بشير البكر
تواصل الحلقة الرابعة في هذا التحقيق استطلاع آراء شخصيات سياسية عربية بارزة، في الحياة السياسية الفرنسية حول قضية تشكيل “لوبي عربي”، بالاضافة الى جملة أخرى من المسائل تتعلق بتأثير أحداث خريف سنة ،2005 على اتجاهات التصويت في الانتخابات الرئاسية، وطرح ساركوزي لفكرة انشاء وزارة ل”الهوية الوطنية والهجرة”. بالاضافة الى محاورة الناطقين العرب باسم المرشحين بايرو ورويال.
يعتبر مولود عونيت احد ابرز الوجوه السياسية على الساحة الفرنسية، نظرا لحضوره الدائم ونشاطه المتواصل على صعيد مكافحة العنصرية والتمييز، حيث ترأس لسنوات منظمة “مراب” المتخصصة في هذا الميدان، قبل ان يقع هو نفسه ضحية التمييز داخل الحزب الاشتراكي، الذي كان ينتمي اليه وفاز على احد لوائحه في انتخابات مجلس محافظة باريس، الأمر الذي اضطره الى ترك هذا الحزب.
هل تعتقد بوجود تصويت مختلف للأجيال الجديدة المنحدرة من الهجرة؟
– اعتقد ان هناك فرنسيين من اصول تعددية، سوف يكون لهم ثقل واضح في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية والمناطقية، بل سوف يصنعون الحدث، وذلك بفضل النضج السياسي، والتسجيل المكثف على اللوائح الانتخابية اولا. وفي رأيي لن يكون التصويت على اساس الجاليات والاقليات في صورة مباشرة، لكني متأكد بأن هؤلاء الشبان سوف يكونون متنبهين الى مسألة التعددية، وموقف المرشحين منها، وكذلك محتوى برنامج كل مرشح.
اعتقد ان هناك حالة ترقب ونضج سياسي، ولكن الأمر المؤسف في المقابل، هوان العرض المقدم من طرف جميع الاحزاب السياسية، لا يرقى الى مستوى التطلعات.
هل تعتقد ان احداث خريف سنة ،2005 سوف تلعب دورا في توجيه التصويت؟
– نعم اعتقد ان احداث سنة 2005 سوف تلعب دورا، وهذا يعني انه كانت هناك عملية استفزاز سياسي، وانطلاقا من تلك الاحداث هناك الكثير من النقاشات والآراء السياسية، والقوى السياسية، والحركات الاجتماعية، والتحركات الاستثنائية، وسكان الضواحي، تقول ان الاجابة الوحيدة على مشاكل الضواحي وعلى الاعتراف والمساواة والاحترام والمساواة، هي اجابة سياسية، ولذا ذهب هؤلاء الشباب للتسجيل بكثافة على اللوائح الانتخابية، ولكن ذلك لايعني ان التصويت سوف يكون مضمونا لأحد، وفي تقديري سوف يعتمد الامر على ما يمكن ان تضعه الاحزاب السياسية من اوراق فوق الطاولة.
ما هو رأيك في تكوين لوبي مغاربي؟
– لا أفضل مصطلح لوبي، يجب التوصل الى خلق ميزان قوى، من طرف جميع مكونات التعددية التي لم تأخذها القوى السياسية في عين الاعتبار، وينبغي ان يكون ذلك قبل كل شيء من جانب ضحايا التمييز، ونحن بحاجة الى تأييد ودعم الفرنسيين الذي يؤيدون هذه التعددية، والذين هم على قناعة بأن السياسيين لم يجيبوا بعد على سؤال هذه التعددية.
