إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
أجرى المقابل بيوتر سمولار لجريدة “لوموند”
روبرت فورد، محلل في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، هو دبلوماسي أمريكي مخضرم ومطلع على شؤون الشرق الأوسط. شغل منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا بين عامي 2011 و2014 خلال رئاسة أوباما. في مقابلة مع “لوموند”، يرحب بقرار دونالد ترامب رفع العقوبات، وبلقائه مع أحمد الشرع، الجهادي السابق الذي أصبح رئيساً مؤقتاً بعد سقوط نظام الأسد. وقد التقى فورد الشرع عدة مرات، آخرها في دمشق في يناير.
كيف تفسر انفتاح دونالد ترامب على الحكومة السورية الجديدة؟
الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية في سوريا. أولويتنا ليست الانتخابات في هذا البلد بعد سنة أو سنتين. هذا أمر يقرره السوريون، ولدينا تجارب سيئة في أفغانستان والعراق. المصلحة الأمريكية في سوريا هي مكافحة الإرهاب، وخصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذا ما يفعله أحمد الشرع منذ عام 2014، حيث خاض معارك صعبة ضدها في إدلب وحلب والرقة. هو الأداة الأفضل للولايات المتحدة ضد داعش في سوريا.
هناك حدود لما يمكن أن يفعله الأكراد في وحدات حماية الشعب (YPG). طوال ست سنوات، لم يتمكنوا من القضاء على داعش بسبب الانقسامات العرقية. أكراد من أقصى اليسار يريدون حكم مجتمعات عربية محافظة في الشرق، وهذا يسهل تجنيد داعش للمقاتلين.
أحمد الشرع يقول إنه سيؤدي المهمة بشكل أفضل، وأعتقد أن هذا صحيح. لكي ينجح، يحتاج إلى اقتصاد يمكنه من تمويل قوة مكافحة إرهاب، ودفع رواتب، والحصول على معدات وتدريب. ومن هذا المنطلق، فإن رفع العقوبات منطقي من وجهة النظر الأمريكية: للحصول على شريك في هذا المجال.
لكن بين أقوال ترامب وتنفيذ رفع العقوبات، هناك طريق طويل…
هناك نوعان من العقوبات الأمريكية. الأول صادر عن مراسيم رئاسية، تُلزم وزارة الخزانة بالتحرك ضد كيانات محددة مثل بنك سوريا أو أفراد مرتبطين بالنظام. يمكن للرئيس إصدار مرسوم جديد يلغي السابق، وهذا أمر بسيط نسبياً. أما النوع الثاني، فهو العقوبات التي أقرها الكونغرس بقوانين، مثل قانون “قيصر لحماية المدنيين في سوريا” الذي أُقر في 2019 وتم تمديده أواخر 2024. لإلغاء هذا النوع، نحتاج إلى قانون جديد أو انتظار انتهاء صلاحيته بعد خمس سنوات.
بعض الجمهوريين يدعمون رفع العقوبات، والبعض الآخر متردد، والضغط الإسرائيلي يلعب دوراً هنا. ولكن، في غياب إجراء تشريعي، يمكن لترامب أن يطلب من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة عدم تطبيق العقوبات الثانوية على الشركات العاملة في سوريا. هذا سيكون بطريقة ما مخالفاً لروح القانون، لكن سبق أن رأينا إدارات أخرى تتصرف بهذه الطريقة في السياسة الخارجية. على سبيل المثال، تجاهلت إدارة بايدن القانون بشأن صادرات الأسلحة لإسرائيل.
هل يعتبر تحرك ترامب تجاه سوريا انتصاراً للرئيس التركي أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟
بالتأكيد. أشك في أن ترامب كان سيتحرك بهذه السرعة، للقاء أحمد الشرع ورفع العقوبات، دون تدخل مباشر من هذين الزعيمين وأمير قطر. داخل الإدارة نفسها، كانت هناك انقسامات بين مؤيدي الانخراط الجاد مع الحكومة السورية الجديدة، ومن كانوا أكثر تحفظاً داخل البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، مثل سيباستيان غوركا (مسؤول مكافحة الإرهاب).
هذا يعكس أسلوب ترامب في اتخاذ القرار في مجالات متعددة، وليس فقط في السياسة الخارجية. فهو غير متوقع، لأن مصادر معلوماته المفضلة غالباً ما تكون خارج الحكومة. كما أنه يتأثر بسهولة أكبر بالأشخاص الخارجيين لأنه يملك ميولاً فطرية لانعدام الثقة بالبيروقراطية.
حددت واشنطن «تمنيات» للحكومة السورية الجديدة، كيف تفسر ذلك؟
أسهلها مسألة الإرهابيين الفلسطينيين، وقد أوقف الشرع بالفعل بعض عناصر الجهاد الإسلامي الفلسطيني في دمشق. محاربة داعش، يقوم بها بالفعل. أما بقية النقاط، فهي أصعب، خاصة إدارة مخيمات الاحتجاز في الشمال الشرقي التي تضم معتقلي داعش. هذه المخيمات كبيرة جداً، وتتطلب جهداً هائلاً في عدد الأفراد، واللوجستيات، والطعام، والماء، والرعاية.
عندما التقيت بالشرع في يناير بدمشق، أبدى استعداده لفترة انتقالية مخطط لها مع الأمريكيين. لكنه بحاجة للعمل مع قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، رغم أن علاقته بهم صعبة. إذا منح ترامب إذناً للبنتاغون للتحدث مباشرة مع دمشق، فقد يرى هذا المخطط النور.
ثم هناك مسألة المقاتلين الأجانب. الشرع لا يعتبرهم تهديداً للدول الأخرى. يعتقد أنهم تحت السيطرة، ويشعر تجاههم بولاء وامتنان لدورهم في إسقاط الأسد. لذلك، لا يرغب في خيانتهم بنقلهم إلى الخارج. ثم، إلى أين سيذهبون؟ بعضهم شيشاني، وروسيا لا تريد عودتهم إلى القوقاز. وكذلك الصين لا تريد عودة الإيغور. أو فرنسا. لكن، إذا بقوا في سوريا، كيف يمكن السيطرة على مئات الرجال؟ رأينا المشاكل التي تسببوا بها في اللاذقية، عندما قتلوا علويين. الأمر ليس بسيطاً كما يظن الشرع.
وأخيراً، هناك مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي تواصل تعزيز قوتها العسكرية جنوب سوريا…
سيتعين على الشرع اتخاذ قرار استراتيجي. هل سيتخلى عن المطالب بشأن هضبة الجولان (التي ضمتها إسرائيل)؟ هذه نقطة خلاف منذ خمسين عاماً. تحدثت معه عن الأمر. قال لي إنه ليس معادياً لإسرائيل في حد ذاته. وبرأيه، آخر ما تحتاجه سوريا الآن هو حرب مع إسرائيل. البلاد بحاجة لإعادة إعمار.
الشرع منخرط في مفاوضات عبر وساطة إماراتية. ويود التوصل إلى ترتيب مؤقت مع إسرائيل، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار. أشك في أن الإسرائيليين سيقبلون الانسحاب من خارج منطقة فك الاشتباك لعام 1974. لكن هذه المسألة ليست أولوية بالنسبة للشرع. هو يفضل التركيز على داعش.