلغت الدولة في عهده أوج عزها وفتحت جيوشه بقيادة قتيبة بن مسلم بخارى وسمرقند وخوارزم وفَرغانة، وفتح محمد بن القاسم الهند وموسى بن نُصير طنجة وطارق بن زياد الأندلس، وشيَّد الجامع الأموي في دمشق والمسجد الأقصى في القدس، وهو أول من أنشأ المستشفيات في الإسلام ومنع المجذومين من مخالطة الناس وأجرى لهم الأرزاق، فأصبح بذلك مؤسس الدولة العربية. يعني أنّ أولئك الخلفاء بناة الحضارة الأول كانوا يعون ان الإعراب ليس ركنا أساسيا في اللغة العربية، من دون أن يشكك العرب بولائهم للغرب والمستشرقين والصهيونية وأعداء المسلمين. ويعني ذلك أنّ آباءنا كانوا أكثر مرونة من المعاصرين حتى بدأت مدارس النحو في البصرة والكوفة تظهر على مسرح التاريخ.
ولكن بأي أساس كان يمكن طرح مشروع كهذا بين العرب؟
أتصور أنّ الأساس في مشروع إلغاء الأعراب هو القرآن، كتاب العرب الأول. فالقرآن دليل على جواز الغاء الإعراب حين لا تكون ضرورة إليهِ. فالإعراب ليس مقدّساً في الإسلام بدليل أنّ أول من خرق الأعراب هو القرآن. وخرق القرآن للإعراب يلغي قدسيته. وهذه بعض الإستشهادات القرآنية التي تمّ فيها خرق الإعراب:
أولا: “أن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى …(حسب القواعد التي تعلمناها في المدرسة أنّ الصحيح هو “الصابئين” وليس “الصابئون” لانها معطوفة على اسم أنّ.)
ثانيا: انّ هذان لساحران. (حسب ما تعلمناه من قواعد في المدرسة فالصحيح هو “لساحرين” )
ثالثا: “أنّ من يتّقي ويصبر.” (الصحيح حسب القواعد هو “يتّقِِ” لأنّ حرف العلة في يتقي مجزوم.)
رابعا: ولما يأتيهم نبأ الذين من قبلهم. (ابقى حرف العلة في الفعل المعتل وحسب ما تعلمناه من قواعد في المدرسة يكون الصحيح “يأتهم”.)
ولذلك فيمكن أن يكون القرآن أساسا لفكرة إستئناف مشروع الوليد بن عبد الملك في الغاء الإعراب حين لا تكون هناك ضرورة إليه، أي حين لا تكون هناك حاجة لوظيفته. وحين يتم إلغاء الأعراب عموما والإلتزام به عند الضرورة، يمكن حينئذٍ تسهيل اللغة العربية لتارية ولارس ولنا نحنُ والجيل الجديد الذي يعيش الحضارة والمعاصرة.
ولكن هل من الممكن ان نفهم الكلام العربي من غير الأعراب والنحو؟
الجواب: نعم. والدليل هو:
الأولى: الهجات العامية قدمت لنا معجزة، فقد الغت العامية النحو والإعراب. وبذلك جعلتنا نتكلم عربي في كل بلد من غير أن ندرس ونقضي جهدا ووقتا في تعلم الإعراب والقواعد. اي أنّ العامّية ردمت الهوّة ما بين العامي والفصيح، ما بين المنطوق والمكتوب…
الثانية: أنّ وظيفة الإعراب هي ايضاح المعنى من الكلام. والإعراب، وهو الحركة الاخيرة من المفردة، يحقّق ذلك، أي تشكيل الكلمات من ضمة وكسرة وفتحة. فإهمال الإعراب ممكن في حالة توفر ما يمنع اللبس والالتباس بالمعنى. وأمثلتي من القرآن دليل على ذلك… فما يعتبر خطأ في لغة القرآن ليس شذوذا او لهجة كما يقول اللغويون، بل هو الأمن من اللبس.
والأعراب يتبع النحو. النحوالعربي من الجناة على لغتنا العربية. فالنحو قواعد وضعها أساتذة البصرة. فقد ترجموا أولا المنطق الأرسطي الصوري (الميت حاليا) والذي لا يأخذ به الغرب بالمطلق لان منطق هيغل ألغاه. ومنطق أرسطو ندرسه في الحوزات والمدارس الدينية لأنه بسيط وساذج ويناسب العقلية الدينية.
عندما تُرْجِمَ كتاب المنطق، وتأثر به أعلام اللغة، وضعوا القواعد على أساسه: فقد أسسو قواعد العربية على أساسه، ثم راحوا يبحثون في اللغة عن شواهد تثبت صحة تلك القواعد وتؤكدها. أي ان اللغة صارت تخدم القواعد، بدلا من ان توضع القاعدة اساسا لخدمة اللغة.
