في طريقة التفجير، وفي شدّته التي تحوّل الخصم إلى أشلاء متفحّمة، فإن اغتيال العميد وسام الحسن ينتمي إلى فئة إغتيالات الرئيس الحريري، والصحفي جبران تويني، وعدد آخر من الشهداء. بينهم وليد عيدو وأنطوان غانم، والضابط وسام عيد والضابط سمير شحادة. (هل من الضروري أن نضيف أن إطلاق النار ابتهاجاً في لضاحية الجنوبية بعد إعلان مقتل وسام الحسن ذكّرَنا بـ”توزيع البقلاوة” ابعد مقتل جبران تويني؟)
أي أنه، في الشكل، يختلف عن اغتيال سمير قصير أو جورج حاوي.
طبعاً، يمكن القول أن “أمر إعدام” وسام الحسن صدر مباشرةً بعد نجاح “فرع المعلومات” في إبطال مخطط ميشال سماحة، وفي توجيه أصابع الإتهام لعلي مملوك و.. بشّار الأسد مباشرةً.
من قتل الجنرال فرنسوا الحاج؟
لكن اغتيال العميد الحسن، وهذا ما لم يسجّله بيان ١٤ آذار الصادر مساء الجمعة، هو ثاني اغتيال (منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان) لمسؤول عسكري-أمني يُشغّل منصباً حسّاساً جداً في الدولة اللبنانية.
فقد سبقه اغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني، الجنرال فرنسوا الحاج، في عملية تفجير أثناء مرور سيارته أيضاً، وذلك في ١٢ كانو الأول/ديسمبر ٢٠٠٧. وحتى الآن، لم يتم العثور على القَتَلة، ولم يُوجّه الإتهام لأي طرف باغتيال الضابط الذي كان أبرز مرشّح لمنصب قائد الجيش، والذي قاد عمليات “نهر البارد” ضد “فتح الإسلام” ضارباً عرض الحائط بتحذير حسن نصرالله من أن “نهر البارد خط أحمر”!
لم يتم العثور على قَتَلة فرنسوا الحاج، ولكن حزب الله (وسوريا الأسد) بات، منذ اغتيال الحاج، وبعد غزوة ٧ أيار ٢٠٠٨، يملك “حق فيتو”
على اختيار قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية كلها، كلّها.. ما عدا “فرع المعلومات” في قوى الأمن الداخلي!
وليس سرّاً أن “وليد جنبلاط” هو الذي فرض بقاء وسام الحسن وأشرف ريفي عند تشكيل حكومة نجيب ميقاتي. وكان حزب الله وميشال عون قد طالبا بإقالتهما، ولكن جنبلاط ربط دخوله إلى حكومة ميقاتي ببقاء الضابطين في مناصبهما.
ماذا كان وسام الحسن يمثّل؟ كان يمثّل الجهاز الأمني الوحيد في لبنان الذي يثق به التيّار الإستقلالي. الوحيد، وبدون استثناء!
ولهذا السبب، تعرّض وسام الحسن لحملة تشهير “منظّمة” متواصلة منذ سنوات لم يتعرّض لها مسؤول أمني قبله (الجنرال جميل السيّد شهّر به الشارع اللبناني قبل السياسيين). كان فحوى الحملة، التي قادها حزب الله وتابِعِه العوني، وإعلام بشّار الأسد في بيروت وفي دمشق، هو أن “فرع المعلومات” هو “جهاز غير شرعي”!
أي أن الجهاز الأمني الوحيد الذي لا يملك حزب الله “حق فيتو” على تعيين رئيسه “غير شرعي”، في حين تكتسب الأجهزة الأخرى “شرعيتها” من “التشاور المسبق” مع حزب “غير شرعي قانوناً” حول تعيين قادتها!
بهذا المعنى، فإن اغتيال العميد الحسن هو “محاولة إنقلابية” إلى جانب كونه عملية اغتيال سياسي وأمني.
المقصود هو إخضاع الدولة اللبنانية في آخر أجهزتها “شبه المستقلة”. أي إخضاع “السيادة اللبنانية” التي تمثّلها
أجهزة الدولة الرسمية لسيادة حزب غير شرعي، ولسيادة طاغية يذبح شعبه في سوريا.
بعد اغتيال وسام الحسن، يمكن لبشّار الأسد وحزب الله أن يطالبوا بحلّ “فرع المعلومات غير الشرعي”، أو بـ”حق فيتو” على من سيخلف وسام الحسن!
وفي جميع الأحوال، فإن سياسة “الإغتيالات” كفيلة ببث الرعب في قلوب من سيخلفون وسام الحسن!
