موسى المزيدي – الشفاف خاص
اكتب هذه السطور ردا على مقال ( ايران وعروبة البحرين ) المنشور في جريدة القدس العربي التي يتراس تحريرها السيد عبدالباري عطوان .. المقال نشر من قبل رئيس التحرير كافتتاحية للعدد 6133 في 23 .2. 2009.. يستغرب فيه السيد عطوان التضامن العربي مع البحرين والذي جاء كرد فعل على تصريحات حجة الاسلام علي اكبر ناطق نوري رئيس البرلمان الايراني ( مجلس الشورى الاسلامي ) والمفتش الخاص في مكتب المرشد العام الاعلى ( ولي الفقيه اية الله الخامينئي ) للجمهورية الاسلاميه ، بوصفه للبحرين من انها المحافظة الايرانية الرابعة عشر. …. السوال الذي يطرح نفسه ؟ لماذا ينقل السيد عطوان اقوال المسئولين الايرانيين الذن يوكدون على حرية الراي والتعبير حاليا في ايران ..وهو ككاتب متابع للشان الايراني يتلافى الحقائق الاخرى والتي تاخذ الجانب السلبي وخاصة مايخص الشعوب الايرانيه ونضالها التاريخي الطويل وليس كما ذكر السيد عطوان من ان الاميريكان ممكن ان يحيوا النزعات العرقية الانفصاليه ..!… كمتابعة سريعة للاحداث في العقود الماضيه في ايران وماجرى فيها من اصلاح وتشدد نرى انه في عهد الإصلاح( برياسة السيد خاتمي) لم يسمح للمعارضة و خاصة المصلحين الجادين و المعتقدين في التغيير و المنتقدين للتشدد و سياسة الولي الفقيه(المرشد الأعلى العام) المسيطر على كل مقومات النظام و أرقاب البشر. في هذا العهد ألغيت ترخيصات النشر و منعت عشرات الصحف من الانتشار و صدرت أحكام جائرة بحق الصحفيين والكتاب والمعارضين والذي عرف حينها “بمسلسل القتل” و بعدها اكتشف بان يد الامن هي التي كانت وراء كل هذه الجرائم …بعد مجئ السيد احمدي نجاد في عام 2005، نسف ماتبقى من الإصلاح الهش و ضرب كل الحركات الثقافية و المؤسسات المدنية الفتية للشعوب في ايران و سحق النشاطات الطلابية ،والنسائية و العمالية المعارضه بقسوة، وسجن و اعدم من تجرأ بقول الحق .و أهم هذه النشاطات ماجرى من مظاهرات واحتاجاجات سلمية مطالبة بايقاف التفريس و التغير الديمغرافي في عربستان والتي استشهد على اثرها العشرات وجرح وسجن المئات من العرب .
هل يعلم السيد عطوان إن التعريف المتفق عليه عالميا و دوليا للشعب و الذي جاء على لسان علماء الاجتماع و العلوم السياسية في القرنين الماضيين، بأن اللغة و التاريخ و الثقافة هي الأركان الأساسية لتشكيل كل شعب، و حسب الشرائع الدولية و توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 والتوصيات التي أصدرتها اللجنة السامية لحقوق الإنسان( حاليا يعرف بمجلس حقوق الإنسان) في مؤتمراته في الأعوام 1956 و 1966 وفي عام 1968 في طهران في الفترة 22 نيسان إلى 13 أيار و المعروف بإعلان طهران و في عام 1993 في فينا خلال الفترة 14 إلى 25 حزيران و التي أكددت على احترام الدول للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والقرارات المختصة بحقوق الشعوب بتقرير المصير و تنفيذها واحترام حقوق الأقليات القومية أو الاثنية و الدينية و اللغوية وعدم المساس بسيادة الدول و استقلالها1 .
الشعب العربي في عربستان إيران له خصوصيته من خلال لغته المشتركة و تاريخه المشترك و ثقافته المشتركة و أيضا أرضه التي تختلف عن الأراضي الجبلية المجاورة له ويختلف بها مع ساير الشعوب خاصة الشعب الفارسي في إيران.