هذه القواعد خاطئة . لانها اصطدمت بالقرآن. فعندما رجعوا الى القرآن أكتشفوا أن قواعدهم تخطّّيء القرآن.
فالقرآن يقول: “وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا” (اقتتلتا حسب قواعد مدرسة البصرة.)
ويقول القرآن: “هذان خصمان اختصموا.” (اختصما، حسب قواعد أهل البصرة)
ويقول القرآن: “وداود وسليمان إذْ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين.” (لحكمهما حسب قواعد اللغة)
ويقول القرآن: “إن تتوبا الى الله فقد صفت قلوبكما” (صفا قلباكما)
ولكي يجد هؤلاء اللغويين مخرجاَ للقاعدة الخطأ، قالوا: هذه شواذ. بينما الواقع هو أن الإلتباس في الآيات الكريمة الآنفة الذكر لا يحدث بخرق الأعراب، لذا، فلا ضرورة للإلتزام به.
إذن القواعد لا زالت تكبل اللغة. وصارت القاعدة حجراً على الحرية. واذا كانت القاعدة خطأ فالقاعدة حجر على الصواب والصحيح أيضاً. بينما في النرويج يتعامل المثقف والكاتب مع اللغة بحرية تامة ويحترم الإنسان الحي وما ينطقه من كلمات بدلا من المعجم والقاموس.
فنحن مرجعنا الأصمعي والكسائي والفية ابن مالك وعشرات الأموات ممن نعرفهم في القاموس والمعجم. بينما مرجعهم هم، لسان الانسان الحيّ الذي يأكل ويشرب ويتحرك ويتحدث معهم. ولأضرب مثلا على علاقة المثقف النرويجي بلغته:
أنا أكتب في الصحف في النرويج من 20 سنة. ولسنوات كنت أكتب 3 مقالات في الأسبوع في الصحف الرئيسية. وفي مرّة من المرات بعثت مقالا الى الصحيفة، فوجدته منشورا وفيه كلمة كتبت بتغيير حرف إملائي يغيّر لفظ الكلمة. فاتصلت بالصحيفة أسأل عن المدقق اللغوي. ففي كل صحيفة هناك مدقق لغوي يقرأ المقالات ويصحح ما هو غير مفهوم. وكان المصحح دكتور في اللغة.. فحوّلوني عليه فسألته عن سبب تغيير حرف في الكلمة مما أدّى الى تغيير لفظها. فأجابني بأنه كتب الصحيح.
أغلقت سماعة التلفون ورحت أبحث في قاموس اللغة الذي اشتريته قبل عشرين عاما. وهو القاموس الذي كان مرجعاَ ومصححا لي طوال عشرين سنة. في اليوم التالي كنت في مبنى الصحيفة ومعي قاموسي. سلمت عليه وسألته: أنني كتبت الكلمة منسجمة مع أفضل قاموس ومرجع. وفتحت القاموس وجعلته يرى بعينيه الكلمة مكتوبة بشكل يتوافق مع الصيغة التي كتبتها.
أخذ المصحح القاموس واغلق الصفحة وفتحها على الصفحة الثالثة ليريني سنة الإصدار قائلا:
“يا وليد كتابك عمرة 25 عاما. صدر في النرويج قبل 25 عاما. وكان هذا القاموس أفضل قاموس معتمد آنئذ. لكنه الآن قاموس قديم وعمره ربع قرن. وصاحب القاموس صديقي وقد توفي قبل سبع سنوات بعد أن صار كهلا. هل تتوقع أن اللغة تبقى جامدة خلال ربع قرن؟”
فحاججته: مرجعي القاموس. فما هو مرجعك؟
أجابني: “أنت تريد أن تقدّس كتابا ورجلا ميتا.. أنا مرجعي اربعة ملايين نرويجي احياء يلفظون الكلمة كما كتبتها وصححتها انا. قاموسك ناقص فلا توجد فيه سي دي لانه لم يكن مخترعا آنئذ. وليس فيه فلاش.. لانه لم يكن مخترعا.”
أدركت أن صاحبي مصيب. لانّ لغتهم حية تتغير بتغير الحياة، وهو يحاول أن يقول لي أن لا سلطةَ عليا الّا للناس. وما يقوله الناس هو الصحيح. أما أنا فأقدس كتابا وقاموسا وأمواتا ولا أعير الأحياء أيّ اعتبار..
والله حسدته ، لانّ علاقته بلغته مؤسسة على الحرية. بينما علاقتي مؤسسة على العبودية والإتباع الأعمي للقدماء وللكتب.. حينها خرجت من مبنى الصحيفة وكلّ أفكاري عن اللغة قد تغيّرت. لذا قررت أن لا أقدّس الكسائي ولا أمنحه منزلة أكبر من منزلة صديقي المغربي حسن وصديقي اللبناني محمد أيوب وصديقتي السورية نواره وصديقي المصري فكري عبد المطّلب وصديقي المغترب بيار. هؤلاء يعيشون عصري وأراهم واتحدث معهم، ولغتهم لغة حية عصرية أقرب اليّ من لغة الخليل والفية أبن مالك وأبن المقفع.
