إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
حلت البركات، الدكتور، القاضي رئيس المحكمة الدولية،” نواف سلام”، رئيسا مكلفاَ تشكيل حكومة الرئيس جوزف عون الاولى.
انعقدت الآمال على الثنائي عون-سلام، ولكن ليس من عدم. فكلاهما أطلا علينا، نحن اللبنانيين المكلومين الذين ينتظرون المخلّص، بخطابين فيهما الكثير من احلامنا الطبيعية بدولة طبيعية نعيش فيها بسلام وأمن.
بل ان نبرة الخطابين فاقت توقعاتنا، وطموحاتنا! لم نكن، حقيقة الامر، نحلم بأكثر من نصف ما ورد فيهما، من تعهّدات الزم الرئيسان نفسيهما بتحقيقها، مهما كانت الصعاب.
وتزامنا مع طموحاتنا التي ارتفع سقفها الى “ما بَعد بَعد” ما كنا نتمناه، أطل علينا جماعات من يسمون انفسهم “التغييريين“، و“ثورة 17 تشرين“، وجماعات ال NGO’S خصوصا جمعية “كلنا إراده“، كلهم يتبنون العهد من جهة، وتكليف القاضي سلام من جهة ثانية، وخيل الينا نحن المواطنين العاديين الذين لا شأن لهم ولا طموحات سياسية والذين هللوا لوصول الثنائي عون–سلام، اننا غرباء عن الوطن، وأننا في حاجة الى شهادة حسن سلوك من الجماعات الآنفة الذكر! جماعات ناضلت وانتصرت واوصلت العماد عون الى رئاسة الجمهورية، ومن بعده تكليف القاضي سلام،.وبدأت الجماعات الآنفة الذكر تسعى الى صرف “انتصارها” تعيينات وزارية وإمعانا في توكيد صحة الشعارات التي رددتها ذات يوم في 17 تشرين 2019.
فات هؤلاء ان انتخاب الرئيس عون وتكليف القاضي سلام إنما حصلا نتيجة تغييرات محلية وإقليمية، وليس بسبب هِمة ونضالات “ثوار 17 تشرين“. خصوصا أن هناك من الجماعات من كان يتقدم صفوف “الثوار“، كـ“حزب 7” الذي تبخر فجأة ولم نعد نسمع له خبرا، في حين ان باقي الجمعيات المُمَوَّلة من الخارج انصرفت الى همومها ومشاغلها اليومية بعيدا عن شعارات الثورة التي استفاقت عليها فجأةً فور تكليف القاضي سلام مهمة تشكيل الحكومة.
أما وقد استتب الأمر للقاضي سلام، وبدأ مهمته في الاستشارات النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة، فقد استفاض “ألثوار“ في تحميل الرئيس المكلف مهام وتبعات تشكيل حكومة على صورته ومثاله، من وزراء ناصعي البياض متخرجين من جامعات اجنبية، ولديهم حسابات مصرفية في الخارج!
وفجأة برزت عقدة الثنائي الشيعي الذي أصر على تحديد حصته من الكعكة الوزارية بتسمية خمسة وزراء لا اكثر ولا أقل، ومن بينهم وزير المال، الذي بات كل اللبنانيين يعرفون اسمه، “ياسين جابر”، شاء الرئيس المكلف ام أبى.، علما ًان الثنائي لم يصوت لتكليف سلام، اولا، ولم يشارك في الاستشارات النيابية غير الملزمة، أسوة بسائر الفرقاء السياسيين، ثانيا. بل ذهب الرئيس المكلف برجليه الى الى الناطق باسم الثنائي، الرئيس بري، ليستشيره في مكتبه في “عين التينة”. فهل كان ليذهب الى “كليمنصو” مثلا او إلى “معراب” او “الصيفي”؟ هل هؤلاء المغضوب عليهم هم الفاسدون والمفسدون في الارض، والذين قوّضوا هيبة الدولة وافلسوا الخزينةـ مع كل الملاحظات على آدائهم في السلطة وخارجها وليس دفاعا عنهم بالطبع.
إنما “الظلم في الرعية، عدل في السوية“.
طبعا أطبق الثوار افواههم، ولم ينطقوا
وبدأت التسريبات عن التشكيلة الحكومية. الرئيس المكلف لا يريد كسر خاطر الطائفة الجريحة!!
التاريخ القريب يخبرنا عن طوائف “جُرحت” وكُسرت، ولم يُزلزل البلد. خرج المسيحيون من السلطة ولم ينهار البلد، وأُوكل تمثيلهم بمن مثلوا اقلية مسيحية، طيلة عهود منذ ما قبل الطائف وما بعده، حتى العام 2005.
الطائفة السنية بدورها تم تهميشها وإيكال تمثيلها الى من لا يمثل شارعا واحدا، ولم يتزلزل البلد.
الوقوف على خاطر طائفة جريحة يكون باستيعاب الطائفة في رحاب الوطن، وليس بالذهاب الى مربعها المذهبي لاسترضائها على خدماتها التدميرية ومصادرة الدولة وقراراتها الامنية والاقتصادية والاجتماعية والإمعان في قتل رجالاتها.
بالعودة الى تشكيل الحكومة يبدو ان رئيسها المكلف التزم بتوجيهات الرئيس بري، وسيسمي ياسين جابر لوزارة المال مع انه قال اكثر من مرة ان لا وزارة مسجلة باسم طائفة ولا هي ممنوعة على طائفة!
هل كان ابواق التغيير و“ثوار” ما يسمى “17 تشرين” سيسامحون أياً من الرؤساء على هذا التنازل للثنائي؟
ماذا لو كان أي من الرؤوساء السابقين، سعد الحريري او نجيب ميقاتي، او تمام سلام، او فؤاد السنيورة، يعكف على تشكيل الحكومة وقدم للثنائي الشيعي ما فرضَهُ عليه؟ الم تكن ابواق التغييريين و“ألثوار“، لِتَرميه بأبشع النعوت؟ ليس اقلها الانبطاح والتسويات والصفقات والاستسلام و ……..
لماذا بلعوا السنتهم؟
ليس من الجائز استباق الإعلان عن التشكيلة الحكومية، لكي يُبنى على الشيء مقتضاه، ولكن ما يتسرب عن عزم الرئيس المكلف الانصياع لرغبات الثنائي الشيعي لا يُبشر بتغيير “ما بعد بعد” النوايا العظيمة والتعهدات التي التزم الرئيسين.
حقيقة الامر ان التشكيلة الحكومية في حال أعلن عنها بالصيغة التي تسربت مؤخرا والتي قد تبصر النور خلال ايام معدودات ستكون خيبة أمل بحجم بارقة الامل التي أشاعها خطاب القسم وخطاب التكليف.
وإذا كنا كلبنانيين لم نعد نحتمل الحروب والتدمير والقتل، إلا أننا، أيضا، لم نعد نحتمل المزيد من الخيبات، خصوصا ان من اطلقها لم يثبت الى اليوم أنه على قدر طموحاتنا المتواضعة جدا الى ما بعد بعد التواضع.
على حزب الله ان يشعر بالهزيمة التي مني بها في الحرب في تشكيل الحكومة ايضا حيث لا يسأل عن رأيه في الحقائب ولا في الاسماء، اي باقصائه كليا عن الساحة السياسية حتى اتمام نزع سلاحه ولبننته.
مقال رأي جيد جدا، يعبر عن وجهة نظري في الموضوع، وهو موضوع الساعة.
شكرآ جزيلآ استاذ كمال ريشا