في اجتماع لـ”مجلس المطارنة” الموارنة قبل حوالي الشهرين، سأل أحد المطارنة البطريركَ الجديد لكنيسة الموارنة، ساخراً، إذا كان سيذهب إلى فرنسا “ليقول لساركوزي أن الثورات العربية هي مؤامرة صهيونية”!
في تصريحه اليوم لـ”فرنسا 24″، لم يتطرّق البطريرك الراعي بكلمة إلى حضيض “الرق” الذي وصلت إليه الشعوب العربية في ظل خيمة الإستبداد والقهر والإذلال الممتدة من المحيط إلى الخليج!
ولم يتطرّق بطريرك الموارنة الجديد بكلمة إدانة واحدة للعنف الهائل الذي مارسته الأنظمة ضد شعوبها خلال الأشهر الماضية. لم ينتبه غبطة البطريرك إلى شعار “سلمية” (هل هنالك أكثر “مسيحية” من شعار “سلمية”؟) الذي رفعته كل الشعوب الثائرة من تونس إلى مصر، وإلى اليمن، وإلى سوريا.. وهي بيت القصيد في كلام البطريرك. ولم يقرأ تقارير الأمم المتحدة التي اتهمت نظام القذافي وبشار الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ولم يقرأ كلام ثوّار سوريا الذين رفضوا الإنجرار إلى العنف، وإلى الطائفية، كما يرغب نظام الأسد.
كلام البطريرك “الملتبس” يوحي وكأن الشعوب هي التي تمارس العنف ضد أنظمتها!
“لا يجوز أن نلعب بمصائر الشعوب”، قال البطريرك مخاطباً الرئيس ساركوزي! هكذا! السوريون يُقتلون بالألوف “لعيون ساركوزي وأوباما”! والفلسطينيون في “مخيم الرمل” الفلسطيني باللاذقية قصفهم النظام بالطرادات والدبابات لأنهم أداة لـ”مؤامرة صهيونية”!
البطريرك الراعي يرفع شعار حافظ الأسد المعروف “أنا، أو الحرب الأهلية”! ويلوّح بورقة “الأقليات الدينية” في وجه الربيع القادم لا محالة!
ليس بإسمنا، غبطة البطريرك!
المسيحيون اللبنانيون، الذين تحدّث البطريرك الراعي بإسمهم في الإليزيه، لم ينظروا يوماً إلى أنفسهم كـ”أبناء أقليات”! هذا التعبير “إهانة” لمسيحيي لبنان و”إهانة” لشعب 14 آذار (بكل أديانه وطوائفه) الذي صنع أولى ثورات الربيع العربي السلمية قبل شعوب العرب جميعاً.
البطريرك يخاف على مسيحيي سوريا. ليقرأ جيّداً كلام المواطن السوري، “السيد” ميشال كيلو:
“الناس الذين خرجوا بالثورة لم يقولوا إسلام ولم يقولوا محمد، بل قالوا حرية .لديهم رغبة بالخروج من عالم الاستبداد الذي لا يشكل عالمأ سياسياً وحسب بل وفكريا واجتماعياً وتاريخياً موروثاً. الشرق، شرقنا نحن، لا يعرف مفهوم المجتمع ولا مفهوم الفرد ولا مفهوم الدولة، وبالتالي ولا مفهوم الحرية. هؤلاء الناس القادمون من مجتمع الشرق يقولون لأول مرة “الحرية” يرفعون قيماً هي من صنع المجتمع الحديث في العالم الحديث. وإذا كان لديهم فرصة لتطبيق هذه القيم فهذا سيؤدي لتحقيق مصالحة تاريخية كبرى بين الشرق وبين العالم، سننتهي من العداء بين الإسلام والمسيحية، والاستبداد والحرية، سندخل في تاريخ جديد، نحن وأنتم، نحن والعالم كله. وسنكون جزءاً من العالم الحديث فعلياً، على الأقل قطاعات واسعة من مجتمعاتنا، لتبني فكرة الدولة المدنية وفكرة المواطنة وفكرة الحرية وهذا ما يشتهيه الناس. وهذه فرصة لمساعدتهم للخلاص من استبداد الشرق الذي عمره 2000 سنة، من الاستبداد الديني، والمجتمع المغلق، هذه فرصة كبيرة لكم ولنا ويجب أن تستغلوها..”
ميشال كيلو “بطرك”!
بيار عقل
*
http://www.france24.com/ar/20110907-lebanon-france-visit-maronite-patriarch-bechara-boutros-al-rahi-christian-east-mcd-interview
دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاسرة الدولية وفرنسا الى عدم التسرع في القرارات التي تعمل على تغيير الانظمة، سائلاً هل نحن ذاهبون الى حرب أهلية سنية علوية.