والواقع أجد أنّ هذه التجربة تفتح بوّابة العامّية. ولذا سأسرد قصتي مع العامّية وسأستخلص منها النتائج.
***
الهوّة بين المنطوق والمكتوب ( لغة الكلام ولغة الكتابة – العامّة والفصحى):
أعود الى تجربتي الخاصة: فقبل ربع قرن سافرت من الشرق الى أوروبا. كنت احمل الفكر التقليدي السائد بشأن اللغة. كنتُ كأنني مُنوّم مغناطيسياَ….. ولكني الآن وبعد ربع قرن من العيش في المنفى اصبحت أفكر بشكل آخر.. فقد ذهبت وانا أحمل فكرة أن الدعوة الى إصلاح اللغة خدعة تهدف الى التشكيك بكمال اللغة العربية وان ما دعا اليه المبشرون والمستشرقون من ان اللغة العربية صعبة وتحتاج إصلاحا واقترحوا العامية حتّى كنت انظر الى ذلك بالشك والتشكيك، وافهم تلك الدعوات حسب العقلية التآمرية المهيمنة على التفكير العربي: بأنهم يريدون أن يفرقونا وذلك بمحاربة اللغة العربية التي توحدنا اولا، ويريدون محاربة الإسلام لان اللغة العربية تربطنا بديننا الأسلام وبقرآننا.
ولكن ما أن وصلت الى النرويج حتى حصلت على عمل كمعلّم لأبناء المهاجرين العرب من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وتونس والمغرب. في أول حصة عرفت أنّ هؤلاء لا يتكلمون العربية ولا يفهمون بعضهم البعض. وهم يتكلمون لهجات عامية. والعربية ليست لغتهم الأم. وحين تكلمت اللغة العربية الفصحى كي تكون اللغة المشتركة قالوا لي: “نحن لا نفهم باكستاني”. فالباكستانيون هم الأقلّية الأكبر في النرويج وقد ظنّ أولئك الطلاب الصغار انني اتحدث لغتهم التي لا يفهمونها.
أخبرتني سيدة لبنانية أن تجربتي لها نظير معروف في لبنان. فحين تمّت دبلجة المسلسلات المكسيكسية بالعربي الفصيح كان أحد الطلاب من صيدا قد ذهب الى المدرسة ودخل درس العربي وسمع المعلّمة تحكي بالعربي الفصيح. رجع للبيت وقال لوالدته: “ماما! المعلمة تحكي مكسيكي!”
هذا يعني انّ الفصحى لغة غير مفهومة لأبنائنا كما كانت مفهومة لأبناء العرب في عصور القرآن الأولى.
لا زال مشهد الطلاب الصغار أمامي وانا أتحدث بالعربية الفصحى وهم قد فتحوا أمامي أفواههم وعيونهم، صامتين كأنهم ينظرون الى مخلوق فضائي هبط عليهم من كوكب آخر.
وتساءلت: سدنة اللغة العربية يقولون أن الحفاظ على العربية بشكلها الجامد الفصيح يوحد العرب. ما عايشته في الصف أنهم متفرقون. فالمغربي لا يفهم العراقي والتونسي لا يفهم الفلسطيني. وأدركت أنه اذا استمرّ الوضع بنفس الإيقاع الرتيب فهذه اللهجات ستبتعد باستمرار عن بعضها البعض.. وتعليم هؤلاء العربية يستغرق جهدا ووقتا وتكريسا للحياة وهذا غيرمتوفرألّا للمتخصصين، فالعربية لا يتقنها غيرالمتخصصين، وهم قلة..
بالمقابل عرفت وبالصدفة أن اللغة النرويجية اليوم هي ليست نفسها قبل خمسين سنة. فحين بدأت بتعلم النرويجية، كنت التقي بجارتي العجوز بعض المرات وهي تتبضّع من المتجر المجاور، فأعرض عليها المساعدة، وأحمل أكياس الطعام نيابة عنها وأوصلها الى باب بيتها. وكانت هي سعيدة بذلك. ولا زلت أذكر ذلك اليوم الذي حدثتني عن تجربتها قائلة: “أنك تذكرني بالفترة التي انتقلت فيها الى اوسلو. حيث انتقلت مع زوجي الى أوسلو عام 1949 وكان عليّ أن أتعلّم اللغة كي أستطيع الحصول على عمل كسكرتيرة..”