وماذا عن التعهد الذي أخذه على نفسه مرشح اليمين التقليدي نيكولا ساركوزي، لإنشاء وزارة خاصة ب”الهوية الوطنية والهجرة”؟
– هذه عملية استفزازية، وبكل امانة هي عبارة عن خطوة اضافية تم قطعها في اتجاه اضفاء طابع “جان ماري لوبن” العنصري على حياتنا السياسية، وقد تم قطعها من طرف المرشح ساركوزي، الذي بعد ان تماهي مع حزب “الجبهة الوطنية” العنصري من خلال استخدام مصطلحات مثل “حثالات”، هاهو يتبنى شخصيا كليشيهات وشعارات اليمين المتطرف مثل “أحب فرنسا، أو غادرها”، كما استخدم كل مصطلحات الخلط والتحريض مثل “ذبح الخروف في البانيو” (الاساءة لتقاليد المسلمين في عيد الاضحى) كرمز واشارة الى العنف، والآن ها نحن نراه يعتنق البرنامج السياسي لحزب “الجبهة الوطنية”، من خلال اعتبار الهجرة تشكل تهديدا للجمهورية وللهوية الوطنية، وهذه إهانة واحتقار لكل من شاركوا في تكوين الهوية الوطنية، وهوأمر مرفوض لانه يشكل خطوة خطيرة، فالذهاب الى ارض حزب “الجبهة الوطنية” لن يطور سوى العنف، ولايحل المشاكل التي تعيشها الشعوب المكونة لهذه التعددية، مثل البطالة والتمييز والمدرسة والامن، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، انه من السهل اليوم رمي جميع هذه المشاكل على ظهر المهاجرين، بدلا من طرح برنامج تجميعي، يسمح لجميع الفرنسيين ان يجدوا انفسهم فيه.
هل تعتقد ان الطبقة السياسية الفرنسية بدأت تعي حقيقة التعددية التي تتحدثون عنها اليوم؟
– أقول بكل صدق لا. هم يتحدثون عنها كثيرا، ويتلاعبون بها ويستغلونها دائما، واعتقد ان الامور سوف تذهب نحو الاسوأ، إذا لم نتوصل الى ميزان قوى جديد، ولا اخفيك سرا اني متشائم جدا، لأنه اذا لم يكن هناك تجمع فعال ومسؤول من طرف الذين يعانون من التمييز، واذا لم تكن هنالك مطالب يطرحونها من اجل الانتخابات التشريعية والبلدية، فأنا يعتريني خوف من اننا لن نصل، وكما تعرفون في فرنسا لايمكن الحصول على شيء، من دون ميزان قوى بمعنى الحقوق، هذه حقوق لايمكن الحصول عليها من دون موازين قوى، وبيّن التاريخ ان هناك ممارسات مشينة، ومنها ان فرنسا لم تتحرر من ممارساتها الاستعمارية، وهذا يعني ان المهاجرين واطفالهم يعاملون معاملة تمييزية. نعم لمجلس بلدي من أجل الاهتمام بمشاكل الاحياء التي يعيش فيها مهاجرون، لكنه يصبح من الصعب حين نريد اجتياز هذا السقف، اي المرور الى مستوى اعلى نحو الادارة العليا ووسائل الاعلام، ولكن ضمن نطاق التعددية وليس ضمن تعيين مقدمي نشرات اخبار، أي اقرار التمثيلية لانتخاب اعضاء في مجلسي النواب والشيوخ.
لقد علمتنا التجربة ان لاشيء مكتسب في هذا المجال، بل هو خاضع لموازين قوى، ونحن مازلنا في بداية الطريق، ولا اعدم الامل في اننا سوف نصل اذا قمنا بتعبئة جيدة.
إرادة ورغبة الاكثرية
مبارك كاري مستشار سابق لجاك شيراك في بلدية باريس، واحد مطلقي المبادرة الاوروبية المتوسطية، ورئيس “نادي فينيكس”
ألا تعتقد بأن طرح مسألة تكوين لوبي او مرجعية سياسية للجاليات في فرنسا، يمكن ان يفسر من باب التكتل العرقي والانعزالية؟
– لا أخاف من تهمة الانعزالية والتقوقع ضمن منطق الاقلية، وهنا دعني اتوقف عند قول المؤرخ ارنولد توينبي “ان الاقلية تشكل اضافة كبيرة بالنسبة للامة بشرط ان تكون قوى هذه الاقليات متجهة للآخرين وللخارج، وليس الى نفسها”. والتعددية الفرنسية لانحتاج للبحث عنها، فهي موجودة في الشارع على الوجوه والاسماء، لماذا تخاف الطبقة السياسية الفرنسية منذ خمسين من هذه الحقيقة والواقع؟حين احتاجت فرنسا الى محاربين عرب في الحرب العالمية الاولى لمحاربة المانيا، لم تطرح اسئلة ومخاوف من نوع هؤلاء ليسوا فرنسيين، هؤلاء سمر. ولم يضع أحد شروطا حين كانت الناس تسقط بالآلاف دفاعا عن العلم الفرنسي.
