نشرت مجلة “التايم” الأميركية في عددها الأخير، الصادر يوم الخميس 18 آب الجاري، مقابلة أجراها مراسل المجلة في بيروت نيكولاس بلانفورد مع أحد المتهمين الأربعة باغتيال الرئيس رفيق الحريري. هنا نصها:
مقدمة المجلة
خلال حوار مع مصدر في “حزب الله”، تعرّف مراسل في مجلّة “التايم” على أحد المتّهمين بالمشاركة في اغتيال رفيق الحريري. وصل المتّهم وحده على درّاجة (سكوتر) إلى منزل رفيقه في الحزب. وخلال مناقشة القرار الإتهامي، أفصح عن هويّته وأبرز بطاقة هويّة قديمة تأكيدًا على ذلك، ووافق على إجراء المقابلة بشرط عدم الكشف عن اسمه ومكانه.
¶ لماذا وافقت على إجراء هذه المقابلة؟
- أريد أن أبعث برسالة إلى العالم أنّ لا علاقة لي باغتيال رفيق الحريري وأنّ كلّ التّهم ضدّي باطلة.
¶ وكيف تفسّر تحليل بيانات الهاتف الخلوي؟
- الجميع يعرف أنّ الموساد قادرعلى التلاعب ببيانات الخلوي من خلال الجواسيس والعملاء، وقد تمّ توقيف بعض العملاء، وهذا دليل قاطع على أنّ اسرائيل تتلاعب ببيانات الاتصالات. لو تمّ إنشاء المحكمة على أدلة حقيقية لكنت سلّمت نفسي من اليوم الأوّل.
¶ فلنعد في الزمان الى يوم الاغتيال. أين كنت في 14 شباط 2005؟
- كنت أتمّم عملي العسكري ولا يمكنني أن أفصح عن المكان ولكن يمكنني أن أثبت أنّي لم أكن في منطقة السان جورج، حيث وقع الانفجار. كنت بعيدًا أقلّه مسافة ساعة ونصف عن ذلك المكان.
¶ إذن، أنت تنكر مشاركتك في هذا العمل الارهابي؟
- كليًّا، إلى درجة أنّني فوجئت حين سمعت خبر اغتيال الحريري وتوقّفت مع صديق لي عند قهوة لنشاهد التلفاز. وفي اليوم التالي، ذهبت الى عملي كالمعتاد ورآني الناس. لو كنت متورّطًا في الاغتيال لكنت اتّخذت اجراءات أكثر.
¶ بعد إنشاء المحكمة الخاصّة بلبنان، هل توقّعت أن تكون من المتّهمين الأربعة؟
- لسنوات عدة، اتُّهمت سوريا بالاغتيال وطوّق المجتمع الدولي بأسره سوريا على هذا الأساس. ولكن بعد تعاون سوريا مع الأسرة الدولية، تمّ اتّهام “حزب الله” فوردت أسماؤنا على أننا القتلة.
¶ لم لا تسلّم نفسك إلى المحكمة؟
- لن أسلّم نفسي إلى محكمة هدفها الأساسي القضاء على “حزب الله” وليس الكشف عن هويّة القتلة الحقيقيين. هذه محكمة مسيّسة وقد اعترف بذلك حتّى بعض أعضائها. إذا كانوا يفتّشون عن الحقيقة، فليبحثوا في مكان آخر خارج لبنان. فليتّجهوا إلى البلدان المجاورة وسيكتشفون من هم حقيقة المشتبه فيهم.
¶ هل تعني سوريا؟
- قطعًا لا. عليهم الذهاب الى اسرائيل، هي وحدها تستفيد من قتل الحريري. ألا ترى أنّ المستفيد الوحيد هو اسرائيل وحلفاؤها؟
¶ هل تعتقد أنّ “حزب الله” سيسلّمك إلى المحكمة؟
- لو كنت مذنبًا، لكان “حزب الله” سلّمني الى ما يسمّى بالعدالة الدولية من اليوم الأوّل. أكرّر للمرّة الأخيرة: أنا بريء من كلّ التهم الموجّهة ضدّي.
¶ السلطات اللبنانية تبحث عنك أيضًا.
- السلطات اللبنانية تعرف أين أعيش، ولو أرادوا أن يوقفوني لكانوا فعلوا ذلك منذ زمن بعيد. ببساطة، إنهم لا يستطيعون.