دهشت. فسألتها: أنتِ مش نرويجية؟”
أجابت : “بلى. لكن اللغة اليوم اختلفت عن اللغة الرسمية القديمة. فقد كانت لدينا لغة رسمية مكتوبة. وكان الشعب النرويجي يتكلم اللهجات العامية في المناطق التي يتواجد فيها. (اي بالضبط كوضع عالمنا العربي حاليا). “وعندما كنّا نريد العمل في الدوائر الرسمية كان علينا تعلّم اللغة الرسمية المكتوبة.. لكن المشكلة تمّ حلّها بالسماح بكتابة اللهجات العامية والتحدث بالعامّية في الصحافة والإعلام وبذلك أصبحت اللهجات العامية المختلفة لغة عامية واحدة دمجوها باللغة الرسمية. الأن يكتب النرويجي ما يلفظه.” أي أن هذه العجوز أخبرتني بمحاولة رائعة لإزالة الشرخ بين اللغة المكتوبة والغة المنطوقة أي العامّية. أنهم فعلوا ذلك فوحدوا انفسهم بتوحيد لسانهم من خلال توحيد لهجاتهم بلغة واحدة. واستخدام العامية في النرويج لم تكن خلفها مؤامرة من الماسونية والإستعمار والمستشرقين والمبشرين.. ولذا فالتشكيك بالمستشرقين والمبشرين جزء من عقليتنا التآمرية. فهؤلاء جاءوا الينا بحلول متحضّرة لمشاكلنا، وهي الحلول التي اعتمدوها في بلدانهم لإصلاح لغاتهم. ولكي لا يساء فهمي فأنا لا أريد الدعوة الى العامية، بل الى ان تكون العامية مكمّلة للفصحى ، وليس بديلا لها. وهي دعوة كلّ من أراد إصلاح العربية قبلي.. وأنا اتمنى ان يكون للإنسان دور فاعل في الكفاح ضدّ التلقائية والصدفة والعشوائية في تطور اللهجة العامية الى لغة في كلّ بلد. لان العامية مستخدمة الان وعلينا ان نسيطر على تطورها لدمجها بالفصحى كي لا تضيع…
هل نتمكن من ذلك؟
الجواب نعم.. أذا غيرنا موقفنا من العامية.. لأن سبب رفضنا للعاميّة هو أننا اعتقدنا أن العامية ظهرت بسبب الإختلاط مع الأعاجم والموالي من غيرالعرب وسبّبَ ذلك اللحن في العربية. ولذلك فالعامية هجينة وليست نقية.
وموقف كهذا غير صحيح: اولا، لأنه لا توجد لغة نقية بالمطلق. اللغة النقية هي اللغة الجامدة المتحجّرة. ولغة القرآن نفسها هي لغة قريش. ولغة قريش لغة غير نقية نسبة الى باقي لهجات القبائل العربية التي لم تستقبل مفردات دخيلة ومستعارة. ولذلك فلغة قريش شذّبها التفاعل والتبادل مع لهجات القبائل العربية الأخرى وباقي الأعاجم والوافدين على مكة. فصارت لغة قريش ملتقى لهجات العرب.
وثانيا لأن القرآن وهو لغة قريش دليل على عدم صحة مفهوم النقاء اللغوي، ففي القرآن كلمات عديدة أجنبية عبرية ولاتينية وفارسية كجهنم والفردوس والقوارير وغير ذلك. أكثر من 300 كلمة أعجمية تقريبا تمّ تعريبها وإستعارتها من لغات أخرى.
وثالثا: أن القرآن يعلمنا أن نقبل اللهجات الأخرى لأنهُ اعترف باللهجات العامية للقبائل الأخرى، فقد نزل القرآن بسبعة أحرف أي يقرأ بلهجات القبائل الأخرى.
ورابعاَ أنّ اللهجات العامّية الآن ليست نتاج اللحن والإختلاط مع الأعاجم فقط، بل هي بالأساس تطور طبيعي للهجات القبائل العربية.. ولدينا الآن بحوث علميّة تثبت انتماء اللهجات العامية الى لهجات القبائل العربية، اي هي استمرار تاريخي للهجات القبائل العربية القديمة، وهي بحوث بدأت قبل 120 سنة وتؤكد عروبة اللهجات العامّية.
وخامسا: أنّ موقفنا من العاميات يجب ان يكون منسجما مع موقف القرآن وهو الكتاب الأول في لغتنا العربية. فقد علّمنا القرآن كيف نستعير كلمات من لهجات أخرى ونضيفها الى العربية، وسأضرب مثالاَ: فكلمة فاطر ليست كلمة مفهومة عند أهل قريش. ولم يعرفها احد في قريش من قبل. وحين استخدمها القرآن لم يفهمها الصحابة. بدليل انّ أبن عباس بحر العلم وابن قريش والعالم بالقرآن واللغة يقول: “لم أعرف معنى كلمة فاطر السموات في الآية “الحمد لله فاطر السموات والارض،” ألّا حين تخاصم أعرابيان على بئرٍ فقال أحدهما أني فطرتها فعرفت أن فطرتها تعني أنشأتها.”
