إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
سقى الله أياماً كان فيها الرئيس جمال عبد الناصر يبدأ نهاره بقراءة صحيفة “النهار” اللبنانية وتحديداً مقال رئيس تحريرها ميشال أبو جودة.
واستطراداً، لا يكفي أن تكون « روم »، أو « كتلوكي »، لكي تتقمّص غسان تويني!
ولا يكفي أن تكون « سُنّي » لتتقمص رياض الصلح!
هذا بعض ما يخرج به المرء من قراءة مقال السيد عمر حرفوش في « نداء الوطن »، التي أعاد إصدارها الراحل « ميشال مكتّف »، عن قضية « الأب منصور لبكي ».
مقال السيد عمر حرفوش بدأه، وأنهاه، بالمدائح لشخصه الكريم من نوع « إنسانيتي وقيمي ومبادئي وأخلاقي وكل ما ناضلت من أجله في المؤتمرات الدولية وعلى المنابر العالمية » (« أي ساعة، ووين »؟).
وفي الفحوى، أعلن السيد حرفوش « أنني وشريكي السيد ميشال المر لم نكن على علم بالمقال» (الذي كتبته الصحفية نوال نصر لعرض وجهة نظر الأب المُدان قضائياً منصور لبكي). وقبل ذلك: « منذ رؤيتي للمقال لم أتوقف عن القيام بالاتصالات اللازمة مع شريكي السيد ميشال المر ورئيس التحرير أمجد إسكندر وطلبت بشكل واضح توضيح سبب عدم إبلاغي بالمقال قبل نشره وتم الاتفاق على اتخاذ تدابير عقابية بحق المسؤولين عن المقال بدءاً من الكاتبة الصحفية التي تم فصلها عن العمل ».
المفيد في هذا اللغو هو أن الصحفية « نوال نصر » دفعت ثمن انزعاج خاطر مسيو حرفوش وشريكهُ ميشال المر، ولم يُعطَ لها “حق الرد”، ولم تقف معها نقابة الصحافة أو نقابة الصحافة البديلة المزعومة.
أما رئيس التحرير « المزعوم » فلم تطَلهُ « غَضبة » السيدين حرفوش والمر لأنه، على الأرجح، محسوب على « القوات اللبنانية » التي تملك وزناً سياسياً و« انتخابياً » يحسب حسابه السيدان المذكوران.
والمفيد، أيضاً، هو أن بيان السيد حرفوش يؤكد معلومات لم نقبل بنشرها سابقاً، مع أنها وردتنا من عدة مصادر في بيروت وباريس ولندن، مفادها أن « نداء الوطن » باتت مملوكة للسيد المرّ مع ضخ أموال قيل أنها 900 ألف دولار من السيد حرفوش، ومبلغ قيل أنه 100 ألف دولار (قالت مصادر أنه أكبر من ذلك) دفعه السيد أنطون الصحناوي (صاحب موقعي Ici Beyrouth وthis is beirut وغيرها.. وغيرها) مقابل الصفحات الإقتصادية في « نداء الوطن »، من غير أن يعني ذلك أن هنالك شراكة او أو صداقة (العكس أصحّ، حسب علمنا) بين السيدين حرفوش والصحناوي!
طبعاً، لا نعرف إذا كانت المعلومات والأرقام المذكورة صحيحة أم لا! ولذلك امتنعنا عن نشرها منذ شهرين أو ثلاثة، لأنه يتعذّر علينا التحقق منها. ونحن ننشرها الآن مع التحفظ اللازم.
ماذا نعرف عن السيد حرفوش؟
نقلاً عن « ليبانون ديبايت » الذي يقول أنه يستقي معلوماته من صحيفة “كومرسنت” الروسية: “جاء في المقال الذي نشره حرفوش على صفحة “الجمهورية الثالثة” عبر فيسبوك: « قرر الموسيقي ورجل الأعمال عمر عرفوش أن يصبح رئيسا للوزراء، أي برزت قوة سياسية جديدة على الساحة السياسية اللبنانية، حيث توزعت الأدوار على مدى عقود بين نفس الأحزاب والعشائر. » وكذلك أنه « في تشرين الثاني 2019، نظّم مؤتمراً في البرلمان الأوروبي بعنوان “ما هو مستقبل لبنان؟” مع صديقه السياسي الفرنسي تييري مارياني دعا خلالها إلى تجميد الأموال العامة اللبنانية المسحوبة في الخارج ».
ونقلاً عن « كومرسنت » الروسية أيضاً (!): « وبحسب معلوماتنا الموثوقة أنه اللبناني الوحيد الذي يمكنه الآن القدوم الى المملكة العربية السعودية، ويتم استقباله على المستوى الوزاري. » هل هذا صحيح؟ هل من علاقة، لجهة الأب أو الأم او الخال أو العم، بين صحيفة « كومرسنت » الروسية وأسلافها من أمثال « البرافدا » و« الإزفستيا »؟
نهاية القصة: تمويل الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى ليس “محظوراً” وليس “فضيحة”. لكن، من المهم أن يعرف الناس من يموّل ماذا، ولماذا؟ ومن المهم ألا يتم تجاوز الخط الأحمر “الدقيق” بين “الإعلام” و”الإعلان”، وبين “الإعلام” و”اللوبي”. ومن المهم أيضاً أن يحترم المموّل الأصولَ المهنية والأخلاقية للصحافة التي تمثّل “سلطة” معنوية وأخلاقية في الديمقراطيات الحديثة. وأبرز الأمثلة حالياً هو صراع صحفيي “الواشنطن بوست” العظيمة مع صاحب “أمازون” الذي اشترى الجريدة العريقة.
عموماً، الصحافة اللبنانية ليست “بألف خير”، مثلها مثل البلد! وبعد المقارنة، يبدو لنا أن “المركزية” (التي لا تخلو من الآثام)، تظل الأكثر مصداقية وتوازناً بين المواقع البيروتية. لذلك (وليسامحنا فيليب وطلال!)، لا نتمنّى لها تمويلاً سخيّاً!
شهادة السيد وليد عبود في برنامج السيد مارسيل غانم، إضغط على الرابط لفتح الفيديو:
https://www.facebook.com/share/v/12GxptCgKSS/