07 Sep, 2010
نسخة طبق الأصل:
“تشير وقائع هذه القضية وكافة التحقيقات الجارية فيها الى إقدام المدعى عليهم المدعوين رغداء سعيد حسن وفائق علي أسعد (فائق المير) وأحمد مولود الطيار وسمير الدخيل وعمار اسماعيل الشيخ حيدر على الانخراط بشكل غير مشروع وبدون إذن السلطات المختصة بنقل استبيانات للرأي كاذبة تحتوي على معلومات مضللة وغير حقيقية وتسئ الى الحكومة والدولة فيما يتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والثقافي في سورية وتداول هذه المعلومات بين سوريا ولبنان وارسالها لمنظمة حقوق الإنسان في فرنسا والأحزاب المعارضة في سورية بقصد النيل من سورية مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها في لبنان”.
نسخة طبق الأصل: “اتهام المدعى عليهم (الواردة أسمائهم أعلاه) بجناية نقل أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة المنصوص عنه بأحكام المادة 286 بدلالة المادة 285 من قانون العقوبات العام.
– اصدار مذكرات نقل وقبض بحقهم .
المستشار عدنان الموسى � قاضي التحقيق العسكري الأول بحمص”.
رغداء الحسن كما هو معروف معتقلة رأي سابقة لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة أمضتها في المعتقلات والسجون السورية، والتهمة كانت الانتماء الى حزب سياسي محظور هو حزب العمل الشيوعي.
رغداء الحسن معتقلة رأي حاليا ومنذ 10 شباط الماضي والتهمة واضحة ويخبرنا عنها عنوان المقال أعلاه، الذي سنحاول من خلاله شرح ما هي “الأخبار الكاذبة” التي حاولت رغداء نشرها وكادت أن توهن نفسية الأمة!!
قبيل الاعتقال:
تعرض منزل رغداء الحسن قبيل اعتقالها، الى حملة مداهمات من قبل الأجهزة الأمنية، وفي إحدى هذا المرات، تم اقتحام شقتها، وجرى مصادرة أوراق ومطبوعات كثيرة منها روايتها المخطوطة “الأنبياء الجدد” والتي تحكي فيها قصتها وقصة رفاقها في المعتقل وما تعرضوا له من شتى أساليب وصنوف التعذيب، عبر قصة حبها هي شخصيا لحبيبها � زوجها الحالي � المعتقل الذي كان في زنزانة يجاور زنزانتها، كذلك تصف في الرواية التي صودرت من قبل الأجهزة الأمنية الأوضاع السياسية التي سادت في سوريا إبان تسعينات القرن الماضي.
لماذا اعتقلت رغداء الحسن؟
كما هو معروف، تم اعتقال رغدة كما يناديها أصدقائها عند معبر العريضة على الحدود السورية اللبنانية، وتمت مصادرة روايتها-المخطوط التي جلبتها معها لطباعتها في إحدى دور النشر في لبنان، كذلك عدد من الاستمارات كانت مخصصة لاستطلاع رأي الشارع السوري في جملة من القضايا سيأتي هذا المقال على ذكرها.
طبعا، ولكي لا نتهم بعدم احترام عقل القارئ، لا بد من التأكيد على الخطأ الفادح الذي ارتكبته رغدة وهو جلب الرواية والاستمارات بحالتهما الورقية، وكان يمكن لها أن تتجنب الاعتقال أقلّه في وقته لو أنها خزنت كل ما جلبته في C.D أو في USP لكن من غير المعروف لماذا أقدمت على هكذا مخاطرة واختارت الطريق الأصعب!
ما هي قصة الاستطلاع؟
طبعا لم يعد هناك من سر يفشى، فرغدة ليس لديها ما تخفيه بعيد اعتقالها، كذلك لم تقم بأي عمل يخجل المرء منه، و”جريمتها” أنها تطوعت لعمل استطلاع يبين آراء الشارع السوري لجملة من القضايا التي تهمّه لصالح مؤسسة بحثية دولية.
