إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
(الصورة: وزير خارجية فرنسا، لوران فابيوس” الذي اخترع مفهوم “العودة التلقائية للعقوبات على إيران” snapback في اتفاقية 2015 للحؤول دون فيتو روسي أو صيني على عقوبات جديدة ضد إيران. في 2015، أجهضت فرنسا إتفاقية أولى كانت إدارة أوباما تريد “تهريبها” بأي شكل مع أنها لم تغطي قدرات إيرانية أساسية. وفي النهاية، وقّعت فرنسا على إتفاقية 2015 رغم عدم اقتناعها بها. الحال أقرب إلى العكس حالياً بين أميركا وفرنسا!)
*
نُشرت الدراسة التالية في “مجلة العلماء الذرّيين” الأميركية (Bulletin of Atomic Scientists)، وحرّرها جنرال متقاعد وخبير في الجيش الإسرائيلي. هل تمهّد الدراسة التالية لاتفاقية وشيكة بين الأميركيين ونظام خامنئي؟ ربما..
بقلم أورن سيتير وإيتامار ليفشيتز
يُعَدُ عام 2025 نقطة فارقة في البرنامج النووي الإيراني. ففي أكتوبر 2025، ستنتهي صلاحية قدرة “العودة السريعة” (“snap back”)لعقوبات الأمم المتحدة على إيران، ما قد يُفقد المجتمع الدولي أداة دبلوماسية مهمة. في الوقت نفسه، زادت الضربات الإسرائيلية على الأنظمة الدفاعية الجوية الاستراتيجية لإيران في أكتوبر الماضي من مصداقية التهديد العسكري الخارجي ضد إيران. مع ضعف حزب الله في لبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا، وتدمير حماس في غزة عسكريًا، تدهورت وضعية إيران الإقليمية. في هذا السياق، بدأت إدارة ترامب الجديدة في إعادة تفعيل سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، مع تبنّي خطاب قاسٍ ومناقشة علنية لخيار العمل العسكري. لقد انسحب الرئيس دونالد ترامب، في عام ،2018 من الاتفاق النووي الإيراني “المروع ذي الجانب الواحد”، الذي يُعرف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA). لكن بعد توليه منصب الرئيس لفترة ثانية، صرح مؤخرًا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران. يمكن، إذاً، أن تشارك إيران في مفاوضات لتخفيف الضغط، ما يفتح الفرص للمجتمع الدولي للبحث عن “اتفاق أفضل”.
لقد وصل البرنامج النووي الإيراني الآن إلى أعلى مستوى له على الإطلاق. يقدر الخبراء أن طهران يمكنها إنتاج مادة انشطارية لقنبلة نووية (كمية “ذات مغزى”) في حوالي أسبوع. ولديها منشأتان ضخمتان مُحصّنتان للتخصيب، وآلاف أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ومعرفة كاملة بدورة الوقود النووي. ويمكن لإيران استغلال المعرفة المتعلقة بتصنيع الأسلحة النووية الموجودة في وزارة دفاعها لتطوير سلاح نووي في حوالي عامين وفقًا لتقديرات محافظة، أو في أقل من ستة أشهر (أو حتى أقل) في إطار برنامج تسريع طارئ.
عند محاولة التوصل إلى اتفاق جديد، يجب تقييم ما يعنيه “الاتفاق الأفضل” حقًا. في السنوات الأخيرة، دعا البعض إلى اتفاق أوسع وأقوى وأطول. ومع ذلك، يجب أن يظل تركيز الاتفاق الجديد على البرنامج النووي الإيراني، ويجب على المفاوضين الغربيين إعطاء الأولوية لمدة الاتفاقية، مع إضافة عامل جديد هو استقرارها.
إتفاقية أوسع نطاقاً؟: كانت إحدى الانتقادات البارزة للإتفاقية النووية السابقة (JCPOA) هي أنها ركزت على البرنامج النووي الإيراني على الرغم من أن إيران تشكل تهديدًا أكبر من خلال أنشطتها الإقليمية الخبيثة، وبرامجها المتقدمة للصواريخ والطائرات بدون طيار، وجهودها في الإرهاب. ومع ذلك، هناك سلبيات في توسيع الاتفاق ليشمل قضايا أخرى غير البرنامج النووي.
إن التسلح النووي مختلف عن جميع التهديدات الأخرى التي تمثلها إيران. إنه أكثر خطورة، وأكثر إلحاحًا، وهو التهديد الوحيد الذي يشكل تهديداً وجودياً لدول أخرى، وخاصة إسرائيل. إن إعطاء الأولوية للقضية النووية في المفاوضات مع إيران قد يحسِّن من فرص إنشاء آلية قوية تعالج هذه القضية الأكثر أهمية.
علاوة على ذلك، طَوَّرت “الوكالةُ الدولية للطاقة الذرية”، على مدى عقود، إجراءات وقائية لرصد البرامج النووية. وتوفر تلك الإجراءات الوقائية قاعدةً صلبة لتنفيذ الاتفاق النووي. بالمقابل، فالاتفاق على التهديدات الأخرى سيتطلب تعريف معايير وطرق تحقُّق متفق عليها، وهو أمر قد يستغرق سنوات – أي مدة تفوق مدة التهديد الذي يسعى لمعالجته – أو سيكون غير فعال.
