الحريري يستنهض سنّة الشمال والمملكة تلاقيه بالتصويب على حزب الله
المركزية- كوقع الصاعقة نزل نبأ وقف المملكة العربية السعودية مساعداتها لتسليح الجيش والقوى الامنية اللبنانية، خصوصا ان المبرر واضح وصريح: “المواقف اللبنانية المناهضة للمملكة على المنابر العربية والاقليمية والدولية في ظل مصادرة “حزب الله” لارادة الدولة”، والعبرة أوضح ” المؤسسة العسكرية تدفع ثمن ما اقترفته ايدي السياسيين اللبنانيين المغردين خارج سرب الاجماع العربي”.
نهاية “مأساوية” لآمال عريضة علّقت على هبة هي الاكبر في تاريخ تسليح الجيش الذي منّ النفس بها لتدعيم قدراته العسكرية بأسلحة متطورة كانت لتوفر حاجاته الكفيلة بمواجهة الارهاب وتنظيماته التي استهدفت في شكل خاص “من تسبب” بوقف الهبة بممارساته ومواقفه التي دأبت على انتقاد المملكة وتوجيه الاتهامات لها في كل مناسبة ولم يخل خطاب في الاونة الاخيرة من عبارات الشتم والخيانة والتآمر”، ما حمل كثيرين على توقع هذا المصير استنادا الى مقولة” انما للصبر حدود”.
واذا كان توقيت اعلان النبأ السعودي رسم علامات استفهام لجهة تزامنه مع عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت وما اذا كان من ترابط بين الامرين، فان السؤال الذي يفرض نفسه يتمحور حول كيفية تلقف المؤسسة العسكرية النبأ ومصير الاسلحة في طور التصنيع من ضمن هبة المليار دولار والعقود الموقعة في شأنها كما مصير الاتفاق الثلاثي الذي وقعته المملكة مع فرنسا ولبنان .
وفي انتظار المواقف الداخلية ازاء القرار السعودي “الصادم”، اعتبرت اوساط سياسية في فريق 14 آذار ان لبنان بشعبه وجيشه يجني اليوم نتيجة ما اقترفته أيدي حزب الله والفريق السياسي المناصر باعتلائه المنابر العربية لاطلاق مواقف لا تتناسب في اي شكل مع عطاءات المملكة ومكارمها تجاه لبنان ، وما زرعه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في مواقفه الهجومية على السعودية ووزير الخارجية جبران باسيل بالخروج على الاجماع العربي المدين للاعتداء على ممتلكات المملكة في طهران عوض ترؤس قائمة المدافعين عنها، يحصده لبنان وجيشه الذي يحتاج الى الى المساعدات العسكرية اكثر من اي وقت مضى.
بيان المملكة: ففي وقت كان اللبنانيون يتلقون صدمة بقاء جبال النفايات في الشوارع مع سقوط خيار الترحيل في بحر الفضائح والصفقات والعودة الى نقطة الصفر وما دون ، سقط عليهم نبأ اعلان المملكة وقف مساعداتها في بيان اعلنته وكالة الأنباء السعودية نقلا عن مصدر سعودي مسؤول اشارالى ” أن المملكة أوقفت مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي نظراً للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين …ولأن المملكة تقابل بمواقف لبنانية مناهضه لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة “حزب الله” لإرادة الدولة، وبعد مراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح السعودية، اتخذت قرارات منها: أولاً: إيقاف المساعدات المقررة من السعودية لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار أمريكي.وثانياً: إيقاف ما تبقى من مساعدة السعودية المقررة بمليار دولار أميركي المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني
الا ان المصدر أكد أن السعودية عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لكنها في الوقت ذاته تعلن وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بكافة طوائفه، و لن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني…مع تقدير المواقف التي صدرت من بعض المسؤولين والشخصيات اللبنانية بما فيهم الرئيس تمام سلام والتي عبّروا من خلالها عن وقوفهم مع المملكة وتضامنهم معها.
احتضان السنّة: وقالت مصادر سياسية مطلّعة لـ”المركزية” انه لا يمكن فصل الخطوة السعودية عن عودة الرئيس الحريري لكن ليس من الزاوية السلبية بل من ناحية التصويب على ان حزب الله هو سبب المشكلة في لبنان وليس الحل كما يصوّر نصرالله والحلفاء مشيرة الى ان مجيء الحريري يهدف الى استنهاض الحالة السنية المعتدلة في ظل التحديات الامنية والسياسية الاقليمية ومواجهة موجة التطرف التي تغزو شمال لبنان وتجذب شبابه السني الى وحول التنظيمات الارهابية، بحيث ان عودة الحريري الذي تعمّد اليوم زيارة طرابلس بالذات من شأنها ان ترفع الشعور بالقهر والغبن عن سنّة الشمال واحتضانهم في ضفة الاعتدال التي انزلقوا منها مع وجود الحريري في الخارج الى مقلب التطرف، وما الخطوة السعودية في هذا التوقيت الا لرفع معنويات فريق سنّة الاعتدال من خلال التصويب على حزب الله وتحميله مسؤولية وقف المساعدات وكل سوء يصيب لبنان.
من بكركي الى طرابلس: الى ذلك، كرر الرئيس سعد الحريري اليوم مواقفه الداعية الى انتخاب رئيس للجمهورية عبر الاحتكام الى اللعبة الديموقراطية. واذ جدد التزامه بدعم ترشيح رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية، قال من الصرح البطريركي الذي زاره صباحا “”نؤمن أننا دولة ديموقراطية لديها دستور ويمكنها أن تخرج بحل من لبنان”، معتبرا ان الحرص الفعلي على المسيحيين يترجم بانتخاب رئيس الجمهورية ففي كل لعبة ديموقراطية هناك رابح وخاسر، وحقّنا في الدّستور أن ننزل إلى مجلس النواب لإنتخاب اي مرشح”. ومن بكركي، انتقل الحريري الى طرابلس حيث أدى صلاة الظهر في مسجد الصديق.
الحريري للبطريرك.. باق في بيروت: وافادت مصادر متابعة لزيارة الحريري الى بكركي “المركزية” ان لقاءه والبطريرك استمر نصف ساعة خيمت عليه اجواء جد ايجابية وتفاؤلية وكان اتفاق على ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي في اسرع وقت لان الفراغ يشكل خيانة للدستور، وان توجه جميع الكتل النيابية الى البرلمان لانتخاب رئيس واجب . وكشفت ان الحريري وعد الراعي باقامة طويلة في لبنان وان زعيم “المستقبل” خلال مغادرته رافق البطريرك الى القاعة حيث سيرأس اجتماع اللجنة الاقتصادية فرحب به رجال الاعمال وطالبوه بالبقاء في بيروت لما لوجوده من أهمية بالنسبة الى تحريك العجلة الاقتصادية ورفدها بزخم ونشاط .