في عدد غير قليل من المحطات ووسائل الإعلام الغربية كان حدث الساعة يشغل الجميع. دوت فضيحة محمد المنجد وتسابق الجميع لتداول النكتة الكارثة، نكتة أدهشت مقدمي البرامج العالميين، قهقه البعض ضاحكاً وهز رأسه وأكتافه بسخرية وتعجب وهو يكتشف أن أهم شخصيات ديزني التي عشقتها ملايين عالمية فويسقة(مصغر فاسقة) خارجة عن الطاعة يجب قتلها لأنها من جند الشيطان.
أي أن هذا الحيوان الصغير جداً، الذي يعيش في جحور متناهية في الصغر ويهلع ويهرع ما أن يسمع صراخ أنثى، قد خرج عن الملة وغدر فاستحق الإعدام.
ورغم أن ميكي هو المذكر وميمي هي المؤنثة، إلا أن المنجد آثر أن يخص ميكي باللعن والشتيمة. ناعتاً إياه عن خطأ أو قصد بتاء التأنيث. قال (فويسقة) ولم يقل (فويسق). قال (ن ج س ة) ولم يقل (ن ج س) قبل أن يبيح هدر دم ذلك المخلوق بالحل والحرم.
التيار الديني المودرن الذي يناصر أمثال المنجد من الباطن هو الأهم. كتاب وكاتبات. دعاة وداعيات، في داخلهم تأكيد لما جاء به المنجد وتأكيد لأي موجة تعصب وفوقية.
لكنهم لاموه.
قالوا له: أحرجتنا. كان يمكنك أن تطالب بنموذج كرتوني إسلامي بدل تكفير الفأرة التي أحبتها الشعوب. كان يمكنك أن تفعل وتحكي الكثير إلا أن تجعلنا أضحوكة.
قد نتصور إطلاق حملة هدفها أسلمة ميكي، ليصبح بعيرا بدلاً عن فأر، ولميمي حينها إمكانية التحول إلى ناقة.. مثلما سبق وتمت أسلمة باربي وتحويلها إلى فلة ترتدي العباءة. أصبح اللون الأسود رمزاً إسلامياً مع أسلمة الألوان..
العولمة والانتشار السريع للفتاوى الطائشة صارا يتحكمان بسير ما يسمى بالدعوة. وهذا ما يعيه الشيخ المودرن ذو العضلات المفتولة واللحية المخفية. من السهل أن يفتي أحدهم في السابق بحرمانية ارتياد النساء للمدارس، وحرمانية التصوير والمجلات الفنية والأطباق اللاقطة وصبغات الشعر والقصص الرومانسية والشعر الصريح وكل شيء حديث… لم يكن صدى الطيش يصل للكثير في العالم، وإن حدث ووصل فأقصى ردة فعل عالمية: بيان نقدي تقدمه هيئة حقوق الإنسان بإذاعة غربية..
أما في حاضرنا المعلوماتي المتقدم فيهتز الشرق والغرب سياسياً واجتماعياً إذا ما صدرت فتوى غير حكيمة، أو حكم غير عادل. وبفضل هذه المعلوماتية فالفتاوى المراقبة عالمياً لم تعد تحرج أصحابها والمؤيدين لهم فقط بل إنها تضع حكومات دول بأكملها موضع شبهة واتهام بالإرهاب أو بالتقصير تجاه تنمية مواطنيها وتحسين أوضاعهم الفكرية..
كل مرة يخطئ بها أحد شيوخ (المدرسة الكلاسيكية) ينبري الشيوخ (المودرن) للدفاع والإيضاح وترقيع ما يمكن ترقيعه. فالشيخ الحديث ليس كالقديم، هو يشاهد التلفاز ويستمع لأم كلثوم ويحضر الأفلام السينمائية.
هذه طريقته المتحضرة في إيصال المضمون الكلاسيكي ذاته. مهمته تختصر في عصرنة وتحديث الشكل الرجعي الخارجي فقط للدعوة القديمة.
ينتقد فتوى المنجد بوجوب قتل ميكي ماوس لكنه يؤمن ويؤكد على نجاسة ميكي..
يطالب بعملة إسلامية، بأسلمة العلوم والمناهج. أسلمة المعرفة والقوانين. أسلمة الفنادق. الأزياء. دمى الأطفال. أسلمة الحب. وأسلمة الحياة ..
أما شخصيات والت ديزني موضع الاتهام فموجهة للطفل العالمي بل للإنسان العالمي لأننا لا زلنا نشاهدها ونحن كبار. ليس بها أي مشهد أو زي يثير النعرات الدينية أو يذكرك بأن أصحاب الشخصيات مسيحيون أو يهود أو غيرهم. لم يوجهوا لنا دعوة إيديولوجية ولم يقولوا أن ديانتهم هي الأفضل كما يفعل بعض الدعاة مستغلين الطفولة لإدخالها ضمن تعقيدات الحرب الدائرة بين الأديان. نصيحتهم بتقديم نماذج كرتونية إسلامية أو أسلمة شؤون الأطفال الصغيرة من دمى وبرامج يعني إنتاجاً غزيراً جديدا من أجيال التطرف والإقصاء ومعاداة السلام.