مع أننا نعرف الآن أن فاطر السموات منشؤها وخالقها.
ويذكر السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن انّ الحسن البصري قال: “كنا لا ندري ما الأرائك في الآية متّكئين فيها على الأرائك، حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا انّ الأريكة عندهم هي الحجَله فيها السرير.”
وعلماء القرآن عددوا خمسين لهجة من لهجات القبائل استخدمها القرآن. أي أنّ القرآن احترم لغة الناس وعامّيات القبائل. بينما نجد عند الأدباء والكتّاب ميلا الى احتقار لغة الناس، اي العاميّة ، وحتى الكلمات الفصحى التي يستخدمها الناس. ومن الأمثلة التي توضح ذلك: كاتب قصص للأطفال كتب قصة بعنوان “الموسيقي السائل،” لان الكاتب خاف من كلمة “شحّاذ” لانها معروفة عند العوام مع انها فصيحة وادق من كلمة “السائل”… الحذلقة والتفاصح تقتل اللغة.. التلفزيون كلمة معرّبة وليست عربية، وليست لها جذور عربية، لكن اللغويين يتحذلقون احتقارا للناس العوام مثلنا فيقولون “التلفاز”..
لو اعتمدنا على هذه الامثلة وقبلنا بكلمات من اللهجات العربية المختلفة، وحولنا هذه الهجات العامية الى لغة عامية بكتابتها وضمّها الى قاموس الفصيح، وهي كلها كلمات عربية وجذورها عربية فصيحة، لاستطعنا أن نغني القاموس العربي ونحلّ مشكلة الإنشطار اللغوي في البلدان العربية التي تعتمد العامية كلغة للحياة اليومية.
ضمن هذا السياق يدّعي البعض ان استخدام العامّية تقطعنا عن تراثنا. وهذه خدعة. اللغة الفصحى الآن قطعتنا عن تراثنا لانها صعبة، باستثناء الأدباء والمتخصصين فهم يعرفونها لانهم مكرّسون لها كما يعرف علماء الآثار اللغات المنقرضة.. وأنا واثق أنّ القلة هم الذين يفهمون المحاسن والأضداد ونهج البلاغة، والأغاني وقصائد المعلقات، ويتمتعون بقراءة ذلك التراث. وجيل الإنترنت لا يقرأ الكتب عموما لصعوبة اللغة. ولذلك فنحن، وان نتحدث عن التراث ونمجّد التراث، لكننا نجهل التراث ولا نقرأه مباشرة. بينما لاحظت أنّ التراث في اوروبا، حيّ بينهم. وهم يحيون هذا التراث باستمرار لكنهم لا يقدسونه لأنهم يفهمونه ويقرأونه.
كيف يقرأون تراثهم القديم، ولغتهم تتغير بأستمرار وبسباق مع الزمن؟
بلى: إنّهم حلّوا المشكلة، لأنهم يترجمون كتبهم الرئيسية باستمرار. ليس فقط ما كتب قبل الف سنة، بل حتى مسرحيات هنريك أبسن. وروايات كنوت هامسون الذي حصل على جائزة نوبل للآداب والذي توفي عام 1952. فكتبه يصدرونها للنشء الجديد بطبعات مدرسية منقحة، يفهمونها، لان اللغة في تغير مستمر. وهامسون معاصر لجيل طه حسين. لغة طه حسين لم تتغير حتى الآن، بينما تغيرت اللغة النرويجية.وهذا التغيير في اللغة علامة صحة، وعدم تغير العربية من عصر طه حسين الى عصرنا، هو قصور في لغتنا. لأنها جامدة، لأننا نحن تعاملنا معها بجمود ولم نتعامل معها ككائن حيّ. ونحن نحتاج ايضا ترجمة كتبنا التراثية.. كالأغاني ونهج البلاغة.. لقد شاهدت طلاب جامعه عرب يقرأون تفسيرالطبري بالإنكليزية، والسبب هو عدم فهمهم للغة العربية الكلاسيكية، لغة القرون الوسطى.
***
لغتنا فقيرة:
هناك فقر لغوي في العربية، وكلام كهذا لا يحلو لمن يعيش وهم عبقرية اللغة العربية. لأنّ علماء اللغة لا يطلقون أحكاماً عشوائية لا رصيد لها في العلم. لكنّنا نشأنا على مشاعر واعتقادات صوّرت لنا أنّ لغتنا تتميز بعبقرية لا تتوفر في باقي اللغات. والواقع لا عبقرية للغة. ولا وجه للمفاضلة بين لغة وأخرى. بل هناك حضارة أرقى من حضارة. والشعوب في مرحلة الحضارة يمارسون لغتهم بشكل ابداعي. ونحن حاليا لا نعيش الحضارة، بل ندبّ في هامشها، ونقتات عليها. ولذلك فلغتنا لا تتطور معنا.
