الشفّاف- بيروت
تأكيد الحزب التقدمي الاشتراكي أنه “ثابت في موقعه وتحالفاته السياسية وفي طليعتها مع تيار المستقبل بما يتطابق مع المصلحة الوطنية ومصلحة 14 آذار” أقفل عمليا النقاش الدائر داخل أوساط قوى 8 آذار حول ما سمي “التموضعات الجديدة للنائب وليد جنبلاط”. وقد ترافق هذا المواقف مع إقفال اللائحة في الشوف بما ينسجم مع مضمون الموقف الاشتراكي، أي التزام النائب جنبلاط جانب تحالفاته مع مسيحيي 14 آذار وتيار المستقبل.
من غير الجائز تحميل مواقف النائب وليد جنبلاط بين الحين والآخر أكثر مما تحتمل، وهي في معظمها تنطوي على رسائل إلى الحلفاء لا الخصوم ولا علاقة لها بالموقف السياسي لـ14 آذار. فمواقف جنبلاط عشية تشكيل اللوائح الانتخابية لا تختلف في جوهرها عن مواقفه عشية تشكيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية، أي إبداء ازعاجه وعتبه على طريقة مقاربة وإدارة المسألتين الحكومية والنيابية، وبالتالي من الخطأ الخلط بين الأسلوب أو الطريقة الجنبلاطية في التعبير وبين مؤديات مواقفه وخياراته وتحالفاته الاستراتيجية والنهائية، خصوصا أن النائب جنبلاط يدرك جيدا أن أي انفتاح محتمل من جانب سوريا أو من قبل حزب الله عليه مستقبلا لا يخرج عن سياق الهدنة السياسية الموقتة القائمة، ولا يمكن أن يرتقي إلى مستوى التحالف السياسي، وأن تحالفه الفعلي هو مع السنة بامتدادهم العربي ومع المسيحيين الذين فتحوا اعتبارا من مصالحة الجبل في شهر آب من العام 2001صفحة جديدة مع الموحدين الدروز لا تعيد في كل محطة واستحقاق نبش القبور وفتح دفاتر الحرب، ومع قوى 14 آذار مجتمعة، هذه القوى التي باتت تشكل بالنسبة إلى المجتمع الدولي المدخل إلى إعادة الحياة في لبنان إلى طبيعتها.
ومن ثم يقتضي احترام التنوع الموجود داخل 14 آذار، والتنوع يجيز الاختلاف ليس في الأساسيات إنما في طريقة مقاربة بعض الأمور بهدف امتصاص واستيعاب تداعيات وضع معين، حيث يجد النائب وليد جنبلاط نفسه على سبيل المثال مسؤولا تجاه طائفته في عدم تكرار أحداث السابع من أيار، مما يعني أن الهاجس الأمني لا يزال يتملكه منذ محاولة حزب الله اجتياح الجبل، وهو لا يريد أن تعيد الانتخابات الحماوة السياسية إلى الحياة السياسية اللبنانية ويسعى إلى ضبط الساعة اللبنانية على ساعة المنطقة التي دخلت مناخ التهدئة السياسية التي لا يجوز أن يكون لبنان خارجا عن سياقها. هذا من الجانب الأمني، أما على المستوى السياسي فثمة انزعاج واضح لدى زعيم المختارة نتيجة إصرار حلفائه من مسيحيين ومسلمين على التمثل في دائرتي الشوف وعاليه وتحويله مجرد قوة ناخبة لمرشحيهم، في الوقت الذي يتناسى فيه البعض أن النفوذ السياسي للموحدين الدروز لا يتجاوز جبل لبنان الجنوبي وهذه المساحة هي بالأساس مشتركة خلافا للطوائف الأخرى التي تتحرك ضمن بيئات مختلطة وصافية بشكل أو بآخر، أي أن الطائفة الدرزية هي الطائفة الوحيدة عمليا التي تفتقد إلى المدى الجغرافي الحيوي الذي يمنحها الأمان والاطمئنان على غرار المسيحيين من جبل لبنان الشمالي إلى شمالي لبنان، والشيعة في الجنوب وبعلبك، والسنة في بيروت وصيدا والشمال.
لا يجوز أن يتحول موقف مسيحيي 14 آذار إلى موقف اقتحامي لدوائر نفوذ حليفيه الاشتراكي والمستقبل وانسحابي في الدوائر المسيحية، بينما كل من النائب جنبلاط والنائب الحريري سيد قراره داخل دوائر نفوذه، ومسيحيي 14 آذار مع كل ما راكموه منذ انتفاضة الاستقلال إلى اليوم فاقدين المبادرة والقرار داخل دوائر نفوذهم، علما أن المعركة النيابية داخل المناطق المسيحية غير مرتبطة بهواجس أمنية خلافا للوضع على الساحة الدرزية، وغير مرتبطة أيضا بأجندة إقليمية على غرار ما هو عليه الوضع بين السنة والشيعة والضغوط الممارسة عليهم ليعكسوا جو المصالحات والحوارات القائمين.