حكمت عربستان ثلاث إمارات معترف بها من قبل الدولة الصفوية و الدول التي تلتها إلى القاجاريين في الممالك المحروسة(إيران) و العثمانيين، مثل أمارت المشعشعيين وعاصمتها مدينة الحويزة، أمارت كعب العربية و عاصمتها مدينة الفلاحية، أمارت البوكاسب و عاصمتها مدينة المحمرة ، و الأخيرة انتهت و أنتهى الحكم العربي فيها بهجوم عسكري عليها بقيادة رضا شاه مؤسس الملكية البهلوية في أكتوبر عام 1924. و حسب التعريف العالمي للشعب: إن الشعب العربي في عربستان(خوزستان) الذي احتفظ بلغته و ثقافته و تاريخه كسائر الشعوب له الحق في الحياة و الكرامة و تطبق عليه القرارات و التوصيات الدولية. ان الشعوب و القوميات الغير فارسية داخل إيران ليس أقليات عرقية بل هم يشكلون الأغلبية السكانية في إيران مثل الأتراك، الأكراد، العرب، البلوش و التركمان، اللور و البختياريين، الجيلك، و الطالشيين و القشقائيين و الطاجيك و أقليات دينية أخرى.
هل يعلم السيد عطوان إن العرب في عربستان يعيشون على بحر من النفط و الغاز، و اكبر موانئ و انهار إيران هي موجودة في عربستان؟ والعرب يعيشون جائعين رغم الثروة الهائلة المتواجده في الاقليم ..واليوم يجبر العرب على ترك اراضيهم وسلبت مئات ألوف الهكتارات من الاراضي مثلما استولت الدولة على مئات القرى وبحجج مختلفة مجبرين ساكنيها الحقيقين على تركها .ولازال النظام الايراني مستمرا بالتطهير العرقي والتغير الديموغرافي ، حتى مسار الانهار تم تغيرها من عربستان الى وسط ايران . مثلما جففت مياة الاهوار والمستنقعات المحايده للحدود العراقيه … إن أعلى نسبة للبطالة موجوده في هذا الاقليم الثري مثلما هي اعلى نسبة للحرمان والادمان على المواد المخدرة .
لماذا يكتب السيد عطوان عن التطهير العرقي في القدس ويعطي التبريرات للابتعاد عن الاضطهاد العرقي في ايران ..؟ لماذا مطالبة هذه الشعوب بحقوقها في ايران هو استهداف للدولة الايرانيه.. اليست لهذه الشعوب الحق في الحياة والاستقلال عن الظلم الفارسي .. ام ان ذلك فقط حق على الشعب الفلسطيني دون غيره من شعوب العالم.
لماذا يقع السيد عطوان في سلة السلطة الإيرانية و يكرر نفس الكلمات و الاتهامات لشعوب إيران ،و منهم العرب و يقول: “الاستهداف قد يأخذ أشكال عدة :…. بخلق اضطرابات داخلية من خلال دعم المعارضة و إحياء النزاعات العرقية الانفصالية” قراءة هذه العبارة في مقالته الأنفة الذكر و لم اصدّق أن تخرج هذه الكلمات من أنسان يعاني نفس معاناتي و ينتمي إلى الشعب الفلسطيني القدوة و النموذج لحركات التحرر و المقاومة . هل مطالبة العرب و الشعوب الأخرى بحقوقهم القومية و الاقتصادية و الاجتماعية هي إحياء النزاعات العرقية الانفصالية في إيران. إن تاريخ إيران السياسي حافلا بهذه الحركات السلمية والاحتجاجات الغاضبة و المطالبة بالعدالة و المساواة.
أليس الثورة في عام 1979 كان هدفها و شعارها العدالة و الحرية و تقسيم السلطة على الأقاليم وفي نظام إلا مركزي في إيران؟ اثبت الشعب العربي في عربستان إيران انه باقي ومستمر في الحركة السلمية من اجل الحصول على حقوقه المغتصبة و فاجئ الجميع بمحاربة الأجانب في الحرب العالمية و بقى يقاوم في الحرب العراقية الإيرانية(1980-1988) و سيستمر في نضاله مع الشعوب للوصول إلى حقه في استعمال لغته و المشاركة السياسية و الاقتصادية، الثقافية داخل إيران
(مع الاتجاه الضعيف المطالب بالانفصال عند أبناء الشعوب و التي يؤكد عليه السيد عطوان).
هذه الحركة ليس سمات الانفصاليين أو المدعومين من الخارج أو ورقة ضغط، كما جاء في المقال .
هناك شعب عربي في عربستان يعاني سياسة التفريس و الحرمان و على السيد عطوان و النخبة في العالم العربي ان تعي تاريخه وحاضره وتفكر بمستقبله مثلما هو الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب المضطهده في المعمورة .
elef_mithaq@hotmail.com
1- التنظيم الدولي لحقوق الإنسان، وائل أنور بندق، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2004، ص 11 إلى 55
مقال السيد عطوان: