في دراسة بالإنكليزية نشرها على موقع “معهد واشنطن” أمس الإثنين في ٨ يوليو، بعنوان “١٣ سنة منذ حرب حزب الله مع إسرائيل”، يتطرق رئيس الأركان الإسرائيلي السابق “غدي إيزنكوت” (تقاعد من منصبه في يناير ٢٠١٩) إلى مقتل القائد العسكري لحزب الله مصطفى بدر الدين، ويعتبره عملية “إعدام” داخلية بقرار مشترك من قاسم سليماني وحسن نصرالله.
ويقول “إيزنكوت” الذي يحمل الآن صفة “زميل” باحث في “معهد واشنطن” أن “التدخّلات العسكرية الخارجية كان لها أثرها. فبعد ٥ سنوات من القتال في سوريا، خسر الحزب ٢٠٠٠ قتيلاً و٨٠٠٠ جريجاً. وبعكس ممارساته السابقة، فقد عمد الحزب إلى استخدام مقاتلين لا تزيد أعمارهم على ١٦ سنة، وقُتِل العديد من هؤلاء في الحرب. وفي مطلع ٢٠١٨، بدأ حزب الله بسحب قواته من سوريا، وأعاد معظم مقاتليه إلى بيوتهم في آواخر السنة. وسرعان ما واجه الحزب انقساماتٍ داخلية ومشكلات إقتصادية حادة دفعته لإحداث خفض حاد في عدد وحداته العسكرية، وفي برامج الرعاية الإجتماعية التي يشرف عليها في لبنان، وفي الرواتب التي يدفعها لأعضائه.”
ويضيف: “رغم ذلك، فقد تعمّق تعاون الحزب مع إيران حتى أكثر من السابق. وربما كان أفضل مثل على ذلك هو ما حدث في سنة ٢٠١٦ حينما تم إعدام قائد قوات حزب الله في سوريا، “مصطفى بدر الدين”، بعد قليل من اجتماعه مع قائد “قوة القدس”، قاسم سليماني، في قاعدة إيرانية قرب دمشق. وبدا أن قرار إعدامه يعكس رغبات سليماني ونصرالله معا؛ ومنذ ذلك الحين، صار حزب الله يعمل بدون قائد عسكري مستقلّ من صفوفه.
تدمير الأنفاق: إختراق أعمق أسرار قوة القدس وحزب الله
معلّقاً على تدمير أنفاق حزب الله على الحدود اللبنانية في الفترة الممتدة من ٤ ديسمبر ٢٠١٨ إلى ١٣ يناير ٢٠١٩، يقول “إيزنكوت” أن “قوة القدس وحزب الله كانا في حالة “صدمة واضحة” بعد خسارة نظام أنفاق كرّسا أكثر من ١٠ سنوات لبنائه- وقد تبدّت ردة الفعل تلك عبر إنكارهم لوجود نظام الأنفاق ومساعيهم للتقليل من أهمية ذلك البرنامج الذي كان مركزياً في استراتيجيتهما. ومن المنطقي افتراض أن انكشاف ذلك المشروع السرّي وتدميره قد أظهر لهم مدى اختراق إسرائيل لأعمق أسرارهما، الأمر الذي عزّز الردع الإسرائيلي في أعين صانعي القرارات الإيرانيين وفي حزب الله”!
معركة “حلب” وتمرّد “بدر الدين”: سليماني “رب عمل” وليس “شريكاً”
جدير بالذكر أن رواية “إعدام” مصطفى بدر الدين بقرار إيراني كانت “متداولة” منذ مقتله. ومؤخراً، ورد ما يلي في دراسة بقلم الباحثة في “معهد واشنطن”، حنين غدّار”:
إلى جانب التأكيد على أنّ إيران هي التي أمرت بالانتشار في حلب (وهي مدينة غير شيعية قليلة المزارات وبعيدة عن الحدود اللبنانية) أقرّ عددٌ من المقاتلين والمسؤولين في «حزب الله» في محادثاتٍ ومقابلاتٍ خاصة أنّ القائد العسكري للجماعة في ذلك الوقت مصطفى بدر الدين رفض في البداية إرسال قوّاته إلى هناك. واعتقد معظم الذين تمّت مقابلتهم أنّ.. الإيراني قاسم سليماني أَجبرَ بدر الدين على التصرف عكس إرادته، وأمر بقتله في النهاية عام 2016. وبعد ذلك، أفادت التقارير بأنّ سليماني بدأ يدير أدنى تفاصيل العمليات العسكرية لـ «حزب الله». وكما قال أحد المقاتلين لكاتبة هذا المقال عام 2017، “كان واضحاً للكثيرين منّا أنّ أولوية [سليماني] كانت حماية الإيرانيين، وأنه يمكن التضحية بـ [مقاتلي «حزب الله»] وكافة [الشيعة] غير الإيرانيين”. وشكا عددٌ من المقاتلين الآخرين من تخلي حلفائهم الإيرانيين عنهم في ساحة المعركة…. وفي وقت لاحق رفضَ بعض المقاتلين القتال تحت قيادة القادة الإيرانيين.
“أوقف الرواتب”
وعلى الرغم من نمو الاستياء، أظهر سليماني القليل من التسامح إزاء التحدي اللبناني. وقال أحد القادة: “عندما ازدادت الشكاوى وأخّرت قيادة «حزب الله» تحقيق مطالب سليماني بإرسال المزيد من المقاتلين إلى حلب، أوقف الرواتب لمدة ثلاثة أشهر، أو إلى حين قيام الحزب بتنفيذ مطالبه”. ورغم أن معظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم كانوا ينفرون منه، إلّا أنّهم أعربوا أيضاً عن الاحترام والخوف، مدركين أنّ العلاقة تشبه علاقة ربّ العمل بموظفيه أكثر من كونها علاقة شراكة.
إقرأ أيضاً:
ما دور سليماني في مقتل مصطفى بدر الدين؟