استيقظت في السابعة صباحا، أقدر أنا وكلّ رقاوي أن اليوم الأول بعد التحرير سيكون مختلفا. فنحان القهوة الصباحي يحتاج اعداده الى جهود مضاعفة، لاكهرباء ولا ماء في كل
المدينة، فالنظام، كما يُتداول، قصف المحطة الر ئيسية. لا غاز في البيت الذي اسكن فيه بعد نزوحنا اليه هاربين من المنطقة السماة “دوار أمن الدولة” حيث اشتد القصف هناك قبيل سقوط ذلك الجهاز اللعين. ذهبت الى بيت أختي الأخر في نفس الدائرة بحثاعن فنجان القهوة، أيضا لانتيجة، لا غازولا كهرباء. بيت أختي الثالث القريب أيضا زوجها أصبح ثريا وتذكرت أن لديه جرة غاز، أخيرا حصلت على ذلك الفنجان.
ليلنا الفائت كان قلقا ، ظلام كامل كان يطبق على المدينة، الاتصالات الخليوية مقطوعة أيضا، أصوات الرصاص والمدافع كانت تأتينا بشكل متقطع وطائرات الموت كانت تحلق وان لم تحمل معها موتا كثيرا.
حملت كاميرتي وانطلقت الى شارع تل أبيض ثم الى 23 شباط وتجولت في الشوارع الفرعية. مشاويرك يجيب أن تمشيها حيث لا سيارات أجرة. الحركة كانت كثيفة انما للأسف كلها نزوح الى خارج المدينة حيث الريف القريب والبعيد. هل هي روح القطيع تلك التي تسيطر في زمن الأزمات والحروب أم هي طائرات الموت التي بدأت تعربد في سماء الرقة أم هي محاولة لتجنب ما جرى لحمص وحماه ودير الزور؟؟!! الجواب بالتأكيد، كل تلك الأسباب مجتمعة.
المحلات كانت مغلقة في معظمها ، هناك محلات مفتوحة انما كان أصحابها يخرجون ما فيها ويكدسونها على الرصيف تأهبا لنقلها الى أماكن أخرى. استوقفني محل قد فتح أبوابه، صاحبه كان يعد قهوته على ضوء ثلاث شمعات ولما أستأذنته بالتصوير وافق مبتسما.
الناس في الرقة في اليوم الأول بعد التحرير يشبهون علامات الترقيم باللغة العربية، منهم كاشارة الاستفهام وما توقف يسأل بقلق : هل ستمرّ الأمور هكذا؟ هل ستقصفنا الطائرات ؟ ماذا ستكون ردة فعل النظام؟ وهم أكثرية.
منهم من يشبه اشارة التعجب ولازال غير مصدق. ومنهم كالفاصلة المنقوطة مستمرا ومتابعا عمله وهم قلة.
الرقة فاصلة في سطر طويل، نفطة النهاية أو تلك التي يسمونها نقطة في نهاية السطر، لا تكون الا بتحرير سوريا كلها، غير ذلك، فرحنا منغوص وفيه غصّة.
نقلاً عن صفحة أحمد الطيار على “الفايس بوك”
*
إقرأ أيضاً: