يشكل الشيعة في العالم حوالى 200 مليون نسمة، بنسبة 10% إلى 13% من اجمالى عدد المسلمين، حسب التقارير الصادره من مكتبه الكونغرس الأمريكى لعام ٢٠٠٩. يتركز معظم الشيعة -حوالي:80%- في اربع دول هي إيران باكستان الهند والعراق.
.كان الشيعة في منطقة الخليج والتى يقطنها غالبية مطلقة سنّية، قبل ثوره الخميني وعلى مدى مئات السنين، أصحاب فكر معتدل وسلوك حضاري، لهم دُور عبادتهم وعاداتهم الدينية التى تختلف فى كثير من النواحي عن عادات غيرهم من المذاهب الاسلاميه…
فى دولة الكويت مثلاً، يشكل الشيعه 30 % من عدد السكان المواطنين البالغ المليون والمائة الف نسمة، لديهم حرية كامله فى حياتهم المذهبية حسب المادة 35 من الدستور الكويتى التى تنص بأن حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان..
“حسينية آل عمران” يرجع تاريخ تأسيسها الى ١٨٢٠، و”حسينية معرفي” تم إنشاؤها قبل حوالي ١٠٠ عام… للعلم ..الحسينيات هى مباني خاصة استخدمت على مر التاريخ لعرض “حادثة مقتل الإمام الحسين بن علي” على الناس من خلال الخطيب والذي غالبا ما يجلس على المنبر متوسطاً الناس…
تطور دور “الحسينية” الآن، وصارت تشمل العزاء الذي تُقام على أهل البيت والصالحين. وكذلك الأفراح مثل ذكرى الإسراء والمعراج….
وفى دولة صغيرة كالكويت يصل إعداد المجالس الحسينية فى شهري محرّم وصفر الى اكثر من ثلاث مائة مجلس يومي, كما يحظى جميع معتنقي الديانات الأخرى بحرية العقيدة الكاملة…
ومن المفارقات العجيبة ان الطائفه الشيعيه في الكويت تتمتع بحرّية اكثر بكثير من شيعة الجمهورية الاسلامية فى ايران فى ممارسة معتقداتهم المذهبية واختيار مرجعهم الدينى ومزاولتهم للشعائر..
وكان للشيعه دور ثقافي واجتماعي واقتصادى بارز فى تكوين دولة الكويت الحديثة إضافةً الى مساهمة فعالة فى القرارات السياسية. فالتشيع لم يكن مشروعا سياسيا بل كان عقيدة وعبادة وطقوساً.
اختلفت الأمور جذرياً في 1979 عند ظهور الخميني الذى عيّن نفسه وصيا على الشيعة وفرض نوعاً واحداً فريداً من التشيّع هو “ولاية الفقيه” بمعنى ان الادارة السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية بيد ولي الفقيه المتمثل فى شخص
الخميني.
ولم يقل ان هذا النهج هو اجتهادي الشخصي، بل قال انها اوامر الله عن طريق “صاحب الزمان”
(وهو حسب المعتقد المذهب الإثنى عشري الإمام الثانى عشر الذى سوف يظهر ويملأ العالم قسطاً وعدلاً) ..واتهم كل من يعارض هذا الفكر بأنه خارج عن الملة. كما استخدم الخميني أحيانا أسلوب التكفير والردة للتخلص من معارضيه،
هكذا، حارب وعزل وسجن كل من اعترض على فكرته واتهمه بالخيانة والعمالة لجهات خارجية، وأولهم الفقيه والمجتهد “شريعة مداري” الطاعن فى السن والذى تحول فى ليلة وضحاها من مرجع ديني اعلى الى عميل أمريكى! كما قام بتصفية النخبة من رجال الدين ومنهم “محمد الشيرازي” و”طلقاني” و”بهشتي” و”منتظري”.. وكثير من رجال الدين الشيعة الذين كانت لديهم اجتهاداتهم الشخصية المخالفة للولايه المطلقه للخميني.
والمعاصر لثورة الخميني يرى ان عقلية هذا الرجل منذ البداية كانت لا تهدف لبناء دولة حضارية مستقرة. فإذا كانت شعارات الثورة الفرنسية «حرية، إخاء، مساواة»، وشعارات اعلان الاستقلال الأمريكى “ان البشر خلقوا متساوين ولهم حق الحياة والحريّة والسعى وراء السعادة”،
فإن شعار الجمهورية الاسلامية كان “اللعنة على دول الغرب والشرق”. ومن الغرابة ان نشيداً كان يُردَّد كل ساعة يوميا اشعاراً ببدء الأخبار.. يُختم باللعنة على أمريكا وانجلترا وإسرائيل وحتى الاتحاد السوفيتي فى بدايات الثورة. هذا اللعن كان يُكرر أربع وعشرين مرة يومياً….!
