حاول فرنجية أن يكون مرشحاً وفاقياً وأن يقدم التطمينات للجميع، حتى لأشد الخصوم السياسيين رئيس “القوات” سمير جعجع بتأكيده مبدأ عدم العزل، لكن بالنسبة إلى منسق الأمانة العام لـ”14 آذار” فارس سعيد فإن “الامتحان الحقيقي” في مقابلة فرنجية ضمن برنامج “كلام الناس” (LBC) كان عند طرح فرنجية موقفه من التحالف الاسلامي بقيادة السعودية، ما دفع بسعيد إلى ربط ما يجري اليوم بمعادلة العام 2005 عندما كان عنوان المرحلة القرار 1559، الذي استند الى ثلاث نقاط: احترام المهل الدستورية وضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد انطلاقاً من اتفاق الطائف والدستور اللبناني، ضرورة خروج الجيش السوري من لبنان، ووضع الحد للتفلت والسلاح غير الشرعي في لبنان.
صدرَ القرار في الأول من أيلول 2005، قبل يوم واحد من التمديد للرئيس السابق إميل #لحود، ويقول سعيد: “قلنا حينها، قرنة شهوان واللقاء الديموقراطي ومعنا الرئيس رفيق الحريري من تحت الطاولة، لحزب الله، في موضوع احترام المهل الدستورية وانتخاب رئيس جديد سنشكل معارضة ضد قرار سوريا، وخروج الجيش السوري نريده اليوم قبل الغد، أما موضوع سلاحكم فاطمئنوا، سنكون خير صديق وشريك ومطمئن لكم وسنوظف كل علاقتنا في الاليزيه وواشنطن حتى يقال إن هذا الموضوع شأن لبناني داخلي، نطرحه على طاولة الحوار اللبنانية، آنذاك وبعد التطمين سمح حزب الله لنا باجراء انتخابات 2005، وكان موضوع التحالف الرباعي ضمن هذا التطمين، أما الجنرال ميشال عون أنذاك فبنى شرعيته الانتخابية على أننا متخاذلون تجاه القرار 1559 وانه استقلالي وسيادي يطالب بتطبيق القرار بكامل حذافيره”.
بوليصة تأمين؟
اليوم بالنسبة إلى سعيد الذي لا يزال معارضاً ترشيح فرنجية ويعتبره من “الأخطاء الكبرى في حق اللبنانيين”، عنوان معادلة العام 2015 هو “الارهاب”، ومن ضمنها السؤال الأتي: “هل ينتسب لبنان أو لا إلى دول التحالف الاسلامي بقيادة السعودية”، مضيفاً: “من الواضح أنه يصعب أن تقود محوراً اسلامياً ضد الارهاب وأن تصنف الارهاب بين ارهاب سني (داعش والنصرة) وتضربه ولا تقترب من ارهاب الميليشيات التابعة لايران “، متسائلاً: “هل معادلة ايصال النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية والرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة تشبه معادلة 2005؟ أي نعطي بوليصة تطمين لحزب الله من خلال انتخاب فرنجية وندفع في اتجاه انخراط لبنان في نظام المصلحة العربية الآتي؟”.
ويذّكر بأن موقف فرنجية من التحالف كان “أكثر ميلاً إلى حزب لله”، فهو قال: “إذا انتسبَ لبنان الى التحالف سيفجّر البلد لأن حزب الله مصنف ارهابياً من قبل السعودية، لهذا فإن فرنجية عنصر مطمئن للحزب أما الحريري فهو جزء من التحالف”.