لأن الاقليات موجودة فلا داعي لنكرانها، واعتقد انه يجب امتلاك الجرأة لمساءلة الطبقة السياسية حول الاقليات والتعددية، التي تشكل المكون الاساسي للتعددية الجمهورية. مادامت هذه الاقلية تكون مادة خام اجتماعية، اقتصادية، فلسفية، وحتى وروحية، فهذا يعتبر ثروة كبيرة للأمة الفرنسية، وانطلاقا من ذلك يجب ألا تخاف الطبقة السياسية الفرنسية من ادماج هذه التعددية في برامجها المستقبلية للدولة، ويمكن ان تساعد هذه التعددية فرنسا واوروبا، ليس فقط من اجل تعزيز الوئام الاجتماعي والوحدة، وانما كذلك تشجيع اشعاعها الخارجي.
ان مستقبل اوروبا وفرنسا خصوصا، يمكن في هذا التعدد الجيو استراتيجي، وهو لا يشكل فقط رهانا جغرافيا اساسيا، وانما مجموعة رهانات سياسة واقتصادية وحتى روحية. خصوصا وان المجتمعات الاوروبية تعيش اليوم ازمة اخلاقية وروحية.
أما في ما يتعلق بإنشاء لوبي، فهو تعبير عن ارادة ورغبة الكثير من العرب، وفي ظل ضعف الارادة السياسية، وحس التضامن التام، فإن هناك ضرورة ان نلتقي اليوم بكافة المكونات السياسية من اليمين الى اليسار، من حول مجموعة افكاروقيم واهداف، هذا التنوع يجب ان يكون في داخل الأمة ايضا، وان لايعتبر اطفالنا خارج الجمهورية، بل اطفال الجمهورية، والامة يجب ألا تفرق بين ابنائها، وان تعطيهم نفس الفرص.
كيف ترى اطروحة ساركوزي بصدد انشاء وزارة “الهوية الوطنية والهجرة”؟
– يعتبر بعض وجهاء الطبقة السياسية الفرنسية، ان اندماج الاقليات في المجتمع الفرنسي فشل، وهذا ليس صحيحا لأن المسألة لم تكن مطروحة اصلا. ثم كيف يكون الاندماج، وعلى اي اساس؟
إن الغرض من ربط ساركوزي الهوية بالهجرة، هو الرجوع الى مبدأ الاندماج، اي لكي يندمج العربي يتوجب عليه ان يتخلى عن هويته. ولكن المفكر ارنست رينان (احد كبار المفكرين الفرنسيين في القرن التاسع عشر)، يعرّف الامة على انها مكونة من افراد، من طبقات اجتماعية وعرقية، يقبلون النظر معا افي اتجاه واحد، ان يقبلوا ماضيهم، ويقبلوا حاضرا ومستقبلا، ولا يتحدث عن الهوية. يجب قبول الماضي بشقيه السلبي والايجابي، وديغول نفسه يقول “ان الامة التي تنكر ماضيها او تجده رديئا، تفقد روحها”. لايمكن ان نبني مستقبلا انسانيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وروحيا، من دون ان نتشارك قبل ذلك ببعض القيم.
شبان الضواحي اهم لوبي
نوري الصغير محمد دكتور في الاقتصاد، ومهندس في الالكترونيات، وباحث، ورئيس شركة، ورئيس جمعية “كل فرنسا”، يعيش في مدينة نيس.