وقال الراعي في حديث لـ” فرانس 24″ :علينا ان نعمل مع الاسرة الدولية، انه لا يجوز ان نلعب بمصائر الشعوب، فلا يكفي ان نقول، ونطالب بالاصلاح، وان توضع الديموقراطية، وان تعطي الناس حقوقها عبر الحرب والعنف، فنحن نقول هناك وسائل اخرى، مؤتمرات دولية وحوار وتعاط بين الدول على المستوى الاقتصادي، فالدول تستطيع ان تضع شروطا من اجل الديموقراطية لا ان تصنع حربا من اجلها لان الاختبارات في العالم العربي كلها ادت الى الخراب، لذلك اقول، واتطلع الى فرنسا انه ينبغي علينا ان نفكر جديا ماذا بعد؟ هل نحن ذاهبون في سوريا مثلا الى حرب اهلية سنية – علوية، فهذه ابادة شعوب وليست ديموقراطية ولا اصلاح، وهل نحن ذاهبون الى تقسيم سوريا الى دويلات طائفية؟ فهذا السؤال يطرح ايضا على كل البلدان العربية، فينبغي على الاسرة الدولية ان تواكب الامور حتى النهاية، فلا يكفي ان نشعل، ونبارك الحروب، بل ينبغي ان ندرك الى اين سنصل، فهذا نداء الكنيسة، وهي لا تؤمن ابدا بالعنف والحرب، وهذه ليست وسيلة، فمن له حق ان يحدد نهاية انسان”؟.
وأضاف: ” لسنا مع اي نظام، ولا نوالي اي نظام، بل نبارك كل نظام يحترم حقوق الشعوب والسلام والعدالة وحقوق الانسان وكرامته.اقول هذا لكي لا نقع في التباس، الكنيسة لا يمكن ان تتلون باي نظام بل تبارك اي نظام يفعل لخير البلد والمواطنين”.
وابدى الراعي قلقه على وضع الاقليات المسيحية في بعض الدول العربية كالذي يحصل في العراق حيث يقتلون في بيوتهم وفي كنائسهم وعلى الطرق. واذ شدد على ان هؤلاء ليسوا ثوارا ولا مقاتلين، وليسوا ضد النظام، سأل الراعي فماذا فعلوا ليقتلوا؟ هل لانهم مسيحيون؟، معتبرا انه اذا كانت الانظمة في معظم البلدان العربية هي انظمة دينية بما يعني مثلا ان دين الدولة الاسلام، او كما في اسرائيل دين الدولة اليهودية، اذا نحن نعيش في خطر مستمر.
وردا على سؤال ماذا يقول للمسيحيين السوريين، دعاهم الراعي الى عدم الخوف، مطالبا بالتضامن معهم روحيا وماديا ومساعدتهم سياسيا مع الاسرة الدولية لكي يصار الى حماية الاقليات ايا كانت مسيحية او اسلامية لانه من حق الانسان ان يعيش كريما”.
مشروع فيدرالية!
يُذكَر أن جريدة “الديار” نقلت اليوم أن ”
البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي سافر الى فرنسا للاجتماع بالرئيس ساركوزي ولقاء المسؤولين الفرنسيين، حمل معه دراسة عن وضع المسيحيين في لبنان تتضمن 5 بنود وكلها تتعلق بحماية المسيحيين في لبنان وانعكاس الازمة في سوريا على مسيحيي لبنان وسوريا.
والبنود الخمس تشكل اقتراحات سيقدمها البطريرك الراعي الى الرئيس ساركوزي وقد علمت «الديار» ان اخر بند في الاقتراحات هو ما يسمى «بالخيار الاصعب» وهذا الخيار الاصعب هو بقاء لبنان موحدا ضمن فيدرالية تعطي المناطق المسيحية خصوصيتها، وسيبحث هذا الامر مع ساركوزي كما سيسمع منه وجهة نظر فرنسا الى اين تريد اوروبا واميركا السير في المنطقة.
“الراعي” ضد “الربيع العربي”: “هذه إبادة شعوب وليست ديمقراطية ولا إصلاح”!
يقال ان أحدهم قال عندما خلف أنور السادات جمال عبد الناصر بعد وفاة الأخير: إذا أردت ان تعرف كيف يفكر السادات أو ماذا سيفعل، ليس عليك سوى أن تتخيل ردّة فعل جمال عبد الناصر على أمر معيّن لتعرف أن السادات سوف يقوم بردّة فعل معاكسة تمامًا… هذه حالنا مع البطريرك الراعي. هاجسه ألا يبدو نسخة عن البطريرك صفير سوف يودينا بستين داهية. تلاعب بالألفاظ والعبارات، تذاكٍ في غير محله… إلخ. ليس هكذا تقاد الكنيسة المارونية يا سيّد.
“الراعي” ضد “الربيع العربي”: “هذه إبادة شعوب وليست ديمقراطية ولا إصلاح”!
جعجع الأسد سيسقط: “ان اتكلنا في استمرار الوجود المسيحي على انظمة دكتاتورية فلمَ هذا الوجود؟”
“الراعي” ضد “الربيع العربي”: “هذه إبادة شعوب وليست ديمقراطية ولا إصلاح”!ثقافة محافظة إلى أفصى الحدود هي تلك التي تجعل بشارة الراعي ينطق ويتموقع في خضم الأحداث الجارية. الثقافة المحافظة ليست موضع نقض بحد ذاتها، لكن ما تحمله تلازماً وحكماً من محدودية، إنما هو ما يشكل العائق الأجسم بين العقل الناظر المفكّر بالأحداث، وبين رؤية كافة أبعاد هذه الأخيرة. من هنا انحصار بشارة الراعي إزاء الحاصل في سوريا، مثلاً، في تصوّر رأس عصابة الأسد كالحامي النموذجي لأقلية مذعورة متقوقعة خائفة على مستقبلها لدرجة أنها تسلم أمرها كلياً ودون رجعة لأي كان، والحال هنا لرأس عصابة مجرمة لصوصية تفعل في سوريا وبشعبها… قراءة المزيد ..