(نشر “الشفاف” هذا الموضوع الخاص في 21 يناير 2016، ونعيد نشره اليوم لـ”مناسبة” اعتقال باتريك هيكي كما توقّعنا في حينه)
كانت سنة ٢٠١٥ سنة سقوط « الفيفا » مع توجيه اتهامات « فساد » و«تبييض أموال» لأكثر من ٣٠ من مسؤوليها، وانتهاءً بفرض حظر لمدة ٨ سنوات على أبرز شخصياتها: «سيب بلاتر» و »ميشال بلاتيني». فهل تكون سنة ٢٠١٦ سنة فتح ملف فضائح «اللجنة الأولمبية الدولية» ابتداءً من نائب رئيسها و»مفوّض الإستقلالية» فيها، الإيرلندي باتريك هيكي- الشخص الذي ترأس جلسة المفاوضات في «لوزان» التي انتهت (بعد أسبوعين) إلى فرض حظر على مشاركة الكويت في أية نشاطات رياضية أولمبية.
في الأسبوع الماضي، كتب مدير مجلة «بلاي ذي غايم»، الرصينة والمستقلة التي تموّلها وزارة الثقافة الدانماركية: «ما زلنا ننتظر أن يقوم رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ بتجريد السيد باتريك هيكي من مركزه الخاص كمفوّض للإستقلالية»!
لكن «باتريك هيكي» بات، منذ أشهر، الهدف الجديد لصحفي التحقيقات البريطاني، «أندرو جينينغز» الذي تصفه الصحافة العالمية بأنه «الرجل الذي أسقط رئيس الفيفا سيب بلاتر». ينفرد «الشفاف» في ما يلي بنشر بعض من تحقيقات جينينغز حول «باتريك هيكي» و”نظام الفساد” الذي أسّسه في شرق أوروبا، وحول شبكة شركات “العلاقات العامة” و”الصحافة الرياضية” التي تروّج للفساد.
*
يعرفُ مفوّض الإستقلالية في اللجنة الأولمبية الدولية، باتريك هيكي، عن الفساد في الألعاب الأولمبية أكثر من أي شخص آخر. فقد اطّلع عليه مباشرةً، دون وسيط، خلال ربع القرن الماضي. في ١٩٩١، حينما كان مسؤولاً في «المجلس الأولمبي لإيرلندا» (Olympic Council of Ireland)، وصلَ إلى عِلم «بات» هيكي أنه، أثناء الصراع القذر حول من يستضيف الألعاب الأولمبية الشتوية للعام ١٩٩٨، فإن بعض أعضاء «اللجنة الأولمبية الدولية» قاموا ببيع أصواتهم لمدينة « ناغانو » الإيطالية الغنية بقيمة ١٠٠ ألف دولار للصوت الواحد.
ونحن نعرف ذلك لأن « باتريك هيكي » وجّه رسالة «خاصة وسرّية للغاية»، في مارس ١٩٩١، إلى مسؤولي «سولت ليك سيتي» بالولايات المتحدة الذين كانوا يعملون للفوز بحق استضافة الألعاب الشتوية نفسها. وقد حصلنا على نسخة من الأرشيفات التي تم تجميعها بعد انفجار فضيحة رشاوى ألعاب «سولت لايك سيتي». وامتنع «بات» هيكي، في حينه، عن كشف النصّابين الذين كانوا يبيعون أصواتهم، الأمر الذي أثبت أنه شخص «يمكن التعويل عليه»، وهذا ما أهّله للترفيع إلى عضوية « اللجنة الأولمبية الدولية » ابتداءً من العام ١٩٥!
كانت تلك فترة جميلة في «اللجنة الأولمبية الدولية». وحصل «بات» هيكي على حصّته حينما كانت مدينة «أطلنطا» الأميركية تتسابق لاستضافة «الألعاب الصيفية للعام ١٩٩٦». فقد دفعوا نفقات إجازته، هو ومسؤولين أولمبيين آخرين، في فندق «كلويسترز» الرائع في «سي إيلاند» على ساحل جيورجيا. وبلغ ثمن تذكرة الطائرة التي حصل عليها «بات» مبلغ ٥٣٤٤ دولاراً، وعلّق مسؤول الإستقبال الذي كان بانتظارهم، بعد ذلك قائلاً: « يا إلهي، لقد تناولوا كميات غير معقولة من الطعام »!
