لو اعتمدت “الأمم المتحدة” أسلوب “اللجنة الأولمبية الدولية” في تعليق عضوية الدول التي تخرق “ميثاقها الدولي” لكانت معظم دول العالم بات معلّقة العضوية! والواقع أن “اللجنة الأولمبية الدولية” مسجّلة في سويسرا كـ”نادي غير ربحي”، وتتمتع بإعفاء ضريبي سويسري بنسبة ٢٠ بالمئة على ضريبة الدخل. أي أن “اللجنة الأولمبية الدولية” ليست هيئة تابعة للأمم المتحدة، بل هي هيئة خاصة أعطيت صفة “مراقب” في الأمم المتحدة في العام ٢٠٠٩، ثم أبرمت “إتفاقاً تاريخياً” مع بان كي مون في العام ٢٠١٤ فقط! ما الذي يعطي “اللجنة الأولمبية الدولية”، التي عانت من فضائح فساد متكررة، نفوذها و”عضلاتها”؟ تبلغ ميزانية “اللجنة” حوالي ١٠ مليار دولار حالياً، وهي توزع ٩٠ بالمئة منها على الإتحادات الوطنية، وتشكل عمليات “التوزيع” أساس التحالفات التي تضمن انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وقيادات “اللجان الوطنية” لمدَد تصل إلى أكثر من ٢٠ سنة في كل مرة!
ما تريده “اللجنة الأولمبية الدولية” و”اللجان الأولمبية الوطنية” التابعة لها هو أن تدفع الحكومات لـ”الإتحادات الرياضية” بدون أن تملك الحكومات أية رقابة على كيفية التصرّف بالمال العام، أو حتى أية رقابة على ما يحقّقه التمويل الحكومي من نتائج رياضية! حتى مجلس الأمن الدولي لا يملك السلطة التي يملكها المجلس التنفيذي لـ”اللجنة الأولمبية الدولية” التي يعتبرها القانونٍ “نادٍ رياضي غير ربحي” فقط لا غير!
بعد تعليق مشاركة الكويت في الألعاب الأولمبية وألعاب “الفيفا”، جاء دور المكسيك للإبتزاز: الدفع بدون شروط أو تعليق العضوية!
الشفاف
*
قال «ألفريدو كاستيلو»، رئيس «الهيئة الوطنية للرياضة» (كوناد) في المكسيك، مستخِفّاً، أن «الميثاق الأولمبي » ليس سوى « اختراع تم ابتداعه للتهرّب من مراقبة كيفية إنفاق المال العام »، بعد توجيه اتهامات لحكومة المكسيك بالتدخّل في نشاطات الهيئات الرياضية.
ويُعتبر ضمان استقلالية اللجان الأولمبية الوطنية وسواها من الإتحادات الرياضية المحلية أولوية رئيسية في الميثاق الأولمبي.
وأضفت « اللجنة الأولمبية الدولية » أولوية متزايدة على مسألة الإستقلالية في السنوات الاخيرة، بعد تعيين عضو اللجنة التنفيذية « باتريك هيكي » في منصب مفوّض خاص بالإٍستقلالية، وتم تعليق الإعتراف بالكويت من جانب اللجنة الأولمبية الدولية في الشهر الماضي لهذا السبب.
وفي حالة المكسيك، تأزّم النزاع حينما وُجِّهَت اتهامات لهيئة الرياضة التي يرأسها « كاستيلو » بالتدخل في عمل الإتحادات الرياضية عبر تجاوز الإتحادات الرياضية وتقديم الدعم المالي للرياضيين مباشرةً.
وقال « كاستيلو » أن السبب هو أن الأموال العامة لم تكن تذهب إلى حيث يجب حينما تُوّزَّع عبر الإتحادات الرياضية، مضيفاً أن هنالك في المكسيك « مدراء إتحادات أثرياء، ورياضيين فقراء »!
من جهة أخرى، وُجِّهَت إلى هيئة الرياضية الحكومية اتهامات بالسعي لاستبدال عدد من مدراء الإتحادات الرياضية، وبوضع قوائم بالرياضيين الذين ينبغي إدراج أسمائهم في الألعاب الأولمبية.
وردّ رئيس « اللجنة الأولمبية المكسيكية » « كارلوس باديلا »، قائلاً أنه ناقش الوضع في اجتماع مع رئيس « اللجنة الأولمبية الدولية »، توماس باخ ».