هل تعتقد بوجود صوت عربي في هذه الانتخابات؟
– لقد جرت كما تعلمون حملة شعبية كبيرة لتسجيل الناخبين المنحدرين من اصول عربية على اللوائح الانتخابية، وكانت النتيجة هي زيادة عدد الناخبين في فرنسا بنحو مليون ومائة الف، وأفاد استطلاع رأي أجري في الاحياء ذات الغالبية العربية في كانون الاول/ديسمبر الماضي، ان نسبة 96 في المائة من الذين سجلوا انفسهم، اعلنوا عزمهم على المشاركة في الانتخابات، وهي نسبة قوية جدا.
كيف تفسر ذلك؟
– إن ما يفسر هذا الامرهو الوعي في صفوف الجالية العربية. لقد ساد في السابق اعتقاد في اوساط هذه الجالية بأن تأثيرها في الانتخابات ضعيف، ولكن حملات التوعية في الآونة الاخيرة، خلقت شعورا لدى هؤلاء الناس بأن تغيير وضعهم في فرنسا، ربما يتم عن طريق الانتخابات. كانوا يعتقدون في السابق بأن تغيير اوضاعهم يكمن في العودة الى اصولهم او دينهم او بلادهم، او اللجوء الى المجابهة. ثمة وعي اليوم بأن تغيير وضعهم سيكون عن طريق الانتخابات، وهذا خلق في نفس الوقت حالة من الانتظار، فإذا لم تسفر الانتخابات عن نتائج ملموسة في هذا الاتجاه، فربما تكون هناك خيبة امل. ولكن تتوجب الاشارة الى ان اصوات العرب لو اتيح تنظيمها وتوجيهها، تستطيع ان تتحكم بمصير الانتخابات في فرنسا، وبوسعها ان تؤثر في انتخاب هذا الرئيس او ذاك، وذلك انطلاقا من الفارق عادة بين مرشحي الدور الاخير، التي لا تتجاوز سقف 4 في المائة. ولكني لا اعتقد ان الجميع متفقون على مرشح واحد.
كيف ترى اتجاه التصويت العربي؟
– هناك دراسات واستطلاعات رأي حاولت في الاسابيع الاخيرة، قياس اتجاهات الصويت في الاحياء العربية، كان ابرزها ذلك الذي قالت فيه نسبة نحو 60 في المائة، انها سوف تصوت ضد ساركوزي، ولم يقولوا لمن. وهناك احتمال كبير في ان يصبح صوت العرب لأول مرة، ذا تأثير كبير في الانتخابات. ولهذا يتنافس المرشحون الرئيسيون على زيارة الاحياء العربية، ويتقربون من الجاليات العربية.
ما هو رأيك بفكرة اللوبي العربي؟
– لا اعتقد بذلك لأن اللوبي يعتمد على قوة اقتصادية او سلطة سياسية، والعرب في فرنسا لم ينظموا انفسهم الى حد الآن لأسباب يطول شرحها، لكي يصبحوا قوة اقتصادية ومالية وسياسية، كما هو الحال بالنسبة الى جاليات أخرى، ونتيجة لذلك نلاحظ انه لايوجد عرب في البرلمان، او ادارات الدولة والمجالس الاخرى، ولذا فإن اللوبي العربي متمثل اليوم في الاحياء الشعبية، والشبان الذين يحاولون تغيير الاوضاع. إذن لقد بدأ تكوين اللوبي من حيث لا يمكن انتظاره، لقد كان الناس يعتقدون انه سوف يولد بطريقة كلاسيكية، إما من الناحية الاقتصادية اوالسياسية. ان ضغط الاحياء الشعبية يمثل اليوم اقوى لوبي عربي.
ولابد ان اسلط الضوء هنا على نقطة هامة، وهي ان معاناة العرب تلتقي اليوم مع أوضاع صعبة، تعيشها شريحة فرنسية واسعة، وتشير التقديرات إلى ان قرابة ربع الشعب الفرنسي تعيش في ظروف صعبة، واذا تم استخدام هذه الورقة من طرف الفرنسيين المنحدرين من اصول عربية، فإن ذلك يخلق قوة كبيرة و”لوبي” هاما، وهذا ما دفعني الى وضع مشروع حول هذا الجانب، سأعرضه في الانتخابات التشريعية المقبلة.
