“الشفّاف”، بيروت
كل التوقعات والتقديرات كانت تفيد أن السيد حسن نصرالله سينفي الاتهامات الموجهة إليه وإلى حزبه من القضاء المصري بتهمة التخطيط لـ”أعمال عدائية” في مصر، ولكن المفاجأة أن “السيد” أقر بأن اللبناني “الملقب” سامي شهاب المعتقل لدى السلطات المصرية هو من أفراد الحزب وأنه “كان يقوم بعمل لوجستي لمساعدة الأخوة الفلسطينيين في نقل عتاد وأفراد لصالح المقاومة في داخل فلسطين”، ولم يكتف السيد حسن بهذا القدر بل ذهب إلى حد القول “إذا كانت مساعدة الفلسطينيين المحتلة أرضهم والمحاصرين جريمة فأنا اليوم بشكل رسمي اعترف بهذه الجريمة”.
قبل الحديث عن موقع لبنان في الصراع العربي-الإسرائيلي، أو عن رفض حزب الله التقيد بمضمون المبادرة العربية للسلام، أو عن محاولته توريط الأنظمة العربية وتعريتها تمهيدا لإسقاطها وإدخال الدول العربية في حالة من عدم الاستقرار الأمني وتحويلها إلى ساحات مستباحة شبيهة بالساحة اللبنانية، وقبل الحديث أيضا عن جدوى هذه “المقاومات” التي جرت الويلات على شعوبها وأنهكت مجتمعاتها وأساءت إلى القضية الفلسطينية بعد تحويلها ورقة في يد نظام البعث حينا والملالي أحيانا…
لا بد، قبل كل ذلك، من التوقف عند مسؤولية الدولة اللبنانية إزاء إقرار أمين عام حزب الله أن مجموعة من كوادره دخلت مصر بغرض تقديم دعم لوجيستي للمقاومة الفلسطينية، أي بمعنى آخر إقراره بأن “نشاط” حزب الله يتعدى الحدود اللبنانية ولا يقتصر على “تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية وحماية لبنان من الأخطار الإسرائيلية” كما ورد في وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر الموقعة في السادس من شباط 2006، وأن إقراره هذا جاء خلافا أيضا لما أعلنه السيد نصرالله نفسه في محطات عدة بأن هدف مقاومته هو “محض لبناني” وليس تعميم المقاومة ونشرها، وأن “دعمه للمقاومة الفلسطينية لن يتجاوز الموقف السياسي إلى الترجمة على أرض الواقع”.
الكلام عن مسؤولية الدولة اللبنانية ليس بغرض المزايدة وتحميلها أكثر من طاقتها وقدرتها باعتبارها دولة “مخطوفة” وهي “رهينة” لدى حزب الله، فالدولة العاجزة عن تنفيذ مقررات طاولة الحوار حول نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها وترسيم الحدود مع سوريا، والعاجزة عن تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء اللبناني حول “جهاز أمن المطار” و”شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله” وغيرهما الكثير، والعاجزة حتى عن استيفاء رسوم الكهرباء من دويلة حزب الله، هذه الدولة إذا أعجز من ردع الحزب أو بالحد الأدنى تحذيره في حال عدم التزامه من الآن وصاعدا بالدستور الللبناني ووضعه حدا لنشاطاته الخارجية، بإن هذه الممارسات ستؤدي تلقائيا إلى المطالبة بحل حزب الله لأنه حول لبنان عن سابق تصور وتصميم إلى “ممر أو مستقر يستهدف المساس بأمن” دولة عربية شقيقة وهي مصر.
لا أحد في وارد دعوة الدولة اللبنانية إلى ممارسة سيادتها على أراضيها عبر وضع حد لنشاط حزب الله لأنها غير قادرة عمليا على ذلك، والمجتمعين الدولي والعربي يدركان هذا الواقع المأزوم والحقيقة المرة، ولكن يفترض بهذه الدولة في المقابل أن تسجل أقله حقها في ممارسة سيادتها على أرضها في الوقت والزمان المناسبين، وذلك غير ممكن في حال لم تسجل تحفظها العلني لا بل اعتراضها على تهديد حزب الله للأمن القومي المصري، ومخالفته، أي الحزب، لقواعد ونصوص الدستور اللبناني.
وقد جاء في البند الرابع من ثيقة الوفاق الوطني تحت عنوان “العلاقات اللبنانية-السورية”: “إن لبنان، الذي هو عربي الانتماء والهوية، تربطه علاقات أخوية صادقة بجميع الدول العربية، وتقوم بينه وبين سوريا علاقات مميزة(…) ولأن تثبيت قواعد الأمن يوفر المناخ المطلوب لتنمية هذه الروابط المتميزة، فإنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا لأمن لبنان في أي حال من الأحوال. وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممرا أو مستقرا لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سوريا. وإن سوريا الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته”.