وبعد ذلك بثلاث سنوات انفجرت فضيحة «سولت لايك سيتي»، ثم تبعتها فضائح آخرى. وتم تعيين «بات» هيكي مسؤولاً عن «الإصلاح». وكان إلى جانبه أعضاء آخرون يُخفون سجلات الرشاوى التي رافقت العقود الرياضية، ويُخفون فضائح استخدام العقاقير المنشّطة وسواها من قضايا الرشوة القذرة. وكما يمكن للمرء أن يتوقّع، فإن إصلاحاتهم لم تكن إصلاحات حقيقية، واستمرّ أعضاء «اللجنة الأولمبية الدولية» في اختيار أنفسهم من بين أنفسهم!
اضطر « بات » لمواجهة الإنتخابات حينما أصبح رئيس «المجلس الأولمبي لإيرلندا» في ١٩٨٩، ولكنه مازال يرأس «المجلس» حتى الآن بفضل دستورٍ جديد يعطي أصواتاً إضافية لأنصاره. وفي حينه، كان «بات» قد هدّد بملاحقة معظم وسائل الإعلام الإيرلندية أمام القضاء، ولذلك بات يُعتبر «بطلاً» في إيرلندا.
ووقعت السلطة الحقيقية على أقدام «بات» هيكي في العام ٢٠٠٦، حينما أصبح رئيس “اللجان الأولمبية الاوروبية” (EOC=European Olympic Committees) غير المعروفة كثيراً والتي تضمّ 49، لجنة. وبفضلها فقد دخل في عالم «حفلات العشاء الفاخرة» على أعلى المستويات. ولكن باتريك هيكي كان يريد «ألعابه» هو! فهنالك آلعاب لأسيا، وألعاب لأميركا، وأراد «هيكي» أن يخلّد ذكره بألعاب “أوروبية”. والمشكلة أن أحداً لم يكن يريد ألعاباً أوروبية. فالصيف الأوروبي القصير مزدحم بالمناسبات الرياضية الكبرى في كل أنحاء القارة. ثم، من يستطيع أن يتحمل أكلاف مثل تلك الألعاب، وأين سيتم العثور على الرياضيين المؤهلين؟
أشاحت بلدان أوروبا الديمقراطية بوجوهها مُحرَجة عن الفكرة. ولكن، كان ثمة دولة تريد إبعاد الإنتباه عن سجلها المريع في انتهاك حقوق الإنسان وعن نظامها الديكتاتوري الشمولي. وجاء أول مؤشر لمخططات «بات» هيكي أثناء مؤتمر «اللجان الأولمبية الأوروبية» الذي انعقد في استانبول في العام ٢٠٠٨. وبدون أن يتشاور مع الأعضاء الآخرين، فقد أعلن هيكي عن جائزة خاصة تم تقديمها لرئيس «اللجنة الأولمبية الوطنية في بيلاروسيا» مقابل «إسهامه الإستثنائي في الحركة الأولمبية». وأثار الإعلان الحيرة والتساؤل لأن دولة بيلاروسيا كانت قد ورثت تقاليد دولة ألمانيا الشرقية السابقة في استخدام العقاقير المنشّطة لدعم رياضييها. وهنالك فضيحة بيلاوسية في كل واحدة من الألعاب الأولمبية. بل كانت بيلاروسيا في طليعة الفضائح في ألعاب لندن الأولمبية في العام ٢٠١٢.