ربما يتصور البعض أنّ اللغة العربية غنيّة. هذا الكلام ضبابي ومخادع. فهم يقدّمون أدلّتهم : فمعجم إبن منظور وهو القاموس الأكبر في حضارتنا، يحتوي على 80 الف مادّة. والقاموس المحيط يحتوى على 60 الف مادّة. وغنى العربية بالعدد صحيح. وهو غنى نجد له غنى مماثلا في لغات أخرى. لأنّ اللغة الأنكليزية وصل عدد مفرداتها الى نصف مليون مفردة.
ولكن صحيح أيضا أنّ هذه المفردات العربية أغلبها ميتة. فمثلا ذكر المستشرق الغربي دي هامر أنّهُ توصّل الى جمع ما يقرب من ستة آلاف لفظة تتعلّق بالجمل. فالجمل لهُ أسماء عدّة مثل (الميراد) و(الدّفون) و( السلوف) ولكن هل أحتاج الى أن أحفظ هذه الأسماء الميتة للجمل؟ ألا تكفيني (الناقة) و(البعير)؟
أمّا الأسد فله خمس مئة أسم وللحيّة مثتان، وللداهية أربع مئة، وللعسل سبعين إسما، وللسيف عدد كبير من الأسماء. ولكن هل عليّ أن أحفظ أسماء للسيف مثل الرسوب والبتّار والعضب وغير ذلك من أسماء لا أحتاج أن ابذل الجهد في حفظها. وهي كثيرة ، حتى أن للفيروزآبادي مؤلّف عنوانه (الروض المسلوف فيما لهُ أسمان ألى ألوف) ، بينما أحتاج في لغتي العربية الى أسم للترانزستر وأسم للفلاش، وهو الأصبع الإلكتروني الصغير الذي يخزن الداتا.
وهناك كلمات كثيرة ميتة حاليا. مثلا كلمة الباعث وهي من أسماء الله الحسنى. ولكننا نستخدمها كمصطلح علمي. لان الباعث على النزاع هو المصالح القبلية، فالباعث هنا لا علاقة له بالكلمة القاموسية. فإذا جرّدت القاموس من كلمة الباعث التي تعني اسم الله واذا جردنا القاموس من اسماء السيف وترادفات البعير والداهية والحية، فسوف لا يبقى في قاموسنا العربي الّا الفقر اللغوي الذي أدركته بالتجربة.
والفقر في اللغة العربية لا يدركه اللغويون. لان اغلبهم ادباء، وهم يجدون في اللغة ما يكفيهم لان عصر النهضة العربية ومحمد علي وثورته، قد احيا اللغة الأدبية والإنسانيات، لكنه لم يحي لغة العلم الا بحدود بسيطة. واللغة ليست مشكلة ادبية، فاللغة ليست شأنا ادبيا فقط، والأدب احد مضامير اللغة وحقل من حقولها . فالمضمار الأكبر للّغة هو العلم والاستذهان والفلسفة، وتخص المفكرين والعلماء والأطباء والباحثين الأكاديميين، أمّا الشعراء ففي العربية ما يكفيهم منها.
والعربية كلغة علم لا زالت قاصرة ولم تتمكن من ان تواكب التطور.. ثم انّ هناك فقرا لغويا في مجالات العلم والتقنية.. فبينما تصدر في النرويج مجلة شهرية مقسّمة الى حقول وفيها الجديد شهريا في الحقول التالية: اللغة في المدرسة، اللغة في الدوائر الرسمية للدولة، اللغة في الصادرات والواردات والبزنس، اللغة في الحياة الثقافية والصحافة، لغة البحوث والدراسات العليا، تكنولوجيا اللغة، تقنية اللغة، لغة العلم والإصطلاحات، لغة الأقليات، الكتابة الاملائية الصحيحة، تاريخية الكلمات. بينما تخلو لغتنا من متابعة في تطوير العربية على نفس المنوال والرتابة الحضارية. وسأضرب مثل على فقر اللغة العربية: قرأت بحثا اكاديميا لعلم النفس بنفس أكاديمي بحت. قرأته بالعربي. مقاطع كثيرة لم أفهمها. لكن عدت وقرأت المقال مع الكلمات الإنكليزية التي كتبت ضمن الفقرات. ففهمت المقال. والسبب في ذلك هو أنني لما عرفت المعنى الدقيق للكلمة، عرفت المحتوى والمعنى المراد من في أفكار المقال. أي أنّ النص العربي لا يقوم بذاته من غير أن يتّكيء على الكلمة الإنكليزية التي تمنح المعنى دقّته الأكاديمية المفهومة.