إن ما ينطبق في هذا النص من الدستور اللبناني على سوريا ينسحب على سائر الدول العربية وغير العربية، وتخصيص سوريا جاء أولا نتيجة أن دمشق هي جزء أساسي من الأزمة اللبنانية التي كان يفترض باتفاق الطائف أن يضع حدا لها، وجاء ثانيا بعد الإشارة إلى العلاقات الأخوية والصادقة التي تربط لبنان بجميع الدول العربية، بمعنى دعوة دمشق وبيروت إلى ترشيد علاقاتهما لتكون هذه العلاقة على نفس مستوى علاقة لبنان بسائر الدول العربية. فلو استلزمت أزمة العام 1958، على سبيل المثال، تعديلا دستوريا، لكانت تضمنت بالتأكيد نصا يدعو القاهرة إلى احترام السيادة اللبنانية، وبالتالي تخصيص سوريا في هذا البند لا يعني إطلاقا استثناء الدول العربية الأخرى عبر إفساح المجال أمام بعض التنظيمات اللبنانية بتهديد أمنها واستقرارها.
ولذلك، الكلام عن سوريا وقتذاك يعبر فقط عن “آنية” المشكلة وسببها ومصدرها، ولكن النص هو نص عام، أي ما ينطبق على العلاقة بين لبنان وسوريا ينسحب على العلاقة بين لبنان وأي دولة وأخرى. وفي هذه الحال، أي في ظل الأزمة المستجدة والمفتوحة بين مصر وحزب الله على خلفية انتهاك الأخير للسيادة المصرية، يصبح البند الرابع من وثيقة الوفاق الوطني تلقائيا على الشكل التالي: “(…) فإنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن مصر ومصر لأمن لبنان في أي حال من الأحوال. وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممرا أو مستقرا لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن مصر. وإن مصر الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته”.
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي ينتهك فيها حزب الله حرمة الدستور اللبناني ويسيء إلى علاقات لبنان الخارجية، فهو يحتفظ بسلاحه خلافا لاتفاق الطائف الذي نص صراحة على حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ولم يستثني حزب الله، ويتمسك بسلاحه خلافا أيضا للقرار الدولي رقم 1559 الذي يتطابق مضمونه مع اتفاق الطائف. إن رد السيد حسن نصرالله أعاد اللبنانيين والعرب أربعة عقود من الزمن إلى الوراء، فهو خارج الزمن ولا ينسجم مع طبيعة التطورات التي استجدت على المستويين الدولي والعربي، وخصوصا أن ما جرى لبنان في حرب تموز 2006 وفي غزة 2008-2009 أثبت أن خيار المقاومة هو خيار تدميري وتفجيري للوحدات الوطنية ويخدم التوجه الإسرائيلي الرافض للسلام، وأن السلاح غير الشرعي يمثل مشكلة لا حلا، وأكبر دليل ما جره هذا السلاح على الشعبين اللبناني والفلسطيني، وأن الحل هو في إرساء السلام الشامل ووقف دوامة القتل والعنف.
أعادت “شبكة حزب الله” في مصر التساؤل عن جدوى هذه “المقاومة الشيعية” التي باتت بلا أفق، باعتبارها تصطدم على المستوى الدولي بجدار الشرعية الدولية كونها مصنفة إرهابية، وهي تصطدم على المستوى الإقليمي بجدار عربي كونها مصنفة “فارسية”، وهي تصطدم على المستوى الإسلامي بجدار سني كونها مصنفة شيعية، وهي تصطدم على المستوى اللبناني بجدار وطني كونها مصنفة خارجة عن الدستور والإجماع اللبناني…
charlesjabbour@hotmail.com
الخلية التنظيمية لحزب الله في مصر تشكل خرقا فاضحا للدستور اللبناني هل يكشف مسار تحقيق الاجهزة الامنية المصرية مع سامي شهاب رأس شبكة حزب الله في مصر عن معلومات تتعلق بعمليات الاغتيال التي جرت في لبنان منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة مرورا باغتيال الرئيس الحريري وبقية قافلة شهداء ثورة الارز . وتكون الاجهزة الامنية المصرية استطاعت الحصول على ما لدى شهاب من معلومات اضافة الى ما لديها ،ونجحت حيث تعذر وكان ولا زال محظورا على لجنة التحقيق الدولية القيام به مع اي مسؤول في حزب الله لان الحزب رسم خطا احمرا بوجه التحقيق اللبناني والتحقيق الدولي . فرضية لا… قراءة المزيد ..
الخلية التنظيمية لحزب الله في مصر تشكل خرقا فاضحا للدستور اللبنانيلنقرا التاريخ اولا الكل يعلم ان الجيش السوري ومافياته المخابراتية دخل لبنان بموافقة امريكية واسرائيلية بغرض القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية(تل الزعتر)..ارتكب الجيش السوري ومافياته المخابراتية الكثير من المجازر في لبنان ضد اللبنانيين والفلسطينيين..كما اغتال عددا من الشخصيات اللبنانية الشهيرة..عندما تحققت له السيطرة الكاملة للبنان تصرف النظام السوري في لبنان كما يتصرف في سوريا..من نهب وسرقة وفساد واجرام ودمار..وابقى فقط بالاتفاق مع نظام ايران مليشيا طائفية واحدة اسمها امل التي انقسمت بدورها بمسرحية حزب الله الطائفي. كره الشعب اللبناني سوريا بينما الواقع انه لم يعاني من النظام السوري المخابراتي ومافياته… قراءة المزيد ..