لا شك أن المشهد السياسي-الانتخابي لهذه الدورة الانتخابية عموما وفي دائرة الشوف خصوصا يختلف اختلافا جذريا عما سبقه من استحقاقات أقله منذ العام 1992، أي منذ أول انتخابات نيابية بعد انتهاء الحرب اللبنانية. أما أسباب هذا الاختلاف فعائدة إلى استمرار النهج السياسي الذي بدأه النائب وليد جنبلاط منذ العام 2000 إلى اليوم من جهة، وإلى أن الاقتراع المسيحي ليس خاضعا لاعتبارات عاطفية ناتجة عما سمي بالتحالف الرباعي من جهة أخرى، بمعزل عن الدوافع الكامنة وراء هذا التحالف. فالانتخابات الراهنة تخاض على أساس خيارات سياسية واضحة المعالم، بمعنى أن الانقسام القائم هو بين خطين ونهجين وحتى ثقافتين، والنائب ميشال عون، بخلاف الاستحقاق السابق، يجاهر بتحالفاته وسياساته وارتباطاته، وهي تشكل خروجا عن خيارات المسيحيين التاريخية.
إن دائرة الشوف هي من الدوائر المحسومة انتخابيا نتيجة الصوت الدرزي المقرر والحاسم والتصويت السني الثابت تاريخيا للائحة الجنبلاطية، إذ يشكل السنة في إقليم الخروب حيثية سياسية وانتخابية مهمة، حيث يتعدى عدد المقترعين العشرون ألفا، ولكن الملفت في هذه البيئة السنية أن توجهها السياسي هو بالأولوية للحزب التقدمي الاشتراكي نظرا لانتمائها الجغرافي، إنما من دون أن تكون، في الوقت عينه، على تناقض مع امتداداتها الطبيعية المتمثلة في تيار المستقبل، مما يحول وجودها إلى ضمانة وحاجة بالنسبة إلى الدروز، ويعكس مزيدا من الاستقرار في الشوف. وهذا ما يجب أن ينسحب عمليا على المسيحيين في جبل لبنان الجنوبي.
لقد حرص النائب جنبلاط على مسألة أن تجسد اللائحة الـ14 آذارية في الشوف الشراكة المسيحية-الدرزية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وذلك من خلال ضم مكونين مسيحيين أساسيين إليها هما القوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار، أو ما يعرف بالحالة الشمعونية. إضافة إلى أن هذه اللائحة تختصر المشهد الـ14 آذاري من زاوية تأكيدها على متانة واستمرارية هذا التحالف بين مكوناته الدرزية (الحزب التقدمي الاشتراكي) والسنية (تيار المستقبل) والمسيحية (القوات اللبنانية والوطنيين الأحرار).
إن ثبات النائب جنبلاط على خياراته منذ العام 2000، وطبيعة الانقسام الوطني بين مشروعين سياسيين، إضافة إلى تركيبة اللائحة في الشوف، تشكل هذه العوامل مجتمعة عناصر قوة للائحة الـ14 آذارية، ما يجعل أنه من غير المسموح أن يحصد مرشحو 8 آذار في الشوف أصواتا مسيحية أكثر من مرشحي 14 آذار، وفي حال العكس يفترض بقوى 14 آذار، بمسيحييها ومسلميها، إجراء عملية تقويم ومراجعة لطريقة عملها من أجل أن يترجم التحالف السياسي الاستراتيجي بين مكوناتها عاجلا أم آجلا على أرض الواقع لأنها تجسد الأمل المرتجى من أجل “العبور إلى الدولة”.
charlesjabbour@hotmail.com
الثبات الجنبلاطي في الخيارات والتحالفات
النظامين الايراني والسوري اول من استغل العجرفة الامريكية واستعمارها المباشر للعراق الذي كان فيه حزب البعث المافياوي يسرح ويمرح. والكل يعلم الا الاحمق ان النظام الايراني مليشي طائفي فارسي يدعم الارهاب الطائفي المبرمج مثل فرق الموت والقاعدة وبدر والصدر والقدس وحزب الله الطائفي وغيرها..لتدمير المنطقة واحتلالها واستعبادها فهو مصدر الفتن والقتل والارهاب والمليشيات الطائفية المسلحة كما شاهدناه فعليا في العراق بقتل مليون بريء وتهجير اربع ملايين باستغلال الاستعمار الامريكي انها كارثة العصر.فيجب على الانسانية ان تقول لا للنظام الايراني المليشي الطائفي الفارسي الحاقد على الانسانية ولا للنظام المخابراتي المافياوي السوري.
الثبات الجنبلاطي في الخيارات والتحالفات
لا سلاح الا سلاح الجيش. . هل ستصبح لبنان مستعمرة فارسية ملالية او مستنقع للمافيات المخابراتية السورية؟