إتفاقية أقوى: كان هدف الـ JCPOAهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي بشكل مفاجئ ومنعها من الحصول على مادة انشطارية لسلاح نووي في أقل من عام. بعد انسحاب الولايات المتحدة، ناقش الخبراء ما إذا كان الاتفاق قد حقق هذا الهدف أو ما إذا كان “وقت الاختراق” – وهو الوقت الذي تحتاجه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لبناء سلاح نووي – هو مجرد عشرة أشهر. بعد عشر سنوات، لم يعد هذا السؤال ذا صلة. إن تقدم إيران النووي سيجعل من الصعب على أي اتفاق أن يعيد قدراتها إلى الوراء وان يضمن “وقت اختراق” لعام كامل.
لقد أثبتت العشر سنوات الماضية أيضًا أن العامل الرئيسي الذي يعيق البرنامج النووي الإيراني سياسي، ليس تقنيًا. على الرغم من الاقتراب المقلق، لا تمتلك إيران يورانيوم مخصباً بنسبة 90 بالمئة، ليس لأنها لا تستطيع ذلك، ولكن لأنها تختار عدم القيام بذلك.
لا يحتاج الاتفاق المستقبلي إلى فرض قيود أقوى بشكل كبير على البرنامج النووي الإيراني. سيمنح وقت اختراق قدره ستة أشهر وقتًا كافيًا لاستخدام الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية لمنع إيران من بناء سلاح نووي. قد يفتح هذا المجال لتسوية دولية تساعد في تسهيل المفاوضات.
إتفاق لمدة أطول: منح الـJCPOA إيران فوائد دائمة على شكل تخفيف العقوبات مقابل تنازلات مؤقتة في برنامجها النووي. وكان الإتفاق محدودًا لمدة عشرإ سنوات ولم يشمل آلية تمديد. على الرغم من أن العشر سنوات قد بدت فترة طويلة بما فيه الكفاية في عام 2015، فإن المجتمع الدولي يجد نفسه مرة أخرى في حالة أزمة مع البرنامج النووي الإيراني.
يجب أن يعالج أي اتفاق مستقبلي العيب الأساسي في “التاريخ المحدد”. إحدى الطرق هي أن توافق إيران على الحفاظ على القيود على برنامجها النووي لفترة أطول بكثير، لا تقل عن عدة عقود. بدلاً من ذلك، يمكن لإيران والمجتمع الدولي الاتفاق على اتفاق لمدة عشر سنوات، لكن يمكن تمديده بشكل متأصل – اتفاق تظل فيه فوائد إيران مستمرة طالما أن القيود قائمة.
معيار الاستقرار المفقود: في حين أن الـJCPOA اتهم بكونه “معيبًا بشكل قاتل”، فقد تبين أن العيب القاتل في الاتفاق كان اعتماده على قرارات تنفيذية فقط، مما سمح للرئيس الأمريكي بإلغاء الاتفاق بشكل منفرد. بمجرد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، تم اعتبار “ردود إيران النووية” مشروعة من قبل المجتمع الدولي ولم تؤدِ إلى العودة السريعة للعقوبات. تبرز هذا الفجوة أحد المعايير المهملة بشكل كبير لتقييم نجاح اتفاق جديد: وهو استقراره.
بغض النظر عما إذا كان الانسحاب من الاتفاق صحيحًا أم خاطئًا، من الواضح أنه بالنسبة لإيران، يجب أن يتضمن الاتفاق الجديد وسائل لردع جميع الأطراف عن الانتهاكات. يمكن أن تشمل هذه الأدوات التصديق على الاتفاق كمعاهدة دولية جنبًا إلى جنب مع طرق أخرى لمنح إيران الثقة في الاتفاق. (على سبيل المثال، يمكن لإيران الاحتفاظ بمخزونات من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية في دولة ثالثة، يتم إعادتها إلى إيران في حال انهيار الاتفاق.) بكلام آخر، إذا كان المفاوضون يؤمنون بالاتفاق، فيجب عليهم ضمان أنه مستدام.
إتفاق غير مثالي ولكن مستدام. في عام 2015، قد يكون البعض قد أمل في أن يكون الاتفاق النووي الشامل حافزًا لتغيير سياسي أعمق في إيران. لكن بعد 10 سنوات، أصبح من الصعب تصور أن النظام الإيراني كان سيتغير في طبيعته. لذلك، يجب أن يهدف الاتفاق الجديد إلى تحقيق هدف أكثر تحديدًا وواقعية: منع إيران من الحصول على سلاح نووي. يمكن لاتفاق جديد أن يرتكز إلى الآثار التي خلفتها العقوبات الاقتصادية والتهديدات العسكرية الأجنبية للحدّ من طموحات إيران النووية.
إن أي اتفاق لن يكون مثالياً. من منظور التفاوض، قد يبدو من المفيد تقديم مطالب متطرفة. ولكن، لكي يكون الاتفاق الجديد فعالًا، يجب أن يظل يركّز على القضية النووية وأن يُشدّد على طول مدته وعلى استقراره .
*أورن سيتير: جنرال متقاعد في جيش الدفاع الإسرائيلي، هو أحد أبرز الخبراء في إسرائيل بشأن إيران، ولديه أكثر من 30 عامًا من الخبرة في التخطيط الاستراتيجي والاستخبارات الدفاعية.
*إيتامار ليفشيتز لديه أكثر من عقد من الخبرة في الشؤون الإيرانية، حيث يقود فرق البحث في جيش الدفاع الإسرائيلي.
لقراءة الأصل بالإنكليزية:
An Israeli point of view: What should a new deal with Iran look like?