احتوى الاستطلاع المشار اليه 39 سؤالا توزعت بين محاور مختلفة. حاولت تلك الأسئلة قياس مواقف السوريين ومعرفة أرائهم من مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية، وهو ما ينفي في نص الدعوى المقامة ضد رغدة وزملائها قول النيابة العامة العسكرية من أن “الاستبيان كاذب ويحوي على معلومات مضللة وغير حقيقية تسئ الى الحكومة والدولة”، على العكس من ذلك فنتائج الاستطلاع المشار اليه تعطي آراء السوريين عبر عينة بلغ عددها 1200 شخص. ولو كانت هناك حكومة حقيقية ومنتخبة لأخذت نتائج ذلك الاستطلاع بعين الاعتبار وحاولت على ضوء نتائجه معالجة الخلل الكبير الذي بات يدق ناقوس الخطر، خاصة اذا علمنا وهذا تعلمه الحكومة السورية جيدا، غياب أي مراكز بحثية أو أي استطلاعات حقيقية داخل سوريا تفي بهذا الغرض.
جولة في أسئلة الاستطلاع ونتائجه:
حاول الاستطلاع قدر الإمكان أن يمثل شرائح مختلفة لأغلب المحافظات السورية الرئيسية، وفي المحافظة الواحدة نفسها، يعكس تمثيلا أمينا لمناطقها بالتساوي قدر المستطاع، كذلك تمثيلا يراعي التساوي بين الجنسين من الذكور والإناث والأعمار كذلك.
لو مررنا بتؤدة على معظم ما طرح من أسئلة في كل محاور ذلك الاستطلاع، سوف يتأكد القارئ بنفسه عن تهافت وضعف حجج النيابة العامة العسكرية وسيسأل أين هي “المعلومات المضللة التي تهدف النيل من سمعة سوريا”، كذلك سيتساءل: أين هي “الأخبار الكاذبة التي من شأنها أن توهن من نفسية الأمة”؟
طبعا، هناك أسئلة في الاستطلاع تهدف اخذ معلومات عن المستطلع من مثل:
– المحافظة، الجنس، العمر، المستوى العلمي، أعلى شهادة حصلت عليها .
ثم كانت الأسئلة متنوعة وهاكم أغلبها:
– هل لديك هاتف ثابت في المنزل؟ هل تقرأ الجرائد اليومية؟ هل لديك ستلايت في المنزل؟ هل لديك انترنيت في المنزل أو العمل؟ هل لديك موبايل؟ هل تشاهد الأخبار على الفضائيات؟ حدد هذه الفضائيات؟ ما هو المسلسل أو البرنامج التلفزيوني الثقافي أو الديني العربي المفضل لديك والذي تشاهده أكثر من غيره؟
– الممثل أو الممثلة المفضل أو المفضلة لديك عربيا وسوريا؟ المطرب/المطربة المفضل أو المفضلة لديك؟
– هل تشارك عادة في نشاطات النقابات أو الجمعيات الخيرية أو الثقافية؟
– لو نظرت إلى مستوى الخدمات التعليمية الحكومية في بلادنا، كيف تقيمها؟
– عندما تواجهك مشكلة وتريد حلها، من تستشير من معارفك أو أصدقائك أو أقربائك؟
– من بنظرك الطرف المسؤول عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود؟
– بشكل عام، كيف تقيم أوضاعك الشخصية وأوضاع عائلتك اليوم؟ هل هي جيدة أم سيئة؟
– هل تشعر أن أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية اليوم أفضل أم أسوأ مما كانت عليه قبل خمس سنوات؟
– وماذا عن مستقبل هذه الأوضاع؟ هل تسير البلاد نحو مستقبل أفضل أم أسوأ؟
– هل تشعر أن أوضاعك الشخصية والعائلية أفضل اليوم مما كانت عليه قبل خمس سنوات؟
– وماذا عن المستقبل؟ هل تتوقع أن تتحسن أوضاعك الشخصية وأوضاع عائلتك أم هل تتوقع أن تصبح أسوأ؟
– بشكل عام، كيف تقيم أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية اليوم؟
– لو أردت تحديد المشكلة الأكثر أهمية التي تواجه البلاد اليوم فإنك تعتقد أنها؟