ما هو في رأيك الطابع الذي تتسم به الانتخابات الرئاسية هذه السنة؟
– ان اهم ما يطبع هذه الانتخابات هو الفارق الكبير بين مشاكل فرنسا والشعب الفرنسي، وبين البرامج التي تقدم بها المرشحون، وهنا يكمن الخطر الرئيسي. وهناك استطلاعات رأي تشير الى ان نسبة 70 في المائة من الفرنسيين تقول ان البرامج والحلول والمقترحات بعيدة عن مشاكلها. ولذا اخشى ان تسير فرنسا بعد هذه الانتخابات نحو مواجهات.
مع مشروع بايرو
نبيل بن ضاعون شخصية شابة فاعلة على مستوى العمل المؤسساتي في الضواحي، رئيس شركة ورئيس جمعية تهتم بالشباب في ضاحية “رانسي”، ويحمل شهادة دكتوراه. مساهم اساسي في تشكيل “حركة مواطنين” على مستوى الشباب. وقريب من المرشح بايرو.
هل تعتقد بوجود صوت عربي في الانتخابات؟
– نعم هناك صوت عربي في الانتخابات، وحتى لوكان الامر ليس بهذه الدقة، فهناك حضور قوي للجالية المنحدرة من اصول مغاربية ومشرقية ومسلمة. هي لم تشارك سابقا على نحو كثيف في الانتخابات، ولكن منذ صدمة سنة 2002 التي تمثلت بصعود الزعيم العنصري جان ماري لوبين للدور الثاني، اصبح الناس واعين، انهم كانوا متفرجين ولم يكونوا ممثلين، وعليهم تحمل عواقب هذا التصويت او ذاك، لأنهم عازفون عن المشاركة.
منذ سنة 2002 هناك حركة كبيرة حصلت، حيث قام العديد من المؤسسات بتنظيم نفسها وتحسيس هذا الجزء من الشعب الفرنسي المنحدر من اصول عربية اسلامية، بضرورة واهمية المشاركة في التصويت وممارسة حقوقهم كاملة كمواطنين. لذلك اعتقد بوجود هذا الصوت، واعتقد انه سوف يذهب ابعد من ذلك.
الى اين؟
– اعتقد ان الاحزاب السياسية الفرنسية والطبقة السياسية، باتوا يعون انه من دون أخذ هؤلاء بعين الاعتبار، فإن البلد مهدد بمواجهة مشاكل، لكي يتقدم في اتجاه قيام ديمقراطية فعلية، لأننا لا يمكن ان نقول ان البلد ديموقراطي وقائم على اسس ديموقراطية فعلية، وفي نفس الوقت لا نتيح لما بين 7 الى 10 ملايين من مواطنيه امكانية التمتع بمبادئه الحقيقية في الاخوة والعدالة والمساواة. اذن سيذهب الامر حتى أعلى مستوى في الدولة، ولهذا بدأ المرشحون بالبحث عن ناطقين رسميين ونواب ووزراء ومدراء، وللعلم فإن تسمية هؤلاء الناس ليست منّة من احد، بل جاءت لأن هؤلاء على قدر كبير من الكفاءة والتأهيل. ودعني اقول هنا انه في سنة 2002 لم تكن هناك مشاركة كبيرة، أما في هذه السنة سوف تكون هناك مفاجأة من طرف هؤلاء الناخبين.
هل تؤيد فكرة انشاء لوبي عربي؟
– لا أؤيد فقط بل اعمل من اجل الامر، ولسوء الحظ لم نتوصل بعد الى ذلك لكنه في طور التكوين. ليس شكلا من اشكال لوبيات الضغط، بل قوة اقتراح تقول ها نحن هنا مستعدون لتحمل مسؤولياتنا وواجباتنا تجاه الجمهورية وممارستها بكل اختلافاتنا وتنوعنا، وهنا تتوجب الاشارة الى اننا في الاجيال المتوالية من الاول حتى الرابع، لسنا جميعا على رأي حزب سياسي واحد. هناك اليسار واليمين والوسط وحتى اقصى اليسار واليمين. إن التعددية هي المعادل الفعلي لغنى هذا البلد وقيمه، ولذا انا افضل بقاء كل شخص داخل حزبه، على ان نوحد جهودنا من اجل مشروع يخدم فرنسا، ويدافع عن مصالح الناخبين الذين نمثل.