وكانت الوظيفة اليومية لـ»لوكاشينكو» هي رئاسة ما تبقّى من الستالينية في «بيلاروسيا». وحينما لم يكن يُفلت شرطته الإجرامية ضد المتظاهرين الشبان المطالبين بالديمقراطية، فإن «لوكاشينكو» كان يبحث عن المناسبات الرياضية! وقد أَعجبَ بذلك باتريك هيكي الذي أعلن في العام ١٩٩١ أنه «من المهم أن اللجنة الأولمبية الوطنية في بيلاورسيا» هي برئاسة ألكساندر لوكاشينكو« ! ولكن دول الإتحاد الأوروبي لم تشاركه إعجابَه، وفرضت حظراً على سفر سفّاح بيلاروسيا. وقد تمعّن هيكي في حالة شبه الإفلاس التي تعاني منها «مينسك» (عاصمة بيلاروسيا) ووجّه أنظاره جنوباً نحو منابع النفط. وفي ١٢ ديسمبر ٢٠١٢، صوّتت «اللجنة الأولمبية الأوروبية» التي يرأسها هيكي على اختيار «باكو» عاصمة لأول «ألعاب أوروبية ».
تجسّد حكومة علييف « الجريمة المنظمة ». من يقول ذلك. القائل كان ديبلوماسياً أميركياً في «باكو» في تقرير سرّي رفعه إلى حكومته في ستبمبر ٢٠٠٩. وقد اعتمد على مصادر ضمن حكومة البلاد قبل أن يكتب تفريراً تفصيلياً- ويثير الضحك الساخر أحياناً- حول السياسات المافيوية وطرق العمل التجاري المافيوية في أذربيجان.
وجاء في التقرير، الذي بات معروفاً على نطاق واسع بفضل «ويكيليكس»، أن الرئيس «إلهام علييف» هو رجلان في رجل واحد: « مايكل كورليوني (بطل فيلم «العرّاب») من الخارج، و(شقيقه المجرم العنيف) »سوني» من الداخل». (رابط البرقيةعلى ويكيليكس).
وكتب الديبلوماسي الاميركي من «باكو» أن « سوني، في فيلم «العرّاب»، كان متهوراً وتلقائياً ويؤمن إيماناً أعمى بالعنف للرد على الإساءات التي تتعرض لها عائلة كورليوني. وبالنسبة له، كانت الأعمال التجارية مسألة شخصية». وأضاف: «يرفض سوني أن يتصوّر مستقبلاً لا تكون فيه عائلة كورليوني هي المسيطرة… ويبدو أن هدفه هو خلق بيئة يتعذر فيها على أحد أن يتحدّى عائلة علييف »!
وذلك ما يفسّر عمليات الضرب الوحشية، واحكام السجن، والإغتيالات. إذا كنت تريد أن تحضر « لعاب باكو»، فمن الأفضل ألا تزعج « لعرّاب سوني» القابع في قصره الرئاسي. واعلم أنه إذا ما تصوّر علييف أن شيئاً يتحدى سلطته أو يشكل إهانة لكرامة عائلته، فإنه، هو وبطانته، سيقومان برد فعل «ثأري بدائي».
إن من يصفه الديبلوماسي الأميركي بأنه « مايكل كورليوني في الخارج » ببدلاته الأنيقة وإنكليزيته الممتازة يتفاوض مع شركات النفط، ويقيم الحفلات في منتجع «دافوس» السويسري، ويتحدث هامساً مع بات هيكي ومع أمير موناكو «ألبرت»، وينفق أموالاً طائلة على حملات علاقات عامة دولية تخفي صورتَه المرعبة.
وهو أيضاً «موهوب في موازنة التحالفات». وتلك طريقة مهذبة لشرح أن الغنائم التي يسرقها من الدولة، ومن ثروتها النفطية الهائلة، تتوزع بصورة عادلة بين العائلات البارزة في البلاد- وبينها عشيرة زوجته، عائلة «بيشاييف»، التي يُقال أنها أقوى عائلة تجارية في البلاد,
إن بات هيكي، وحاجته الملحة لترؤس حدث رياضي أوروبي، وَجَدا صدى ملائماً لدى الجميع. فالعائلات الحاكمة ستجني أرباحاً طائلة، والحدث الرياضي سيولّد صوراً جذابة خصوصاً حينما تنشر الصحافة الدولية صور باتريك هيكي وهو ينحني ويتذلّل أمام السيدة الأولى « مهريبان ».»
