بنغازي (ليبيا) (ا ف ب) قال مسؤول السياسات والشؤون الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي الليبي الدكتور فتحي البعجة إن المجلس لم يف بدماء الشهداء الليبيين الذي سقطوا خلال حرب التحرير التي خاضوها للإطاحة بحكم معمر القذافي.
وأعلن البعجة في تصريح خاص بوكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) إنه مع “المطالب الشرعية للشعب الليبي” والتي أعلن عنها اليوم (الإثنين) خلال مظاهرات في مدينة بنغازي شارك فيها مئات من شباب ثورة السابع عشر من فبراير.
واعتبر البعجة أن المجلس الانتقالي الليبي هو من أوصل الشارع الليبي إلى هذا الاحتقان، وأن المجلس هو المسؤول عن ذلك.
وأشار البعجة إلى أن هذه المظاهرات الاحتجاجية تعبر عن غالبية الشارع الليبي، موضحا بأن ثورة الشعب الليبي ما تزال مستمرة.
وقال البعجة “أنا أعبر عن شخصي ولا أعبر عن المجلس بصفتي عضو فيه (..) لقد نقلت للمجلس هذا الاحتقان منذ مدة وفي أكثر من مرة، وقد كنت أتحدث عن ذلك في كل جلسة للمجلس ويشهد على ذلك كافة الأعضاء”.
وتابع “أنا لست بطرابلس، وموجود في بنغازي وأتابع هذه المظاهرات عن كثب وأقول إن المجلس هو من أوصل الشارع إلى هذه الحالة”.
وأكد أن أداء المجلس متدهور وضعيف للغاية، منتقدا عدم الإعلان عن أسماء معظم أعضاء المجلس حتى هذه اللحظة، ومشيرا إلى أن ذلك يثير التوجس لدى العديد من المواطنين.
وأوضح البعجة أن عدم الإعلان عن أسماء كافة أعضاء المجلس يبين أن هناك من يريد التنصل من المجلس الانتقالي ويدخل إلى انتخابات المؤتمر الوطني العام بعد أن تعهدوا بعدم دخولها.
وقال “ربما هناك البعض ممن يريدون عدم الكشف عن اسمهم وعضويتهم بالمجلس بسبب تورطهم مع النظام السابق في جرائم مالية أو انتمائهم لحركة اللجان الثورية أو أنهم لا يمثلون مجالسهم المحلية أو غيرها”، متسائلا عن عدم إعلان المجلس عن ذلك حتى الآن.
وأشار البعجة إلى أنه أعلن عن اسمه وعدد بسيط من أعضاء المجلس منذ الأيام الأولى لثورة السابع عشر من فبراير، مطالبا الإعلان عن بقية الأسماء فورا.
وقال البعجة إن عدم الإعلان عن أسماء أعضاء المجلس وهو أحد المطالب الرئيسية للشارع منذ أيام جعل من سقف المطالب يرتفع إلى المطالبة بإسقاط المجلس الانتقالي وكافة أعضائه، مؤكدا أن المسؤول عن ذلك هو سياسات المجلس الضعيفة والمتدهورة، خاصة في عدم تواصله مع الشارع والاستماع لمطالبه، وعدم فتح المشاركة لكافة أطياف المجتمع خاصة الشباب والمرأة.
ولفت البعجة إلى أن المجلس والحكومة الانتقالية لم تفتح باب المشاركة للمرأة والشباب، قائلا أن ذلك يعد مأخذا كبيرا على المجلس والحكومة.
وقال ” أنا لست ضد الحركات الاحتجاجية، أنا مع حرية التعبير ومع الاحتجاج والتظاهر السلمي، حتى وإن لامني المجلس على ذلك”.
وتابع “لقد لامني المجلس قبل ذلك معتبرا بأنني أتحدث ضد المجلس، ولكني أقول أن حديثي هذا ليس ضد المجلس (..) لأنني سبق وأن نبهت عنه أكثر من مرة، وأنا أعيد ذلك الآن على الملأ، لأن ذلك هو حديث الشارع”.
