(وكالة الصحافة الفرنسية )
المطاعم والمدارس والفنادق مغلقة، ومعالم الحياة في أدنى مستوياتها في مدينة عكا الاسرائيلية (شمال) حيث يقيم يهود وعرب. لكن السكان يأملون ان يصمد تعايشهم أمام الحرب الدائرة بين اسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
خلال الحرب السابقة بين اسرائيل وحماس في غزة والتي استمرت أحد عشر يوما في 2021، اتسعت اعمال العنف لتطاول المدن المختلطة اليهودية-العربية في اسرائيل، مع تسجيل أعمال شغب اتسمت أحيانا بالعنف.
في مدينة عكا الهادئة على البحر المتوسط والتي يقطنها خمسون ألف شخص، أحرقت صالة عروض مسرحية يشارك فيها عادة يهود وعرب، إضافة الى مطعم يعتبر رمزا للتعايش، ولكن من دون سقوط ضحايا.
وبعد أسبوعين من بدء النزاع الجديد الذي أشعله هجوم غير مسبوق لمقاتلي حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عاود مطعم “أوري بوري” المجاور لأسوار المدينة القديمة قبالة الشاطئ فتح أبوابه، ولكن لم يقصده أي رواد.
ويقول صاحب المطعم أوري يرمياس المعروف بعدم تمييزه بين العرب واليهود الاسرائيليين في مجال التوظيف لوكالة فرانس برس “من المهم الحفاظ على وحدة الفريق، نحن مثل عائلة واحدة منذ 35 عاما”.
ويوضح أن الحريق قبل عامين لم يكن “يستهدفني أو يستهدف أفكاري واسلوبي في جمع اليهود والعرب”، مؤكدا أنه “يفخر بتقليص الفوارق داخل المجتمع”.
يشكل عرب اسرائيل الذين يفضل معظمهم التعريف عنهم بأنهم فلسطينيون، نحو عشرين في المئة من سكان البلاد. ويتحدرون من الفلسطينيين الذين لازموا أراضيهم مع قيام دولة اسرائيل في 1948، علما بأن الكثير من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تندد بالتمييز الممارس في حقهم مقارنة بالغالبية اليهودية.
ويشدد أوري يرمياس البالغ 79 عاما على أن سيناريو 2021 لن يتكرر لأن مثيري الشغب لم ينجحوا “في دفع العرب” إلى القيام بـ”ثورة”. لكنه يتدارك “لا أحد يعلم فعلا الى أين ستؤول الأمور”.
– جبهة مزدوجة –
يجلس حمودي البرغوثي (35 عاما) أمام مطعمه الفارغ صامتا، مترقبا أن تعاود عجلة عمله دورانها.
يعود بالذاكرة الى الماضي القريب قائلا “كان يوم جمعة رائعا. الشوارع تضيق بالناس وكنا نعمل مع أناس من العالم أجمع، حتى من الضفة الغربية. وإذ بنا نستيقظ السبت (السابع من تشرين الأول/اكتوبر) على ما يشبه حربا”.
في ذلك اليوم، توغل مئات من مقاتلي حماس داخل الاراضي الاسرائيلية وقتلوا أكثر من 1400 شخص معظمهم مدنيون، بحسب إسرائيل التي أحصت أيضا احتجاز نحو 220 رهينة من إسرائيليين أو أجانب أو من حملة الجنسية المزدوجة.
مذاك، يرد الجيش الاسرائيلي بقصف لا هوادة فيه لقطاع غزة وينشر عشرات الالاف من جنوده على تخوم القطاع المحاصر، وكذلك عند الحدود الشمالية مع لبنان حيث ينتشر مقاتلو حزب الله اللبناني، حليف حماس. وتقول السلطات المحلية في القطاع إن الضربات الاسرائيلية المتواصلة خلفت أكثر من خمسة آلاف قتيل في صفوف الفلسطينيين.
على بعد عشرين كيلومترا شمال عكا، في المنطقة الحدودية مع لبنان، يتواصل تبادل القصف بين حزب الله والقوات الاسرائيلية في شكل يومي. واخلت الدولة العبرية عددا من البلدات في هذه المنطقة.
أشاد قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شابتاي الأحد أمام النواب بـ”السلوك المثالي” لأفراد الاقلية العربية، مضيفا “لم نشهد تقريبا أي احتكاك”.
في إحدى ساحات عكا القديمة التي تضيق بالمقاهي، مؤسسة واحدة فقط فتحت أبوابها. ولم يشأ مالكها التحدث الى وكالة فرانس برس، على غرار الكثير من السكان.
علي أبتوي واحد من قلائل قرروا الجلوس في الباحة رغم “الخوف من قنابل” حزب الله.
يعتبر رجل الأعمال البالغ 46 عاما أن التنظيم الشيعي هو مصدر الخطر الفعلي وليس العنف بين المجموعتين اليهودية والعربية. ويقول “حصل ذلك مرة واحدة. لكن الجميع حذرون لأننا ندرك العواقب ونعلم كم من الوقت ستستغرق إعادة البناء”.
يضيف “نأمل جميعا العيش بسلام لأن لا أحد يريد أن تسلك الأمور منحى سلبيا. لكننا لا نعلم ماذا سيحصل، ليس غدا ولا حتى في الساعة المقبلة”.
على جدران أزقة المدينة القديمة، علقت لافتات انتخابية استعدادا لانتخابات بلدية كانت مقررة في 31 تشرين الأول/اكتوبر، لكن الحرب أرجأتها.