كان اختيار داعش عشية انطلاق كأس العالم لانطلاق حملتها باتجاه شمال وغرب العراق “ضربة معلم” تذكّر بحملات الاعتقال التي كان يشنها النظام السوري عشية كل حدث دولي او اقليمي كبير!
هذا التوقيت إضافة لفرار الجيش العراقي من وجه جيش داعش، الذي يذكّر بفرار هذا الجيش بمجرد سقوط بغداد إبان الغزو الامريكي لها، يشير الى احتمال اتفاق مبطن بين قيادات في الجيش العراقي وقيادات داعش التي يشكل بعثيون سابقون بعض اهم قياداتها، كما الرجل الثاني فيها الذي قبض عليه قبل ايام في الموصل.
وفي الوقت الذي تتقدم فيه قوات داعش باتجاه بغداد يشير ناشطون الى ما يشبه انفجار المناطق السنية العراقية التي عانت ضغطاً كبيرا وطويلا من سياسات المالكي الذي أقصى السنة وتجاهل الكرد الذين استغلوا الفرصة فاستولوا على المنشآت الحساسة في كركوك الجوهرة المشتهاة من الكرد العراقيين..
ظلم كبير في مستويات سياسية واقتصادية :
الظلم الكبير الذي عاناه سنة العراق من نظام المالكي وساسة التمييز والتهميش للسنة في ولايتيه الاولى والثانية لم يذهب سدى، فلا شيء يفنى في قوانين المجتمع كما في قوانين الفيزياء. والحصار والتضييق تحوّل الى ما يشبه ثورة مسلحة يعدّ لها مئات من العراقيون منذ ما يقرب من سنة بدأت في تظاهرات سلمية واسعة في المناطق السنية، ولا ننسى انتفاضة العشائر السنية في الانبار ضد المالكي التي قابلها المالكي باعتقالات واسعة في صفوف السنة وقصف بعض المناطق السنية المتمردة عليه وبترشيح نفسه لولاية ثالثة!
مصادر سياسية عراقية استنكرت الضجة الاعلامية العربية والدولية التي تصوّر الثورة السنية على انها اجتياح داعشي، واوضحت أن أربعة فصائل مسلحة غالبيتها من السنة توحدت جهودها في العمليات الأخيرة وشاركت في تحرير المدن العراقية وإطلاق سراح قرابة ثلاثة آلاف معتقل في سجون حكومة “المالكي”. وتضيف المصادر أن العملية أطلق عليها من قبل “المجلس العسكري لعشائر الموصل” اسم “انتفاضة العزة والكرامة”.
والفصائل هي : “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) ، و”المجلس العسكري لثوار العشائر/ قطاع الموصل”، و”جيش رجال الطريقة النقشبندية” وهم من البعثيين ويتبع لعزت الدوري، و”جيش المجاهدين”.
“بيجي” او الموت: موارد داعش
حاصرت خمسين سيارة لداعش اضخم مصفاة نفط في العراق مصفاة بيجي التي تزود مدن العراق باكمله بالمشتقات النفطية، وقال عناصر من داعش انهم جاؤوا للسيطرة على المصفاة وردد بعضهم ” بيجي او الموت”!
بنت داعش اقتصادها من الاستيلاء على آبار النفط والمصانع ومن الخوات الشهرية التي كانت تتقاضاها من اصحاب المصانع والمعامل والورش وكان تردد اصحابها في الدفع لداعش يؤدي إلى القتل او تفجير المنشأة. كذلك كان هناك ضريبة جمركية على كل شاحنة تجارية تعبر حواجز داعش … الامر الذي جعل رواتب داعش عالية بالنسبة لبقية التنظيمات الاسلامية في العراق وسورية، الامر الذي جعل آلاف الشباب العاطلين عن العمل ينتسبون إليها وسط تنامي عدد العاطلين والفقراء والمهمشين نتيجة سياسات المالكي….
ضباط بعثيون في قيادات داعش:
وليد جاسم العلواني نقيب في الجيش في عهد صدام. رئيس المجلس العسكري لداعش.
العميد الركن محمد الندى الجبوري مسؤول اركان المجلس العسكري في تنظيم داعش، وهوعضو قيادة فرقة حزب البعث، قتل في عام 2008 في الموصل.
أبو فيصل الزيدي من اكثر أصحاب البغدادي في السيدة زينب، وهو عميل البعث السوري ومخابرات لنظام.
أبو علي الخليلي كان ضابطا في التنظيمات الفلسطينية في العراق أيام صدام، ومن “فدائيي صدام”، وبعد عودته إلى سوريا نسق مع مخابرات علي مخلوف المسؤول في امن الدولة ليقود عملاً في العراق.
حجي بكر(سمير الخليفاوي) وهو مساعد البغدادي، والمشرف على داعش فرع سوريا، عقيد طيار في النظام العراقي السابق وعضو شعبة في تنظيمات الانبار، قتل في بداية عام 2014.
أبو مهند السويداوي،عدنان لطيف السويداوي، عقيد بعثي من جيش صدام اعتقل لصلته بعزت الدوري، عضو في المجلس العسكري لتنظيم داعش.
عدنان إسماعيل نجم عقيد في الجيش السابق معروف بصلاته التنظيمية في حزب البعث قبل عام 2003. كانت كنيته أبو أسامة البيلاوي. من الأنبار. عضو المجلس العسكري لداعش.
كل هؤلاء وما يزيد عن عشرين ضابطا عراقيا يعملون في قيادات داعش والقاعدة بعد سقوط نظام صدام حسين بتوجيه من المخابرات السورية وقيادة بعث العراق وعزت الدوري، إضافة لمئات العناصر الذين هربوا من سجون العراق وانضموا الى التنظيم تحت انظار نظام المالكي…
تردد في مواجهة داعش ام استدراج لها؟
الموصل، صلاح الدين، ديالى، الانبار، محافظات اربعة احتلتها داعش جزئيا بسرعة البرق وسط ذهول العراقيين والعالم وصمت امريكي وتردد. لكن الخطير ان داعش استولت على طائرات هيلوكبتر واعتقلت اكثر من الفي عنصر من الجيش العراقي في قاعدة سبايكر وهي قاعدة تعود للفرقة 16 ومهمتها حماية خطوط النفط…
ايران لم تبدِ اي رد فعل، لكن اوباما مازال مترددا حتى وهو يقول ان هناك تحركا عسكريا امريكيا محدودا سيحدث في العراق لكن هذا التحرك لن يكون بريا…
لاشك ان اجتياح داعش يكشف عن فضيحة دولية مضمونها صفقة ايرانية امريكية لتسليم العراق للنفوذ الايراني بدليل ان وحدات من الجيش سلمت مواقعها بكامل اسلحتها الثقيلة لداعش فضلا عن هرب وحدات اخرى امامها، وبدليل ان حلف اطلسي يقول منذ ساعات ان لا دور له في العراق!
حرب داعش الآن في العراق وقبلها في سورية تبدو مناسبة جداً لأفضل موضوعات السياسة الدولية في العشر سنوات الاخيرة، أي “مكافحة الارهاب”. فهل يستغل اوباما والروس والايرانيون واوروبا الاحداث الاخيرة كي يتفقوا ويشنوا حملتهم الاخيرة على الإرهاب فتكون الحجّة الكبيرة لتسوية خلافاتهم ويهيئوا الارضية لحل في سورية على جثث داعش وجثث السوريين الابرياء؟
هل سيدفع اوباما ثمناً على مجمل ادائه في سورية والعراق ام يتم تكريمه من قبل شركات السلاح والبترول عن أدائه هذا؟
كاتب سوري