وأكد البعجة أنه مع كل ما يمليه عليه الشارع الليبي خاصة وإن كان ما يمليه الشارع يصب في مصلحة ليبيا، لافتا إلى أن مظاهرات بنغازي لم يلجأ فيها المتظاهرون إلى العنف ولم يخرجوا عن المألوف وأن شعاراتهم ومطالبهم شرعية.
وكشف البعجة عن أنه لا يتوقع أن يقدم المجلس استقالته استجابة لمطالب الشارع الليبي، قائلا “إنني أطالب المجلس وأنا عضو منه أن يتخذ موقفا شجاعا وصريحا، وأن يستمع لرأي الجمهور ، وأن يعقد اجتماعا سريعا وعاجل ويدرس هذه المطالب بشكل جدي، ويخرج على الناس لأن غياب المجلس عن الناس يسبب مشكلة كبيرة”.
واعتبر أن غياب المجلس عن تلبية مطالبات الشارع يسبب مشكلة دولية ومحلية تتمثل في فراغ للسلطة، وقال ”نحن الآن لا نريد فراغ في السلطة السياسية، ولكن بصراحة على المجلس أن يعطي نفسه مهلة بسيطة ليقرر إما أن ينفذ مطالب الشارع أو يفكر جديا في تقديم استقالته، وفتح المجال أمام قوة أخرى تصعد”.
وقال البعجة “إن ليبيا لم تخل من الرجال ولا من النساء”، مطالبا بمشاركة كافة الأطياف الليبية في العملية السياسية.
وشدد البعجة على انه ليس من المعقول أن يعتقد 50 أو 60 شخصا وهم أعضاء المجلس في أنهم قادرون بالانتقال إلى البلد إلى المرحلة الدستورية، موضحا أن هذه المرحلة تحتاج إلى جهد كل الليبيين خاصة الدماء الجديدة من الشباب والنساء الذين لهم آراء سياسية تصب في مصلحة البلد.
وقال لابد من أخذ موقف واضح وصريح أمام من وصفهم بـ “المرتزقة” وأزلام النظام السابق والذين عملوا معه في أي اتجاه ، لافتا إلى أن بعضهم عمل مع النظام حتى بعد السابع عشر من فبراير وتسلل إلى المجلس والحكومة الانتقالية.
وشدد البعجة على أن ” مجموعة القذافي ومن عملوا معه” لابد وأن يكونوا خارج كافة المؤسسات الرسمية للدولة الليبية الحديثة، قائلا ” لابد على هؤلاء أن تكون لهم ذرة دم ويخطو إلى الوراء”.
ولفت البعجة إلى أن خطاب التغيير مغيب تماما في ليبيا حتى الآن، مبديا استغرابه من موت القذافي وغياب خطاب التغيير حتى الآن.
وطالب البعجة بضرورة البدء في هذا الخطاب من خلال القبض على أعوان القذافي والقتلة وسراق المال العام وتقديمهم للمحاكمة، قائلا إن المصالحة الوطنية لن تتم إلا من خلال تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية التي انتقد غياب قانونها حتى الآن.
وكان مئات من المتظاهرين من الشباب الناشطين في منظمات المجتمع المدني الليبية في مدينة بنغازي شرق ليبيا قد بدؤوا مظاهرات بعد ظهر الاثنين في بنغازي أمام مقر المجلس الوطني الانتقالي بمنطقة الحدائق، وفي بميدان الشجرة الذي يعتبر مركز انطلاق الثورة الليبية في منتصف فبراير/شباط الماضي التي أطاحت بحكم معمر القذافي، وذلك في ما وصفوه ب “ثورة لتصحيح المسار”.
وطالب هؤلاء الشباب الذين دعوا للاعتصام في هذا اليوم عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، ب “اسقاط” أعلى سلطة في ليبيا والمتمثلة في المجلس الوطني الانتقالي مرددين هتافات “الشعب يريد إسقاط الانتقالي، لا للمتسلقين، نوضي (قومي) نوضي يا بنغازي”.
نقلاً عن المنارة للإعلام