يقول حلمي سالم في قصيدته “شرفة ليلى مراد”: “ليس من حل أمامي.. سوى أن أستدعي الله والأنبياء.. ليشاركوني في حراسة الجثة.. فقد تخونني شهوتي أو يخذلني النقص.. الرب ليس شرطيا حتى يمسك الجناة من قفاهم.. إنما هو قروي يزغط البط ويجس ضرع البقرة بأصابعه صائحا: وافر هذا اللبن.. الجناة أحرار لأنهم امتحاننا الذي يضعه الرب آخر كل فصل قبل أن يؤلف سورة البقرة.. الرب ليس عسكري مرور.. إن هو إلا طائر.. وعلى كل واحد منا تجهيز العنق.. لماذا تعتبين عليه رفرفرته فوق الرؤوس.. هل تريدين منه أن يمشي بعصاه في شارع زكريا أحمد.. ينظم السير ويعذب المرسيدس”.
هذه القصيدة لم “تبهرنا”! مع ذلك ينشرها “الشفّاف” بكل فخر! لماذا؟ لأننا ضد “العُسس” الذين ينصبون أنفسهم ممثّلين (منتفعين) لما يسمّونه “الذات الإلهية”. وإذا كانت القصيدة “كفراً بواحاً”، حسب تعبير متبادل، فالكفر البواح حق من حقوق البشر الطبيعية، مثله مثل الإيمان بالله أو بالرب أو بالشمس أو بالقوى الطبيعية.
أما مبدأ “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” فهو كارثة عقلية وكارثة علمية وكارثة حضارية. بموجب هذا المبدأ يمكن لأي مستبد جاهل أن يشرّع إقفال المدارس كلها، ومنع تعليم المواد العلمية والرياضيات، ومنع تعليم الفلسفة كما هو الحال في السعودية وكما يطالب عباقرة “الشريعة” في الكويت.
هل انتبه عباقرة “محكمة القضاء الإداري” في مصر طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف إدريس أن مبدأ “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” يبرّر لحركة “الطالبان” أنها تفضل أن تموت المرأة على أن “يكشف” عليها طبيب؟ وأنها بموجب نفس المبدأ أقفلت مدارس البنات في أفغانستان، والآن في باكستان؟
نحن لا نفهم أن ينحطّ القضاء المصري، الذي ورث “شرعة نابليون” إلى استخدام هذا المبدأ الذي “يليق” بأي “مطوّع” أمّي!
“الشفّاف”
*
القاهرة- خاص
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” بهذه الكلمة أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما بإلغاء ترخيص مجلة “إبداع” الأدبية التي تصدر عن الهيئة العامة للكتاب –هيئة حكومية- ذلك لنشرها قصيدة “تسيء إلى الذات الالهية”.
وأشار الحكم بناء على دعوى رفعها المحامي سمير صبري إلى أن المجلة التي يرأس تحريرها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قامت بنشر قصيدة شعرية بعنوان “شرفة ليلى مراد” للشاعر حلمي سالم تتضمن “إساءة للذات الالهية” وأن “المحكمة ثبت لديها أن القصيدة ورد بها ألفاظ تسيء إلى رب العالمين وأن هذا الفعل يباعد بينها وبين رسالة الصحافة ومن غير المعقول أن يكون هذا العمل قد نشر عبثا دون أن يمر على القائم على هذه المجلة الامر الذي يؤكد أن بعضهم لديه القناعة والاستعداد لنشر مثل هذه الاسفافات المتطاولة على رب العالمين”.
يذكر أن هذه القصيدة أثارت جدلا واسعا في مصر بعد أن حصل حلمي سالم على جائزة الدولة للتفوق العام قبل الماضي ما دعا الشيخ يوسف البدري إلى إقامة دعوى قضائية لاستراجع قيمة الجائزة وبالفعل حصل على حكم لصالحه في هذه القضية بل وصل الأمر إلى أنه طالب بإقالة وزير الثقافة فاروق حسني باعتباره المسئول الأول عن إصدار هذه المجلة وهذه الجوائز.
وكان الازهر أرسل تقريرا إلى المحكمة يؤيد كفر حلمي سالم وإتهامه بالمساس بالذات الإلهية.
د. ناصر الإنصاري رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الجهة المسؤولة عن إصدار المجلة كان اول من أدلى بتصريحات تتهم القصيدة بالمساس بالذات الإلهية وتخذ قرارا بسحب عدد المجلة الذي تضمن القصيدة.
“الذات الإلهية” تغتال مجلة “إبداع” في أحد شوارع القاهرة!
ومع ذلك أنت تدورين أيتها الأرض ، والرب يزغط البط ، بل يزغط الدود والنمال في باطن صخرة