ثم ذهب الخمينى الى ابعد من ذلك وعيّن نفسه رئيساً لملة الاسلام. فيعرّف نفسه فى كتابه (تحرير الوسيلة) بـ”سماحة حجة الاسلام والمسلمين سيد العلماء والمجتهدين رئيس الملة والدين آية الله العظمى ومولانا الأعظم الحاج سيد روح الله الموسوى الخمينى”. حوالي 21 اسم وصفة!
احد المسؤولين فى الحكومة المؤقتة بعد الثورة مباشرة كان يقول، وهو فى المنفى، ان الخميني كان يريد ان يكون حكومة معارضة ومقاومة ضد العالم.
وقد بذلت الجمهورية الاسلاميه فى ايران البلايين بل تريليونات الدولارات النفطية من قوت ودم الشعب الايرانى لنشر فكر وسياسة الخمينى خاصةً فى منطقة الخليج والعراق والشام… مستغلة تارةً الحرّيات الممنوحة للشيعة والنعرات المذهبية والفارسية، وتارةً اخرى عن طريق شراء الذمم والأقلام والانفاق بسخاء منقطع النظير على مؤيدي سياساتها.
فمثلاً تم اعادة إعمار الضاحية الجنوبية فى لبنان التابعة لحزب الله بالكامل وعادت اجمل من السابق فى فترة زمنية قياسية بأموال الشعب الايراني الذى يعاني من نقص فى دخل الفرد وتضخم يصل الى 35% وارتفاع خيالي فى كلفة المعيشة وعدم توفر ابسط الخدمات التى يتمتع بها سكان الضاحية الجنوبية كالهوائيات والإنترنت الحر وسهولة التنقل والسفر الى اوروبا!
بل امتد نفوذها الى التحكم بشكل تام فى حكومات ثلاث عواصم عربية بأغلبية مطلقه سنّية وهى بيروت ودمشق وصنعاء ورابعة عربية بأغلبيه شيعية وهى العراق، مستغلة الفراغ السياسى فى هذه الدول نتيجة الحروب والثورات. وبذلك خرّبت مشروع الدوله المدنية فى لبنان والعراق وسوريا، وأخيرا اليمن.
والمثير للسخرية ان رؤساء وسياسيي هذه الدول التى تُدار من قبل ايران دائما يعبرون عن سخطهم واستيائهم لاحتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية!
خلاصة الكلام ان “الثورة الإسلامية المباركة” للإمام الخميني حوّلت المذهب الشيعي الى مشروع سياسي توسعي انتهازى وتخريبي، فانهالت بالتالي المشاكل على رؤوس الشيعة المنتشرين فى جميع أنحاء العالم.
ورطت شيعة الكويت وجعلت جزءا ليس بالقليل من النخبة المثقفة تفضّل وتقدم ولاءها لولى الفقيه فى ايران عن ولائها للوطن..
كما ورطت شيعة البحرين واقحمتهم فى صدام دموي مع الحكومة.
وورّطت شيعة لبنان وجعلتهم جنوداً يدافعون عن نظام بعثي إجرامي شرس.
وورّطت شيعة العراق فى حرب أهلية مع السنّة.. وبدل ان تكون العراق دولة حديثة ذات سيادة لها قيادة عسكرية متمثلة برئيس الدولة ووزير الدفاع، نرى ان القوات المسلحة والمليشيات فى العراق تتحرك وتنفذ أوامر المرجع الديني الأعلى وكأنهم فى مدينة “يثرِب”.. او فى “معركة عين جَالُوت“!
وأخيرا ورطت الأقليات الشيعية فى اليمن وأدخلتهم فى حرب ضروس مع دول الخليج!
وقبل هذا كله ورطت شيعة ايران.
فبعد ان كان الايراني يسرح ويمرح فى معظم الدول الاوروبية وأمريكا دون أي تأشيرة دخول أيام الملكية، اصبح الأن منبوذاً يحلم بعيشة كريمة تتماشى وثروات وموارد ايران الضخمة.
الشيعة قبل ثورة الخميني
هناك كثيرا من المراجع الدينية المعترف بها وكانوا اعظم شأناً ومقاما من آيت الله خميني لم يوافقوا خميني عن ولاية الفقيه منهم ايت الله مرعشي وخوئي وطباطبائي وبروجردي وهو الان محبوس وصانعي لم يقابل أية الله خامنئي في قم وقال لا أصافح من تلطخ يده بدماء الأبرياء.
كلهم اتفقوا ان المرجع الديني في المذهب الشيعي اختياري وليس بالإجبار والعنف والاكراه
الشيعة قبل ثورة الخميني
المقال يناقض ما ذهب اليه المختص و الباحث بالشؤون الايرانية هوما كاتزويان في كتابه ” إيران في العصور القديمة و الوسطى و الحديثة” ، حيث يؤكد استمرارية و ثبات مواصفات المجتمع الايراني عبر تاريخه الطويل الذي يستعرضه و يصفه بانه مجتمع قصير الأجل.يقع الكتاب في 600 صفحة وقد ترجمته دار جداول بيروت.وفي الكتاب نلمس بوضوح مدى الالتصاق بين التشيع وايران كذهنية متصلة.