– مستوى المعيشة المنخفض
– الخدمات التعليمية منخفضة
– الخدمات الصحية غير لائقة
– إمكانية حصول حرب في سوريا أو مناطق مجاورة
– غياب الحريات السياسية العامة في البلاد
– انتشار الفساد
– غلاء الأسعار وخاصة أسعار المواد الغذائية
– اللاجئون العراقيون
– هل تعتقد أن الحكومة قادرة على حل المشاكل التي تواجه البلاد اليوم؟
– هل تدفعك ظروف المعيشة والعمل وغيرها من الظروف للرغبة في السفر للخارج؟
– ما هو البلد الذي ترغب في السفر إليه أكثر من غيره في حال كان الجواب نعم ؟
– هل تعتقد أنه يوجد فساد في الوزارات والإدارات العامة والحكومية في البلاد؟
– إن كنت تعتقد أن هناك فساد، برأيك هل سيزداد أو سينقص هذا الفساد في المستقبل أم سيبقى على حاله؟
– ما هو تقييمك لأوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا؟
– هل توافق أم لا توافق على أنه ينبغي إيقاف العمل بقوانين الطوارئ؟
هذه كانت مجمل المحاور والأسئلة التي أُريد من خلالها الوقوف على الأوضاع في سوريا ومعرفة رأي المواطن السوري فيها. ومهما كانت أجوبة تلك العينة، فإنها بالتأكيد تعطي صورة تقريبية للأحوال السورية على كافة الصعد ولا تنال من “سمعة سوريا” أو تشويهها كما تحاول الرطانة البعثية تصويره.
كذلك، أين هي الأخبار الكاذبة عندما يقول تقرير مرفق بالاستطلاع إن سورية احتلت المرتبة 165 من 175 بلدا في الحد من الحريات الإعلامية! كذلك أين هي الأخبار الكاذبة عندما سورية تصنف بين أسوأ “ثلاث عشر عدواً للأنترنت”!
كذلك يدحض ذلك الاستطلاع كذبة الاقتصاد القوي والمتين الذي يروج لها الإعلام السوري عندما 51.9% من أفراد تلك العينة يحلمون بالهجرة نتيجة أوضاعهم الاقتصادية السيئة، كذلك عندما تقول ما نسبته 9.4 % من عينة الاستطلاع، قدَّرت أن أوضاعها الشخصية “جيدة جداً”، وقدرت نسبة من 29.8% أن أوضاعها “جيدة”، وترتفع النسبة إلى 35.7 % ترى أن أوضاعها “ليست جيدة ولا سيئة”، بينما ترى نسبة 18 % أن أوضاعها “سيئة” أما نسبة 6.6% فترى أن أوضاعها “سيئة جداً”. وعندما يجيب 33.2% من العينة أن الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد اليوم أسوأ مما كان منذ خمس سنوات، يتبين تهافت اتهامات القضاء الاستثنائي والعسكري في القضية موضوعنا وكل القضايا الأخرى.
أما عندما 30.8 من العينة تبدي تشاؤمها من المستقبل و22.9% ترى بأن أن غياب “الحريات السياسية” هو أخطر القضايا الضاغطة التي تواجهها سورية اليوم، ثم 20.3% منها، يرى بأن الفساد يأتي بعد غياب الحريات السياسية كمشكلة ضاغطة وخطيرة تواجهها سورية، عندها يتساءل أي مراقب محايد: أين هي “الأخبار الكاذبة” التي زُج ويُزج بسببها أغلب النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان والحريات في السجون؟؟!
السجينة رغداء حسن وتهمة “نشر الأخبار الكاذبة التي من شأنها أن توهن نفسية الأمة”؟!
stern — stern_43@yahoo.com
لا حرية ودمقراطية في العالم العربي ولذلك سوف يبقى العالم العربي متخلف ماذا كان سيحصل لها لو تسائلت عن التعذيب في السجون ؟ او من اين الاموال لبناء القصور؟ …الخ طبعآ اعدام بتهمة الخيانة العظمى الدول العربية مبنيةعلى لا شيء وستظل على لا شيء