“الشفّاف”- خاص
اشار مراقبون في العاصمة اللبنانية بيروت الى ان الأمانة العامة لقوى 14 آذار ستواجه امتحانا صعبا يوم الاربعاء المقبل، موعد انعقاد اجتماعها الدوري في مقرها في الاشرفية. واعرب مراقبون عن خشيتهم من ان هذا الاجتماع ربما كان الأخير، فتقفل “الأمانة العامة” ابوابها على مرحلة من تاريخ لبنان ساهم فيها روّاد |الامانة” من قيادات ثورة الارز في صنع “الاستقلال الثاني” إلا أنهم أخفقوا في المحافظة عليه وعلى المكتسبات التي تعمدت بتضحيات جمهور ثورة الارز منذ العام 2005 وبدماء قافلة من الشهداء.
واعتبر المراقبون ان الذين يجتمعون في “الامانة العامة”، بعد انسحاب “اللقاء الديمقراطي” (وليد جنبلاط)، هم “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” والاحزاب المسيحية في قوى الرابع عشر من آذار، مع تسجيل غياب حزب “الكتائب” بداعي الحَرَد وليس المقاطعة، والشخصيات المسيحية المستقلة التي واكبت ثورة الارز منذ لقاء “قرنة شهوان” والشرارة التي اطلقها نداء مجلس المطارنة الموارنة في العام 2000.
الاربعاء المقبل يشكل يوما مفصليا ومحطة في مسيرة الامانة العامة وقوى الرابع عشر من آذار التي اصابتها تداعيات المقابلة التي اجراها رئيس الحكومة سعد الحريري مع جريدة “الشرق الاوسط” يوم الاثنين الماضي، فظهرت على انها يتيمة بحيث اقتصرت تداعياتها وردود الفعل عليها استثمارا من قبل قوى 8 آذار وامعانا في تهشيم القيم والمباديء التي قامت عليها ثورة الارز. هذا التهشيم الذي بلغ مداه في المؤتمر الصحفي للواء جميل السيد الذي دعا الرئيس الحريري بالصراخ الى سحب جثمان والده من المدفن حيث يرقد وإلغاء المحكمة و”خلص”.
العارفون بطبائع واخلاق وسلوكيات قيادات قوى الرابع عشر من آذار اعتبروا ان الأمور تجاوزت الخطوط الحمر وأن قياديي 14 آذار لن يقبلوا باستمرار امتهان كراماتهم وتضحياتهم ودماء شهدائهم على مذابح المصالح الاقليمية. وأنهم ما زالوا ينتظرون شرحاً وتفسيراً، لم يصل اليهم بعد، عن الموجبات التي حدت بالرئيس الحريري الى إسقاط الاتهام السياسي عن دمشق في جريمة إغتيال والده والاقرار بوجود شهود زور أساؤوا الى المحكمة. كما ان تجاهل “كتلة المستقبل” النيابية لمضمون مقابلة الرئيس الحريري مع “الشرق الاوسط” لم يشفع لـ”تيار المستقبل” لدى”الامانة العامة” وقيادييها لتبرير ما جاء في المقابلة، في إشارة الى انه إذا كانت كتلة المستقبل تعلم بمضمون المقابلة فتلك مصيبة وإذا كانت لا تعلم فالمصيبة اعظم.
وتأسيسا على ما سبق سوف تواجه الامانة العامة لقوى 14 آذار في اجتماعها المقبل مسألة السقف السياسي للبيان الختامي، بحيث يبدو ان هناك اتجاهات تدعو الى مواجهة الحملة المسعورة لقوى 8 آذار على كل المستويات وخصوصا تهديدات اللواء جميل السيد ونزقه وقلة أدبه السياسي والاجتماعي، في حين ان موقف “تيار المستقبل” من هذه المواجهة ما زال مجهولا.
ولذلك يرى مراقبون ان قيادات ثورة الارز ترى انها أضاعت الكثير من الفرص وتهاوت قيادات من بينها على الطريق عندما قررت المساومة واعتماد منطق التنازلات والتسويات. فكانت النتيجة ان سوريا وقوى 8 آذار، التي لم تعترف يوما بنهائية “الكيان اللبناني” ولا بمشروع “الدولة”، وتاليا “العبور الى الدولة”، تعاطت مع منطق التسويات على قاعدة “خُذ وطالِب”. وهكذ خسرت قوى 14 آذار الانتخابات النيابية مع انها ربحتها. وخسرت الحكومة مع انها صاحبة الحق في تشكيلها. وخسرت الانتخابات البلدية والاختيارية. وخسرت الدعم الدولي. وهي حاليا قاب قوسين او ادنى من خسارة المحكمة الدولية التي بنت عليها مشروعها السياسي وقدمت في سبيلها التنازل تلو التنازل، بحيث اصبحت المحكمة سلعة في سوق النخاسة المحلية، وهذا ما سيعرّي قوى 14 آذار ويفقدها آخر اوراق التوت. وهناك من بين هذه القوى من هو ليس على استعداد لدفع مزيد من الاثمان!
وانطلاقا مما سبق يرى المراقبون ان اجتماع الاربعاء المقبل سيكون حاسما نحو استمرار “الأمانة العامة” (ولكن ضمن اي دور او وظيفة) أو نحو انفراط عقدها لصالح مشاريع تنبع من رحم المشروع الأم وتعمل على المحافظة على ما تبقى من مبادىء وقيم ثورة الارز وتأتمن نفسها على تنفيذ هذه المباديء.