فشل سياسة عون
وبدا واضحاً بالنسبة لسعيد هجوم فرنجية على عون، وكانت كلماته أشبه بسهام القضاء على أي امكانية لايصال الجنرال إلى بعبدا، ويعتبر سعيد أن فرنجية “أنهى بعض الحسابات مع عون في المقابلة”، مستطرداً انه “مع ترشيح فرنجية للرئاسة وقّع عون سياسة فشل ادارته للملف السياسي المسيحي منذ العام 2005 حتى اليوم”. وأضاف: “ليس بالأمر الصغير أن يكون فرنجية رئيس جمهورية بعد 10 سنوات من خروج سوريا من لبنان، فعندما كانت في لبنان لم يتم العمل على ترشيحه، فما بالنا اليوم بعد الخروج قد يصبح رئيساً، هذا يعني أن الاطراف المسيحية التي ادعت قيادة الوسط المسيحي بعد خروج سوريا فشلت وعون كان رأس حربتها والبعض من “14 آذار” ساير عون ولم يكن معه”.
سعيد: لا زلت ضده
وصول فرنجية إلى الرئاسة في رأي فارس سعيد “يتوقف على عمق التفاهم بينه وبين الحريري على انتساب لبنان وانخراطه في التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب”، مؤكداً أن “فرنجية تمايزَ عن عون وأكد دعم حزب الله له”، ولا يخفي امكانية وصول فرنجية للرئاسة “لكن حتى لو وصل فإن يدي ستبقى على قلبي ولا أزال ضد فرنجية مع احترامي لشخصه، فالبلد في هذه اللحظة يحتاج دقة شديدة وجهوزية فكرية وسياسية لتجاوز المرحلة، وفرنجية ببراغماتية صافية قد ينجح مع الحريري، وأرجح بأن المرحلة تتطلب أكثر من ذلك، وأرى أنه شقّ طريقه نحو الرئاسة وقد يصل، للأسف، والمرحلة تتطلب المزيد من الدقة والمعرفة والقراءة السياسية الرصينة لأحداث المنطقة ويستحق موقع رئاسة الجمهورية الماروني في ظل تبدل العالم العربي والاسلامي الكثير من العناية”.
المسيحيون والترشيح
وتطرق سعيد إلى المحور المسيحي في حديث فرنجية، ويقول: “فرنجية كان بالغ الوضوح، وفي المعايير اللبنانية كان ناجحاً، أولاً: عبّر عن شيء من الاشتباك السياسي بينه وبين ميشال عون، ووضع مسافة بينهما، ثانياً: أكد أن شرعيته المسيحية لا تقل عن شرعية غيره، وانه واحد من اربعة مكرسين من الكنيسة المارونية، ثالثاً: قال أنه لم يعد في امكاننا ان نتحمل طويلاً الفراغ في الرئاسة، رابعاً: لم يكن طموحاً بل متواضعاً في طموحه وبرنامجه ولم يذهب في اتجاه أن رئيس جمهورية لبنان سيقود عملية الحوار الاسلامي المسيحي في الأزهر أو بين ضفتي المتوسط، بل تواضع وتحدث بنجاح بانه سيهتم بأمور المواطن اللبناني، أي بالماء والكهرباء وطريق الكنيسة وأمور أخرى”.
في محور “حزب الله”، أكد فرنجية أن الأول كان مواكباً ولا يزال لكل خطوة قام بها منذ اتصاله بالسفير الأميركي دايفيد هيل، مروراً بالتواصل مع مستشار الحريري غطاس خوري وصولاً إلى لقائه #الحريريفي باريس، وهذا الأمر بالنسبة إلى سعيد “يضع حداً لمراهنات ميشال #عون وغيره على “طيبة قلب حزب الله” ومناقبيته التي اتكلوا عليها وكأن بعد هذا الوفاء المنتظر جاء فرنجية ليقول إن الحزب يقرأ السياسة بعيون عملية وبراغماتية وليس نوستالجية”.
سورياً، يعتبر سعيد أن فرنجية قال ما معناه “أننا اتفقنا مع الحريري، بأنه في حال نجح الأسد سأكون ضمانة للبنان وإذا نجحت المعارضة سيكون الحريري الضمانة”، واصفاً هذا “الكلام على بساطته، بالمهم والشجاع، لأن فرنجية لم يقل يوما خلال 5 سنوات ماضية أن الأسد قد يسقط، وبالأمس وضع هذه المعادلة الافتراضية”.
mohammad.nimer@annahar.com.lb
Twitter: @mohamad_nimer