وجدي ضاهر – الشفاف – خاص
ما هي الخريطة السياسية الجديدة التي ستتشكل في العراق على خلفية نتائج انتخابات المحافظات المحلية الاخيرة؟
تتسارع الاحتمالات مع الاقتراب من اعلان النتائج النهائية لفرز الاصوات وما تخللها من حملات استباقية بين الاطراف المتصارعة، وخصوصا الشيعية، والتي وحدها او منها تتشكل بوادر المواجهة المقبلة وخارطة توزيع القوى وتحالفاتها.
تشير مصادر خاصة بـ”الشفاف” ان الشرخ الكبير الذي حصل بين قطبي القيادة الشيعية، المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة، اصبح من الصعب استدراكه او احتواؤه والعودة به الى قالب الائتلاف العراقي الموحد. فالتراكمات بين الطرفين منذ الانقلاب على الجعفري، وتفرّد حزب الدعوة بإدارة الدولة من خلال مؤسسات مجلس الوزراء، اضافة الى عودة عقلية الدولة المركزية على حساب الاطراف، جعل الفجوة تكبر على حساب التحالف الداخلي بين الطرفين الشيعيين وبين الشيعة وحلفائهم التقلديين الاكراد، الذين تملأهم هواجس عودة الحكم المركزي الى العراق على حساب مكتسباتهم الحالية.
في خارطة التحالفات التي لم تكتمل بعد، تتعدد الخيارات السياسية في التحالفات، بعد ان اصبح من المؤكد خسارة المجلس الاعلى الاسلامي لموقعه المتقدم في المحافظات وتراجعه الى المرتبة الثانية بعد حزب الدعوة.
كما ان حزب الدعوة لم يستطع ان يحصد الاغلبية الدستورية التي تمكنه من قيادة مجالس المحافظات منفردا مع تحالفات هامشية تعفيه من التنازلات لكتل كبيرة تفرض عليه المشاركة في السلطة مع الآخرين.
بعض الآراء تعتبر ان خسارة المجلس لمواقعه امام حزب رئيس الوزراء المستفيد من امكانات السلطة يفتح المجال للراغبين لعودة الشراكة بين الطرفين من منطلق فئوي يتكون على خلفية التيار الديني داخل الجماعتين الذي يستمد قوته من التيار القريب من طهران داخل كل من المجلس الاعلى وحزب الدعوة،
ما يعني ترجيح وتعزيز قوة جماعة طهران داخل المجلس الاعلى على حساب الاستقلاليين، تحت حجة الحفاظ على المكاسب المعنوية والمادية وتحت غطاء الشراكة مع الدعوة من منطلق ديني.
فيما يرجح آخرون ان يقوم المجلس الاعلى بمراجعة سريعة لخسارته بعيدا عن اتهامات التزوير والتأثير على الناخبين من موقع سلطة الحزب الحاكم والتفكير بالمستقبل القريب، اي الاتخابات التشريعية التي سوف تشهد انقلابات سياسية من شمال العراق الى جنوبه،
حيث يرجح مراقبون ان يسير المجلس نحو تحالفات جديدة تكون مقدمة لتحالفات مستقبلية تبدأ على المستوى المحلي لتصبح على المستوى الوطني في الفترة اللاحقة.
فالمعلومات الواردة من بغداد تتحدث عن مراجعة تقوم بها الوجوه المدنية داخل المجلس والتي تعرف بشخصيات البرجوازية الشيعية القريبة من النجف والمرجعية والتي كانت تتحالف تاريخيا مع مرجعية بيت الحكيم.
هذه المراجعة تستعد لطرق باب التحالف مع المدنيين العراقين وفي مقدمتهم اياد علاوي الذي بدا يستاء من النتائج النهائية التي أرجعته من المرتبة الثانية الى الثالثة والرابعة ما دفع باعضاء كتلته الى اتهام الهيئة العليا للانتخابات بالتزوير.
التحالف مع علاوي يسهل طرح عودة الحوار مع اقطاب اليسار العراقي وفي مقدمهم امين سر الحزب الشيوعي حميد مجيد موس ووزير الثقافة الاسبق مفيد الجزائري، ما يسحب البساط من حزب الدعوة ويحصره بالعودة الى تحالفاته التي اوصلته الى السلطة عبر الصدريين وتاليا يجد نفسه اسير النفوذ الايراني داخل دوائر قراره.
مؤشرات التحالفات الجديدة وانعكاسها على الانتخابات التشريعية المقبلة والموقف المتوتر للاكراد من المسارات التي ينتهجها حزب الدعوة في ادارته للبلاد، و اتهامه بممارسة الكيدية السياسية وبالعودة بالعراق الى الحكم المركزي القريب من شوفينية قومية تؤجج الصراعات القومية بين مكونات الشعب العراقي.
الدعوة القوي من موقع حزب رئيس الوزراء، والذي يواجه تكتلا معارضا قويا سيربك دون ادنى شك خططه لفرض وبسط سلطته، يحاول استمالة مواقع مستقلين يلتقون معه في احتواء الجموح الكردي نحو استقلالية القرار وفي تحجيم دور المجلس الاعلى ضمن صراعات العائلات الشيعية واطراف قوية في الغالب وعلى الأرجح سنية تلوح بالتحالف مع المالكي على خلفية الدولة المركزية وسلطتها.
ومهما كانت التحالفات التي سوف تنتج عن هذه التحالفات والتي ترجح الى الآن تحالف المجلس الاعلى بمدنييه مع تيار رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي العلماني فهذا يؤشر الى ان العراق مقبل على مرحلة سياسية جديدة تبتعد عن الاستقطابات الطائفية وسشتهد خلط اوراق من نوع جديد.
واذا ما صح التحالف بين علاوي والمجلس الاعلى فان ايران تكون في طريق للخروج من العراق بنفوذها ورجالها لينفتح الباب على علاقات تقترب من الطبيعية بين بلدين جارين بعيدا عن المصالح الايرانية في العراق المستقل.
abouelkim@hotmail.com