وقد تعزّزت صورة « مايكل/سوني كارليوني » في نظر الجمهور في العام ٢٠١٢ حينما قامت مؤسسة « مشروع التقرير عن الجريمة المنظمة والفساد” Organized Crime and Corruption Reporting Project (OCCRP)، ومركزها في «سراييفو»، وهي جمعية تضم عدداً من أبرز صحفيي التحقيقات في أوروبا الغربية، بإعلان الرئيس علييف «رجل العام».
فقد حصل أولئك الصحفيون على أدلة موثقة تثبت أن عائلته تملك حصصاً في أكبر شركات البلاد، بما فيها البنوك، وشركات البناء، ومناجم الذهب، وشركات الهاتف. مما قد يعني أنه «لصّ العام».
السيدة الأولى وأصحابها
كان « ضرب ذكاء » من « السيدة الأولى أن تتولى رئاسة »الإتحاد الأذربيجاني للجمباز» في العام ٢٠٠٢. فهذه الألعاب تجمع الجمباز الإيقاعي والفني في «حلبة الجمباز الوطنية» التي وصفتها جريدة «الفايننشال تايمز» بأنها أشبه بـ »مقال ممتع في الهندسة المعمارية» والتي بَنتها شركة «باشا للبناء». نعم، فعشيرتها ومجموعتها التجارية تضمّ عدة بنوك، بينها «بنك باشا»، و »باشا للتأمينات»، ومحطة تلفزيون، وشركات أخرى كثيرة. وهم قد يكونون أغنى عشيرة في هذا البلد الذي تبلغ مساحته مساحة إيرلندا والذي تحتوي ارضه على ضعف نفط تكساس.
“إنسايد ذي غايمز”
تُدار الآلة الدعائية الضخمة للسيدة الأولى في أذربيجان من منزل كبير منعزل، سقفه من القرميد الاحمر، في ضاحية « باكنغهام شاير» في شمال لندن! وكان المحرّر السابق لألعاب القوى في جريدة «الغارديان» البريطانية السيّد «دنكان ماك كاي» Duncan MacKay قد اعتُبِر مفلساً في سنة ٢٠١٠ بسبب ديون غير مدفوعة عن موقع إنترنيت سابق مخصّص للرياضة.
ولكنه استأنف نشاطه، وبنى إمبراطورية من مواقع الإنترنيت المتداخلة. وتولّد تلك المواقع تغطية إيجابية لـ»اللجنة الأولمبية الدولية»، ولأعضائها الأكثر ثراءً، وللمُدن التي ترغب في استضافة الألعاب الصيفية أو الشتوية، ولاتحادات الألعاب العسكرية. كما تؤمن تغطية إيجابية لـ »آل كارليوني» في منطقة بحر قزوين.
وكان بين التغطيات الحماسية النموذجية لـ »ألعاب باكو الأوروبية» سلسلة كتبها دنكان ماك كاي حول الشخصيات «التي تملك رؤيا». وفي التقديم الذي كتبه حول الرئيس «علييف» تظهر صورة نادرة للرئيس وهو يبتسم! وفي نص من ٧٠٠ كلمة، يقوم الصحفي أن الرئيس الأذربيجاني يمتلك طموحات كبيرة لبلده وأن “علييف يأبى أن يضع حدوداً” لما تستطيع أذربيجان أن تحققه في المستقبل .
وهنالك شخصية ثانية «لا غبار على أخلاقها»، وهو وزير الرياضة الضخم الجثة «أزاد رحيموف»، وهو آخر شخص تتمنّى أن تجده أمامك في أحد أزقّة «باكو» المظلمة! ووظيفته هي «إنتاج التاريخ». وهو يجسّد روح «نعم أستطيع» التي تسود بين «المنظّمين»، ويقول أنه تم بناء «أكثر من ٣٥ مجمّع أولمبي خلال ١٠ سنوات الماضية.» ولكن النصّ الذي يتألف من ٥٦٥ كلمة لا يتّسع لذكر أسماء الشركات التي فازت بعقود البناء!
