رؤيتها شبه متطابقة مع رؤية واشنطن حول سورية وإن كان هناك اختلاف حول الأسد
واشنطن –
ذكرت مصادر أميركية مطلعة ان الأزمة السورية استغرقت الحيّز الأكبر من المحادثات التي جرت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وضيفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي.
وأضافت ان «الزعيمين وجدا مساحات تشابه واسعة في رؤيتيهما الى كيفية التعامل مع هذه الأزمة بما يتناسب ومصلحتي الولايات المتحدة وإسرائيل».
فمحور الرؤية الإسرائيلية لكيفية التعامل مع الوضع السوري هو استخدام نفوذها العسكري وعلاقاتها مع عواصم العالم المعنيّة «لضمان بقاء النار السورية تحت السيطرة»، حسب المصادر التي واكبت لقاء الزعيمين.
وتفيد المصادر الأميركية بأن لإسرائيل أعداء بين الجهتين المتخاصمتين. ففي الجبهة المؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد، لإسرائيل عداء قديم مع «حزب الله» وإيران. وفي جبهة المعارضة السورية، لإسرائيل عداء قديم متجدد مع الكوادر التي تشكل اليوم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
ورغم تداول بعض الأوساط الأميركية والإسرائيلية فان مصلحة البلدين تقضي باستمرار الصراع بين الجبهتين العدوتين، على غرار تمنّيات بعض الشخصيات الأميركية اثناء الحرب العراقية – الإيرانية بـ «خسارة الطرفين»، ورغم تصريح رئيس الأركان الأميركي السابق الجنرال مارتن ديمبسي، في اجتماع في البيت الأبيض ترأسه أوباما في الأشهر الأولى لاندلاع المواجهات في سورية في العام 2011، وقال فيه ان في الحرب بين «حزب الله» و«القاعدة» تقضي المصلحة الأميركية بعدم التدخل، إلا ان المصادر الأميركية تؤكد ان «الإسرائيليين اليوم لا يعتقدون ان مصلحتهم القومية تقضي باستمرار الحرب السورية، إذ إن استمرار هذه الحرب يعني المزيد من التجنيد وجمع الأموال والتدريب لميليشيات، لن يكون سهلاً التعامل معها في حال انتهت الحرب في سورية يوماً.
وينقل الاميركيون عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم إن «الحكومة الإسرائيلية لديها سيناريوات تفضّلها أكثر من غيرها في سورية، لكن تل أبيب واقعية ومضطرة للتعامل مع ما يواجهها لا مع ما تتمناه فحسب».
والسيناريو الافضل بالنسبة للحكومة الإسرائيلية الحالية – حسب المصادر الأميركية – هو عودة الأمور في سورية الى ما كانت عليه قبل اندلاع الازمة في مارس 2011، أي استعادة الأسد سيطرته الكاملة على كل الأراضي السورية، خصوصاً المجاورة لإسرائيل في الجنوب.
وقال مسؤولون اميركيون: «الإسرائيليون يدركون أن الأسد ليس صديقهم، كما يدركون ان (حزب الله) ليس صديقهم أيضاً، ولكن من وجهة النظر الإسرائيلية، الأسد والحزب هما الاحسن لضمان أمن الحدود الشمالية لإسرائيل».
ولكن لأن الوضع العسكري للأسد وحلفائه لا يسمح بالعودة الى ما قبل 2011، تعتقد إسرائيل ان عليها ان تكون «أكثر تورطاً» في التعاطي مع الجهات المتحاربة على الطرف الآخر من حدودها، وهي لذلك توجه ضربات جوية لأي شحنات أسلحة تعتقدها موجهة الى «حزب الله» ومن شأنها إعطاء الحزب «أفضلية» في حال اندلعت الحرب يوماً بين الطرفين عبر الحدود اللبنانية.
ويعتقد المسؤولون الاميركيون انه عبر موسكو، والى درجة أقل واشنطن، «نجحت تل أبيب في إقامة قناة اتصال غير مباشرة مع حزب الله في جنوب لبنان لرعاية الهدوء الذي يسود هذه الحدود منذ حرب 2006». على ان إسرائيل يقلقها الى حد ما ان يعتبر «حزب الله» والايرانيون أنفسهم في حلّ من اتفاقيات التهدئة اللبنانية في الجولان.
ويضيف الاميركيون، نقلاً عن الإسرائيليين، أن «إيران حاولت إقامة بنية تحتية في الجولان لشن هجمات على إسرائيل، وجعل الجولان بذلك بديلاً عن جنوب لبنان، الذي يمكن لاشتعاله إشعال حرب قد تتحول الى مواجهة إقليمية كاملة». لكن الإسرائيليين وجهوا ضربات منعت إيران وحليفها اللبناني من إقامة موطئ قدم لهما في الجنوب السوري.
وفي هضبة الجولان، يقول المسؤولون الاميركيون إن «الإسرائيليين على علاقة بالعشائر العربية هناك منذ ما يقارب النصف قرن». بعض هؤلاء العشائر يتقاضون أموالاً ويتسلّمون أسلحة من (النصرة)، لذا هم يرفعون علمها، لكن الإسرائيليين يعرفون من هي هذه المجموعات وهم على اتصال بها لضمان أمن الحدود الإسرائيلية.
هكذا، عن طريق العلاقات غير المباشرة مع نظام الأسد وإيران و «حزب الله»، وعن طريق اتصالات مباشرة مع «النصرة» جنوب سورية حصراً، وعن طريق ضربات إسرائيلية محددة هدفها منع تمدد أي من الفرقاء المتحاربين في سورية، نجحت إسرائيل في الإبقاء على حدودها مع سورية، كما مع لبنان، آمنة على مدى الأعوام الأربعة الماضية.
ولضمان هدوء الحدود الإسرائيلية، يسعى الإسرائيليون الى إبقاء ميزان القوى كما هو عليه بين الأطراف المتحاربة داخل سورية، مع ما يعني ذلك من حرص على عدم هزيمة الأسد و «حزب الله»، وهذا ما قد يبدو من المفارقات.
عن موقف إسرائيل من بقاء او رحيل الأسد، توضح المصادر الأميركية أن تل ابيب – كما واشنطن – لا يعنيها الأسد شخصياً، و «إن كانوا هم (أي الإسرائيليون) يفضّلون في الغالب بقاء الشيطان الذي يعرفونه (أي الأسد) في الحكم، فيما لدينا نحن (الإدارة الأميركية) حسابات حول الأسد ترتبط بتحالفاتنا الإقليمية وتعني التزامنا التام برحيله».
لكن التباين حول الأسد لا يؤثر في رؤية كل من اميركا وإسرائيل لسورية وأحداثها، وهي رؤية بدا – على إثر لقاء أوباما ونتنياهو – أنها رؤية شبه متطابقة.