هل تعتقد ان احداث الضواحي في خريف سنة 2005 سوف تؤثر في الانتخابات؟
– نعم ولكن على نحو ايجابي، وانا لست من الذين يعتقدون بأن ما حدث سنة 2002(صعود لوبن للدورة الثانية) سوف يتكرر، وهناك عدة اسباب، اهمها ان اليمين المتطرف لايمثل اكثر من خمسة في المائة من الاصوات في اقصى الحالات، واقصد بذلك اليمين الذين هو ضد الجميع. ثم ان التصويت الاحتجاجي الذي يرفض كل شيء، لن يتكرر إلا إذا مارسه بعض الناس الذين يعلنون انهم ديمقراطيون وجمهوريون، لكنهم يحاولون شيئا فشيئا ان يجرونا نسبيا الى حوار ظلامي وعنصري.
على المستوى الشخصي لست قلقا بصدد انتخابات ،2007 فهي سوف تعطينا رئيسا جديدا، يتناسب وتكوين البلد من الاجيال الشابة جدا، وستكون الحكومة القادمة شابة. اذن هناك تغيير اجيال وهذا امر هام على مستوى الجمهورية.
لماذا تساند بايرو؟
– لا اساند بايرو كشخص بل اساند مشروعا. ولكن دعني قبل ذلك اشرح لك نظرتي والتي هي نظرة غالبية الشباب المنحدر من اوساط مغاربية مهاجرة. لقد بدأت النضال وعمري 17 سنة في منظمة مكافحة العنصرية (اس أو اس راسيزم) المعروفة والتي لم تعد لها اليوم اية مصداقية. في هذه المرحلة كان سلوكهم يقول لنا: “انت انسان لطيف، نحن نحبك كثيرا، ولكن ابق في مكانك ولا تقترب منا”. وبذلك كانوا يستخدموننا لهذا الغرض او ذاك، وكما يحلو لهم. وحين نقف مع بايرو فلسنا في موقع الضحية ولا طلاب اعمال خيرية، وهذا ما يتسم به خطاب مرشحة الاشتراكي رويال تجاهنا، وهو خطاب ما بعد استعماري. بعد ثلاثين سنة من خطاب مكافحة العنصرية: “لا تلمس صديقي”. لقد حان الوقت لنقول له “تقدم صديقي، ادخل المعركة”، ونمنحه حق الكلام، واذا حاول ان يتحدث ووجد صعوبة فيجب مساعدته، بدلا من القول “اصمت سوف اتحدث باسمك”. يجب تشجيعهم.
بقيت عدة سنوات مع ما يسمى باليسار، وبعد ذلك انتخب عمدة جديد للضاحية التي اعيش فيها(رانسي) هو جان كريستوف لاغارد (الناطق الرسمي باسم حملة بايرو)، فشدتني طريقته في العمل كعمدة وكنائب وكمواطن، وكشف امامي وامام الكثير من شباب الضواحي آفاقا كبيرة. وقد بدأت العمل معه على هذه الارضية، فوجدت فيه جمهوريا مثاليا، ووجدت نفسي في الوقت ذاته، ومن هنا وجدت نفسي اقترب من هذا الحزب. ولهذا فأنا اساند برنامجه الذي يحمل افكارا واضحة وبناءة.
اذن نحن نساند هذا المشروع سواء تم انتخاب بايرو ام لم يتم، فالمسألة لن تقف هنا بل سوف تستمر على جدول اعمالنا، ونحن سنواصل في هذا الطريق طالما ظل بايرو عليه، وهو على كل حال هو رجل منسجم مع نفسه وعاقل.
مع بايرو ايضا، لسنا في موقع التمييز والاستهداف السلبي والتعالي الذي يمارسه اليمين بشتى اصنافه.