وحذّر « باديلا » أن المكسيك يمكن أن تُمنَع من المشاركة في الألعاب الأولمبية في « ريو دي جانيرو »، في السنة المقبلة، إذا ظل الوضع على حاله.
وقال: « إذا ثبت حصول تدخل، فإن المكسيك ستتعرض لعقوبة ضرورية وقاسية ».
«ويمكن أن تتدرّج العقوبة من إنذار، إلى توبيخ، وإلى تعليق مشاركة، كما حدث مع الكويت »، حسب قوله.
ولكن « كاستيلو » استخف بالتهديد قائلاً أن الهيئات الرياضية « تلجأ إلى الإبتزاز ».
وأضاف في تعليق نشره على موقع هيئة الرياضة الحكومية: « فحوى الموضوع ليس الألعاب الأولمبية، بل مستقبل الرياضة في هذا البلد، وكل ما يستطيع المرتزقة القيام به هو اللجوء إلى الإبتزاز »
وأضاف: « لن ندفع المال العام تحت الضغط ».
واستطرد قائلاً أن « الميثاق الأولمبي » هو افضل إختراع تم ابتداعه للتهرّب من الرقابة على كيفية إنفاق المال المال، وللتهرّب من تقييم النتائج الرياضية ».
وكان الرئيس المكسيكي « إنريكه بينا نييتو » قد عيّن حليفه المقرّب « الفريدو كاستيلو » في منصب مسؤول « هيئة الرياضة » بعد عمله كمفوّض من وزارة الداخلية في ولاية « ميتشوكان » التي اشتهرت بعصابات تجارة المخدرات.
وباتت علاقاته غير ودية بصورة متزايدة مع الهيئات الرياضية.
وطُرحَت تساؤلات حول نشاطات ١٠ إتحادات، بينها إتحادات الرياضة، وألعاب القوى، وكرة السلة، والملاكمة، ورفع الأثقال.
ولكن رئيس الإتحاد المكسيكي لألعاب القوى، « أنطونيو لوزانو » يزعم أن الإتهامات لا تستند إلى أساس.
وقال أن تناقص الدعم المالي الذي يحصل عليه الرياضيون هو بسبب خفض الدعم الحكومي.
وقال: « نحن غاضبون بسب التمويل، ولكن ما يثير السخط فعلاً هو أن رئيس هيئة الرياضة حاول أن يخرق معايير اختيار الرياضيين وغيرها من المبادئ السامية في الميثاق الأولمبي »!
وقال: « إنه يعتقد أن بوسعه أن يتصرّف كإمبراطور وأن رغباته هي القانون ».
رغم ذلك كله، طرأت مؤشرات إلى تخفيف الإحتقان بعد أن أجرى « كاستيلو » محادثات «لتنقية الأجواء » مع نائب رئيس اللجنة الأولمبية المكسيكية « جيمينا سالدانا »، الذي يشغل أيضاً منصب السكرتير العام لمنظمة الألعاب الأولمبية الأميركية.
وقال « كاستيلو » بعد اللقاء أنه «ليس هنالك أدنى خطر في تعليق مشاركة المكسيك في الألعاب الأولمبية ».
وكانت المكسيك قد شاركت في أول ألعاب أولمبية في العام ١٩٩٠، وأرسلت رياضيين للمشاركة في جميع الألعاب الأولمبية منذ العاب باريس في ١٩٢٤، وحصلت على ما مجموعه ٦٢ ميدالية، بينها ٧ ميداليات في لندن في ٢٠١٢، أبرزها ميدالية لانتصارها على البرازيل في كرة القدم للرجال.
وقال نائب المدير العام، ومدير العلاقات، في للجنة الأولمبية الدولية، « بيري ميرو »، لموقع « إنسايد ذي غايمز » اليوم أن اللجنة الأولمبية الدولية على « اطلاع تام » حول الوضع، وأنها حالياً تتواصل مع اللجنة الأولمبية المكسيكية من أجل فهمٍ أفضل للنزاع وإطاره.
وسيكون الموضوع المكسيكي جزءاً من تقرير سيرفعه « ميرو » إلى المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية التي ستلتئم في لوزان في الشهر المقبل.
نقلاً عن “إنسايد ذي غايمز” ويمكن الإطلاع على النص الأصلي على صفحة “الشفاف” الإنكليزية.