¶ ماذا تظنّ أنّه سيحلّ بالمحكمة؟
- المحكمة فاقدة لمصداقيتها منذ البداية. أنا أكيد أنّها ستكمل عملها ولكنّ لبنان لن ينفّذ قراراتها. على المجتمع الدولي أن يبحث عن وسيلة أفضل للقضاء على المقاومة وسوريا وإيران.
¶ ما هي خططك للمستقبل؟
- سأكمل حياتي العادية من دون إيلاء المحكمة أو قراراتها أيّ أهمية.
الحريري سأل ميقاتي وسليمان إذا كانا سمعا بمقابلة “التايم”!
الرئيس سعد الحريري توّجه إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان سائلاً إيّاه ما إذا سمع بالمقابلة التي نشرتها مجلة “تايم” مع احد المتهمين المطلوبين للعدالة الدولية في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما دعا الحريري “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعه باقي الفريق الوزاري المسؤول مبدئياً عن التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية”، إلى أن يسمعوا من تلك المقابلة “الإعلان الذي جاء على لسان المتهم عن عجز السلطة اللبنانية عن توقيفه وإمتناعها عن توقيفه، رغم معرفتها بمكان إقامته”.
وقال الحريري في بيان: “يبدو أن أحداً من كل هؤلاء لا يريد أن يسمع أو أن يقرأ أو أن يرى أو حتى أن يتكلم، وإنّ سياسة صمّ الآذان ودفن الرؤوس في الرمال تجاه كل ما يتصل بحزب الله وسطوته على القرار الحكومي وعلى هيبة الحكم في لبنان، هي السائدة، وليس في مقدور احد من اهل الحكم ان يخالف رأي وتوجهات وإرادة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية”، وتابع: “ما نُقل عن احد المتهمين في مجلة “تايم” أكثر من خطير، وأكبر من ان يكون مجرد إخبار للنيابة العامة التمييزية، لأنه إعلان واضح ومكشوف من جانب حزب الله بأن الدولة برئاساتها ومؤسساتها وحكومتها وأجهزتها الأمنية والقضائية، هي مجرد أدوات، وظيفتها الأساسية حماية حزب الله وتنفيذ رغباته والتستر على المخالفات والتجاوزات التي يرتكبها بحق لبنان واللبنانيين”، فحزب الله يريد الدولة غطاءً لوجوده السياسي والأمني والعسكري، وهناك في الدولة والحكومة من يوفر له هذا الغطاء، ويشاركه سياسة الهروب من الحقيقة والإلتفاف على العدالة”.
وأردف الحريري: “هذه الحكومة، بوجهين ولسانين، لسانٌ ينطق بإسمها ويقدّم الكلام المعسول للبنانيين وللمجتمع الدولي ليبرر التقصير عن تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية، ولسانٌ يديرها ويتخذ القرارات الرامية لتعطيل مسار المحكمة وحماية المتهمين من المثول امامها، لكن سياسة توزيع الأدوار بين الحكومة وبين حزب الله، مرفوضة جملة وتفصيلاً، ولن تلقى منّا سوى الشجب والإستنكار والإصرار على التمسك بتحقيق العدلة ومواجهة كل اشكال الأرهاب السياسي والتسلط الأمني”. وختم الحريري بالقول: “التاريخ لن يرحم المتورطين بهدر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وهو بالتأكيد سيلعن كل المشاركين في بيع دماء الشهداء، لقاء حفنة من مواقع السلطة”.
حزب الله ينفي و”التايم” تؤكد لأخبار المستقبل إجراء المقابلة.
حزب الله رد على ما ورد في مجلة الـ”تايم” من مقابلة منسوبة إلى أحد المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فأشار في بيان إلى أن مراسل المجلة الاميركية “ادّعى انه اجتمع مع مصدر مسؤول من حزب الله، ثمّ وجد نفسه وجهاً لوجه مع أحد المتهمين الأربعة في قضية الحريري، فأجرى مقابلة معه”.
وأكد الحزب في المقابل أن “أي مصدر مسؤول من حزب الله لم يجتمع مع مراسل مجلة “تايم”، لا منفرداً ولا مع أحدٍ آخر، وبالتالي فالخبر المذكور عارٍ من الصحة تماما، والمقابلة المدّعاة لا وجود لها”.
وأضاف بيان حزب الله: “يبدو أنّ القصة من فبركات المحكمة الخاصّة بلبنان، التي عوّدتنا على الروايات البوليسية الكاذبة والمختلقة إعداداً وحواراً وترويجاً”.
مجلة “التايم” ردت بدورها على نفي حزب الله في اتصال إجرته معها قناة أخبار المستقبل فأكدت حصول المقابلة مع احد المتهمين.