القديسة « مهريبان »
تنال زوجة الرئيس، « القديسة » مهريبان، ٧٧٤ كلمة. وهي تعتز بعضويتها في « اللجنة الأولمبية الوطنية » لبلاها، وقد ساعدت في بناء متحق باكو للفن الحديث. ومرة أخرى، لا ذكر للشركة التي تم التعاقد معها لبنائه.
أن السيددنكان ماك كاي، بفضل الأموال غير المحدودة المتاحة له، يوظّف مراسلين شبّان وغير مجرّبين لتمجيد الصناعة الأولمبية ولنقل الصورة التي ترغب هي في تقديمها للجمهور. كما يوظف فريقاً من مراسلي الرياضة البريطانيين شبه المتقاعدين الذين لا يصل مستوى تقاريرهم الحماسية التي يكتبونها من فنادق «باكو» الفخمة إلى درجة طرح أسئلة عن مصير زملائهم الصفحيين الأذربيجانيين في سجن «قردخاني».
اللورد كو
Lord Sebastian Coe
إن القاشم المشترك بين هؤلاء المراسلين هو إعجابهم على مدى سنوات طويلة بـ »اللورد سباستيان كو» الذي لا تشوب أخلاقه أية شائبة هو الآخر! وقد خلق هؤلاء المراسلون رأياً عاماً على مستوى الصناعة الرياضية جعل من العدّاء السابق، والسياسي في حزب المحافظين، الذي باتت ثروته تتجاوز عدة ملايين الجنيهات، مثلَهُ مثل «السيدة الأولى» في أذربيجان، شخصية أعلى بكثير من أن يطالها أي نقد!
يبدي اللورد كو حماسة لا تقل عن حماسة « لسيدة الأولى» للإحتفالات التي تجري على ساحل بحر قزوين. وفي اكتوبر ٢٠١٢، تم تعيينه رئيساً لشركة CSM strategic وهي تابعة لمجموعة Chime communications group التي تضم شركات «علاقات عامة» وشركات «إدارة احتفالات» يعمل فيها ١٧٠٠ مستَخدماً- وحصل لمناسبة تعيينه على «مكافأة» بقيمة ١،٩ مليون جنيه استرليني نقداً. أما راتبه فيبلغ ٣٥٠ ألف جنيه استرليني، وتقدّر جريدة « الفايننشال تايمز » أنه سيكسب خلال السنة الحالية ٢،٥ مليون جنيه من أسهمه في مختلف الشركات، بما في ذلك مبلغ ٣٠٠ ألف جنيه استرليني بصفته «سفيراً» لشركة «نايك»!
تفاخر شركة « سي إس إم » التي يرأسها بأنها لعبت « دوراً بارزاً » في إقامة الألعاب الأوروبية في «باكو». فهي التي صمّت العرض الذي فاز (لم يكن هنالك سوى عرض واحد في أي حال) بإعجاب «باتريك هيكي» و»اللجنة الأولمبية الأوروبية» التي يرأسها في روما، في ديسمبر ٢٠١٢. كما قدمت شركة «سي إس إم” المشورة بالنسبة لـ »البرنامج الرياضي للألعاب… والإستراتيجية التجارية، وميزانية عمليات ألعاب باكو ٢٠١٥ ».
وكان اللورد كو قد انتخب رئيساً لـ »الجمعية الأولمبية البريطانية» في نوفمبر ٢٠١٢، وفي الشهر التالي قام بتمثيل الرياضة البريطانية لمناسبة التصويت على طلب «باكو»- هذا الطلب الذي أعدّته شركة «تشايم» نفسها- باستضافة الألعاب الأولمبية!
إن شركة «تشايم» تقيم علاقات حسنة جداً مع نظام «آل كورليوني» في بحر قزوين. وكانت عشائر البلاد الحاكمة ترغب في استضافة الألعاب الأولمبية في ٢٠٢٠، وتقول شركة «تشايم» في دعايتها أنها «قادت كل عملية تقديم الطلب، والترويج له…. أمام الحركة الأولمبية»!
إلى جانب اللورد كو، يعمل «جون تيبس» لبناء صورة حارة وودية لنظام الرئيس « علييف”.