حين يقدم رجل أو امرأة فكرة تكفيرية، نرد عليهما بخجل وبعضنا يخاف أن يرد، وبعضنا يفكر مائة مرة بشكل العبارة التي سيرد بها حتى لا يمسك عليه أحدا ممسكا كان.. وقد بلغ الخوف أن اكتفى بعض المعادين للتطرف بالسخرية والضحك..
لكن السخرية لا تصل للمتلقي، ما يصل فقط الفتوى.. المعتدلون يكتفون بالسخرية أما مطلق الفتاوى المتطرفة فلا يكتفي إلا حين يعلم بأن تطرفه قد دخل لكل غرفة وزاوية في كل بيت عربي وإسلامي ومسيحي ويهودي وبوذي وملحد أيضاً.
حل المشكلة ليس في توجيه الاتهامات لمن ينفثون سموم الشر بين الإنسان والحيوان وبين الإنسان والإنسان. لا بد من خلق منابر جديدة مثلما خلقوها، وإيجاد طرق معاصرة مثلما أوجدوها. هكذا يصبح أمام المتلقي نموذجان، فإما أن يتبع هذا أم ذاك.
أمر لن يتحقق سوى بالإبداع والخلق الجديد، كإبداع العظيم والت، فالفأر الصغير المتهم بالنجاسة تمكن من دخول تاريخ البشرية الأمر الذي لن يستطيعه أكبر زعيم ليبرالي أو إسلامي.
ترى ماذا يفعل السياسي في المنطقة العربية والإٍسلامية وهو يستمع لفوضى الاتجار بالفتوى؟ ألم يبلغ نضجاً سياسيا يدفعه لخلق التعددية؟ هل يعوض عن التشدد المتطرف بشيوخ الصحوة الجدد، كما سبق وارتكب خطيئته التي لا تغتفر حين أراد استبدال الشيوعية والثورية فما وجد غير الإرهاب الديني بديلاً؟
ماذا علمنا شيخ الصحوة وشيخ الموضة؟ الكراهية، العداوة، التكبر على بقية خلق الله، قائمة لا تنتهي من المحظورات.. القليل من المباح والكثير من الحرام، الإرهاب…
وماذا علمتنا الرسومات المتحركة؟ السلام، الحب، الغدر من شيم الأشرار، الخير ينتصر في النهاية، السبانخ مقوي للعضلات مع باباي، ومع الفأر جيري ليس هناك يأس، فالحلول لا بد وأن تصنع في دواخلنا..
هل يهمنا رأي شخص لم يعرف معنى الكرتون في طفولته ليحكم إن كنا أمضينا الطفولة في الحلال أم الحرام؟
وعن من وجب الدفاع؟؟
المعادون للإنسانية أم صديق طفولتنا الفأر ميكي؟
قريبا سيتم الحكم على سكوبي دوبي دو الكلب النجس..أذكر حديثاً للنبي درسناه في كتاب الدين، عن الرفق بالحيوان. رجل تائه وعطش. وجد بئرا وكلباً يتلوى من العطش. عبأ خفه بالماء وسقى الكلب قبل أن يشرب هو
من ذات الخف(الآنية)..
Albdairnadine@hotmail.com
* كاتبة من السعودية
الشيطان والفأر ميكي
بصراحة انا معجب جدا بشخصيتك وصراحتك المتناهية وبجد اول مرة اقرأ وصف تفصيلي لما يحدث علي الساحة الاسلامية حاليا رغم اني مسيحي ولكن بحكم اني اعيش في بلد اسلامي بحب اتابع البرامج الاسلامية لمعرفة اتجاه البلد الي اين …واعتقد اننا الي الهاوية
الشيطان والفأر ميكي
يا بنتي يا نادين يقول المثل الحجازي:
ما كفاني هم أبويه جاني أبويا شايل أبوه قال خذوا جدكم ربوه.
هذا المخلوق جانا فزعة.
الشيطان والفأر ميكي – الاصبع على الجرح“حل المشكلة ليس في توجيه الاتهامات لمن ينفثون سموم الشر بين الإنسان والحيوان وبين الإنسان والإنسان. لا بد من خلق منابر جديدة مثلما خلقوها، وإيجاد طرق معاصرة مثلما أوجدوها. هكذا يصبح أمام المتلقي نموذجان، فإما أن يتبع هذا أم ذاك.” أقتباس من المقال الذي يضع الاصبع على الجرح. مئات الاف المنابر, خبرة 1300 عام من التوجه لمختلف اشكال و اطيان و اجناس و الوان و طبقات المتلقين مطوعين اساليب الترغيب و الترهيب, مبتكرين و مطورين اساليب التعامل مع ولي الامر مع تلميع دائم لمدرسة الحجاج, سالت خلالها اطنان الحبرعلى انواع مختلفة من الورق تلف… قراءة المزيد ..