فقد قرأت في البحث الأكاديمي كلمة “التجاذب”. لم أفهم معناها. قرأت الكلمة الأنكليزية
Ambivalence
فعرفت المعنى. وهي كلمة تستخدم كثيرا في الثقافة الغربية. فمثلا أنّ نظرة العرب للغرب نظرة فيها الأعجاب لانّ الغرب هو موطن الحرية وحقوق الإنسان … لكننا ننظر الى الغرب بنفس الوقت نظرة حقد وعدائية لأنّ الغرب سلبنا فلسطين واحتل بلداننا وقسّم العالم العربي، هذه النظرة المزدوجة التي تطلق شعورين متوحّدين متناقضين هي التي يسمونها
ِAmbivalence
لكن هل ترجمة الكلمة ب”تجاذب” يمكن أن يعطي المعنى الدقيق لهذه العبارة؟
بالتأكيد لا. بينما يترجمها محمد عابد الجابري “بالتناقض الوجداني”. وحين طرحت العبارة على الأستاذ محمد أيوب رئيس جمعية “نحن في بيروت” تردد أولا ثم ترجمها “بازدواجية المشاعر”. ولكن كم عربي من المحيط الى الخليج يفهم المعنى المطلوب من الكلمة حين يقرأ “تجاذب” و”التناقض الوجداني” و”ازدواجية المعاني”.
لدينا فوضى في ترجمة المصطلحات
***
وإصلاح العربية مشروع كبير يحتاح الى الجرأة والشجاعة.. وهناك مشاريع كثيرة لإصلاح اللغة. واصلاحها لا يتم بجهود أفراد، لانها ستبقى مشروعات ما لم تبادر دولة عربية الى التفكير بهذه المشكلة بشكل تنفيذي، وحتى تعي إحدى دول العرب ذلك ستبقى اللغة في حالتها من الإستكانة والجمود.
alwalid@online.no
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث لقد أحسنت تشخيص المرض. مقال أكثر من رائع ، كما قال الزميل طارق الحجي فهى مختصر لأطروحة دكتوراة أعمل في تعليم اللغة العربية منذ أكثر من ثلاثين عاما ، بداية لم يكن هناك من مشاكل تذكر ، ولكن مع التطور والتقدم التكنولوجى لاحظت نفور الطلبة من تعلم اللغة العربية وهذا ما أزعجنى وبدأت التفكير في حل …طلاب المدرسة التى أعمل بها أغلبهم عرب ممن ولدوا في بلاد اجنبية وهنا كانت الكارثة ، كانوا يرفضون التحدث باللغة العربية ويتكلمون الانجليزية بطلاقة ، ومن حبي… قراءة المزيد ..
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث أخي الأستاذ محمد سليم أولا هناك موقف لدي الكثيرين بأن جهابذة اللغة العربية تملكوا علما لا نعرفه.. وهم أفضل منا في فهم العربية.. تمجيد الماضي وتمجيد من وضعوا أسس العربية وقالوا في اللغة، هو جزء من عبادة الأسلاف .. وهذه نهى عنها القرآن داعيا الى وضع العقل مرشدا بدلا من أتباع السلف وآبائنا وما آمنو به.. نحن أعرف بما نحتاج في لغتنا الحالية..ونحكم عقلنا بدلا من أن نلغي العقل مرشدنا ونعود الى الماضي ننصت لجابذه لا يعرفون عن أشكالات لغتنا اليوم ما نعرفه… قراءة المزيد ..
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث الى ماريسا الكردستاني لا أعرف كيف فهمت من مقالتي أنني أنقد كتاب الله؟ فأنا في مقالي أدافع عن القرآن وعن مذهب القرآن في اللغة ضد من وضع قواعد العربية ونسي أن هذه القواعد تجعل آيات الله خاطئة.. وتحتاج تبرير.. بالعكس: أنا أدعو الى الرجوع الى القرآن لأصلاح لغتنا اعتمادا على مذهب القرآن ..وهذا بالضبط ما تفضلت بطرحه أذ تقولين: (وارى انكم لن تستطيعوا المحافظه على لغتكم بدون القران الكريم) أما من يؤمنون بقواعد اللغة العربية فهم يقولون ضمنيا أن القرآن فيه أخطاء نحوية..… قراءة المزيد ..
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
لدي برنامج للتطور بفكر اسلامي وعربي يشرح بمواد طرق الاتباع للسيطرة للعقل لفهم الابتكار والنهج .واحتاج لجهة تهتم بالموضوع واتمنى الرد بالهاتف 0534262351 بالمغرب ولكم واسع النضر
التطور بفكر مفهوم عربيا واسلاميا.
بعد السلام. يسرني من جهة تنضيمية للمراسلة للحوار جهة الفهم للفكر للتطور باللغة العربية والاسلامية من خلال مواد مبحوث لها للتحكم للعقل بالابتكار والقدرة على الاستعاب والاعتماد للصناعة ان شاء الله .وهده الطريقة تحتاج للمشاورات للشرع بالنحو ولكم واسع النضر.