إن موقع شركة Tonbridge للعلاقات العامة، في «ويلز»، يعلن ان الشركة تقوم «بتشكيل الرأي العام، وتغيير المفاهيم، ونحن نقوم ببناء ماركات معروفة وتلقى التقدير». إن أحد كبار موظفي السيد تيبز يتخصص بالعمل لصالح «باكو» بصفة «مستشار كبير». ولم يبرز السيد « تيبز » نفسه سوى قليلاً، ولكنه ظهر في شهر نوفمبر ٢٠١٤ في باكو لإقامة عشاء على شرف مسؤولي «اللجنة الأولمبية الدولية» شوهدَ خلاله رئيس اللجنة «توماس باخ» وهو ينحي كلياً لكي يقبّل يد «السيدة الأولى» في أذربيجان.
وكان رئيس « اللجنة الأولمبية الدولية »، السيد توماس باخ، ومعه صديقه الملياردير جون تيبس هو المحرك الرئيسي لطلب «سوتشي» في روسيا لاستضافة الألعاب الشتوية في ٢٠١٤. وقد وعد السيد باخ بأن الألعاب « يمكن أن تكون الحافز الذي يسرّع مسار البلاد للتحول إلى مجتمع منفتح وشفّاف وفخور بديمقراطيته، هذا عدا فتحها الباب للإستثمارات وفرص الأعمال للشركات الروسية والدولية ».
ولكن مغامرة بوتين في جزيرة القرم زعزعت تفاؤل السيد «تيبس»، الأمر الذي دفعه للتوّجه شرقاً، حيث بدأ يتحدث بصورة إيجابية عن تركمانستان، وهي على غرار أذربيجان من أسوأ ديكتاتوريات العالم.
وحيث انه وجد صعباً أن يجد شيئاً إيجابياً يقوله حول رئيس البلادن فقد ركّز على أن الرئيس السفّاح بنى «مجمعا رياضيا أولمبياً».
وبدورها، فإن شركة «تشايم» تقبض من تركمانستان، ويمتدح اللورد كو «الرؤيا العظيمة» لزبونه. وبفضل تملّقه للحكام الديكتاتوريين الذين خلفوا الإتحاد السوفياتين فقد حصل جون تيبس على جائزة الملكة المخصصة للشركات في العام الماضي.
سايمون كليغ ورئيس « الفورميولا ١ »بيرني إكليزتون »
يستخف المسؤولون الإنكليز والإيرلنديون العاملون في «ألعاب باكو» بما يقال عن انتهاك لحقوق الإنسان في أذربيجان ويعتبرون ذلك «روايات سياسية» لا ينبغي أن يُسمح لها بالتدخل في الرياضة. إن رئيس ومدير عام الإحتفال، «سايمون كليغ» (Simon Clegg) كان قد عمل في «الجمعية الأولمبية البريطانية»، وهو صديق عمر للورد كو، وقد صرّح لجريدة « الإندبندنت » أنه كان علم بسمعة أذربيجان قبل أن يقبل منصبه ولكنه لم يشاهد أي دليل على سلوك ديكتاتوري مضيفاً أنه « يركز على الرياضة وليس على الشؤون السياسية».
وأضاف «كليغ»: «أنا أسير في الشارع، وأتجوّل بحرية، وبناء على ما أراه وعلى تجربتي في البلاد فلا يمكنني سوى أن أقول أن هذا مجتمع حر للغاية. إنه مكان رائع يطيب العيش فيه، وأنا أركز على ما أستطيع تقديمه للرئيس وللبلد، وهو أول ألعاب أوروبية ناجحة جداً»!
ويردد الكلام نفسه رئيس « الفورميولا وان »بيرني إكليزتون» Bernie Ecclestone الذي يخطط لإقامة سباق في باكو في العام المقبل. وحينما سئل عما إذا كان دقّق في سجل حقوق الإنسان في أذربيجان، فقد أجاب: «قمنا بذلك. وأعتقد أن جميع الناس هنا يبدون سعداء. لا يبدو لي أن هنالك مشكلة كبيرة على هذا الصعيد»!
المصدر: http://transparencyinsportblog.blogspot.fr/