والخلاصه ان بايرو يقترح رؤية أخرى، عادلة قائمة على الكفاءة، مع تكافؤ فرص حقيقي. هو لايتكلم عن فرنسا فقط، بل عن فرنسا ذات الوجه الجديد، انه يعي هذا الامر جيدا، لذا يريد ان تتمثل هذه التعددية في الهيئات العليا والحكومة، التي سوف يشكلها بعد ان يفوز في الانتخابات، وأنا متأكد من ذلك.
رويال تمثل التغيير
نجاة بلقاسم ناطقة باسم الحزب الاشتراكي ومرشحة برلمانية في مدينة ليون. تعمل رئيسة لجنة الثقافة في بلدية ليون ومستشارة بلدية منتخبة في منطقة “رون الالب”، وهي خريجة المعهد العالي للعلوم السياسية.
لماذا يعتبرك الاعلام رشيدة داتي( الناطقة باسم حملة ساركوزي) الحزب الاشتراكي؟
– انا ناطقة رسمية باسم المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال، ورشيدة داتي ناطقة رسمية باسم المرشح نيكولا ساركوزي. صحيح اننا نشترك بكوننا ننحدر من اصول مهاجرة، ولكن هناك الكثير من النقاط التي تفرق بيننا ايضا، وخصوصا القناعات السياسية. أما بصدد تعييني في هذا الموقع فإن سبب ذلك يعود الى ان رويال ارادت، ان يكون الناطق الرسمي باسم حملتها قريبا، الى حد ما من صورة فريقها المتنوع والمتفتح والشاب، والذي يضم العديدين من اصول مهاجرة.
هناك اجماع على تقصير الحزب الاشتراكي تجاه الفرنسيين من اصول عربية مهاجرة، حتى ان بعض اعضاء الاشتراكي اصدروا عريضة يحتجون فيها على هذا؟
– فعلا هناك تقصير كبير جدا على مستوى فرنسا ككل، لابد من العمل على تجاوزه. وأرى ان الامر الهام اليوم هو انه انفتح باب الحديث عن هذه المسألة، واثارتها كإشكالية. ان ذلك يشكل فرصة، من اجل تطويرالعقليات، وقد يكون الحزب الاشتراكي محل انتقاد على هذا الصعيد اكثر من غيره، لانه بالنظر الى وعوده التي اطلقها وقناعاته، كان يتوجب عليه ان يحل هذه المشكلة في وقت مبكر، وحين نثير هذا الامر فإننا نطالب ان نعامل كفرنسيين مثل البقية، ولا نطلب من احد ان يعاملنا على نحو تفضيلي عن بقية المواطنين الفرنسيين، ويتوجب على الاحزاب الفرنسية خلق الشروط المناسبة من اجل مساواة فعلية بين الفرنسيين، واعتقد أن سيغولين ورويال تعكس روحية التجديد والتغيير المنشود.
كيف تنظرين الى التسجيل الكثيف في الضواحي؟
– لقد حصل شيء رائع بعد اسابيع “الاضطرابات” في الضواحي سنة ،2005 تمثل في انتفاضة مواطنين التي دفعت الكثير من الجمعيات مثل “كفى نار” لتناضل من اجل سكان الاحياء المهمشة، لكي يتم إسماع صوت هؤلاء، وتسجيل انفسهم على لوائح الاقتراع، والتفكير بالحملة الرئاسية. وكما تعلمون فإن سيغولين رويال وقعت “الميثاق” التي قدمته جمعية “كفى نار”، وقد اخذنا بعين الاعتبار غالبية الاقتراحات، وما وضعناه جانبا ليس بسبب خلافات، وانما يتعلق ذلك بالمنهج فقط، في العمق نحن متفقون على ضرورة ايجاد حلول للبطالة، ومكافحة التمييز، وحق الحصول على السكن الاجتماعي.
الصوت العربي في الانتخابات الفرنسية 1
الصوت العربي في الانتخابات الفرنسية 2
الصوت العربي في الانتخابات الفرنسية 3
bacha@noos.fr
(الخليج)