1-
لنفرض بأننا ذهبنا إلى الإسرائيليين وقلنا لهم: جئنا لنستسلم، تفضلوا ضعوا ما شئتم من شروط، سنوقّع على بياض. فلنفكر في ردود محتملة من جانبهم.
سيقول اللئيم: وما يُدرينا بأنهم لن ينقضوا العهود أو ينكثوا الوعود!!
ويقول العليم: يا الهي، وماذا سنفعل بلا أعداء؟
ويقول الحليم: ربما نقبل استسلاما على مدار جيلين أو أكثر، لاختبار النوايا، والتحقق من ردود الفعل في الإقليم.
ويقول الكريم: نحتاج إلى ضمانات أكثر من الاستسلام.
ويقول الحكيم: الاستسلام لن يحل المشكلة الديمغرافية.
ويقول الرحيم: لعله الضوء في آخر النفق.
2-
ترد كل هذه التداعيات إلى الذهن عندما نفكر في عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي اشترط تجميد البناء في المستوطنات لمدة شهرين، مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة لليهود.
الصفقة كاريكاتورية. في الأمر ما يشبه شراء طائرة بوينغ بساندوش فلافل. ولكن الصفقة واقعية، أيضا. فمن قال إن الكاريكاتوري ليس جزءا عضويا من بنية الواقعي!!
وهي واقعية لأن في البطانة الوجودية والعاطفية والأيديولوجية لليهود الإسرائيليين مكانة محفوظة للحكيم واللئيم والحليم والعليم والكريم والرحيم. فلا يمكن لجماعة استعادت وطنا سليبا بعد ألفي سنة من الغياب كما تزعم، أو استولت عليه من أصحابه الشرعيين، إلا أن تضمن لهؤلاء مكانة محفوظة، خاصة إذا كانت مواردها الديمغرافية محدودة، وخطوط إمدادها طويلة، وإذا تواجدت على خط من خطوط التماس في منطقة تشتبك فيها، وتتشابك، علاقات التاريخ والجغرافيا والسياسة والدين.
3-
من جانبنا لن نكف عن اقتراح تاريخ جديد ومشترك على اليهود الإسرائيليين. ولماذا نفعل ذلك؟ لأن المهزومين غالبا ما يبصرون أشياءً تحيد عنها أعين المنتصرين. وهنا، لا أفكر، لا في صلاح الدين، ولا في تجربة الصليبيين، بل أفكر في السينما الأميركية، وفي أفلام الزومبي، أو الموتى الأحياء.
تقع أحداث هذا النوع من الأفلام، عادة، في مناطق نائية، مثل جزيرة في المحيط، وفي غابة، أو مقبرة على تخوم مدينة. المهم أن المكان النائي شرط من شروط الحبكة. وشرطها الثاني صراع يتكرر بين أحياء من جهة، وكائنات تملك القدرة على إلحاق الأذى، تشبه الآدميين، لكنها ليست آدمية تماما، من جهة أخرى. أما الشرط الثالث فيتجلى في فكرة العدوى، أي تحويل ما لا يحصى من الآدميين الأحياء إلى كائنات شبه آدمية، عن طريق العض، ونهش اللحم.
آخر الشروط النتائج المحيّرة للصراع بين الآدميين الأحياء من جهة وشبه الآدميين الموتى من جهة أخرى. فعلى الرغم من قدرة الآدميين على التفكير والتدبير، إلا أنهم يخسرون في المواجهة، لأن شبه الآدميين لا يكفون عن العض ونهش اللحم ونقل العدوى وعدم الموت.
هذه الشروط الأربعة مكوّنات أساسية في بنية المخيال الكولونيالي. فالمكان النائي هو ما لا نعرف، أي ما يستدعي ويحرّض على الكشف والاستكشاف، وما لا يشبهنا هم الآخرون، الذين غالبا ما نصادفهم هناك، فهم مثلنا، أو ربما كانوا مثلنا، لكنهم لا يشبهوننا تماما، والعدوى أن نصبح مثلهم، وهذا ممكن عن طريق الاحتكاك الجسدي المرشح دائما لنتائج غير مضمونة العواقب.
في الدراسات النقدية الحديثة، خاصة ما يتعلّق منها بتاريخ السينما، يعيد أغلب الدارسين ظاهرة أفلام الموتى الأحياء إلى العلاقة الملتبسة بالسكان الأصليين في بداية التوسع الكولونيالي، وإلى ذعر المستكشفين والرحالة والمستوطنين والمغامرين البيض من الاختلاط بالسكان الأصليين. ففي الاختلاط خطر التماهي وفقدان الهوية. بمعنى آخر، ما يبدو مجرد تسلية على الشاشة، خاصة لمن يحبون أفلام الإثارة والرعب، يحمل تاريخا سلاليا وثيق الصلة بتاريخ الكولونيالية، فيصوّر كوابيسها وأشباحها.