وفي “إرهاب” من سيعيّنونهم! بدءاً برئيس الجمهورية اللبنانية الذي “هنّأ” وسام الحسن، و”تجرّأ” على الطاغية الدمشقي بعد عملية ميشال سماحة! بكلام آخر، اغتيال وسام الحسن هو، أيضاً، “رسالة” (سورية و”إنقلابية”) لرئيس الجمهورية ولرئيس حكومته!
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن اللبنانيين أمام “محاولة إنقلابية” جديدة ترمي إلى الإستيلاء على البلد في لحظة تهاوي نظام بشّار الأسد. فيصبح لبنان “جائزة ترضية” لإيران بعد سقوط حليفها الدمشقي.
<img3361|center>
من قانون الإنتخابات “النسبي” (على طريقة “التكليف الشرعي”، ومع التهديد بمنع إجراء الإنتخابات) إلى اغتيال وسام الحسن، يريد بشّار الأسد وحليفه الإيراني وضع اليد بصورة كاملة على لبنان.
ومنذ الآن، إذا أمكن! وهذا معنى مشاركة حزب الله، علناً، في القتال إلى جانب قوات الأسد المهزومة.
اللبنانيون أمام محاولة إنقلابية جديدة إيرانية-أسدية، يلعب فيها المتآمر “الإيراني” الدور الأهم بعد أفول نظام الأسد.
ماذا تريد إيران وبقايا النظام السوري؟ تريد “إرهاب” ما تبقّى من حسّ إستقلالي في أجهزة الدولة اللبنانية، ووضع اليد عليها بطريقة (القانون النسبي كشرط لإجراء الإنتخابات) أو بأخرى هي طريقة “الإرهاب” الدموي.
هنالك “شيء” واحد لا حساب له في معادلات الأسد وإيران (وتوابعها) هو “الشعب”. أي “الناس العاديين” مثلي ومثلك!
في ٢٠٠٥ طالب “الناس اللبنانيون” بخروج الجيش السوري من لبنان، فقرّر حسن نصرالله “استبدال الشعب اللبناني” بجماعته! وفشل.
في ٢٠٠٩، خرج “الناس الإيرانيون” إلى شوارع إيران بالملايين (كما فعلوا أيام الشاه) لرفض تعيين “الخاسر” رئيساً لإيران، فقمعهم ممثلو الآلهة على الأرض.
في ٢٠١٢، يريد بشّار الأسد وإيران، “وضع اليد نهائياً” على البلد الذي سمّاه خامنئي “إزميرالدا” في لقائه مع الرئيس سعد الحريري!
هل ينجح حلف الشرّ، الأسدي-الخامنئي في الإستيلاء على “إزميرالدا” اللبنانية؟
أم ينجح اللبنانيون في صنع معجزة ثانية: إخراج السلاح الإيراني من لبنان في العام ٢٠١٢، بعد إخراج جيش الأسد منه في العام ٢٠٠٥؟
نحن مع “الإعتصام المفتوح” ومع المظاهرات المفتوحة في ساحات الحرية! ولتكن “الأشرفية” أولها!
ونحن مع إسقاط حكومة نجيب ميقاتي التي تعطي حزب الله “غطاءً سياسياً” لإرسال قواته للمشاركة بقتل الشعب السوري.
ونحن مع المطالبة بقرار دولي جديد لحماية لبنان من الإرهاب الأسدي- الإيراني.
إيران تريد وضع اليد على لبنان. حانت الساعة لخروج السلاح الإيراني من لبنان.
بعد “استقلال ٢٠٠٥”، حانت ساعة “استقلال ٢٠١٢”.
أيها اللبنانيون، عودوا إلى الشارع، “مدنيين”! وكل “الربيع العربي” يشهد لكم بأن “المدنيين” أقوى من “العساكر” و”الميليشيات” و”البلطجية” و”الفلول”!
لا يكتمل ربيع العرب إلا بربيع بيروت!
إغتيال وسام الحسن: “الإنقلاب” مستمر!في أيلول 2004 قامت جوقة العملاء باتهام مروان حمادة بكتابة نص القرار 1559 بيده، في 1/10/2004 حصلت محاولة اغتياله. في 1 شباط 2005 قال أحد العملاء واصفًا رفيق الحريري بأنه «بركيل قريطم» و بأنه «رأس الافعى»، و المعنى واضح: يجب قطع رأس الأفعى، في 14 شباط 2005 إغتيل رفيق الحريري. قبل أيام من اغتيال سمير قصير راجت شائعات تنال منه أخلاقيًا لتمهد لإغتياله في 2 حزيران 2005 في سعي لجعلها تبدو و كأنها جريمة شرف، و كذلك الحال مع جورج حاوي الذي اتهم بالخروج عن ثوابت اليسار التاريخية، مع جبران تويني تم استدراجه من خلال اتهامات… قراءة المزيد ..