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
جاء القرآن الكريم معجزة خالدة أبهرت أفصح العرب وردت الحاقدين الى جحورهم زليلين …. كتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه …… اسف لمقالك هذا يا سيدي تنتقد القرآن وقد قرأه فحول اللغة العربية وجهابزة اهل العلم …. ومثلك اليوم ينتقده .
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث ماريسا الكردستاني — marisahelane@yahoo.com انا قرات مقالتكم الى ان وصلت الى حيث تنتقد كتاب الله عز وجل,ارى انكم من القلائل الذين اندمجوا في هذه البلاد وكان لهم دورا فعالا كما وصفتم.لكني اتسائل هل وصولكم الى ما وصلتم اليه بفضل من الله يعطيكم الحق في انتقاد كلام الله عز وجل الذي انزل هذا الكتاب وحفظ لغتكم من تشتت واصبحت بفضله لغه حيه؟ ان خوفكم على اللغه العربيه حق وانا اشاطركم الهم مع اني كورديه,و لكني لا اعطيكم الحق في امرين اوله وهو الاهم على… قراءة المزيد ..
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
عبد الفتاح واكريم — bensaidouaabd_30832@live.fr
بعد السلام .يسرني ان ابعث لسيادتكم برسالتي حول موضوع برنامج اصلاحي للغة العربية الغير مسبوق حسب المعطيات المدروسة للاصلاح للتطور .وفي انتضار الجواب لكم تحياتي
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
عدنان حداد — adnank@yandex.ru
إلى المدعو شترن :إذا كان من المستحيل تحرر العقل العربي من “تصحره و حياة البداوة التي كانت منذ1400 سنة !…ونزع الحقد والكراهية من قلوبهم..” و “أنهم”…”ليسوا من الجنس البشري” فهل تنبئنا, أخانا الكريم, عن تصورك حول ما يجب فعله بمن هم “ليسوا من الجنس البشري…” لكي نستشف مدى انتمائك إلى الجنس البشري؟
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
هذهِ الدراسة القيّمة عن اللغة العربية , من أصدق ما قرأت عن هذا الموضوع وأثراها مادة وتحليلاً وإستنتاجاً
فيما يخص إستخدام اللغة الفصحى المطعّمة باللهجات العامية الأكثر إنتشاراً وقبولاً لدى المواطن العربي إضافةً الى إدخال الكلمات الأجنبية المعرّبة والحديثة للمخترعات الجديدة ستكون نقطة مهمة ومساعدة جداً في الحفاظ على اللغة العربية …بل تطويرها الدائم
تحيّاتي للكاتب الفذّ وليد الكبيسي
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث لا يمكن مقارنة العربية بلغة اخرى لان اللغة العربية لغة مرتبطة بالقرآن الكريم و المسلمون يرفضون المس بالقواعد اللغوية لعلاقة التركيب النحوي في تفسير القرآن الكريم بالنسبة للشبهات اخترت اثنتان على سبيل المثال للرد و بسبب الرد الموجز تركت الاخرى يمكن البحث عنهافي قوقل اعراب الصابئين الصابئون http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=21211 كذلك راجع كتاب الدفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين الدكتور أحمد مكي الأنصاري راجعت كتاب الأستاذ الدكتور أحمد مكي الأنصاري (الدفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين) فقد عقد فصلا طويلاً(ص56- 103) بحث فيه إعراب الآية… قراءة المزيد ..
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
أتفق مع الكاتب فى أن الإعراب بالفعل يعد عبئا على اللغة … ولكنى أختلف معه فيما يخص وجوب تسيد العامية ومن الأفضل تعميم ما يسمى بلغة الصحافة وهى لغة وسطى بين الفصحى والعامية
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث
موضوع بالغ الرقي والصوابية ويعكس الثراء المعرفي لكاتبه وهو ثراء يعكس ثمار التلاقح بين ثقافته العراقية/العربية ، وثقافته الإنسانية/الأوروبية/الإسكندنافية … هذا المقال الممتاز والمتميز يرقي لأن يكون ملخص أطروحة دكتوارة فذة .طارق حجي
العربية كلغة عالمية ثالثة: الحفاظ على العربية إصلاح لها بجعل اللسان الحي مرجعاً له ثقل المعاجم والتراث المقال مهم جدا في كونه يخرج عن النظرة الكلاسيكية اللتي عهدناها عندما نخوض في مواضيع تخص اللغة العربية, و ثورة على النحو المعرقل الكبير اللذى يقف في طريق التطور اللغوي لصعوبته. تكاد تكون المقالات عبارة عن ملحمات في تمجيد اللغة العربية لكونها لغة القران, وهذا في نظري هو ما جعلها تدخل في سجل المقدسات في الذاكرة العربية الواعية وغير الواعية للانسان المسلم خاصة. رغم ان الرسول عليه السلام, كسر قدسية اللغة بجعلها تخدم التعبير القراني ولا يخدمها كما يذكر الكاتب في الامثلة الاربعة,… قراءة المزيد ..