4-
وربما يسأل سائل: ولكن ما علاقتنا نحن بأمر كهذا؟
إذا فهمنا دلالات المكان النائي، وخطوط الإمداد، ناهيك عن محدودية المخزون الديمغرافي، وخطورة العيش على خطوط التماس، تصبح علاقتنا أكثر من واضحة. وهذه الخلاصة مفزعة لنا وللإسرائيليين. لنا: لأن استسلامنا لا يكفي. ولهم: لأنها أملت وتملي عليهم طريقة في التصرف لن نعثر على معناها الحقيقي ما لم نتمل ملياً معنى الكولونيالية وما يسكن مخيالها من كوابيس وأشباح.
أفكر الآن في خطة سرية وضعها الجنرال رحبعام زئيفي بعد أيام قليلة من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967. اقترح زئيفي في الخطة التي كُشف النقاب عنها في الآونة الأخيرة، إنشاء دولة فلسطينية في مناطق من الضفة الغربية، شريطة أن تُسمى دولة إسماعيل، وألا تسمى دولة فلسطين لأن الاسم، كما ورد في الخطة، يفتح شهية الفلسطينيين. لا بأس. كان المُنتصر في حينها يبحث عن حل للمهزوم، ويحاول في ثنايا الحل تحييد الأشباح وهدهدة الكوابيس.
وما يفعله اليهود الإسرائيليون، اليوم، يشبه ما فعلوه من قبل: تحييد الأشباح وهدهدة الكوابيس، ولكنهم أصبحوا أكثر عصبية، وأقل قدرة على التفكير والتدبير، بطريقة تبدو أقرب إلى ما حدث في فيلم “ليلة الموتى الأحياء” منها إلى واقع الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي في فلسطين وعليها.
لسنا من الموتى الأحياء، بيد أنهم يقترحون علينا منذ عقود أصبحت طويلة مصيرا كهذا. وربما نقترح عليهم التفكير في العودة إلى قرار التقسيم الصادر في العام 1947، لن يقبلوا بأمر كهذا بالتأكيد، ومع ذلك فإن فيه، لا في دولة إسماعيل، القديمة والمُستحدثة، ما يحيّد أشباحا ويهدهد كوابيس.
Khaderhas1@hotmail.com
كاتب فلسطيني يقيم في برلين
جريدة الأيام
دولة إسماعيل..!! – هام وعاجل الفاتيكان يقود جموع (المؤمنين) للحفاظ القدس (مدينة السلام) في مواجهة اجرامية “اسرائيل” واكاذيبها http://www.youtube.com/watch?v=st7j0_mpFQQ ((A gathering at the Vatican largely blamed Israel for conflict in the region. In a communique at the end of their two-week meeting, the bishops demanded that Israel accept UN resolutions calling for an end to its occupation of Arab lands, and told Israel it shouldn’t use the Bible to justify “injustices” against the Palestinians. The meeting was convened by Pope Benedict XVI to discuss the future of embattled Christians in the largely Muslim region. It formally ended with a Mass… قراءة المزيد ..
دولة إسماعيل..!!
Khaled — khaloud1@hotmail.co.uk
Most of Arab Regimes and Islamic would not allow Palestinian State to exist, because when it does, most of them disappear.Because they have nothing to cheat on their own people any more.
دولة إسماعيل..!!
– الكتابة الفلسطينية شحيحة , فهي لم تنتج سوى كاتب واحد (اميل حبيبي) .. والأسوأ من ذلك انتجت “قومية فلسطينية” , ولسوء حظ هذه القومية ولدت في خطاب عربي مؤدلج ويزداد تأدلجا , فانقسم رد الفعل على هذه “القومية” في محورين , مجامل : يعمل كمعطل لامكانية تطور الكتابة بغياب النقد (الصادق) , وآخر (مزدري) : ادى الى تصلب وتشنج هذه “القومية” .. (ادوارد سعيد) ليس فلسطيني (قطعا) , و(محمود درويش) ليس كاتب (اصلا) .. وكذلك (كنفاني) .
بطل “فلسفة” يا رجل , حتى انك عديت الشيخ بيار
http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=11439&lang=ar